• السوبرماتية (suprematism)،،
    ..
  • كازيمير ماليفيتش
    Kazimir Malevich
    (1879-1935)
    ..
  • فنان روسي شهِد ثلاث حقب مُضطربة: الحكم القيصري، والحرب العالمية الأولى، وثورة أكتوبر الاشتراكية، وأثار جدلا واسعا، فهو مؤسس حركة السوبرماتيزم، أو “الأوجية”، أو “التفوقية”، وأحد أعلام فن التجريد الهندسي، وأحد رموز البنائية الروسية “الفن الانتاجي”، ومُنظرا فنيا بارزا توج تجربته ببيانه الأول الشهير 1915: “من التكعيبية إلى السوبرماتزم في الفن: نحو واقعية جديدة وإبداع خالص ..”، وبكتابه: العالم اللاموضوعي، وشرح فيه نظرياته السوبرماتية التي تسلح بها.
  • ولد ماليفيتش في كييف، فزعم الأوكرانيون بتأثره بالفن الشعبي الأوكراني، وليس الروسي فحسب، والبولنديون كذلك، بذريعة أن لغته الأم هي البولندية والروسية.
    ..
  • بدأ بالرسم التشخيصي متأثرا بالفن الشعبي، والأيقونات الأرثوذكسية الروسية، ثم تنقل بين تيارات فنية متعددة كالرمزية والتكعيبية وما بعد الانطباعية والمستقبلية قبل أن يستقر على السوبرماتية، ومنها للتجريد الهندسي الخالص الذي يعتمد في أساسه على المثلث والمربع والدائرة والمستطيل، وبعض الخطوط المستقيمة والمنحنية يعززها بألوان أساسية قوية ومتقشفة، ونأى خلال هذه المرحلة عن الرسوم التشخيصية التي يحاكي فيها أشكالا بشرية أوحيوانية أونباتية محاولا الوصول لفن لاتشبيهي خالص (ربما بسبب تأثره بالتصوير الجوي).
    ..
  • لوحته: “المربع الأسود”، و”المربع الأحمر” التي أنجزهما 1915 وخبأهما لتسعة أشهر، ثم ظهرتا وغابتا ثانية ولم تظهرا إلا بعد 50 عام، وتعرضتا للتلف فكررهما في نسخ جديدة، وكذلك لوحته: “التكوين السوبرماتي” 1916، ولوحته: “مربع أبيض على أرضية بيضاء” 1918، وغيرهما من الأعمال الفنية التي تقوم على أشكال هندسية، تعرضت للتهكم والسخرية، شأن الأعمال المُبتكرة التي ربما تحتاج لمساحة زمنية كي يتمثلها الناقد ويتقبّلها المتلقي.
    ..
  • وإذا كان عنوان “التكوين السوبرماتي” متطابقا مع مضمونه الهندسي، فإن لوحة “المربع الأحمر” التي يفصح عنوانها الأصلي عن ثيمة “الواقعية الفنية لفلاحتين في بُعدين”، ولكنك حينما تتطلع إلى اللوحة كمُشاهد لا تجد أي أثرٍ للفلاحتين الروسيتين، وعليك أن تستخلص من العنوان بأن اللون الأحمر يمثل أيقونة من أيقونات التقليد الديني الروسي التي يتيح لك الإمساك بمعنى العنوان ودلالته السرية الكامنة في المعنى المجازي للون الأحمر ولبقية الألوان الأساسية والثانوية.
  • بيعت لوحته: التكوين السوبرماتي بـ 60 مليون دولار أمريكي، وهو أغلى ثمن وصلت إليه لوحة في تاريخ الفن الروسي.
    ..
  • بعد وفاة لينين واغتيال تروتسكي، روج النظام الستاليني لتيار الواقعية الاشتراكية الذي رفضه ماليفيتش وأنكره طوال حياته، وسبح ضده، وتململ من قيود الجهات الأمنية عليه، ولقد تحملوه على مضض لفترة، لكنهم زجوه في السجن لردعه، لكنه لم يأبه ولم يتراجع، فوقف النظام الستاليني علانية ضد رسومه التجريدية بوصفها نوع من الفن البرجوازي الذي لا يعبر عن الواقع والحقائق الاجتماعية، وحينما أوغل في عناده، صادروا العديد من لوحاته التجريدية ومنعوه من رسم أعمال فنية تجريدية أو تنظيم معارض يتسيّد فيها الفن السوبرماتي، وسخر نُقادهم من أعماله باعتبارها تخلو من أي شيء جيد أونقي، وتخلو من حب الحياة والطبيعة في آنٍ واحد.
    ..
  • تأثر بماليفيتش الكثير من الفنانين المعاصرين له، واللاحقين، مثل: رودشنكو، ورزدانوف وليسلكي، …..، وامتد تأثيره لكُتاب ونقاد وسينمائيين، وأعمال المسرح والأوبرا، ومنهم الروائي الأمريكي مارتن كروز سميث الذي اتخذ من لوحات ماليفيتش موضوعا لحبكته تحت عنوان “المربع الأحمر”، وهناك إشارات كثيرة إلى لوحة “مربع أبيض على أرضية بيضاء، وصوّر المخرج الدنماركي المعروف لارس فون تراير العديد من أعمال ماليفيتش الفنية في فيلمه: “ميلانخوليا 2011”.
    ..
  • تأثرت بأفكار وأعمال ماليفيتش فنون وتصاميم العمارة الحديثة في العالم، ولعل أبرزهم لنا: المعمارية العراقية-البريطانية، زها حديد، (1950- 2016)، الأستاذة الزائرة في عدد من جامعات أوروبا وأمريكا منها: هارفارد وشيكاغو وهامبورج وأوهايو وكولومبيا ونيويورك وييل، والحائزة على جائزة بريتزكر للعمارة 2004، واشتهرت بتصميماتها المتفردة، وأشادت بها الأوساط المعمارية في العالم في مجال الهندسة المعمارية والتصاميم المستقبلية، والتي تجعل مرافق المدينة مفتوحة وشفافة أمام ساكنيها، كما تيسر سبل التواصل بينهم، وتمكنهم من متعة جمالية يختلط فيها الواقع بالفن وبالخيال، وظلت أعمالها في كل بقاع الأرض دون استثناء شاهدة علي نبوغها وعبقريتها.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.