طه الطه".. رحيل حارس الذاكرة في الرقة | زمان الوصل
“طه الطه”.. رحيل حارس الذاكرة في الرقة

الأحد, 27-09-2020
"طه الطه".. رحيل حارس الذاكرة في الرقة
ملكية الصورة: الإنترنت
تفاصيل برس (وحدة الرصد)
غيّب الموت أمس الأحد الموثق السوري وذاكرة الرقة “طه الطه” في مدينة “أورفا” التركية بعد حياة قضى أكثر من ثلثيها في الأرشفة والتوثيق وخدمة الثقافة السورية والعربية، حيث أرشف لـأكثر من 1000 مبدع عربي كل ما كتب حولهم، ووثّق لـ 11 أديباً من الرقة، و38 أديبًا من سوريا، و27 أديبًا من الوطن العربي.

وأقام من خلال المتحف الذي أخذ اسمه 12 معرضًا فنيًا، منذ عام 1988 إلى عام 2000، وروى الكاتب “معبد حسون” لـ”زمان الوصل” أن بدايات معرفته بـ”الطه” تعود إلى أكثر من أربعة عقود إذ كان في شبابه منخرطاً بنشاطات سياسية مع بعض الأحزاب اليسارية التي كانت سائدة في الرقة، لكن اهتمامه بالسياسة انكفأ وتراجع فيما بعد لينشغل بالأرشفة والتوثيق.

ولفت “حسون” إلى أن “الطه” عاش في بيئة فقيرة إلى حد العوز والحاجة وهذا الأمر أثّر على تحصيله التعليمي، فلم يكمل تعليمه فوق الثانوي، بل انصرف إلى سوق العمل، وعمل كمستخدم في نقابة المهندسين بالرقة، ومنذ فترة مبكرة من حياته تولد لدى السبعيني الراحل حب وشغف في جمع وأرشفة قصاصات الصحف والمجلات -حسب حسون- الذي أردف أن اهتمامات “الطه” لم تكن مقتصرة على جانب واحد من الثقافة، بل دأب على الاهتمام بالأدب والحركة الثقافية في سوريا عامة والفن والآثار والصحافة واعتاد الأدباء والمثقفون على العودة إليه في الحصول على أي مقال يريدونه ولو مضى عليها سنوات طويلة.

وعبّر “حسون” عن اعتقاده بأن الراحل “طه الطه” ظاهرة لم نعرف منها إلا القشور، ولم تكتشف بعد فقد استغرق في عمله الدؤوب مئات آلاف الساعات من حياته وجهده، ولو قسمنا عمره إلى قسمين حياته الشخصية وحياته في الأرشفة سنكتشف –حسب قوله- أن “الطه” قضى ثلثي عمره ربما وهو يجمع ويتابع وينسق معتمداً على ذاته دون أي مساعدة من أحد جهات أو أفراد.

وبدأ “الطه” -كما يقول حسون- بغرفة في منزله وتوسع نشاطه بعد ذلك ليستأجر فيما بعد مستودعاً قريباً من منزله ليحوله إلى متحف بضم العديد من الأقسام “قسم الفلكلور الشعبي” ويشمل لوحات في الفن الفطري، والقديم من الأدوات المنزلية والزراعية والحلي والأزياء الشعبية و”قسم الأرشيف” الذي يضم آلاف الصحف والمجلات السورية والعربية التي تغطي قرنين من الزمن و”قسم الآثار” الذي تبرع به لدائرة الآثار والمتاحف (متحف الرقة الرسمي)، ويحتوي على 102 قطعة من اللقى الأثرية ومنها كسر فخارية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وخاصة عصري “حلف” 5000 ق.م، و”تل العبيد” 4000 ق.م.

وأشار “حسون” إلى أن “الطه” كان صديقاً لكل البعثات الأثرية ودأب على تصوير كل قطعة أثرية يتم اكتشافها في الرقة.

عندما بدأ قصف الرقة وتدميرها أواخر العام 2013 نزح “الطه” مع عائلته إلى مدينة “أورفا” دون أن يتمكن من اصطحاب أرشيفه الضخم –كما يقول الحسون- مضيفاً أن “الطه” عاش كعادته في فقر مدقع ولم يساعده أحد رغم أن ما قدمه خلال أكثر من 40 عاماً للثقافة السورية تعجز عنه وزارات ومؤسسات ضخمة، بل حكومات دول وأصيب “الطه” بجلطة دماغية دخل على أثرها إلى أحد مشافي “أورفا”، حيث فارق الحياة هناك بعد عدة أيام من الغيبوبة ليدفن في مقبرة (الدامرقول) بمدينة أورفا التركية.

وبدوره أشار الكاتب “عبد الرحمن مطر” أن “الطه” بدأ حارساً للذاكرة الثقافية في الرقة، لكنه سرعان ما تجاوزها إلى العالم العربي، متتبعاً نتاج الكتّاب السوريين والعرب، إضافة إلى همّه الفريد في توثيق السيرة الثقافية لمبدعي الرقة من كتّاب وأدباء وفنانين.

وكشف “مطر” أنه عرف “الطه” مبكراً بحكم اشتغاله في قطاع الثقافة، ولم يلبث أن صار صديقا حميماً له، يزور مكتبة المركز الثقافي، كي يتزود بما تقدمه من إصدارات وكتب، بمبادرة فردية منه، بما يمكنه من القيام بالجهود المضنية، في أعمال التوثيق والأرشفة.

ولفت المصدر إلى أن الراحل “عبد الغفور” أحد رواد العمل الثقافي في الرقة ساهم بصورة فردية مع بعض مثقفي المدينة، وكتابها في دعم “طه الطه”.

وتابع أن الراحل “الطه” أنشأ مؤسسة ثقافية غير حكومية، مهمة، ليس في إطار التوثيق والأرشفة فحسب، وإنما في الأنشطة والفعاليات التي دأب على تنظيمها –كما يقول- بصورة سنوية يُكّرم فيها متحفه كتاباً وفنانين من أبناء الرقة، وبمساهمة كتاب سوريين وعرب، ما يجعل من نشاطه مميزا، وبعيدا مؤسسات الدولة الجاحدة.
المصدر: زمان الوصل

جانو شاكر

صحفي مقيم في القامشلي، يكتب في القضايا الاجتماعية والسياسية، يعمل في مجال التدريب الصحفي، مراسل موقع الحل نت.

وفاة “طه الطه” وراق الرقة بعد ستة سنوات من اللجوء
جانو شاكر
۲۸ سبتمبر ۲۰۲۰
نعت الأوساط الثقافية داخل وخارج #سوريا، الأحد، وفاة “طه الطه” الناشط الثقافي والبيبلوغرافي السوري- المعروف باسم “وراق الرقة وموسوعتها”- في مدينة “أورفا” التركية، عن عمر ناهز الـ73 عاماً.

و”الطه” من مواليد #الرقة 1947، بدأ العمل في مجال التوثيق منذ عام 1975، بعدما حول بيته في المدينة إلى متحف يقيم فيه الندوات الأدبية والثقافية.

وقال المحامي “إبراهيم الحسن”، من أصدقاء الراحل “الطه”، لـ(الحل نت)، إنه «كان رجلاً عصامياً، ومؤسسة ثقافية مختزلة برجل»، بحسب تعبيره.

وأضاف، «”الطه” كان قد حول بيته إلى متحف شعبي يزوره أبناء الرقة وأبناء المحافظات الأخرى، وكان يجري فيه الندوات الأدبية والثقافية ويعمل بشكل متواصل دون كلل أو ملل».

وأشار، أن «سيطرة تنظيم #داعش على المدينة، أجبرته على الخروج من الرقة عام 2014، ليستقر في مدينة أورفا التركية».

وكان متحف “الطه” الذي حمل اسمه، يضم آنذاك أربعة أقسام، منها قسم الفلكلور الشعبي وكان يضم الأدوات المنزلية والزراعية والحلي والأزياء الشعبية، وقسم الأرشيف الخاص بالصحف العربية،إذ رصد فيه 200 سنة من تاريخ الصحافة العربية.

كما وضم متحفه قسماً للآثار، حيث كان يحوي 102 قطعة من اللقى الأثرية تبرع بها لدائرة الآثار والمتاحف (متحف الرقة الرسمي)، بالإضافة إلى قسمٍ للفن الحديث، جمع فيه 250 لوحة فنية، لأكثر من 156 فناناً سورياً وعربياً وأجنبياً.

ويقول “الحسن” الذي يترأس فريق الاستجابة الأولية في مجلس الرقة المدينة، أن «”الطه” كان يعمل على تكريم الفنانين والمبدعين في الرقة وفي مختلف المحافظات السورية، بالإضافة إلى تكريم المبدعين العرب».

ويتابع بالقول، إنه كان لديه «تواصل ثقافي كبير مع شخصيات كبيرة مشهورة في الأدب والرسم والشعر والفن».

ويشير “الحسن” إلى أنهما التقيا في مدينة “أورفا” واتفقا على إطلاق مشروع مشابه لمشروعه في مدينة الرقة.

ويؤكد أن “الطه” كان يعمل بشكل دؤوب ويتواصل مع الكل ويتعرف على الكل ويعرف كل معلومة، ورغم أنه لا يجيد التركية كان يتوصل مع الفنانين الأتراك ويبني علاقات شخصية معهم.

ويقول “الحسن”، «قمنا معاً بإطلاق مشروع أرشفة، وثقنا من خلاله عن بعض الشخصيات الأدبية والثقافية في الرقة، بالإضافة إلى بعض العشائر وبعض الشخصيات المشهورة فيها، كما بدأنا بالعمل على توثيق بإصدار مجلة الحرمل التي كانت تصدر باللغة العربية بأورفة بكوادر رقاوية».

ويضيف، أنه عاد إلى سوريا بعد إخراج “داعش” من تل أبيض، ومن ثم عاد إلى الرقة، لكن “الطه” بقي يعمل بنفس العمل الذي كان يقوم به في الرقة.

وقال” الحسن”، «كنت أتمنى أن يأتي إلى الرقة ويتم تكريمه على حياته، لكن للأسف طالت الأزمة وبقي هناك، وشعر أنه بعد تدمير متحفه لم يعد بإمكانه العودة، كما أنه أنشأ في “أورفا” عمل مشابه لما قام به في الرقة».

وتشير تقارير صحفية إن “الطه” الذي عرف بـ”وراق الرقة” أرشف لنحو ألف مبدع عربي، من بينهم 11 من أدباء الرقة، و38 أديباً من سوريا، و27 أديباً عربياً.

كما أقام 12 معرضاً فنياً، منذ عام 1988 إلى عام 2000، وكان يقيم تلك المعارض في كل سنة، بمناسبة تكريم عالم أو فنان أو أديب أو باحث، وفق المصادر.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.