•  يبحث بين ضجيج الحضارة عن أبجدية غائرة في عمق الزمن ..يرفع الحجر..ويطوع الحديد..ويستمر باحثاً عن طفل وليد..عن أمل ينبت بين الصخور مع أكمام الياسمين الدمشقي..متلهف لعبور الضفة الأخرى من الزمن..بعد أن أدماه الشوق..كي يمتطي سهابة البوح المعرفي..يطلق العنان لمخيلته..لأفكاره..لطموحاته المستقبلية..ليكتب أنشودة المطر..يغوص عبر أفقه البعيد العميق ليحمل على جناح السرمد بشائر للأطفال مزروعة بسنابل القمح الثقافي..فتعالو لنرحب معاً بضيفنا الأستاذ جابر أحمد..
  • لقد لبى نداء خفياً للثقافة والفكر ..كجرس هامس في وجدانه..متفتحاً على بسمة المعرفة والنور الحضاري الذي أضاء أمام أبصاره وبصائره..فتعاقد من بعد خبرة وتجربة وإنضوى وإنضبت بالعروة الوثقى من بعد عدة إمتحانات..فقد أشرقت شمسه الإجتماعية  والعملية..وكذلك أشرق إذن وهج وجدانه الحيوي عبر مساحات الوطن وبشتى مشارب وتجارب الإنسان المثقف والمتوازن ظاهرة مع باطنه..يعمل أكثر مما يتكلم..وقد أضحى صديق الوسط الفني والفكري ..لا بل صديق كل منزل..محب للحياة ومعطاء بلا حدود وزمرته الإجتماعية مانح عام..شخصيته جذابه وقيادية..متعاون مع الكل ..كريم النفس والعطاء المادي..يحب منبته الفلاحي ويعتز به..مجادل ومحاور من الطراز الكبير..هاديء بنقاشه مرتب بأفكاره..يطرح إسلوب وفلسفة حياته بطريقة ذكيه كما النعاس في الجسد..فأحاط بعد التأمل بقضية كانت مدفونة في أعماقه ..في طيات الوجدان الذي مازال يتتالى عام بعد عام ..ويشرق نضارة وحيوية وشباباً..متسرباً إليه من أعاميق الوطن ..ومن منابعها الحضارية..من مناهج روحها الإنسانية..نابعة من أغوار التاريخ..منذ أشرق فيه الوجدان الحي المريد للخير العام لكل مواطن..ثم ما إنفكت الكلمة الطيبة والصور النموذجيه لسلوكه تتفاعل فيه مسخرة حياته بإرادة منه وبنعمة علوية تجذبه بخيوط معرفية ..عليها من أفكاره وفلسفته وكتاباته وأقلامه لطخات ومن صفحاته مطهر للجراح المعذبين والمحتاجين والفقراء..ومن زوايا رؤيته وأبواب علاقاته المتميزة مع الوسط المعرفي الثقافي والفني والأدبي في مدينتي حمص وحماه ..بل وبكل المحافظات السورية وخارج حدود الوطن عبر منصات التواصل الإجتماعي من خلال الشبكة العنكبوتية..فكانت كتاباته وتجاربه العملية والزراعية والأثرية والثقافية بمثابة نوافذ للبركة والمحبة والسلام لوجدان القاريء والطالب والمريد لتجربته وأدبه وفنه..وكأنما توافقت وجداناتنا بدون قواعد أو مطارحة على أننا لن ندرك ركب الحضارة إلا إذا تطهرنا في مطهر تتقطر عليه دموع المعرفة والعلم والفن والتكنلوجيا والثورة الرقمية..وعصر الأنترنت وعصر الصورة وعصر الديجيتال..والآن وقد تملكتني الهاجسة وإحتوتني المهمة في أقداسها فأغوص في طياتها مشتاقاً متلهفاً لأقدم شيئاً من مباهج الثقافة عند الأستاذ جابر أحمد..الذي يرسخ قدميه في الأرض الثقافية والزراعية والميكانيكية والأثرية..جاعلاً مصلحة الجماعة والمواطن فوق كل مصلحة والولاء الذي يكون في البدء عاطفة متوثبة يُطعّم بالفعل والعقل فيصبح ولاء واعياً..
  •  بين جابر العامل والصنيعي ورئيس لورشة الصيانة في واحدة من كبيريات مصافي تكرير النفط..ومعاركته الحديد ومصارعة المحركات والتروربينات والمحولات وما شاكلها..وبين الإنسان الفلاح الذي تشرب القساوة والصلابة من الحديد ومن الأرض ومن الطبيعة فكانت بعض طباعة قاسية صلبة لا سيما أفكاره ومبادؤه ..فلا يساوم عليها..وبالرغم من ذلك يوجد داخل الفلاح والعامل جابر الإنسان الشاعر الذي يكتب الشعر برقة وعذوبة وجمالية نادرة..وكذلك الأب الحنون لثلاثة فتيات وشاب ..وجلهم درس وتخرج من الجامعة ويقدم للمجتمع الكثير من التجارب والخبرات الشابة التي ترفع لها القبعة..وأيضاً لمساتهم الفنية في فن التشكيل من الصبايا والشاب خليفة خريج الفنون الجميلة..ووراء الكواليس سيدة مدبرة منزل ومربية صمدت ووقفت في معظم الظروف الصعبة حتى كبرت وربت أبنائها أحسن تربية وكانوا خير الأبناء..إذن في إسرة فقيرة فلاحية ترعرع الأب الذي ورث عن والده عصارة أفكاره وتعطر بعرق جبينه ونال تعب ما يزيد عن أكثر من نصف قرن في رعاية بستان الفستق الحلبي ثم تابع الأستاذ الفلاح جابر المسيرة منذ ما ينيف على التسع وثلاثين عاماً في رعاية البستان  وغيره من بعد والده حتى أضحى ينتج ويعطي الثمار الجيدة والتي تغطي حاجات الأسرة..فكل االتحية والتقدير ولإجلال لمن سبقوا الطيور بالبكور وأيقظوا الشمس من ثباتها.. . الناس الغلابة الطيبين وأصحاب المهن البسيطة الذين خرجوا مع بزوغ النجوم وإشراقة القمر أحياناً ومع ظلمة الليل أحياناً أخرى يتحسسوا الطرقات كما العميان.. أو كمن فقدوا البصر على خطى اللكس الكاز أو ضوء البطارية أو المشعل..ينتظروا و يترقبوا أن ينسلخ من الليل نهاراً لكي تشخص فيه أبصارهم طلباً وعفةً لرزق لا يسألوا الناس به الحافا وحاجة.. فكم تقوست ظهورهم وإنحنت هاماتهم في الحصاد والتعشيب وكأنها تحوم بدأب السعى فى البساتين والميادين تسعى ليلاً ونهاراً. لكنها أبدا حول نفسها لم تدور .. إنما تنشد لظهر الضنى إستقامة..و لم تكن إلا كما ترتيب لوحة مفاتيح الكي بورد  بجهاز الحاسب أو المحمول..و بانسياب الحبر للقلم فيكون المداد بعز الشأن يحميه أبناؤه. وما قطرات عرقهم التى تنتحها جباههم فى سبيل السعي والعمل إلا كفيض أمل هانت له حبات تراب أو رمل اختلطت بطعامهم فانسلت لجوفهم وبطنهم فأفرزت لآلئ من أصلابهم سطعت بنور العلم والمعرفة والفن والأدب..فكانوا رواداً وقادة ومعلمين ومهندسين وجنود وضباط.. فتفسحت لهم المجالس أدباً وإعزازَ وإحتراماً.. بعد أن كادت أن تُهجر ديارهم لولا أن أٌضيئت بهم فنجا الجمع من فوق شفا النسيان والقتل والتهجير القسري والخراب والتهديم للأبنية والمنازل .. فإن مررت أوعبرت أمامهم فترفق فكفاهم أنهم بين رحى الحياة وأتون الحرب قد نازعوها بمشقة الأمانى وضآلة الحيلة ..ليعيدوا للأرض أمجادها وللحقول نشيدها. ولنعلم أن منهم من يخفى عنك أمجاده وبطولاته . أو سوف يخفى عنك أمجادا . ويبقى طيب الإلهام والقلب يدنو لمن صح فكره ويكافئ بالتوفيق من سابق بالعزم الاجتهاد وهرم الليالي أيام الحصاد والدراسة وتحصيل الحبوب وتجميع المحاصيل…ناهيك عن عزابات الأمهات في جمع وتحصيل وتأمين الماء للشرب والإغتسال..كل ذلك يذكرنا بأمجاد وتعب أجدادنا في تأمين لقمة العيش المجبولة بعرق جبينهم..ولا يفوتنا بأن ننوه للدور الذي يلعبه الأستاذ جابر في زيارات المواقع الأثرية والحفاظ على البيئة فهو من أصدقاء البيئة يتابع بشكل مستمر بنشاطه مع مجموعة من الزملاء من مثقفين وفنانين وأدباء ومفكرين ومصورين وغيرهم..ليكون لنشاطهم  و لمسيرهم قيمة مضافة بحضور ضيف أو قامة وطنية ثقافية مع مجموعة من الشباب والشابات ليتعرفوا على تجاربهم وخبراتهم في الحياة..
    الأستاذ جابر أحمد..معروف بنقاء وصفاء سريرته وإختاراته الثقافية والفنية والسياحية والأدبية..التي تحمل لوناً ملتزماً هادفاً بناءاً..فقد ظهر وسط جو ريفي بسيط طيب تفوحه منه رائحة الخبز والمحبة والصدق والإخلاص وإختلط فيه كل شيء بأي شيء ونجح جابر بتثقيف نفسه وساهم في تطوير زملائه وأفراد أسرته..وهو الذي يدين للمدرسة المادية فكرياً وللحضارة السورية في بلاد الشام..ومن ثم تنوعت ثقافته وعلاقاته بما يتلائم وروح العصر..ويحافظ في الوقت نفسه على أصالته وجذوره الريفية..فبعد أن أمضى من العمر عتياً في العمل في قسم الميكانيك في مصفاة حمص ..تفرغ كلياً للزراعة ولا سيما العناية بالفستق الحلبي..ويضاف إلى ذلك بأنه عاشق للآثار والأوابد التاريخية وقاريء وملم بالثقافة السياحية وبتاريخ الحضارات بالمنطقة العربية وفي سورية وبلاد الشام ومن ثم بحضارات الشعوب..فقد سبق وتعرفت عليه منذ ردح من الزمن عندما كان جاراً لي في الحي في مدينة حمص ..ثم باعدتنا الأيام وبعدها منذ سنوات تلاقينا ودخلنا معاً المعترك الثقافي الفني والأدبي..يضاف لذلك بأنه حاول تنقيب وبحث ودراسة في علم الآثار..وهو رياضي يحب المشي والمسير ودائم الترحال بين السهول والوديان والجبال مع مجموعة من الشبان والشّياب..ومن أجيال مختلفة..فهو بحق كان العامل الملتزم النشيط الذي يقوم بدوره على أحسن وجه..وهو الفلاح المجتهد الذي يسهر الليالي ليحافظ على جودة محاصيله..وما بين مطرقة الحياة وسندان الواقع يمارس طقوسة وهوسه الثقافي الفني والأدبية ويتابع الندوات والمحاضرات والمعارض من رسم ونحت وتصوير..وتربطه بالفنانين والأدباء والشعراء والمفكرين وشائج قربى فكرية ومحبة وإحترام..والحق أقول بأنه مثقف من العيار الثقيل أمضى من عمره قرابة النصف قرن من المطالعة والبحث بين بطون الكتب والمراجع..
    كل ما أريد توضيحه بأنه قدر للأستاذ جابر أحمد ..بأن يكون متصالح مع نفسه ومع زملائه ومع أسرتك وظاهره يطابق باطنه..يعمل بصمت ولا يحب الظهور والثرثرة..مخلص بعمله وممارساته ..ووفي بعلاقاته مع أصدقائه..من هنا وجب علينا تسليط الضوء على قامة ثقافية وباحث أثري ومنقب عن المعلومات السياحية ومتفاني في تسليط الضوء على الأوابد والبلدات والمدن المنسية منها والمعروفة وبالتعريف بالقلاع والحصون وكافة الأماكن الأثرية والمرافق السياحية   الجميلة في بلده سورية..فكل التحية والتقدير له ولجهوده في بناء صرح الثقافة..ولترفع له القبعة على ماقدمه ويقدمه لخدمة أبناء البلد ولا سيما جيل الشباب والشابات من علم ومعرفة وثقافة جمالية فنية وأدبية..فيها الخير والحق والجمال..وبذلك يصبح الإنسان المتألق جابر أحمد بين سندان الفكر والثقافة ومطرقة العمل والزراعة..   

  • ** المصور : فريد ظفور..- 25-11-2020م

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــملحق مقالة الأستاذ جابر أحمد ــــــــــــــــــــــــ

نبذة مختصرة:
جابر أحمد
Jabber Ahmad
يعمل لدى ‏مصفاة حمص‏

درس في ‏معهد صناعي
‏يقيم في ‏حمص

‏يتابعه ‏‏٨٣٤‏ شخصًا‏

تحتوي هذه الصورة على سمة alt فارغة; اسم الملف هو 31363260_1745789995464525_8762796636138110976_n.jpg

Dr-waleed Shadoud
٢٤ أبريل ٢٠١٨ م ·
— مع ‏‎Jabber Ahmad‎‏.

Dr-waleed Shadoud
٢٤ أبريل ٢٠١٨ م ·
— مع ‏‎Jabber Ahmad‎‏ و‏عبد الهادي شحادة‏.

Jabber Ahmad
١٢ أغسطس ٢٠١٧ م ·
لقاء مع الأستاذ الدكتور الطيب تيزيني
وذكريات عن الزمن الجميل
— مع ‏طيب تيزيني‏.

Fareed Zaffour
٣١ ديسمبر ٢٠١٩ م ·
تمت المشاركة مع العامة
— مع ‏‎Jabber Ahmad‎‏ و‏‎Nizar Ali Badr‎‏.في منزل النحات نبيه الحسن (أبو مهيار) في حمص ..

الأستاذ جابر أحمد مع الفنان عيسى زيدان – محمود الضاهر – نبيه الحسن.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.