لا يتوفر وصف للصورة.

المدرسة الإنكليزية في حمص .. قرن ونصف من التعليم الوطني

المدرسة الإنكليزية في حمص

تُعد المدرسة الإنجيلية أو (الإنكليزية) كما يعرفها كبار السن في حمص عام 1855 واحدة من أقدم المدارس التي ما زالت قائمة في سورية وخلال تاريخها الطويل ساهمت الكلية مساهمة كبيرة في إعداد الأجيال وطنياً واجتماعياً وإنسانياً وثقافياً ، وكان طلابها من أغلب المحافظات السورية ومن خارج القطر وبخاصة من لبنان وفلسطين والأردن والعراق مما جعلها معيناً ينهل منه الجميع العلم الصحيح والتربية والأخلاق والمبادىء الوطنية المثلى ، وتحول هذا الصرح العلمي الكبير إلى موئل للكفاح والنضال انطلقت من أركانه أفواج المتظاهرين ضد الاحتلال الفرنسي في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي

بداية التأسيس :
عُثر في مكتبة المدرسة المنقولة من المقر القديم الذي أخلي في مطلع القرن العشرين على كتاب مؤلف باللغة الإنجليزية ممهور بخاتم المدرسة الرسمي وعليه تاريخ التأسيس الذي يعود إلى عام 1855 م والكتاب المذكور من مؤلفات القرن التاسع عشر وبقي في غياهب النسيان بعد أن نقلت مكتبة المدرسة إلى جوار جامع جمال الدين الجمالي في بستان الديوان عام 1906 ولم يُكتشف أمر هذا الكتاب إلا في بداية الألفية الجديدة ، كذلك نُشرت نبذة عن حياة العلامة ” جبر ضومط ” جاء فيها : ” كان الأستاذ جبر ضومط مدرساً للغة العربية وآدابها في كلية #حمص الوطنية في الستينات من القرن التاسع عشر ، وعندما تخلى الدكتور يعقوب صروف عن رئاسة قسم اللغة العربية في الجامعة الأميركية ببيروت منتقلاً إلى القاهرة ليؤسس مجلة ” المقتطف ” في عام 1876 حل محله جبر ضومط منتقلاً من الكلية الوطنية في حمص ، ولم يكن اسم “الكلية ” يُطلق على مدرسة عادية بل على المعاهد ، أي على مستوى تعليمي قبل الجامعة ، والدليل على ذلك أن الطلاب المتخرجين في هذا المعهد كانوا يُقبلون تلقائياً دون فحص في الجامعة الأميركية بناء على وثيقة من الكلية الإنكليزية ، فنظام الشهادة الثانوية ” البكالوريا ” لم يكن موجوداً في القطر العربي السوري قبل عام 1928 م ، وفي ذلك العام حصل ثلاثة طلاب سوريين على هذه الشهادة ( حسب دليل الجمهورية المطبوع عام 1946 م ) كما أن أستاذا بمستوى جبر ضومط لا يمكن أن يكون إلا على مستوى أرفع تعليم في ذلك الوقت .

بين استعمارين :
بعد أن تأسس هذا المعهد وكان فريداً إن لم يكن وحيداً في حي بستان الديوان كما ذكرنا آنفاً لاقى من الإقبال ما لم يكن متوقعاً فنما وازدهر وراح يؤمه طالبوا العلم من لبنان وفلسطين والأردن والعراق إضافة إلى الوافدين من مدن القطر العربي السوري وأريافه وعندئذٍ قرر القائمون عليه إنشاء صرح يليق به ، ويتسع لطموحاته فاختاروا المكان الذي تقوم عليه الآن الثانوية الوطنية الخاصة كما صارت تُعرف فيما بعد وتبرع حافظ مسعد بثمن الأرض ورفول ناصر وعائلته بمبلغ 151669 قرشا تركياً من أصل المبلغ الذي جُمع من المتبرعين والذي بلغ 182589 قرشاً ، فيما وصل إجمالي المبلغ الذي تم جمعه من سورية ولبنان ومصر إلى 254704 قروش أي حوالي 51% من كامل التبرعات .
أطلق على المدرسة عدة أسماء شعبية ومنها الكلية الإنكليزية لأنها المدرسة الأولى في حمص التي كانت تُدرّس اللغة الإنكليزية بتعمق وتخصص ، وأُطلق عليها اسم الصليب الأحمر لأن جيش الاحتلال الفرنسي أسس فيها أثناء الحرب العالمية الثانية مستشفى للعسكريين ورسموا الصليب الأحمر على سقفها العلوي فكان الناس يعفونها باسم الصليب الأحمر ، وعندما تم تجديد ترخيصها تم ذلك باسم الثانوية الإنجيلية الوطنية نسبة إلى الطائفة التي تملكها وليس بسبب علمي آخر .
وإلى الآن لا يزال البناء القديم للكلية الإنكليزية كما كان في السابق باستثناء بعض أعمال الصيانة من الداخل وهذا البناء مبني على الطراز الكلاسيكي للمدارس في فرنسا حيث يضم ردهة كبيرة للتجمع داخل المدرسة ومن اليمين واليسار غرف التدريس وردهة كبيرة جداً في الوسط وبُنيت الأسقف الداخلية من خشب الصنوبر المعالج والمعروف باسم ” القطراني ” وهو مغطى بطبقة خشبية ملساء وبسقف مستعار من الأسفل ، وللمدرسة طابقان وملحق كان يُعرف بالعلالي والطباق الثاني على شكل هرم له هيكل خشبي ومغطى بتوتياء صُنعت خصيصاً في أوربا لتكون طويلة العمر ولا تزال موجودة منذ العام 1908 حتى الآن ولم تتبدل والكلية الإنكليزية المبنى الوحيد في المدينة الذي يحوي سقفه العلوي ” مترية ” أي مانعة للصواعق ولا تزال موجودة حتى الآن .

قصة مدينة حمص
المصدر : كتاب معالم واعلام من حمص . خالد عواد الاحمد

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.