حكاية شيخ المصورين الصحفيين مع الكاميرا

الراحل شيخ المصورين الصحفيين فاروق إبراهيم

حكاية شيخ المصورين الصحفيين مع الكاميرا

الخميس، 31 مارس 2011

كتب عمرو دياب وسهام الباشا

انتقل إلى جوار ربه اليوم الخميس المصور الصحفى بمؤسسة أخبار اليوم فاروق إبراهيم، عميد المصورين الصحفيين والملقب بمصور الرؤساء، بعد صراع مع المرض دام لأكثر من ثلاثة أشهر بعد إصابته بجلطة بالشريان التاجى، وستشيع جنازة الراحل اليوم ليدفن بمدافن العائلة فى القاهرة.

ولد فاروق إبراهيم بمنطقة السيدة زينب وكان طفلاً خارجاً عن كل قواعد الطفولة، فهو دائم الهروب من المدرسة، مشاكس، يرفض كل القيود، ولعل هذا ما دفع إحدى جاراته أن تقترح على والدته إيداعه أحد الملاجئ كى تتخلص من همه.

و كان خاله يعمل بمطبعة جريدة المصرى آنذاك وعاش معه فترة كبيرة، ثم عمل ساعياً للخواجة زخارى كبير مصورى جريدة المصرى آنذاك مقابل قرشين فى اليوم الواحد، ولتبدأ علاقته بعالم التصوير، وليصبح فيما بعد أشهر مصور صحفى مصرى.

ويقول عند بدايته مع الكاميرا:” طلب منى الخواجة زخارى الذهاب لشراء علبة سجائر من كشك مجاور للجريدة، وعند عودتى لم أجد الخواجة فدخلت مكتبه، وجدت صورا عديدة لفنانى مصر على المكتب، ومن يومها عشقت عيناى الصورة”.

وكان يقوم بتجربة كاميرات التصوير وتقليد المصورين عند التقاطهم الصور وقت راحتهم، وفى أحد أيام عام 1952 وأثناء غياب العاملين فى قسم التصوير عن المكتب، قام الطلاب فى إحدى المظاهرات بقلب الترام الذى كان يمر من أمام جريدة المصرى، وطلب من فاروق سرعة التقاط صورة المظاهرة والترام المقلوب، وحقق فاروق سبقاً صحفياً بتلك الصورة.

ويتغير حاله من مجرد ساع إلى مصور تحت التمرين، وهو ما يقول عنه: «مهما مرت الأيام لا أستطيع نسيان أو تجاهل فضل الخواجة زخارى الذى لم يعلمنى فقط فن وأصول التصوير، ولكنه علمنى الكثير من الأمور العامة فى الحياة، بدءاً من كيفية تناول الطعام وارتداء الملابس وانتهاءً بكيفية الحديث مع الهوانم والباكوات».

وفى عام 1953 تغلق جريدة المصرى وينتقل فاروق للعمل فى جريدة الجمهورية مقابل سبعة قروش فى اليوم، إلا أنه سرعان ما يتركها للعودة مع زخارى فى وكالته الإخبارية الخاصة التى افتتحها براتب 15 جنيها فى الشهر.

فى تلك الفترة تعرف فاروق على الكثير من نجوم الفن بحكم عمله، إلا أن أكثرهم قرباً منه كان العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ الذى عرفه قبل أن يعرفه الناس، وكانت علاقته بعبد الحليم علاقة ذات أبعاد خاصة بدأ فيها من الصفر وانتهت بمعايشته فى كل مراحل حياته حتى أن عدد الصور التى التقطها له تزيد على 33 ألف صورة».

حصل على شهادة البكالوريا والتحق بكلية الفنون التطبيقية لأنها المكان الوحيد الذى كان يعلم فن التصوير.

وفى مايو من عام 1960 عرف فاروق إبراهيم طريقه إلى دار أخبار اليوم على يد الكاتب الصحفى مصطفى أمين الذى قرر له راتب 30 جنيها فى الشهر.

إلا أن الأقدار تواصل لعبتها مع فاروق إبراهيم حين يرفض كل مصورى أخبار اليوم والأهرام الذهاب إلى محاكمة مصطفى أمين فى العام 1965 عند اتهامه بالتجسس، فيذهب فاروق خائفاً من تصوير أستاذه الذى يطلب منه التصوير ونشر الصور.

ويقول فاروق إبراهيم عن تلك الواقعة: «فى أول يوم من المحاكمة العسكرية شاهدت مصطفى بك وهو خارج من المحكمة والكلبشات فى يديه، فلم استطع التصوير فصرخ قائلاً: «صور يا فاروق لماذا لا تقوم بعملك؟ صور. فبدأت فى التقاط الصور التى نشرت فى جريدة «أخبار اليوم» فى اليوم التالي. فشعرت بتأنيب الضمير، وعند ذهابى إلى المحكمة لتصويره فى اليوم التالى كنت خائفاً من غضب مصطفى أمين، فكنت أقف بعيداً عنه، فأرسل لى محاميه ليخبرنى شكره لى على الصور التى أكسبته تعاطف الناس معه».

أما عن علاقة فاروق إبراهيم بالسيدة أم كلثوم فقد بدأت هى الأخرى بصورة التقطها لها فى إحدى حفلاتها بالإسكندرية ونشرت فى الأخبار فى اليوم التالى وحازت إعجابها، فحادثت رئيس التحرير وقتها الأستاذ أنيس منصور تطلب مكافأة المصور. فأخبرها أنيس منصور أنه من الأفضل أن تشكره بنفسها.

أما رؤساء مصر الثلاثة فلم يفلتوا من عدسة فاروق إبراهيم، فعندما تولى الرئيس أنور السادات حكم مصر، ‬أصبح فاروق إبراهيم المصور الشخصى للرئيس السادات، ‬والتقط له عشرات من الصور الرائعة. ‬

لكن صور الرئيس السادات كادت فى وقت من الأوقات أن تقضى على مستقبل فاروق إبراهيم الصحفى،‬ حيث ‬نشرت مجموعة من صور كان فاروق إبراهيم التقطها للرئيس السادات فى بيته وفى حجرة نومه، ‬أثارت ضجة كبيرة فى مصر وخارجها.

وتبقى الصورة الصحفية لدى فاروق إبراهيم لقطة مميزة، فلا بد، وكما يقول، أن تحكى قصة أو حكاية، فهو لا يحب تصوير البروفايل، مضيفاً حزنه على كاميرات تصوير العصر الماضى التى فقدت بريقها أمام كاميرات العصر الحديث التى تقوم فيها الآلة بكل شىء. رحم الله فاروق إبراهيم، رحم الله شيخ المصورين الصحفيين.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.