عن أفضل اللقطات الفوتوغرافية في العالم – للمصور العالمي ( يان أرتوس برتران )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزء الثاني من الأرض من السماء
في البداية أود أن أتحدث عن المصور العالمي ( يان أرتوس برتران ) وكيف حظي باستضافة من كبرى مدن العالم كـ باريس ومونتريال، ولندن، وأستكهولم، وساو باولو، وبيروت والرياض… الخ لعمل المعرض الخاص به ،وصل عدد زوار معارضه التي أقيمت في دول عدة أكثر
من 50 مليون زائر، إضافة إلى أنه تمكن من نشر كتاب أعده عن رحلاته ترجم إلى 19 لغة باع منها أكثر من 1.5 مليون نسخة… بعد أن جال خلال 10 سنوات متواصلة على 37 بلداً بطائرة مروحية حلقت على بعد 500 متر لمدة 3000 ساعة طيران. كما أصدر برتران 70
كتاباً تحكي حالة الكوكب في الوقت الحاضر، مما جعله أسطورة التصوير الجوي حيث استطاع خلال 10 سنوات تقديم عرض كامل للحال التي تقف عليها الأرض وتقديم وعي جديد في البيئة وأظهر تلاحم الإنسان مع الطبيعة، وكشف برتران خلال مسيرته ما تتعرض له الطبيعة من
تعسف، مقدما بالإضافة إلى الصورة معلومات وأرقاما مهمة.

========================================

11025114_822508784488123_8926903274671596135_n

شعاب برا دو كافيرون ، جزيرة ريونيون ، فرنسا
ثمّة شعاب كثيرة مماثلة لشعاب نهر برا دو كافيرون ، الذي يشقّ مجراه وسط تصدّعات مدّرج سالازي البركانية ، تجعل الوصول إلى وسط جزيرة ريونيون أمراً صعباً. إن بعض المواقع لم تكتشف إلا في زمن متأخّر ، مثل ثقب الحديد ، وهو مسيل بطول 250 متراً تمّت زيارته
لأول مرة في عام 1989 م. وهكذا ، فإن الغابة الاستوائية ، حيث تكثر الخلنجيات العملاقة والسرخس والأشن والتي ظلت بمنأى عن سيطرة الإنسان ، قد احتفظت بحالتها البدائية على التضاريس البركانية للجزيرة. في المقابل ، اندثرت الغابة الوطيئة ، بتحولها إلى مناطق زراعية أو
مدينيه. إلى ذلك ، هناك ما يزيد عن ثلاثين نوعاً من الحيوانات و النباتات ، بينها نحو عشرين نوعاً مستوطناً ، قد انقرضت في هذه الجزيرة منذ أربع مائة سنة. فالنظم الجزيرية ذات التنوع البيولوجي الكبير هي على العموم أكثر تعرضاً من اليابسة لخطر انقراض الأنواع.

========================================

معبد الدير ، بتراء ، منطقة معاد ، الأردن
يشغل الأردن موقعاً استراتيجياً بين البحر المتوسط و البحر الأحمر. في القرن السابع ق.م. أقام فيه شعب من التجار الرحل، هو شعب الأنباط، منتقلاً بذلك إلى حالة التحضر. وقد قام الأنباط بنحت عاصمتهم البتراء ( أي “الحجر” باليونانية ) في جروف من الحجر الرملي الوردي
والأصفر تقع في القسم الجنوبي من البلاد ، عند ملتقى ست طرق قوافل . لقد سيطر الأنباط على تجارة المنتجات النادرة ( البخور العربي، توابل الهند، ذهب مصر، حرير الصين، عاج النوبة ) واغتنوا من فرض ضرائب على طرق القوافل قبل أن تخضع لسلطة روما عام 106 م.
من أعلى المرتفعات، يطل معبد الدير، المشاد بحجمه الضخم ( 42 م ارتفاعاً و 45 م عرضاً ) بين القرنين الأول و الثالث ق.م. ، على صروح البتراء الثمانماية . بعد زوال حضارة الأنباط، تم احتلال المعبد من قبل رهبان مسيحيين بيزنطيين. ومن هنا جاء اسم ” الدير” الذي اكتسبه
هذا المعبد. إن البتراء المسجلة على قائمة الأينسكو للتراث العالمي منذ 1985م تواجه ، منذ سنوات عدة تهديداً مثيراً للقلق : فالأملاح المعدنية الذائبة في حقل الماء الجوفي تصل إلى قاعدة الصروح جراء الجاذبية الشعرية و تستقر في الحجارة فتجعلها هشة ، سهلة المكسر .
وتكمل الرياح بدورها هذا الإتلاف التدريجي للصروح.

========================================

قرية كوه بانيي، جون فانغ نغا، جزيرة فوكيت، تايلندا
الساحل الغربي لتايلندا مسنن جداً ، وهو يتشكل من مجموعة أجوان متتالية تحف بها جزر عديدة يغمرها بحر أندمان ، لا سيما جزيرة فوكيت الواقعة على ضفاف شبه جزيرة مالاغا . كان جون فانغ نغا في ما مضى أرضاً قاحلة ، وهو ناتج عن ارتفاع المياه بفعل ذوبان الجليد منذ
ثمانية عشر ألف سنة بحيث لم يبق بارزاً سوى قمة الجبال الكلسية التي باتت مغطاة بنباتات استوائية ؛ وقد تم تصنيف هذا المكان منتزهاً بحرياً في العام 1981م . ونعثر على مثل هذا التضريس الصلصالي في شعف الجبال في مناطق أخرى من جنوب – شرق آسيا – وأشهرها
جون هالونغ في فييتنام ، ومنطقة غيلين في الصين. أما كوه بانيي فهي قرية عائمة من الخيزران يعيش سكانها الـ 400 من غلة الصيد البحري ، بشكل رئيسي. ويُقدر أن زهاء 95% من الصيادين يعيشون في البلدان النامية ، ويُشكل الصيادون الآسيويون 85% من المجموع
العالمي ، وهم يُؤمنون ثلث منتجات الصيد العالمية .

========================================

قافلة من الجمال وسط الكثبان الرملية قرب نواكشوط ، موريتانيا
تمتد الصحراء الكبرى التي هي أكبر صحراء رملية في العالم ، على مساحة 9000000 كلم2
( ما يعادل مساحة الولايات المتحدة ) موزعة على 11 بلداً ، وعلى طرفها الغربي ، تقع موريتانيا التي تتكون ثلاثة أرباع مساحتها من أراض قاحلة جراء إصابتها بظاهرة التصحير الناجمة عن فعل الإنسان فالاستكلاء وحصد الحطب و التوسع الزراعي تغلي شيئاً فشيئاً النباتات
المثبتة القائمة على محيط الكتل الرملية الكبرى ، ما يسهل بالتالي “زحف” الرمل الذي بات يهدد مدناً كـ نواكشوط ، العاصمة . في المناطق الجافة وشبه الجافة ( ثلثا القارة الإفريقية )، يبدو أن الأراضي الصالحة للزراعة والضعيفة تصاب سريعاً بالتلف إذا كانت الممارسات الزراعية
واستغلال الغطاء النباتي كثيفة للغاية. وفي النصف الثاني من القرن الماضي أُتلفت بهذه الطريقة 65% من الأراضي الإفريقية الصالحة للزراعة. فأدى ذلك إلى انخفاض الغلال الزراعية ، الأمر الذي أنعكس على الأمن الغذائي . وفي هذه الحلقة المفرغة التي يصعب كسرها،
يكون الفقر في آن واحد سبباً ونتيجة لتلف الأراضي الصالحة للزراعة ولتراجع الإنتاجية الزراعية.

========================================

بريبريات ، مدينة مهجورة بالقرب من مركز تشيرنوبيل النووي ، أوكرانيا
أدى انفجار أحد مفاعلات مركز تشيرنوبيل النووي في أوكرانيا ، في نيسان 1986م ، إلى أكبر كارثة نووية مدنية في التاريخ. فلقد تسربت سحابة إشعاعية من المفاعل المحطم ولوثت أوكرانيا، وروسيا البيضاء وروسيا المجاورة ، لتمتد في ما بعد ، عن طريق الريح ، إلى أوربا
بأسرها . فكان أن تم ولو متأخراً ، أخلاء البلدات الـ 120 المحيطة بالمركز ، مثل بربيريات (50000 نسمة ) ، والواقعة ضمن قطر طوله 3 كيلومترات عن مكان الكارثة. حتى اليوم لا يزال عدد الضحايا الفعلي غير مؤكد، ولكن من المقدر أن ملايين عدة من الأشخاص يُعانون
من أمراض مرتبطة بالإشعاعات
(سرطان، نقص في المناعة..) وفي كانون الأول /ديسمبر من العام 2000م تم نهائياً إقفال المفاعل الأخير الذي كان لا يزال يعمل لإنتاج 9% من كهرباء البلاد، وذلك مقابل مساعدات غربية قدرها 2.3مليار دولار سوف تتيح بناء مركزين نوويين. إن الصناعة النووية لم تحل بعد
مشكلة مصير النفايات البالغة الإشعاع والطويلة لأمد ، التي يُولدها 4333 مفاعلاً في 32 بلداً والتي تتكدس في مراكز التخزين.

========================================

مركب جانح على شاطىء منطقة لوديريتز ، ناميبيا
إن تيار بنغيلا ، الذي يهب من القطب الجنوبي ، يسير بمحاذاة ساحل ناميبيا حيث تتعاقب الشواطئ والشعب والقيعان القليلة العمق. وهو يُحدث تموجات صاخبة، وتيارات عنيفة ، وضباب كثيف يحجب تضاريس الشاطئ .لذا ، يشكل هذا الأخير ممراً يخشاه الملاحون الذين يستديرون
في عرض البحر للوصول إلى رأس الرجاء الصالح، في النقطة الجنوبية من القارة الافريقية. منذ 1846م والبحارة البرتغاليون يصفون هذه البقعة بـ”رمال الجحيم” علماً أن جزءها الشمالي يحمل منذ 1933م إسماً موحياً هو “ساحل الهياكل”، فذاك الساحل الكثيب مزروع بأعداد
كبيرة من حطام المراكب الصدئة، ولكن أيضاً بطائرات وآليات شتى، كما بقايا عظام الحيتان نفقت أو لبشر قضوا. بعض حطام المراكب مغمور بالرمال على بعد مئات الأمتار من الشاطىء ، كما نرى هنا بالقرب من مدينة لوديريتز ، شاهداً على عنف الغرق الذي تعرضت له. وإذا
كان تطور تقنيات الإنقاذ يتيح اليوم تخليص عدد أكبر من الناس مما كان عليه قبل خمسين سنة. فإن الضريبة التي تُدفع لبحار الأرض تبقى باهظة جداً: ثمة 65بحاراً – صياداً ، على الأقل يختفون يومياً في أنحاء العالم، كما تغرق سفينتان ضخمتان كل أسبوع.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.