فأر الحقل
Microtus socialis
أضراره – حياته – مكافحته
إعداد :
الدكتور عدوان شهاب
مديرية البحوث العلمية الزراعية
المقدمة:
نتيجة للتطورات الزراعية التي حدثت في سوريا خلال العقود القليلة الماضية والتوسع الأفقي والرأسي في القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني عن طريق تحسين مستلزمات الإنتاج واستصلاح أراضي زراعية جديدة واستخدام المبيدات والمخصبات الكيميائية، لوحظ ارتفاع كثافات بعض الآفات بشكل عام وآفات القوارض بشكل خاص لدرجة أنها أصبحت تسبب أضراراً كبيراً للبيئات الزراعية، وتفاقمت أضرارها على المحاصيل الحقلية الاستراتيجية وعلى المحاصيل الصيفية وعلى الأشجار الحراجية والمثمرة في عدد من محافظات القطر وبنسب تجاوزت في بعض السنوات الحدود المذكورة عالمياً.
تطلق تسمية فئران الحقل على جميع القوارض الصغيرة الحجم التي تنتشر في البيئات الزراعية، وتشمل هذه التسمية عدداً كبيراً من الأنواع التي تختلف فيما بينها مورفولوجياً وسلوكياً وبيولوجياً، ولأن طرق مكافحة الفئران تعتمد على معظم جوانبها على النواحي البيولوجية والسلوكية للآفة، تظهر ضرورة معرفة النوع المسؤول عن الضرر ليصار إلى تحديد أنسب المواعيد وأفضل الطرق لمكافحته، آخذين بعين الاعتبار ترشيد استخدام مبيدات القوارض توفيراً للنفقات واختزالاً لجهود المكافحة إلى الحدود الدنيا ومنعاً للأضرار الجانبية لاستخدام هذه المبيدات قدر المستطاع، وتفادياً للأضرار التي قد تلحق بالأعداء الحيوية التي تساهم بدور كبير في الحد من أعداد الفئران عند وجودها بالحدود الطبيعية، وإعطائها الفرصة لتستعيد نشاطها وتبدأ بأخذ دورها من جديد ، فالنجاح في مكافحة القوارض يعني إبقاء مجتمعاتها دون مستوى عتبة الضرر الاقتصادي. سواءً عن طريق تحسين البيئة أو عن طريق إجراءات فعالة ومتخصصة في خفض كثافة مجتمع الآفة وغالباً بالطريقين معاً.
من المعروف أن أهم فئران الحقول التي تنتشر في منطقة شرق حوض البحر الأبيض المتوسط بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص هي الفئران التابعة للجنس Microtus..
إن برامج مكافحة القوارض في معظم دول العالم هي برامح تدعمها الدولة وتشرف على تنفيذها، وكذلك فإن وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي في الجمهورية العربية السورية تتبنى بشكل كامل جميع عمليات مكافحة القوارض ابتداءً من وضع البرامج الوطنية الشاملة للمكافحة وانتهاءً بتقييم تلك البرامج، وتنفق من أجل ذلك مبالغ طائلة، حيث تقوم بتزويد للمرشدين الزراعيين والأخوة الفلاحين بالخبرات والمعلومات وبنتائج البحوث العلمية وبجميع مستلزمات نجاح تلك البرامج.
وهذه النشرة هي نتيجة لأحد البحوث العلمية الزراعية التي استمرت لمدة خمس سنوات 1995-1999 لدراسة آفة فأر الحقل الاجتماعي في أراضي الجمهورية العربية السورية دراسة علمية شاملة في الحقل والمخبر.
نتمنى أن نكون قد وفقنا في هذه النشرة في طرح موضوع آفة فأر الحقل الاجتماعي بحيث تكون دليلاً للزملاء المرشدين الزراعيين وللأخوة الفلاحين والمهتمين في التعامل مع هذه الآفة الزراعية، التي باتت تهدد محاصيلنا الزراعية في بعض المناطق في بعض السنوات.
والله ولي التوفيق.
الأضرار التي تسببها الأنواع التابعة لجنس فئران الحقل Microtus:
تشكل معظم الأنواع التابعة للجنس Microtus آفات زراعية حقيقية للمحاصيل الحقلية والرعوية، وللأشجار المثمرة والحراجية في البساتين والغابات في العديد من دول العالم. فهي تتغذى بشكل رئيسي على المادة النباتية، مثل البذور والبادرات والأوراق والجذور والسوق والثمار والحبوب وقلف الأشجار، وأحياناً على الأنسجة الحيوانية للحشرات والقواقع واللافقاريات الأخرى، وعلى أجسام بعض الفقاريات الصغيرة.
يتوقف حجم الأضرار والخسائر الزراعية التي تسببها هذه الفئران على توقيت حدوث الضرر، فالأضرار المبكرة يجب تلافيها، في حين يصعب أو يستحيل تلافي أو تعويض الأضرار التي تحدث في المراحل المتأخرة من موسم النمو، وغالباً ماتكون الأضرار الحقيقية أكبر بكثير من الأضرار المشاهدة، وآثارها السلبية على الأشجار المثمرة أكبر منها على المحاصيل الحقلية.
أ- الأضرار في الحقول والمناطق الرعوية:
تختلف أشكال الأضرار التي تحدثها هذه الفئران في المناطق الرعوية ومناطق زراعة المحاصيل الحقلية، ومن أهمها قطع النباتات والبادرات وإتلاف الجذور والدرنات والثمار وخفض نسبة تجدد المراعي، وتظهر أعراض الإصابة الحقلية على شكل بقع خالية من النباتات تتوسطها جحور الفئران من المراحل المتقدمة من الإصابة، وتظهر الأعراض بشكل أوضح في الحقول المزروعة على خطوط.
ويختلف النوع المسؤول عن إحداث الضرر بين منطقة وأخرى، ففي الجمهورية العربية السورية ، تعتبر فئران النوع M.socialis أهم آفات القوارض في المحاصيل الحقلية الصيفية والشتوية، حيث يسبب هذا النوع أضراراً على المحاصيل النجيلية تزيد نسبها عن 70% في بعض الأحيان، وتتجلى هذه الأضرار بتخزين كميات كبيرة من السنابل الكاملة داخل الجحور تحت سطح التربة (شهاب 1996) ويسبب هذا النوع أضراراً اقتصادية كبيرة للمحاصيل الحقلية وللمناطق الرعوية في لبنان وفلسطين وتركيا Greaves 1989 .
ب- الأضرار في البساتين والغابات:
تسبب فئران الجنس Microtus في العديد من دول العالم خسائر اقتصادية حقيقية لأشجار البساتين المثمرة والغابات الطبيعية والمناطق المحرجة اصطناعياً. ويتمثل الضرر بتقشير لحاء أسفل الساق، كلياً أو جزئياً ، مما يؤدي لموت الشجرة في حالة التحليق الكامل.
وتدني إنتاجية الأشجار كماً ونوعاً عندما يكون التقشير جزئياً ، فالجروح التي تحدثها الفئران تشكل مدخلاً لمسببات الأمراض الفطرية والبكتيرية مما يقود لإعاقة نمو الأشجار، وغالباً ما تكون نسبة الضرر على الغراس الصغيرة والشجيرات الفتية أعلى منها بكثير على الأشجار الكبيرة.
ذكر Wood 1994 بأن أكثر من 50% من بساتين ولاية واشنطن الأمريكية تتضرر بشكل دوري من فئران النوع M.montanus ، ففي العام 1985-1986 بلغت نسبة الأضرار 82% على أشجار التفاح المثمرة، و 57% على الأشجار الفتية في منطقتين تعادل مساحتهما 65000 هكتار بسبب تقشير لحاء جذوع الأشجار، ووصلت كثافات الفئران إلى 4200 فرد بالهكتار، مما أدى إلى حدوث فقد نسبته 36% من المحصول بالسنة الأولى، وقدرت الخسائر بحوالي 1500 دولار/هكتار، إضافة إلى 1200 دولار/هكتار كتكاليف استبدال الأشجار الميتة.
في جنوب غرب سوريا ألحقت فئران النوع M.socialis أضراراً كبيرة بأشجار اللوز والكينا بالمناطق المحرجة اصطناعياً، حيث وصل عدد فتحات الجحور في تلك المناطق إلى 16740 فتحة بالهكتار مما أدى إلى موت الأشجار نتيجة التقشير الكامل للحاء أسفل الساق، في حين لم تلاحظ أضرار كبيرة على أشجار الصنوبر الفتية (شهاب، 1996).
ويلحق فأر الحقل الاجتماعي أضراراً كبيرة بغراس التفاح والزيتون مما يؤدي لموت نسبة كبيرة من الغراس في البستان تصل في بعض الأحيان في الحقول المهملة إلى 100% وفي حال تمكنت الغراس من تكوين خلفات جديدة أسفل منطقة الإصابة فإن ذلك سيؤدي لنمو الأشجار على أكثر من ساق واحدة مما يستدعي إعادة تقليم التربية من جديد.
الوصف العام لفأر الحقل الاجتماعي:
الاسم اللاتيني Microtus socilais (Pallas 1773) ، الاسم الإنكليزي Social Vole : سجل العالم Brants هذا النوع في سوريا لأول مرة عام 1827 وأسماه Hypudaeus Syriacus وقد أطلق هذه التسمية Syriacus أي السوري تبعاً للموقع الذي وجد فيه هذا النوع وبعده أطلق عليه باحثون آخرون التسمية ذاتها. وبذلك يتضح أن فأر الحقل الاجتماعي معروف في سوريا منذ القدم وهو نوع متوطن وليس دخيل كما يعتقد البعض.
الصفات الشكلية الخارجية (المورفولوجيا):
فأر صغير، يتراوح وزن الأفراد البالغة من 40-50 غ ، طول الرس وطول الجسم معاً 90-120 ملم، الذيل قصير يعادل طوله 25% من طول الرأس والجسم، تغطيه أشعار قصيرة. ويعتبر طول الذيل أهم صفاته الخارجية ولذلك يسمى في بعض مناطق القطر الأطوز أو الأزعر كناية عن قصر الذيل. الآذان صغيرة ومستديرة لها نفس لون فراء الجسم. الأطراف الخلفية أطول من الأمامية بقليل، وتنتهي القدم الخلفية بخمسة أصابع ذات مخالب متطورة ، والإبهام أقصر الأصابع طولاً، تغطي الأشعار الكثيفة النصف خلفي من باطن القدم وتتوضع ست وسائد قدمية في النصف الأمامي منه، يكسو الجسم فراء ناعم وكثيف ويختلف فراء المنطقة الظهرية من اللون الأحمر الباهت إلى اللون الرمادي المسود.
لون فراء المنطقة البطنية رمادي فاتح، لو أشعار الذيل من الناحية العلوية بني، وبرتقالي مصفر من الناحية السفلية ويصعب تمييز اختلافات الذيل عن بعد، ولوحظ وجود اختلافات لونية بين الأفراد تبعاً للعمر فالأفراد البالغة يتراوح لونها من الرمادي الفاتح إلى الرمادي المحمر في المنطقة الظهرية في حين تكون الأفراد الفتية أدكن لوناً. تتوضع أربعة أشفاع من الحليمات الثديية عند أنثى الفأر الاجتماعي، شفعان على المنطقة البطنية وشفعان على المنطقة الصدرية .
أما الصيغة السنية قواطع 1/1 أنياب 0/0 (لايوجد أنياب، أضراس 3/3 × 2 = 16 سناً.
القواطع العلوية والسفلية برتقالي اللون من الناحية الخارجية وتنمو القواطع بشكل مستمر على مدى الحياة لذلك يحتاج الفأر لشحذ أسنانه بشكل دائم.
بيولوجيا فأر الحقل الاجتماعي:
1- التكاثر : يتكاثر فأر الحقل الاجتماعي على مدار العام ولكن موسم التكاثر الأساسي يمتد من نهاية تشرين الأول وحتى نهاية نيسان، تنجب أنثى فأر الحقل من 2-14 مولوداً بعد حمل يدوم 21 يوم.
تفطم الصغار بعمر 15-20 يوم وتبدأ بعدها بالاعتماد على الذات في التغذية. تبلغ المواليد الجديدة النضج الجنسي بعد حوالي 35 يوم (الإناث) وتصبح قادرة على التزاوج، وقد لوحظ بأن إحدى الإناث أنجبت 9 مواليد وهي بعمر 55 يوم فقط.
يتراوح عدد مرات الولادة للأنثى الواحدة من 5-7 مرات في العام الواحد ولكن معظم هذه الولادات تتم في موسم التكاثر وقد لوحظ أن بعض الإناث أنجبت 6 مرات خلال ستة أشهر متتالية، مع ملاحظة أن متوسط عدد المواليد في الولادة الواحدة ينخفض مع تقدم أنثى الفأر بالعمر، بينما تكون متوسطات عدد المواليد في الولادة الواحدة عند الإناث الفتية.
متوسط عدد المواليد المرتفع نسبياً (أكثر من 10 في الولادة الواحدة) وزيادة عدد الولادات للأنثى الواحدة خلال موسم التكاثر (5-7) ولادات وسرعة الوصول إلى النضج الجنسي (حيث تصبح الإناث الفتية قادرة على التزاوج بعد 35 يوم) تعتبر مؤشرات على الخصوبة العالية لآفة فأر الحقل الاجتماعي مما يفسر إمكانية حدوث انفجارات وبائية لمجتمعات هذه الآفة في المناطق الزراعية خلال فترة قصيرة من الزمن.
2- الغذاء : فأر الحقل الاجتماعي من الحيوانات العاشبة بشكل عام Herbivorous يتغذى على مدار الساعة ويستهلك مايعادل وزنه من البذور أو الجذور أو الثمار أو القلف أو الأوراق يومياً، ويقوم بتخزين كميات كبيرة من الغذاء في جحوره. ولوحظ بأن الفئران يمكن أن تخزن مايزيد عن 255 سنبلة في جحر واحد أثناء موسم الحصاد، وتجدر الإشارة إلى التخزين لايتم داخل الحجر الأساسي إنما في أنفاق خاصة ينشؤها الفأر بالقرب من جحره الأساسي، ويتم تخزين السنابل كاملة.
وبالرغم من أن وفرة الغذاء وخاصة الأعشاب الخضراء تعتبر ضرورية لحدوث زيادة عددية في مجتمع الفئران، إلا أن المستعمرات التي تعيش على ارتفاعات عالية حيث تشح المياه خلال أشهر الصيف الأخيرة تبدو قادرة على البقاء والاستمرار اعتماداً على الأعشاب الجافة.
3- النشاط : أظهرت المراقبة الحقلية لفأر الحقل الاجتماعي أنه ينشط أثناء النهار والليل، ولكن ذروة نشاطه تكون عند الصباح والمساء فكثيراً ما يسمع صوت عراك الفئران بشدة خلال هذه الفترة من اليوم. ويرتبط معظم نشاط الفئران فوق سطح التربة بالبحث عن الغذاء القريب من الجحور، حيث تسحب الأعشاب الغضة المتوفرة بسرعة إلى داخل الجحور ليتم التغذي عليها بأمان.
4- أنظمة الجحور: Burrow systems : تحفر الفئران أنفاقاً بقطر 5-7 سم تتوضع على عمق 5-8 سم تحت سطح التربة، ترتبط الأنفاق فيما بينها تحت سطح التربة تنتهي بغرفة تعشيش يتراوح قطرها من 10-15 سم، تحتوي فرشة من القش الناعم والجاف، يلاحظ وجود ممرات انتقال فوق سطح التربة بقطر 5-7 سم خالية من الأعشاب لكثرة تنقل الفئران فيها، تربط فتحات الجحور ببعضها البعض وتربط بين فتحات الجحور ومناطق التغذية، ويلاحظ وجود نمطين شائعين من أنظمة الجحور عند فأر الحقل الاجتماعي:
الأولى: بسيطة تتألف من ثلاثة إلى أربعة مداخل ومن حجرة تعشيش واحدة وهي التي ينشؤها فأر الحقل بعد وصوله إلى مناطق جديدة، وعادة ما توجد هذه الأنظمة في المناطق التي تطبق فيها الحراثة بشكل دوري.
الثانية: معقدة وذات مداخل عديدة وغرف تعشيش كثيرة، وتنشأ مثل هذه الأنظمة عند امتداد نشاط المستعمرة (العائلة الواحدة) بعد ازدياد عدد أفرادها، وعادة ما توجد هذه الأنظمة في المناطق الحراجية والمناطق التي لاتطالها عمليات الحراثة مثل حواف الطرقات والأنهار وحواف أقنية الري وحدود الحيازات الزراعية التي غالباً ما يتم تحديدها بالحجارة الكبيرة.
في سنوات الانفجار الوبائي للفئران تزداد أنظمة الجحور تعقيداً وتتداخل الجحور القريبة من بعضها البعض وتتشابك بحيث يستحيل وضع حدود فاصلة لكل مستعمرة، وتبدو الأراضي الموبوءة بالفئران على شكل أراضي مثقبة كلياً، ففي الانفجار الوبائي لمجتمعات فأر الحقل الاجتماعي الذي حدث في جنوب غرب سورية عام 1996 بلغ عدد فتحات الجحور 16740 فتحة في الهكتار في أراضي الغابة الاصطناعية بأشجار اللوز والكينا والصنوبر (شهاب 1996)
التذبذب العددي لمجتمعات فأر الحقل الاجتماعي: Fluctuation of population:
إن التذبذب العددي الكبير لأعداد فئران مجتمعات هذا النوع بات معروفاً ويصل في بعض السنوات إلى مراحل وبائية مسبباً أضراراً كبيرة للقطاع الزراعي. ويسمى ارتفاع كثافة الفئران في منطقة ما انفجاراً outbreak ويتألف الانفجار حقيقة من مرحلتين أساسيتين هما : مرحلة التزايد العددي ومرحلة التناقص، تفصل بينهما مرحلة انتقالية نسبياً هي مرحلة الذروة العددية.
أ‌- مرحلة التزايد العددي: يعرف عن فئران الحقول Voles والتي منها فأر الحقل الاجتماعي، تزايد أعدادها بسرعة كبيرة، وأشارت العديد من الدراسات أن السبب الأساسي لازدياد عدد الفئران غالباً ما يرتبط بوجود مصادر جيدة للغذاء وشروط مناخية وبيئية مناسبة، مما يقود لزيادة عدد الولادات للأنثى الواحدة وارتفاع متوسط عدد المواليد في الولادة الواحدة وسرعة وصول الأجيال الجديدة للنضج الجنسي. ويكون توضيح ذلك من خلال المثال التالي:
إذا نتج عن تزاوج ذكر وأنثى من الفئران ولادتين خلال شهر تشرين الثاني ، وأن متوسط عدد المواليد كان 10 مولود فهذا يعني أن مقدار نسبة الزيادة العددية المتوقعة هو 1000% خلال شهر واحد، وإذا علمنا أن المواليد الجديدة يمكن أن تلد بعد شهرين وكان متوسط المواليد للإناث الفتية 8 مواليد فقط، فذلك يعني أن عدد المواليد المتوقعة في نهاية كانون الأول سيكون 10×8 = 80 مولود ، وبما أن المواليد لجديدة تبدأ بالاعتماد على نفسها كلية بالتغذية بعمر 20 يوم فهذا يعني أن لحظة بدء الأضرار ستكون مع نهاية كانون الثاني، ولدى مقارنة حجم الضرر المتوقع في نهاية كانون الثاني مع الضرر الذي كان يسببه زوج من الفئران (الذكر + الأنثى) في تشرين أول نجد أن الضرر سيرتفع بنسبة 4000% بشكل فجائي. وهذا مايسميه البعض الظهور الفوري للفئران في منطقة ما، ولكن الحقيقة أن الفئران موجودة ولكن الخصوبة العالية والظروف الملائمة والارتفاع السريع لأعداد الفئران في وحدة المساحة أدت لظهور مفاجئ لأضرار الفئران، أي أن ماظهر فجأة هي الأضرار وليس الفئران بكون تقييم كثافة الفئران يتم اعتماداً على أضرارها المشاهدة ولكن الأجدى هو التقييم اعتماداً على كثافة عدد الأفراد في وحدة المساحة مع أخذ عمرها بعين الاعتبار لأن المواليد الصغيرة لاتحدث ضرراً ولكنها ستفعل ذلك عندما تصبح قادرة على ذلك.
ب‌- مرحلة الهبوط العددي: مع زيادة أعداد الفئران تبدأ المصادر الغذائية بالانخفاض إضافة إلى أن ظروف الازدحام لدرجة الإشباع في وحدة المساحة التي تعيش فيها الفئران عند وصول كثافاتها للذروة تقود للاقتتال ولقلة المواليد، لذلك فإن الانخفاض السريع لأعداد الفئران ربما يكون عائداً لمجموعة من العوامل:
1- تضاؤل المصادر الغذائية.
2- ارتفاع نسبة الموت بين الافراد البالغة.
3- انخفاض معدلات التوالد لدرجة كبيرة.
4- ارتفاع كثافة الأعداء الحيوية من مفترسات ومتطفلات.
وكذلك تسهم الهطولات المطرية الغزيرة في إغراق الفئران خاصة المواليد الصغيرة، وخفض كثافة مجتمع الفئران بشكل سريع.
تقود الزيادة العددية لمجتمعات الفئران سنوات الانفجار إلى ارتفاع أعداد المفترسات وخاصة طيور البوم الذي يتغذى بشكل أساسي على فئران الحقول وتتوجه المفترسات الأخرى إلى المناطق الموبوءة مما يؤدي إلى انخفاض لأعداد الفئران بشكل سريع وحاد. ولكن دور الأعداء الحيوية لفأر الحقل الاجتماعي يكون قليلاً في بداية وأثناء مرحلة التزايد العددي للفئران.
دراسة تركيب مجتمع الآفة Population structure :
يدرس تركيب المجتمع أو البنية العمرية لمجتمع آفة فأر الحقل الاجتماعي لتحديد فيما إذا كان فتياً أو هرماً وفي طور التزايد أم في طور الهبوط العددي ولمعرفة حالة التكاثر للمجتمع. ولتحديد موعد بدء التكاثر لابد من المعرفة التامة بأعمار الفئران وبالتغير الشكلية الخارجية التي تطرأ عليها منذ ولادتها وحتى بلوغها مرحلة لايمكن عندها تمييز الأفراد الجديدة من الأفراد الكبيرة.
نمو وتطور المواليد Postnatal development :
من لحظة الولادة وحتى عمر 7 أيام:
تولد صغار فأر الحقل الاجتماعي عارية لايكسو جسمها الفراء، العيون مغمضة ومغطاة بغشاء جلدي رقيق، الآذان ملتصقة بالرأس ويبلغ متوسط وزنها لحظة الولادة 3 غرامات تقريباً، وتبقى المواليد على هذه الحال من الوصف الخارجي طيلة الأسبوع الأول من حياتها. وتجدر الإشارة إلى أن يتأثر وزن المواليد لحظة الولادة بعدد المواليد في الولادة وبعمر الأم.
الواليد بعمر 8-15 يوم:
يكسو المنطقة الظهرية فراء قصير وناعم هذه الفترة وتفتح العيون بعمر 10 أيام وتظهر أسنان القاطعة بمعر 12 يوم وتنفصل الآذان الخارجية عن الرأس، وتبدأ الفئران بالحركة ويبلغ متوسط وزن الفئران بعمر 15 يوم حوالي 13 غرام. وتجدر الإشارة إلى أن موت الأم في هذه المرحلة من العمر يؤدي إلى موت مواليدها التي لم تبلغ الفطام بعد، وتعتبر نقطة هامة في عملية المكافحة.
المواليد بعمر 15-21 يوم:
تتحرك المواليد بسرعة وتبتعد عن الأم وتبدأ محاولاتها بالتغذي على الأعشاب الخضراء ولكنها لاتغادر العش، تفطم المواليد في نهاية هذه الفترة من العمر ويبلغ متوسط وزن الفئران بعمر 21 يوم حوالي 22 غ.
المواليد بعمر 22-30 يوم:
تعتمد الفئران على نفسها كلياً خلال الأسبوع الرابع من العمر ويمكنها أن تغادر العش بعمر 30 يوم ومايؤكد ذلك أنه نادراً ما تم اصطياد فئران بعمر أقل من شهر بواسطة المصائد، وكذلك لم نلاحظ وجود عظام فئران صغيرة لدى دراسة بقايا عظام فأر الحقل في البوم.
تبلغ المواليد بعمر شهر 45 يوماً 42 غراماً ويصعب تمييز الأفراد بهذا العمر عن الأفراد البالغة ، ويمكن لبعض الإناث أن تتلقح وتحمل خلال هذه الفترة. تبلغ المواليد بعمر 60 يوم وزناً مقداره 45 غرام ويمكنها أن تنجب في نهاية هذه الفترة.
الانتشار والتوزع الجغرافي في أراضي القطر:
ينتشر فأر الحقل الاجتماعي في أراضي الجمهورية العربية السورية من مستوى سطح البحر وحتى ارتفاع 2200 متر (في المناطق الجبلية) وينحصر انتشاره في المناطق التي لايقل معدل الهطول المطري فيها عن 250 ملم سنوياً، وقد تم تسجيل انتشاره في معظم مناطق القطر الزراعية بالاعتماد على جمع العينات الحية (بالمصائد أو بتطويف الجحور) أو الميتة (بعد استخدام مبيدات القوارض سريعة التأثير) أو عن طريق العثور على بقايا عظامعه في لقيات البوم.
1- المنطقة الجنوبية:
منطقة تل شهاب المحاذية للحدود الأردنية السورية وتبعد 17 كم غرب مدينة درعا.
مزرعة أبقار مزيريب 11 كم شمال غرب درعا.
مركز عين عرب للبحوث العلمية الزراعية 1550 م عن سطح البحر 13 كم شرق مدينة السويداء.
الغابة الاصطناعية غرب قرية كودنة الواقعة جنوب مدينة القنيطرة.
العقبات الأمامية 5 كم غرب عرنة 1850 م عن سطح البحر (جبل الحرمون).
منطقة القبر النمساوي 7 كم غرب عرنة 2200 م عن سطح البحر (جبل الحرمون) وهي منطقة تقع فوق خط الأشجار.
البحرة 3 كم غرب قلعة جندل (جبل الحرمون).
مركز البحوث العلمية الزراعية بسرغايا.
2- المنطقة الوسطى:
قرى (تل دهب، تلدو، كفرلاها ، الشمسية ، قلعة الحصن، حديدة، مراسة وروضة الوعر) الواقعة غرب محافظة حمص.
قرى (تيزين ، مصياف السويدة، البياضية، بعرين، كفرام، سرير نهر الرستن، شيزر، السقيلبية ، الحمرا) الواقعة في غرب وجنوب غرب مدينة حماه.
3- المنطقة الشمالية:
قرى (مرج الزهور، خراب خليل، خراب عامر، الجانودية اليعقوبية، كفر دريان، سرمدا، تل مرديخ) التابعة لمحافظة إدلب.
قرة (كفر نوران، الأتارب، سمعان) الواقعة غرب مدينة حلب.
4- المنطقة الساحلية:
قرى ( روضو والعمرونية ) الواقعة على سرير النهر الكبير الشمالي.
المناطق المذكورة هي المناطق التي جمعت منها العينات وتجدر الإشارة إلى انتشار الفئران في المناطق القريبة منها والمشابه لها بيئياً من أراضي القطر. تعتبر معرفة الانتشار والتوزع الجغرافي للآفة من العوامل الرئيسية في وضع برامج صحيحة لمكافحتها. ومن هنا تظهر ضرورة وضع خارطة التوزع والانتشار لآفة فأر الحقل الاجتماعي بوصفه أحد أهم آفات القوارض الزراعية في القطر.

Gary Bruce Highland Photographer

الفئران والفئران في مغذيات الحياة البرية.
المرتفعات الاسكتلندية.
نيكون دي 150-600 + سيجما 150-600 مم (ج)
· ·

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مكافحة فأر الحقل الاجتماعي في سوريا:

تختلف الطرق والأساليب المتبعة في مكافحة القوارض في الحقول إلى حدٍ ما عن تلك المتبعة في مكافحة القوارض في المدن، ويمكن تقسيم الإجراءات التي تتخذها وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي لمكافحة آفة فأر الحقل الاجتماعي في الجمهورية العربية السورية بما يلي:

أولاً : الطرق غير الكيميائية:

1- فلاحة الأراضي الزراعية بعد الحصاد أو جني المحاصيل الزراعية لتدمير جحور وأعشاش الفئران وقتل الصغار داخل الجحور. ويجب التركيز على عملية الفلاحة بشكل خاص في المناطق التي تظهر فيها الإصابة في نهاية الموسم، ومع أن فلاحة بعض الأراضي الزراعية غير ممكنة بالجرارات العادية في نهاية موسم الحصاد إلا أنه لابد من فلاحتها بالجرارات ذات الاستطاعة العالية للتخلص من الفئران وتقليل فرص ظهور أضرارها في الموسم التالي.

2- جمع بقايا المحاصيل من الحقول بأسرع مايمكن ، لحرمان الفئران من الغذاء، وبالتالي خفض فرص تكاثرها بسبب نقص الغذاء، وزيادة التنافس والاقتتال بسبب قلة المصادر الغذائية.

3- وضع المصائد التنكية في الحقول التي تنتشر فيها الفئران (وهي عبارة عن صفيحة زيت فارغة مفتوحة من الأعلى، توضع في حفرة مناسبة بحيث يكون فتحتها بمستوى سطح التربة ويوضع بداخلها طعم جاذب، عادة مايكون من القمح مع قليل من الزيت) ويتم الكشف عن هذه المصائد يومياً والتخلص من الفئران التي تسقط بداخلها قبل أن تنفسخ وتصدر عنها روائح تمنع دخول فئران أخرى في المصيدة التنكية.

يقوم بعض المزارعين باستخدام بعض الوسائل التقليدية في القضاء على الفئران مثل تطويف الجحور بالماء (في حال توفر مصدر قريب للمياه) وقتل الفئران بعد خروجها من الجحور بواسطة العصا. وبعضهم من يستخدم الغاز عوادم الدراجات النارية لإخراج الفئران من جحورها ثم قتلها بعد خروجها من الجحور ، وبعضهم من يستخدم بنادق الصيد في القضاء على الفئران. ولكن استخدام هذه الطرق عادة ما يكون على نطاق ضيق وهي مفيدة ولكنها لاتعتبر كافية للقضاء على الفئران في حالات الانفجار الوبائي.

ثانياً : الطرق الكيميائية:

لكل آفة من الآفات الزراعية طرق خاصة للقضاء عليها، وذلك اعتماداً على سلوكها وحياتها وأماكن تواجدها ونوع المبيد المستخدم لمكافحتها وآلية تأثيره.

وسنتعرض هنا للطرق المتبعة لمكافحة آفة فأر الحقل الاجتماعي Microtus Socialis بشكل خاص، اعتماداً على دراساتنا السابقة لبيولوجيا هذا النوع في ظروفنا المحلية.

يستخدم في المكافحة الكيميائية لفأر الحقل الاجتماعي في سوريا نوعين من المبيدات هما فوسفيد الزنك (طعوم معدية) ، وفي أحيان قليلة يستخدم مبيد فوسفيد الألمنيوم (مبيد غازي).

1- فوسفيد الزنك Zinc Phosphide : الصيغة الكيميائية Zn3P2 الاسم الكيميائي : حسب الاتحاد الدولي للكيمياء التطبيقية IUPAC متبوعاً بأرقام التسجيل في CAS Trizinc diphosphide 1314-84-7 .

آلية التأثير : يتحرر غاز الفوسفين PH3 في الوسط الحامضي للمعدة، ثم ينتقل إلى تيار الدم ويسبب ضعفاً في عضلة القلب وأضراراً بأجهزة الجسم الداخلية، ليس له ترياق متخصص وهو مركب سام لجميع الفقاريات قيم LD50 للخنازير من 20-40 ملغ/كغ.

من أكثر مبيدات القوارض ذات السمية الحادة استخداماً، وهو متوفر على شكل بودرة سوداء أو رمادية اللون بنقاوة 80-95 % له رائحة تشبه رائحة الثوم، يستخدم عالمياً بتراكيز تتراوح من 1-5% والتركيز الأكثر استخداماً هو 2% ، سميته عالية وسعره منخفض نسبياً.

لايوزع كمادة فعالة للأخوة المزارعين وإنما يتم خلطه من قبل المرشدين الزراعيين مع مواد حاملة مختلفة ، وقد أثبتت الدراسات المحلية أن أفضلها الحبوب الكاملة للقمح والذرة، بحيث تلبي هذه الطعوم رغبات سلوكية عند الفئران، هي الإمساك بالطعم بكلتا اليدين أثناء التغذية وتحقيق رغبة القارض في شحذ قواطعه التي تنو باستمرار طيلة حياة الفأر.

تشير العديد من تقارير منظمة الأغذية الزراعية العالمية FAO إلى انخفاض فعالية وسمية الطعوم المحضرة من فوسفيد الزنك بعد عدة أيام من التحضير ، وتلعب درجة حرارة الوسط المحيط ورطوبته دوراً كبيراً في خفض فاعلية الطعوم، ولذلك يفضل استخدامه مباشرة بعد التحضير.

تحضير الطعوم:

– يجب أن يتم اختيار قاعدة الطعم (المادة الحاملة) من الحبوب الجيد والسليمة بحيث تكون قادرة على منافسة الحبوب المخزونة لدى الفئران.

– تنقع حبوب القمح أو الذرة بالماء لمدة 6-12 ساعة ثم تنشف بحيث تصل لرطوبة مقدارها 30-40% ، والغرض من عملية الترطيب هذه هو تسهيل توزيع جزئيات المبيد على سطح الحبوب.

– يضاف 2.5 % من الزيت النباتي إلى الحبوب المنشفة وتخلط خلطاً جيداً، والغرض من إضافة الزيت هو المساعدة على التصاق جزيئات المبيد على سطح الحبوب.

– يضاف 2.5 من بودرة مبيد فوسفيد الزنك إلى الحبوب المرطبة والمخلوطة بالزيت (وتحسب هذه النسبة على أساس وزن الحبوب الجافة) تكرر عملية الخلط بحيث يتوزع المبيد ويلتصق على سطح الحبوب، وبذلك يصبح الطعم جاهزاً للاستخدام.

توزيع الطعم حقلياً:

قبل البدء بتوزيع الطعوم داخل فتحات الجحور يجب تحديد الفعال منها أولاً، وذلك عن طريق سد جميع فتحات الجحور في المنطقة المراد معاملتها. وفي صباح اليوم التالي نقوم بوضع الطعوم المجهزة في الجحور الفعالة (التي فتحتها الفئران أثناء الليل) وبمعدل 3-4 غرامات (مايعادل ملء ملعقة طعام كبيرة من الحبوب).

ملاحظة: إذا كانت طبيعة التربة لاتسمح بسد فتحات الجحور يكفي إضافة الطعم في جحر واحد من أصل ثلاثة جحور متجاورة، على أن يتم تحديد عدد الجحور الفعالة في المنطقة المراد مكافحتها من قبل متخصص، وبذلك نقلل من الهدر ومن جهود ونفقات عملية المكافحة ومن الأضرار البيئية بمعدل 66%.

تقييم فاعلية المكافحة (للزملاء المرشدين):

لتقديم فاعلية طعوم فوسفيد الزنك بما يلي:

1- اختيار مكان مناسب لتنفيذ تجربة تقييم فاعلية الطعوم، حيث يتم اختيار مستعمرة فئران معزولة بمساحة تجريبية 1000 متر مربع على أن يكون عدد الجحور الفعالة فيها لايقل عن 30-40 جحراً فعالاً. وذلك بسد كافة الفتحات في منطقة تنفيذ التجربة في اليوم الأول، وعد ماتعيد الفئران فتحه في اليوم التالي. (يسجل هذا الرقم ويسمى عدد الجحور الفعالة قبل المعاملة).

2- تعامل الجحور الفعالة بوضع 3-4 غرامات من الطعم السام في كل جحر، وتترك مفتوحة.

3- بعد 48 ساعة من المعاملة نقوم بسد جميع الفتحات في منطقة الاختبار.

4- في اليوم التالي نقوم بعد الجحور التي عاودت الفئران فتحها في المنطقة المعاملة (ويسجل هذا الرقم ويسمى عدد الجحور الفعالة بعد المعاملة).

تحسب نسبة انخفاض الجحور الفعالة في المساحة المختبر بعد المعاملة كمؤشر على فعالية المكافحة من المعادلة التالية :

النسبة المئوية لانخفاض عدد الجحور = 100- (عدد الجحور الفعالة بعد المكافحة ÷ عدد الجحور الفعالة قبل المكافحة) × 100 .

مبيد فوسفيد الزنك كمبيد احتكاك:

لوحظ أثناء الانفجار الوبائي الذي حدث في شمال سوريا (محافظة إدلب) خلال الفترة 1998-1999 ونتيجة لفشل المكافحة باستخدام طعوم فوسفيد الزنك لجوء بعض المديريات إلى معاملة جحور الفئران بخليط من الطحين (دقيق القمح) بنسبة 95% ÷ 5% من بودرة فوسفيد الزنك على أنه مسحوق احتكاك. وتجدر الإشارة إلى أن مبيدات الاحتكاك لاتستخدم لمكافحة الفئران في الحقول، والسبب في ذلك أن مبيدات الاحتكاك عادة ما تستخدم في الممرات الإجبارية للفئران، وفي حال وجود مداخل ومخارج كثيرة لاتعتبر هذه العملية مجدية حتى لو حققت فعالية قليلة. إضافة إلى ذلك فإن التيارات الهوائية تعمل على تطاير هذا الخليط مسببة تلوثاً كبيراً لعناصر البيئة المختلفة ، وإنما تستخدم مساحيق الاحتكاك لمكافحة الفئران داخل الأماكن المغلقة وبتراكيز تتراوح من 15-20 % وليس بتركيز 5%. لذلك لايجوز تبني أفكار المكافحة وتنفيذها إنطلاقاً من قراءة عامة لطرقة مكافحة الآفات.

2- فوسفيد الألمنيوم Aluminum Phosphide: الصيغة الكيميائية AlP الاسم الكيميائية متبوعاً برقم التسجيل في الـCAS : Aluminum phospide 20859-73-8 متوفر على شكل أقراص بوزن 0.6 غرام أو كريات بوزن 3 غرام ، تطلق المادة الفعالة للمبيد غاز الفوسفين PH3 عند تعرضها للرطوبة (الجوية أو الأرضية).

يستخدم عادة في مكافحة الآفات الحشرية للمواد المخزونة، كما يستخدم لمكافحة القوارض في الأماكن المغلقة، وفي الحقول الزراعية في حال فشل الطرق التقليدية للمكافحة أو صعوبة تطبيقها. غاز الفوسفين المتحرر ذو سمية مرتفعة لجميع الثدييات ، لذلك فهو فعال ضد جميع أنواع القوارض.

طريقة الاستخدام لمكافحة فأر الحقل الاجتماعي:

بعد سد جميع فتحات الجحور في المنطقة المراد مكافحتها، وتحديد الفعال منها، يتم وضع قرص بوزن 0.6 غرا م داخل كل جحر فعال ثم يغلق بالتراب لمنع تسرب غاز الفوسفين من أنظمة الجحور.

يجب الانتباه لعدم ردم الأقراص بالتراب عند سد الجحور ، ولتلافي وسفين من أنظمة الجحور. بوزن 0.غلقة، وفي الحقول الزراعية في حال فشل الط ذلك يمكن وضع مقدار قبضة اليد من الأعشاب الخضراء أو من الورق في فتحة الجحر بعد وضع القرص قبل إغلاق الجحر بالتراب.

اختبرت فاعلية مبيد فوسفيد الألمنيوم أقراص بوزن 0.6 غ لمكافحة آفة فأر الحقل الاجتماعي في ثلاثة من المواقع الزراعية في سوريا هي:

1- مركز البحوث العلمية الزراعية في السويداء.

2- روضة الوعر التابعة لمحافظة حمص.

3- قرية الصحن التابعة لمنطقة جسر الشغور في محافظة إدلب.

نفذت التجارب عقب هطول مطري عام في سوريا، عوملت القطع التجريبية بوضع قرص بوزن 0.6 غرام داخل كل جحر فعال ، وقد أدى استخدام المبيد إلى خفض نسبة الجحور الفعالة في المناطق المعاملة على النحو التالي:

إدلب حمص السويداء

93.37 % 90.78 % 81.26 %

لوحظ أن فعالية مبيد فوسفيد الألمنيوم في السويداء كانت منخفضة نسبياً، ويمكن رد ذلك إلى الرطوبة الأرضية المنخفضة لحظة المعاملة بالمقارنة مع المناطق الأخرى لنفس الفترة ن إضافة لانتشار بؤر الجحور على حواف الطرقات الصخرية (السائدة في منطقة ظهر الجبل) مما يزيد من صعوبة إحكام إغلاق الجحور المعاملة وبالتالي تسرب نسبة من غاز الفوسفين مما أدى إلى انخفاض فاعلية المعاملة. بينما كانت نتائج المعاملة مرتفعة في منطقتي حمص وإدلب بسبب ارتفاع الرطوبة الأرضية وطبيعة التربة التي تساعد في إحكام سد الجحور ومنع تسرب غاز الفوسفين.

تؤكد نتيجة هذه التجربة ونتائج أبحاث سابقة أجريت في مناطق أخرى من العالم لتحديد فاعلية مبيد فوسفيد الألمنيوم في مكافحة القوارض في الحقول الزراعية أن فعالية مبيد الألمنيوم تكون في أعلى قيمها في المناطق ذات الرطوبة العالية.

لايستخدم مبيد فوسفيد الألمنيوم لمكافحة جحور الفئران في فصل الصيف بسبب قلة الرطوبة الأرضية ، فقد ذكر الباحث Richards 1982 بأن إضافة الماء بعد وضع أقراص الألمنيوم داخل الجحور يمكن أن يحسن من نتائج المكافحة، في حين ذكر Greaves 1989 أن إغلاق الجحور بالأعشاب الخضراء بعد وضع أقراص فوسفيد الألمنيوم يؤدي إلى تسريع تحرر غاز الفوسفين لتحسين نتائج المكافحة، وهذه التوصيات تتبع عند ضرورة استخدام هذا المبيد في فصل الصيف في حالات خاصة.

من قواعد الأمان العامة في التعامل مع فوسفيد الألمنيوم مايلي:

1- فتح عبوة المبيد في مناطق مهواة بعيداً عن الوجه، وإحكام إغلاق العبوة بعد استخدامها وحفظها في مكان جاف.

2- لايستخدم المبيد أثناء الهطول المطري.

3- لايستخدم المبيد أثناء هبوب الرياح القوية.

4- لايوجد ترياق متخصص لمعالجة التسمم بغاز الفوسفين الذي يتحرر من مبيد فوسفيد الألمنيوم.

تقييم فاعلية المكافحة عند استخدام مبيد فوسفيد الألمنيوم:

تطبق جميع الخطوات المستخدمة في تطبيق فعالية طعوم مبيد فوسفيد الزنك، إلا أن الجحور تغلق لحظة وضع الاقراص ويتم تقييم الفعالية في صباح اليوم التالي من المعاملة، وليس بعد 48 ساعة كما هو الحال عند استخدام طعوم فوسفيد الزنك. والسبب في ذلك أن مبيد فوسفيد الألمنيوم يحقق موت الفئران بعد فترة قصيرة (أقل من ساعة) بكونه مبيد غازي (مدخن) ولاحاجة لإطالة الفترة لزيادة فرص تعرض الفئران للمبيد كما هو الحال عند تقديم فعالية الطعوم المعدية.

المبيدات المستخدمة عالمياً في مكافحة فئران الحقول:

يستخدم لمكافحة القوارض الزراعية في العالم عدداً كبيراً من مبيدات القوارض ولانستخدم في سوريا منها إلى مبيد فوسفيد الزنك، ومبيد فوسفيد الألمنيوم في حالات خاصة. ومن المفيد التعرف على مبيدات القوارض المستخدمة لمكافحة القوارض الحقلية أو المنزلية على حد سواء، والتي تستخدم حالياً في دول العالم المتطورة، وخاصة أن تلك الدول ابتعدت عن استخدام المبيدات التي تسبب أضراراً كبيراً للبيئة وللكائنات غير المستهدفة في المكافحة وللأعداء الحيوية التي عادة مايكون أثر المبيد عليها أكبر من أثره على الآفة المستهدفة ذاتها.

تتوفر مبيدات القوارض على شكل طعوم معدية صلبة أو سائلة أو مساحيق احتكاك، أو على شكل غازات سامة، لتناسب عمليات المكافحة في جميع الحالات والظروف، وتقسم مبيدات القوارض تبعاً لسرعة تأثير المادة الفعالة إلى مجموعتين أساسيتين:

– المركبات ذات السمية الحادة أو سريعة التأثير Acute Rodenticides .

– المركبات ذات السمية المزمنة، أو بطيئة التأثير ، Chronic rodenticides . (وهي حصراً مانعات تخثر الدم).

– وتشير بعض المراجع إلى وجود مجموعة ثالثة هي المركبات ذات السمية المتوسطة Subacute Rodenticides وتقع بين المجموعتين السابقتين من حيث سرعة التأثير على الكائنات الحية.

مبيدات القوارض ذات السمية الحادة، أو سريعة التأثير: Acute Rodenticides

يعود تاريخ استخدامها لعدة مئات من السنين، ويتضح من تسمية هذه المجموعة، أن أعراض التسمم تظهر بسرعة بعد تناول الحيوان لجرعة كافية من المبيد (غالباً خلال 24 ساعة) ، وقد تظهر أعراض التسمم خلال بضع دقائق عند استخدام بعض المركبات.

تستخدم هذه المركبات بتراكيز عالية نسبياً في الطعوم، وغالباً ماتكون جزيئاتها غير معقدة، وتكاليف إنتاجها رخيصة نسبياً، ولكن من أهم عيوبها عدم وجود ترياق Antidot متخصص لاستخدامه لعلاج حالات التسمم العرضي بهذه المبيدات، إضافة إلى أن آلية تأثيرها السريع لاتترك وقتاً كافياً للقيام بإجراءات العلاج (حتى لو توفر الترياق المتخصص). وبسبب سميتها العالية للحيوانات غير المستهدفة وخاصة الإنسان، منع استخدام معظمها في العديد من دول العالم، ولايسمح باستخدامها إلا من قبل المتخصصين فقط، وفي مناطق محددة، ويحظر استخدامها في المناطق السكنية.

من مساوئ هذه المبيدات أيضاً تطور ظاهرة الحذر Shyness عند القوارض تجاه الطعوم، فالعديد من القوارض وخاصة الجرذان تحجم عن مهاجمة أي مواد جديدة، وترفض التغذي مباشرة على الطعام الجديد وتكتفي بالتغذي على كمية قليلة منه لأول مرة. ولهذا السلوك تأثير أساسي على استخدام المبيدات ذات السمية الحادة (سريعة التأثير) فاستهلاك كمية قليلة من الطعم السام يسبب اضطرابات للقارض دون أن يؤدي لموته، وعادة ما ترفض الحيوانات المتأثرة التغذي على الطعم السام في المرات القادمة، مما يؤدي لفشل المبيد في تحقيق الفعالية المرجوة. وقد تتطور ظاهرة الحذر تجاه المادة السامة Poison shyness أو تجاه المادة الحاملة للمادة السامة (قاعدة الطعم) Bait shyness وربما ترفض التغذي من أوعية الطعوم حتى لو تم استبدال الطعم السام بآخر غير مسمم، وأحياناً ما تتجنب زيارة المنطقة التي وضع فيها الطعم السام.

1- مجالات استخدام المبيدات ذات السمية الحادة: سرعة التأثير هي من أهم صفات هذه المبيدات، ففي حال الكثافة العالية لمجتمعات القوارض في الحقول الزراعية أو في المستودعات يؤدي إلى استخدامها بتطبيق إجراء عملي يسمى التطعيم المباشر Direct Poisoning إلى خفض سريع لكثافة الآفة وللأضرار التي تسببها. فهي تحقق بذلك رغبة المستخدم في الحصول على نتائج سريعة لعملية المكافحة، وخفض سريع للأضرار.

تعد الكفاءة الاقتصادية نقطة هامة عند وضع برنامج المكافحة، فالمكافحة بالمبيدات سريعة التأثير ، تتطلب كميات قليلة نسبياً من الطعوم بالمقارنة مع المبيدات بطيئة التأثير خاصة مشابهات الوارفارين ( مبيدات الجيل الأول من مانعات التخثر) التي تتطلب الاستمرار في تقديم الطعوم لعدة أيام مما يترتب عليه صرف كميات كبيرة من الطعوم غالية الثمن نسبياً، كما يمكن استخدامها بنجاح في مكافحة الأفراد المقاومة لمبيدات الجيل الأول من مانعات التخثر مثل الوارفارين وذلك لاختلاف طريقة تأثيرها، برغم أن مبيدات الجيل الثاني من مانعات التخثر طورت بغرض مكافحة القوارض المقاومة لمبيدات الجيل الأول.

– بعض المبيدات ذات السمية الحادة :

1- فوسفيد الزنك Trizinc (Zinc Phosphide diphosphide سبق التحدث عنه في هذه النشرة .

2- العنصل الأحمر Red Squill C32H44O12 : مركب عضوي يستخرج من أبصال نبات العنصل Urginea maritime الذي ينمو في منطقة حوض البحر المتوسط، المادة الفعالة هي السيليروسيد Scillirocide ، تظهر سمية المستخلص الخام من الأبصال للقوارض نتائج متباينة. المستخلص النقي متوفر تحت اسم تجاري Silmurin ، وهو سام جداً للفئران والجرذان، يتراوح تركيز المادة الفعالة في الطعوم من 0.015 – 0.05 % سجلت أعراض عدم استساغة القوارض لطعوم هذا المركب، تظهر أعراض التسمم على شكل شلل للأطراف الخلفية ، تشنجات واضطرابات عنيفة ، تبول وإسهالات مستمرة، يمكن استخدام سلفات الأتروبين كترياق ِAntidot.

3- سلفات الثاليوم: Tl2SO4 Thallium sulphate : على شكل بلورات صلبة عديمة اللون أو الرائحة، ويعتبره بعض الباحثين عديم الطعم ولكن الجرذان البنية R.norvegicus يمكنها تمييزه في المحاليل المائية عند التركيز 0.25% يوصى باستخدامه في الطعوم بتراكيز تتراوح من 0.5-1.5 % وخلافاً لباقي المركبات ذات السمية الحادة لايسبب هذا المركب ظاهرة الاشتباه والتجنب من الطعوم عند القوارض. في الاختبارات المخبرية في الدانمارك كان فعالاً ضد الجرذ النرويجي عند التركيز 0.8% ، وفي الاختبارات الحقلية في بريطانيا أظهر عند التركيز 0.3 % فعالية تعادل فعالية فوسفيد الزنك بتركيز 2.5%.

يتصف هذا المركب مثل باقي المركبات سريعة التأثير بالسمية المرتفعة للفقاريات ولايوجد له ترياق، لم يستخدم هذا المبيد لفترة طويلة وقد تم تنسيقه في معظم دول العالم بما فيها أستراليا التي كانت تستخدمه بشكل واسع لمكافحة الجرذان في حقول قصب السكر.

4- أحادي فلورو أسيتات الصوديوم C2H2Fn2O2 Sodium (mono) floroacetat: يعرف هذا المركب باسمه التجاري المركب 1080 وهو سام جداً للقوارض، يستخدم في الطعوم بتراكيز تتراوح من 0.08-0.5% للمادة الفعالة. ومازال يستخدم حتى الآن في مكافحة القوارض في أنظمة الصرف الصحي في بريطانيا، أما عالمياً فيستخدم بحالات خاصة جداً وبحذر شديد بسبب سميته العالية للفقاريات وعدم تخصصه وعدم توفر ترياق متخصص.

وهناك العديد من المركبات التي كانت تستخدم في الماضي ، ولكن استخدامها في مكافحة القوارض توقف عملياً، مثل : المركب Pyriminys اسمه التجاري vacor والمركب Silatrane والمركب Norbormid والمركب Crimidine والمركب ANTU (Buckle 1994).

5- فلوروأسيتاميد C2H4FNO Flouroacetamide: مركب على شكل بودرة بيضاء عديمة الطعم والرائحة، يعرف باسم المركب 1081 يشبه المركب 1080 في معظم صفاته إلا أنه يستخدم بتراكيز أعلى، بسبب سميته المنخفضة نسبياً، فقد أعطى استخدامه بتركيز 1-2% في الطعوم نتائج أفضل من نتائج 1080 بتركيز 0.25% في سلسلة من الاختبارات ، غالباً ما يستخدم لمكافحة القوارض في أنظمة الصرف الصحي.

مبيدات القوارض متوسطة التأثير Subacute Rodenticides :

يتبع لهذه المجموعة ثلاثة مركبات هي Calciferol , Bromethalin, fluropropaline وتمتلك هذه المركبات العديد من صفات المبيدات سريعة التأثير، ولكنها تختلف عنها في بعض الصفات، فعلى الرغم من أن القارض يمكن أن يتناول جرعة قاتلة من هذا المركب خلال 24 ساعة إلى أن الموت لايحدث إلى بعد عدة أيام. ومن الصفات المميزة أيضاً، ظهور أعراض التسمم على الأفراد التي تناولت جرعة قاتلة وعلى الأفراد التي تناولت جرعة غير كافية للقتل، حيث تتوقف القوارض كلياً عن التغذية بعد 24 ساعة من تناول الطعم السام، وهذه ميزة مهمة في استخدام هذه المركبات يكون الضرر يتوقف مباشرة ( حتى قبل أن يحدث الموت) . لكن في حال تناول كمية غير كافية للقتل سيؤدي ذلك إلى فشل عملية المكافحة، حيث تستعيد الأفراد نشاطها وتتابع التسبب الضرر من جديد. فالحدود الفاصلة بشكل كامل، بكون موت الأفراد قد يتأخر لعدة أيام أيضاً عند استخدام المبيدات سريعة التأثير أحياناً وخاصة عند استخدام مبيد السيتركنين أو مبيد سلفات الثاليوم.

مبيدات القوارض ذات السمية المزمنة أو بطيئة التأثير: Chronic rodenticides

وهي حصراً مانعات تخثر الدم The Anticoagulants يعد اكتشاف المركبات المانعة لتخثر الدم الخطوة الأكثر أهمية في زيادة الأمان والفعالية في مجال مكافحة القوارض.

آلية التأثير:

تعمل هذه المركبات على إنقاص أو منع قابلية الدم للتخثر وتشكيل الخثرة الدموية (الجلطة). وتسبب هذه المركبات الموت عن طريق منع تشكل فيتامين K في الكبد وعندما ينخفض مستوى البروترومبين Prothrombin لحد حرج لايمكن معه أن تتكون الخثرة، يستمر النزف مهما كان خفيفاً حتى حدوث الموت، ويمكن فهم آلية عمل المبيدات المانعة لتخثر الدم بسهولة، عند معرفة الآلية التي تتكون بها الخثرة الدموية بالحالة الطبيعية، فعند تعرض الأوعية الدموية لضرر أو لجرح ما، يتحول الدم السائل على هلام Jelly يمنع استمرار نزف الدم، ومايحدث هو أن أحد بروتينات الدم غير المنحلة ويسمى الـFibriongen يتحول إلى كتلة غير منحلة ليفية التركيب تسمى Fibrin وهي التي تشكل الخثرة، ويحفز هذا التحول في تركيب الدم بفعل أنزيم الثرومبين Thrombin ويتشكل هذا الأنزيم من أحد بروتينات الدم، يدعى البروثرمبين Prothrombin بفعل أنزيم آخر يسمى Thrombokinaze ، ويتحرر الأخير من الأنسجة المتضررة بظل وجود فيتامين K ، ففي حال تعطيل إنتاج فيتامين K فإن ذلك سيؤدي إلى تعطيل عملية تشكل الخثرة الدموية، وبالتالي فإن النزف سيستمر تدريجياً حتى حدوث الموت، إن آلية التأثير البطيء لهذه المركبات هي سر نجاحها.

هذا هو المبدأ العام لآلية منع التخثر ولكن الدور الذي تقوم به المبيدات المانعة للتخثر على وجه التحديد، هو تعطيل دورة تشكل فيتامين K وبعملية منع استمرار دورة تشكل الفيتامين هذه تكون كمية فيتامين K المأخوذة عن طريق الغذاء فقط هي المتاحة داخل الجسم، والتي لا تعتبر كافية لتعويض عوامل التجلط في الدم بعد فترة قصيرة من استهلاك جرعة كافية من الطعم، تستنزف هذه العوامل أخيراً وبذلك تفشل في الحفاظ على مستوى التخثر في الدم ويحدث الموت بالنزيف Haemorrhage ويستغرق ذلك 4-28 يوم، وبتأخر ظهور أعراض الموت لاتفكر للقوارض بأعراض التسمم بمانعات التخثر، مما يمنع ظهور مشكلة الحذر من الطعوم Bait Shyness . ولطريقة التأثير البطيء هذه فوائد مهمة، حيث يعتبر التزود بالشكل الفعال من الفيتامين علاجاً لتصحيح وضع التخثر في الدم عن طريق استخدام كمية من فيتامين K1 ، إذن فيتامين K هو الترياق النوعي Specific antidote في حالات التسمم العرضي، وتؤمن آلية التأثير البطيء متسعاً من الوقت للقيام بإجراءات العلاج على خلاف المبيدات السريعة التأثير التي لاتفسح مجالاً للتدخل في علاج حالات التسمم.

1- مبيدات الجيل الأول من مانعات التخثر First generation of anticoagulants :

ظهرت خلال الفترة 1950-1970 العديد من مانعات التخثر بصورها التجارية وسميت مركبات الجيل الأول. الصفة المهمة التي تحكم استخدام هذه المركبات هي أنها غير سامة بشكل كاف لتسبب الموت بعد التغذي على الطعم لمرة واحدة، فهي ذات أثر تراكمي ، وبدقة أكثر هي فعالة في إعاقة دورة تشكيل فيتامين K لفترة قصيرة فقط، لذلك يجب أن يتم التغذي عليها وبشكل مستمر لعدة أيام، للوصول على أطول تأثير ممكن حتى حدوث الموت. ولذلك إن نجاحها في مكافحة القوارض يعتمد على إمكانية وصول الآفة المستهدفة إلى الطعوم لفترة تتراوح من عدة أيام إلى عدة أسابيع، ولتأمين ذلك طور إجراء يسمى التطعيم المستمر Surplus Baiting أو التطعيم الإضافي Continues Baiting وهو يعني وضع كميات كبيرة نسبياً من الطعوم في نقاط محددة (في محطات التطعيم) ، ويتم تجديدها بشكل دوري لتأمين الطعم السام باستمرار للآفات المستهدفة. يدوم التطعيم حتى توقف التغذية (توقف استهلاك الطعوم) مما يشير عادة إلى انتهاء عملية المكافحة، ويسمى الباحثين هذه العملية بالإشباع Saturation.

إن الكميات الكبيرة من الطعوم التي تتطلبها عملية التغذية المستمرة، وما يترتب عليها من نفقات وجهود من قبل المستخدم يجعل استخدام هذه المركبات غير عملي في مكافحة القوارض الزراعية، وخاصة في حالة الحيازات الصغيرة، إضافة إلى أن بعض الأنواع الحقلية من القوارض وخاصة النوعين Acomys cahirinus و Meriones shawi تصعب مكافحتهما بمثل هذه المركبات، إضافة للفعالية الضعيفة نسبياً ، وهذه هي الأسباب الرئيسية في الحد من استخدامها.

بعض مركبات الجيل الأول من مانعات التخثر:

تتبع جميع المركبات المانعة لتخثر الدم لإحدى المجموعتين :

– مجموعة الهيدروكسي كومارين Hydroxycoumarin أو مجموعة الاندانديون Indane-dion بسبب تركيبها المتشابه فهي لاتختلف كثيراً في صفاتها الكيميائية ولكن الاختلاف يكون في سميتها للقارض المستهدف.

– مجموعة الهيدروكسي كومارين Hydroxycoumarins :

1- الوافارين Warfarin C19H16O4 : هو أول المركبات المانعة لتخثر الدم التي استخدمت بشكل واسع كمبيدات قوارض. أنتج لأول مرة في عام 1950، لكن استخدامه انحسر كثيراً بعد ظهور مقاومة القوارض لهذا المركب في العديد من دول العالم. تتراوح قيم الجرعة القاتلة التصفية LD50 عن طريق الفم ضد الجرذان 1.5-323 ملغ/كغ. تتوفر مستحضرات عديدة للوافارين في الأسواق تحت أسماء تجارية عديدة، فمنه مركزات تحتوي على 0.5-1% من المادة الفعالة، تستخدم في تحضير الطعوم أو تستخدم كمساحيق احتكاك. ومنه مستحضرات جاهزة للاستخدام تحتوي 0.025-0.05% من المادة الفعالة.

وتتوفر بعض المستحضرات على شكل خليط من الوارفارين والكالسيفيرول تسمى Sorixa CR ومن الوارفارين مع سلفاكوينوكسيلين Sulphaquinoxilline تسمى Prolin.

2- كوما كلور Comachlor C19H15ClO4 : أنتج هذا المركب في بداية الخمسينات بعد نجاح الوافارين ، قيمة LD50 للجرذ النرويجي 16.6 ملغ / كغ تزداد فعاليته عندما يستخدم لعدة أيام متتالية. تحتوي الطعوم المحضرة تجارياً على 0.0375 % من المادة الفعالة وتسوق تجارياً تحت الاسم Racumin ومنه بودرة مركزة 0.75%تستخدم كمسحوق احتكاك أو تستخدم في تحضير الطعوم.

– مجموعة الاندانديون Indane-dione :

1- دايفاسينون Diphacinone C14H14O3 : استخدم لأول مرة كمبيد قوارض في عام 1952 ، تتراوح قيم LD50 ضد الجرذ النرويجي من 2.3-340 ملغ/كغ ، استخدم في الولايات المتحدة بشكل واسع لمكافحة الجرذان وفئران الحقول Voles في البساتين ، ووجد أنه أقل مبيدات القوارض كفاءة في مكافحة فئران الحقول. الأسماء التجارية Dipacin و Rarlik و Promar.

مستحضراته: بودرة مركزة تحتوي 0.1-0.5% من المادة الفعالةن أو على شكل كابسولات ، أو مكعبات شمعية جاهزة للاستخدام، إضافة لطعوم تحتوي على 0.005-0.05% من المادة الفعالة ، وتتوفر منه مركزات سائلة ذوابة بتركيز 1% ومساحيق احتكاك تحتوي 2% من المادة الفعالة. وتستخدم التراكيز العالية في مكافحة الفئران والتراكيز الأقل لمكافحة الجرذان.

2- كلوروفاسينون Chlorophacinon C23H15ClO3 : أنتج لأول مرة عام 1961 كمبيد للقوارض، ويستخدم الآن بشكل واسع في أوروبة وأمريكا، قيمة LD50 للجرذ النرويجي 20.5 ملغ/كغ ، ومع ذلك بعض الفئران كانت مقاومة نسبياً ، وفي أحد الاختبارات وجد أن طعم بتركيز 0.025% من الكلوروفاسينون أدى لموت جميع الفئران المختبرة بعد 7 أيام من التغذية. وفي دراسات أخرى تطلب موت الفئران 0-21 يوم من التغذية المستمرة على الطعم السام.

3- بندون pindon C14H14O3 : استخدم في البداية كمبيد حشري وفيما بعد اكتشفت خواصه كمبيد للقوارض ، قيم LD50 ضد الجرذ النرويجي تتراوح من 50-280 ملغ/كغ تحوي الطعوم 0.005-0.05% من المادة الفعالة تحت أسماء تجارية، Pival أو Pivalin وكثيراً مايستخدم لمكافحة الجرذان والفئران خارج الولايات المتحدة الأمريكية.

2- مبيدات الجيل الثاني من مانعات التخثر Second Generation of Anticoagulants :

اكتشفت مقاومة القوارض لمانعات تخثر الدم لأول مرة في اسكوتلندة عام 1958، حيث ظهرت استحالة مكافحة مجتمعات الجرذ النرويجي بالوارفارين، وعندما اعتقد أن الكوماتنريل يمكن أن ينجح في مكافحة القوارض المقاومة للوارفارين وسريعاً ما ظهرت المقاومة لهذا المركب أيضاً. هدد ظهور المقاومة النجاحات الكبيرة التي حققها استخدام مانعات التخثر في مجال مكافحة القوارض، وبدأت المحاولات الجادة لحل مشكلة المقاومة بالبحث عن بدائل تختلف في طريقة تأثيرها على القوارض. ولكن بعض الكيميائيين المتمسكين بالصفات الإيجابية لمانعات التخثر استمروا في تفحص جزيئات الهيدروكسي كومارين ولاحظوا أن النظير 2- chloro لفيتامين K هو مضاد تخثر معروف، كان أقل فعالية عند القوارض التي امتلكت المقاومة. أظهرت هذه الملاحظة إمكانية حل مشكلة مقاومة القوارض لمانعات التخثر. وقامت أبحاث عديدة قادت لاكتشاف سلسلة من الجزيئات ذات الصفات المرغوبة، وكان أولها الدايفيناكوم ثم تبعه البروديفاكوم، في فرناس أوجد الكيميائيون سلسلة من النظائر الكحولية للوارفارين ومنها البروماديولون ووجد أنه فعال ضد القوارض المقاومة ولاحقاً أضيف على القائمة مركبين هما، الفلوكومافين ، الدايفيثيالون ، وأطلقت على جميع هذه المركبات تسمية : مركبات الجيل الثاني من مانعات تخثر الدم.

1- دايفيناكوم Difinacom C31H24O : يتبع لمجموعة الهيدروكسي كومارين وهو أول مركب من سلسلة الجيل الثاني لمانعات التخثر، اكتشفه Hadler and Shadbolt عام 1975. أظهرت التجارب المخبرية أنه فعال جداً ضد الجرذان النرويجية R.norvegicus والفئران الحساسة للوارفارين ، وضد الجرذان المقاومة، وأكدت التجارب إمكانية استخدامه في المكافحة الحقلية، في طعوم تحتوي 0.005% من المادة الفعالة ضد الجرذان المقاومة.

ظهر تجارياً عام 1976 وهو أول مبيدات الجيل الثاني من مانعات التخثر التي وزعت بشكل تجاري لمكافحة القوارض المقاومة للوارفارين والمركبات المشابهة له. يتصف هذا المركب إلى حد ما بالتخصص، حيث كان أقل سمية للحيوانات غير المستهدفة ( حيث بلغت قيم LD50 مقدرة بالملغ/كغ، 50 لكل من الكلاب والدجاج ، 100 للقطط وأكثر من 50 لخنازير المزرعة). يستخدم حالياً بشكل واسع في مكافحة القوارض وخاصة في أوروبا وجنوب أمريكا. تتوفر منه العديد من الطعوم، تحتوي على 0.005% من المادة الفعالة، تحت أسماء تجارية Ratak أو Neosorexa وعلى شكل حبوب كاملة أو مجروشة، أو على شكل كبسولات أو مكعبات شمعية.

حدثت المقاومة للدايفيناكوم عند مجتمعات الجرذ النرويجي في بريطانيا عام 1978، وعلل بعض الباحثين المقاومة المنخفضة لهذا المركب إلى عوامل سلوكية، وسجلت مقاومة ضد هذا المركب أيضاً عند الفئران المقاومة للوارفارين في بريطانيان وسجلت مقاومة عند بعض الأنواع الأخرى من القوارض في عدد من الدول الأوروبية ، وبرغم ذلك يعد فعالاً بشكل جيد.

2- بروماديولون Bromadiolone C30H23O4 : يتبع مجموعة الهيدروكسي كومارين، سجل لأول مرة عام 1968 وأدخل إلى الاستخدام كمبيد قوارض عام 1976. فاعليته في المخبر عالية ضد القوارض الحساسة للورافارين، وقادر على قتل الجرذان الحساسة بعد يوم واحد من التغذي على الطعوم، ويجب إعادة التغذية لقتل الجرذان والفئران المقاومة. عادة ما يستخدم البروماديولون في طعوم بتركيز 0.005% ضد الجرذان والفئران وكان فعال حقلياً ضد الجرذان المقاومة وفشل في مكافحة الفئران المنزلية، في ثلاثة اختبارات من أصل ستة من الاختبارات الحقلية في بريطانيا، حيث بقي فأر واحد استهلك 410 ملغ/كغ من المادة الفعالة، وظهرت مشاهدات مشابهة في فنلندة، واعتبر ذلك نذيراً لحدوث مقاومة الفئران لهذا المبيد. ولوحظت كذلك مقاومة الفئران للبروماديولون في كندا، كما ذكرت مقاومة الفئران والجرذان لهذا المركب في الدانمارك.

يستخدم البرماديولون بشكل واسع في المناطق السكنية والزراعية على السواء، ويتوفر على شكل مستحضرات متعددة محملة على حبوب النجيليات أو على شكل سوائل قاعدتها الزيت، أو على شكل بودرة مركزة تحتوي 0.1-0.5% من المادة الفعالة، أو كمسحوق احتكاك بتركيز 0.1-2% ، تسوق تحت أسماء تجارية منها Maki, Super – Caid , Contrao, Bromone.

3- بروديفاكوم Brodifacoum C31H23BrO3: يتبع لمجموعة الهيدروكسي كومارين، واستخدم في مكافحة القوارض لأول مرة عام 1979، وهو أشد مبيدات الجيل الثاني من مانعات التخثر فعالية، حيث اثبتت التجارب الحقلية والمخبرية فعالية هذا المركب في مكافحة الجرذان والفئران المقاومة لمبيد الوارفارين . يستخدم البروديفاكوم في الطعوم بتركيز 0.005% سواء في الحقل أو في المخبر ، وفي جميع أنحاء العالم، وباتت فعاليته معروفة في مكافحة جميع آفات القوارض في المناطق السكنية والزراعية، وتظهر فعالية هذا المركب في قتل القوارض بعد استهلاك الطعم كجزء من احتياجاته الغذائية في يوم واحد فقط فقد سجلت نسب موت كاملة للسلالات الحساسة والمقاومة للوارفارين للأنواع الثلاثة المعروفة من القوارض المنزلية (الفأر المنزلي، الجرذ الأسود، والجرذ البني) بعد 24 ساعة من التعرض لطعوم البروديفاكوم ، وتبينت الفعالية العالية في اختبارات التطعيم المتقطع (Pulsed Baiting) ضد الجرذان المقاوم للوارفارين ، المستحضرات التجارية متوفرة على شكل كبسولات، مكعبات شمعية، وطعوم (محملة على حبوب النجيليات) تحتوي 0.005% من المادة الفعالة، تحت أسماء تجارية منها Klerat ، Talon ، Havoc ، Matikus.

4- فلوكومافين Flocoumafen C33H25FO: يتبع مجموعة الهيدروكسي كومارين، أدخل للاستخدام عام 1984 أقل فعالية على الطيور LD50 >100 ملغ/كغ على الدجاج، ولكنه سام جداً للكلاب وتتراوح قيم LD50 من 0.075-0.25 ملغ / كغ فعال ضد القوارض المقاومة لمانعات التخثر الأخرى، ويستخدم بشكل واسع في المناطق السكنية والزراعية والصناعية، المستحضر التجاري المتوفر من هذا المبيد يسوق تجارياً تحت اسم Storm وهو قالب شمعي أو كبسولات أو حبوب قمح كاملة، محمل عليها المبيد بتركيز 0.005%.

5- داي فيثيالون Difethialone C31H23BrO2S: يتبع مجموعة الهيدروكسي كومارين، وهو أحدث مبيدات الجيل الثاني من مانعات التخثر. يختلف تركيبه الكيميائية عن تركيب البروديفاكوم في استبدال ذرة الكبريت محل ذرة الأكسجين في حلقة الهيدروكسي كومارين. المادة الفعالة شديدة الفعالية ضد القوارض الحساسة والمقاومة للوارفارين، أظهرت التجارب المخبرية أن طعوم الداي فيثيالون بتركيز 0.0025% كانت فعالة ضد سلالات مختلفة من الجرذان والفئران في كل من الدانمارك وفرنسا على الرغم من أن عرض الطعوم السامة بهذا التركيز لمدة يوم واحد لم تكن كافية لقتل جميع الأفراد المختبرة، أعطت الاختبارات ضد الفئران والجرذان في الولايات المتحدة الأمريكية نتائج جيدة. لم يتم تقييم هذا المبيد بشكل واسع، وعند استخدامه في طعوم وتركيز المادة الفعالة فيها 0.0025% يوجد شك بسيط حول فعاليتها كمضاد تخثر وحيد الجرعة ضد الجرذان والفئران المقاومة، ويتوفر هذا المبيد في دول أوروبية محدودة تحت اسم تجاري Frap.

ثالثاً: مستحضرات مبيدات القوارض: Rodenticide Formulations:

تحضر مبيدات القوارض بأشكال وصور مختلفة لتسهيل استخدامها في مختلف الظروف. فمنها المستحضرات الجاهزة للاستخدام، ومركزات المادة الفعالة التي يتم خلطها مع ماد غذائية جاذبة للقوارض من قبل المستخدم، وقد تحضر على شكل طعوم سائلة أو على شكل طعوم ملامسة، تشكل الحبوب على اختلاف أنواها (القمح – الشعير، الرز، الذرة، الشوفان ، الذرة البيضاء) الغذاء الرئيسي لغالبية أنواع القوارض، فلهذا السبب ولتوفرها محلياً بكميات كبيرة في معظم دول العالم، ولسهولة تخزينها، استخدمت كمواد حاملة للمادة الفعالة عند تحضير الطعوم السامة.

رابعاً مستحضرات مبيدات القوارض Rodenticide formulations:

تحضر مبيدات القوارض بأشكال وصور مختلفة لتسهيل استخدامها في مختلف الظروف، فمنها المستحضرات الجاهزة للاستخدام، ومركزات المادة الفعالة التي يتم خلطها مع ماد غذائية جاذبة للقوارض من قبل المستخدم، وقد تحضر على شكل طعوم سائلة أو على شكل طعوم ملامسة. تشكل الحبوب على اختلاف أنواعها (القمح، الشعير، الرز، الذرة، الشوفان، الذرة البيضاء) الغذاء الرئيسي لغالبية القوارض فلهذا السبب ولتوفرها محلياً بكميات كبيرة في معظم دول العالم، ولسهولة تحزينها، استخدمت كمواد حاملة للمواد الفعالة عند تحضير الطعوم السامة، ومن الناحية الاقتصادية يجب استعمال الحبوب ذات النوعية الجيدة بكونها أكثر جذباً لقوارض من الحبوب ذات النوعية الرديئة القديمة أو المريضة والملوثة وللحصول على نتائج مرضية، إذا ما أحسن اختيار المبيد المناسب.

تضاف في بعض الأحيان مواد جاذبة، للطعوم مثل نكهة الفواكه، اللحم ، السمك ، المولاس، القرفة أو اليانسون إلا أن هذه الإضافات تبدو مغرية للبشر أكثر منها للقوارض التي تعد صاحبة القرار النهائي في استساغة الطعوم المحضرة، وتعتمد الوكالة الأمريكية لحماية البيئة EPA على إضافة الزيت والسكر في الغذاء المنافس Challenge diet الذي توصي باستخدامه عند إجراء اختبارات الاستساغة على أنها مواد تزيد من استساغة الطعوم.

ومن الإجراءات العامة عند تصنيع الطعوم لأغراض تجارية ، إضافة مادة صباغية ملونة، (عادة زرقاء أو سوداء أو خضراء)، للتحذير من أن هذه الطعوم غير معدة للاستهلاك البشري أو الحيواني، وتضاف أحياناً بعض المواد الحافظة لمنع نمو العفن على الطعوم.

1- الطعوم المعدية Baits : تستعمل حبوب النجيليات (الكاملة أو المجروشة أو المطحونة) بشكل واسع في تحضير الطعوم، وعند خلطها بالمادة الفعالة تضاف مادة لاصقة وهي عادة الزيت النباتي، لتساعد على التصاق المادة الفعالة بالمادة الحاملة، ومنع تطايرها وضياعها أثناء الخلط مما يؤثر على دقة التركيز المطلوب (Fielder, 1994) وعلى الصعيد التجاري لايفضل استعمال الزيت بسبب تزنخه عند تحزين الطعوم لفترة طويلة. ويؤخذ على الطعوم المحضرة بهذه الطريقة بقاء المادة الفعالة على سطح الحبوب الكاملة مما قد يؤيد لخفض استساغتها، إضافة لاحتمال انفصال المادة الفعالة عن سطح المادة الحاملة في ظروف التخزين أو عند استخدام في ظروف جوية متقلبة.

وللتخلص من هذه المعيقات ظهرت بعض مستحضرات الطعوم على شكل كبسولات Pellets تتشابه في تقنية تصنيعها مع تلك المطبقة في إنتاج المضغوطات العلفية حيث تخلط حبوب النجيليات المطحونة مع المادة الفعالة وتضغط في قوالب مختلفة الأشكال والأحجام، وظهر أن الاستساغة للكبسولات أكبر منها لطعوم الحبوب بكونها تحتوي أنواعاً مختلفة من الحبو المطحونة، إضافة لتوزع المادة الفعالة بشكل متوازن ضمن الكبسولات، ويتوقف مدى قبول القوارض لهذه المستحضرات على شكلها وحجمها ودرجة قساوتها, ويمكن إضافة كمية من الشمع إلى الخليط قبل التصنيع للحد من تأثير الرطوبة عليها.

ولحل مشكلة ثبات الطعوم في الظروف الجوية المتغيرة وفي ظروف الاستخدام المختلفة وسميتها للطيور، ظهر نوع جديد من المستحضرات هي المكعبات الشمعية Wax blocks تتألف بشكل رئيسي من حبوب النجيليات (الكاملة أو المجروشة أو المطحونة) مع نسبة من شمع البرافين تتراوح من 15-40 % . واستخدمت في مكافحة قوارض المدن، خاصة في أنظمة الصرف الصحي، واستخدمت مكعبات شمع البارافين المحتوية على مبيد البروديفاكوم والدافيناكوم بنجاح لمكافحة السلالات المقاومة من الجرذ النرويجي في مزارع بريطانيا، برغم وجود أغذية منافسة كثيرة في تلك المزارع Buckle 1994.

ولزيادة تدابير الأمان في طعوم القوارض تستخدم مادة Deterent denatoniun benzaie اسمها التجاري Bilrex المقيئة للبشر عندما توجد في الطعوم بنسبة 0.001% ولاتؤثر هذه النسبة على استهلاك القوارض للطعوم، والدور الأساسي لهذه المادة هو تقليل الكمية المستهلكة من الطعوم السامة بطريقة الخطأ وبالتالي خفض خطورة التسمم العرضي.

2- سموم الملامسة Contact Poisons: تتوفر مبيدات الملامسة غالباً على شكل مساحيق وقد تتوفر على شكل هلام، وهي بالمعنى الدقيق للعبارة ليست مبيدات ملامسة بكونها تسبب الموت نتيجة ملامستها للجلد، فهي تنثر عند فتحات الجحور وعلى الأسطح والممرات التي تسير عليها القوارض، مما يؤدي لتلوث أقدامها وفرائها بهذه المواد، وتدخل إلى جهاز الهضم عند تنظيف القوارض لأقدامها وفرائها بواسطة اللسان، وبذلك فهي سموم معدية من محاسن هذه المواد عدم تأثرها بالاستساغة أو بظاهرة الاشتباه والتجنب.

مساحيق الاحتكاك، أو مساحيق ممرات الانتقال كما تسمى أحياناً ، تختلف كثيراً من حيث التركيب الكيميائي ، وتتأثر فعاليتها بحجم جزيئات المادة الفعالة، وأفضلها هي تلك التي يمكن لجزيئاتها أن تنجذب لفراء الحيوانات المستهدفة بفعل قوى الكهرباء الساكنة الموجودة فيه.

عادة يكون تركيز المادة الفعالة في مساحيق الاحتكاك أكبر بكثير من تركيزها في الطعوم المعدية المحتوية على نفس المركب 20 ضعفاً ، بسبب أن كمية قليلة نسبياً من السم تعلق بفراء الحيوان، فقد ذكر Chengxin and Zhi.1982 استخدام مساحيق احتكاك تحتوي نسبة 20% من فوسفيد الزنك لمكافحة فئران الجنس Microtous في الصين. ونظراً للتركيز العالي للمادة الفعالة وإمكانية تطايرها في الهواء وانتقالها من مناطق الاستخدام على أماكن تحضير الغذاء أو أماكن تخزينه، يجب أن يتم التعامل بحذر شديد مع هذه المستحضرات.

ولحل مشكلة التلوث التي يسببها استخدام مساحيق الاحتكاك للبيئة ظهرت مستحضرات الهلام التي تعتبر أكثر أماناً، واستخدمت بشكل أساسي لمكافحة الفئران، على شكل أنفاق اصطناعية تحتوي فتيل مشرب البروديفاكوم.

3- المدخنات Fumigants: تستخدم المدخنات في مكافحة القوارض، في حال فشل الطرق التقليدية مثل الطعوم المعدية ومساحيق الاحتكاك، أو صعوبة تطبيقها وتتوفر على شكل بودرة – قطع كرتونية مشبع –كبسولات – أقراص أو على شكل غاز مضغوط في أسطوانات معدنية. ويحذر باستخدام هذه المواد في مكافحة الآفات في العديد من دول العالم إلا من قبل أشخاص اختصاصيين مدربين على التعامل معها.

أ‌- فوسفيد الألمنيوم Aluminium Phosphide: أكثر المدخنات استخداماً في العالم هو غاز الفوسفين (PH3) الذي ينطلق عند تعرض مستحضرات فوسفيد الألمنيوم أو فوسفيد المغنزيوم للرطوبة الجوية أو الأرضية. ويستخدم عادة في مكافحة الآفات الحشرية للمواد المخزونة، وهو فعال أيضاً ضد آفات القوارض، فقد وجد Richards 1982 أن فعالية مبيد فوسفيد الألمنيوم بلغت 89% في مكافحة الخلد Spalax leucodon في حقول المركز الدولي للأبحاث الزراعية في المناطق الجافة ICARDA وعند استخدامه لمكافحة القوارض توضع كبسولات أو أقراص المبيد داخل الجحور الفعالة، وتغلق جميع فتحات الجحور بإحكام، وأحياناً ما توضع كمية من الأعشاب الخضراء في الجحور المعاملة قبل سدها بالتراب، لمنع طمر الأقراص، ولتأمين رطوبة إضافية لتسريع تحرر غاز الفوسفين وانتشاره داخل أنظمة الجحور.

ويستخدم غاز سيانيد الهيدروجين Hydrogen Cyanide HCN بالطريقة نفسها، بعد تحرره من سيانيد الصوديوم Sodium Cyanide NaCN المحضر على شكل بودرة (الاسم التجاري Cymag يتم إدخالها في الجحور بواسطة ملعقة خاصة، ثم تغلق الجحور بالتدويس بالقدم أو يتم إدخالها بواسطة آلة تعفير خاصة، وهذا التكنيك شائع في بريطانيا لمكافحة الأرانب وبشكل أقل في مكافحة الجرذان.

ومن المدخنات الأخرى الأقل استخداماً في مكافحة القوارض:

– كلوروبكرين Chloro picrin CCl3NO2 .

– ثاني أكسيد الكربون Carbon dioxid CO2.

– ثاني سلفيد الكربون Carbon disulphide CS2.

التنبؤ Prediction:

التنبؤ بحالة الآفة: هو تصور ماستؤول إليها حالة الآفة في زمان ومكان محددين اعتماداً على الواقع الحالي لتلك الآفة مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانية تغير الظروف المحيطة بها خلال الفترة التي يتم التنبؤ عنها.

‌أ- التنبؤ التشاؤمي: يفترض أن جميع الظروف المحيطة بالآفة تعمل لصالحها وبذلك ستصل أضرارها لأقصى حد ممكن تسمح به تلك الظروف. يتبع هذا الأسلوب العاملين في وقاية النبات حيث يبدؤون باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لدرء الأخطار المتوقعة قبل حدوثها.

‌ب-التنبؤ التفاؤلي: يفترض أن جميع الظروف المحيطة بالآفة تعمل ضدها وبذلك لاضرورة للتحرك إلى في حال ظهور مايبرر ذلك يتبع هذا الأسلوب العاملين في مكافحة الآفات، ففي حال حدوث عكس ما تنبؤوا به يكونوا عندها قد خسروا عنصر المبادرة وأصبحوا مضطرين لبذل جهود أكبر ونفقات أكثر للحد من أضرار الآفة.

‌ج- التنبؤ العلمي: وهو تنبؤ قصير الأجل يترافق مع استمرار البحث في الظروف المحيطة بالآفة وتحديد فيما إذا كانت تعمل لصالحها أم لا. يتبع هذا الأسلوب في التنبؤ، العمل المستمر على تفقد حالة التكاثر لمجتمعات الآفة كل 15 يوم ولعدة سنوات بعدها يمكن جمع حصيلة علمية كبيرة من تفاعل الآفة مع الظروف المحيطة بها عندها يمكن زيادة مدة التنبؤ بحيث تغطي عاماً كاملاً. وهو مايجب الاعتماد عليه في التنبؤ عن آفات القوارض التي تعد من آفات الطوارئ والتي يفيد معها التحديد المسبق لما ستكون عليها حال الآفة في أحد مراحل نمو المحاصيل الزراعية.

الإدارة المتكاملة للآفة Integrated pest management:

إلى جانب الأضرار التي تسببها الفئران في الحقول الزراعية وفي البساتين، فهي تشكل حلقة مهمة في السلسلة الغذائية تدعم بقاء أنواع حية تقع فوقها في السلسلة، وتشكل مصدر تغذية لبعض المفترسات والحشرات والكائنات الرمية وتتغذى بدورها على كائنات أخرى في السلسلة الغذائية وبذلك فهي تسهم في التوازن الطبيعي في النظام الحيوي. ولكن عندما تزداد كثافة أي كائن حي عن الحد الطبيعي يتحول لآفة يجب مكافحتها وخفض كثافتها للحدود الطبيعية ، فالغرض من عمليات المكافحة هو خفض أعداد الآفة وليس القضاء عليها قضاءً تاماً. وقد ظهرت في العقود القليلة الماضية مفاهيم جديدة في مكافحة الآفات الزراعية تبعاً للتطورات التي ظهرت في عمليات المكافحة ونظراً آفات جديدة لم تكن معهودة ظهرت مؤخراً بسبب حدوث خلل في التوازن الطبيعي في البيئات الزراعية.

وتعني الإدارة المتكاملة للآفة IPM توظيف جميع السبل والإجراءات التي من شأنها إبقاء الآفة دون عتبة الضرر الاقتصادي، إذ يستحيل أن يؤدي أحد عوامل المكافحة بمفرده إلى السيطرة على الآفة وإنما لابد من تضافر عوامل المكافحة المختلفة، ابتداء بدراسة المشكلة ثم مراقبة الآفة بشكل دوري ثم تطبيق الإجراءات الزراعية بشكل دقيق ومتابعة دور الأعداء الحيوية في الحد من أعداد الآفة وأخيراً يتم اللجوء إلى المكافحة الكيميائية في حالة خروج الآفة من نطاق السيطرة، وحين نضطر للمكافحة الكيميائية يجب اختيار المبيدات الأقل خطورة على النظام الحيوي والأكثر أماناً على القائمين على عمليات المكافحة وبالتراكيز الفعالة الدنيا وبأقل الكميات وبأقل هدر ممكن، واستخدامها في الوقت الأنسب ثم تقييم نتائجها، للاستمرار في استخدامها أو استبدالها بأخرى أفضل في حين فشلها في المكافحة أو ظهور أعراضها الجانبية السلبية على البيئة والنظام الحيوي ومن أهم عناصر الإدارة المتكاملة للآفة هي المكافحة الحيوية.

الأعداء الحيوية لفأر الحقل الاجتماعي:

تقود الزيادة العددية لمجتمعات الفئران في سنوات الانفجار إلى ارتفاع أعداد المفترسات وخاصة البوم الذي يتغذى بشكل أساسي على فئران الحقول Voles وتتوجه المفترسات الأخرى إلى المناطق الموبوءة مما يؤدي لانخفاض أعداد الفئران بشكل سريع وحاد، ولكن دور الأعداء الطبيعية المنتشرة في بيئة الآفة يكون قليلاً عند بدء ظهور الانفجار العددي.

1- المفترسات الثديية: من المفترسات الثديية التي تتغذى على القوارض في البراري وفي المناطق الزراعية الثعلب Fox وابن آوى Jackal والغرير، ولكن كثافة هذه الثدييات أصبحت قليلة في البيئات الزراعية بسبب الخلل في التوازن الطبيعي الذي حدث نتيجة التطورات الزراعية في القطر العربي السوري، إضافة لقتل هذه الكائنات من قبل الصيادين بدوافع مختلفة، مما قلل من أهميتها كأعداء حيوية للفئران.

2- الطيور الجارحة: نتيجة المراقبة الحقلية لوحظ أنه يتم افتراس فأر الحقل بشكل كبير من قبل البوم والطيور الجارحة عموماً ، ولكن دور الطيور ليلية النشاط يعتبر أكثر أهمية في مكافحة الفئران لأن نشاطها يترافق مع نشاط الفئران الليلي بشكل عام، قد أظهرت دراساتنا السابقة أنه يمكن لطائر واحد من البوم (البومة البيضاء Tyto alba أن يفترس 500-600 فأر سنوياً مما يشير إلى دورها الكبير كعدو حيوي للقوارض في بيئتنا المحلية. لذلك ينصح باتخاذ الإجراءات التي من شأنها الحفاظ عليها وصيانتها وزيادة الجهود لرفع مستوى الوعي الجماهيري عن أهميتها في البيئة، خاصة وأن طائر البوم يعتبر تبعاً للخرافات والاعتقادات المحلية عند البعض في منطقتنا رمزاً للشؤم خلافاً لما هو عليه واقع الحال. فهي رمز لحيوية البيئة وتنوعها.

3- الأفاعي : ليس للأفاعي أي دور في مكافحة الفئران في بداية موسم النمو الذي يترافق مع بداية موسم البرد والهطول المطري بحيث تكون الأفاعي في طور السبات الشتوي، ولكن دورها كعدو حيوي للفئران يبدأ مع انتهاء موسم البر (منتصف شهر آذار) وتفيد معرفة هذا النقطة في أن مبيدات القوارض التي تستخدم لمكافحة الفئران لاتؤثر على الأفاعي عند استخدامها بعد دخولها السبات الشتوي.

ومن هنا تتضح أهمية إدراك جميع العوامل التي تحيط بالآفة لاتخاذ الإجراءات والتدابير الصحيحة التي من شأنها تحديد أنسب توقيت لاستخدم المبيدات الكيميائية بحيث تسبب أكبر فاعلية ممكنة وبأقل ضرر ممكن للبيئة وللأعداء الحيوية.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.