حيوية الصورة الفوتوغرافية في كتب بلا نصوص
 المصدر: دبي – نوف الموسى

عبر كتابات عديدة رصد المصور الفوتوغرافي البحريني حسين عيسى المحروس عالم اللغة البصرية طارحاً من خلالها تساؤلات لكل متابع حول أهمية الكتابة عن الصورة الفوتوغرافية كونها تمثل توثيقاً لـقراءة اللقطة الحيّه وجمالياتها الروائية، ومفهوم الروائية هنا يعود لتأكيد المحروس على أن الحركة اللحظية للكاميرا تعني تفاصيل كثيرة ومختلفة.

وفي غياب وقلة الإنتاجات النصية التاريخية للإرث الإنساني وتحولات الأمكنة والأشخاص عربياً، فإن رهان الصورة يبقى مدلولاً جمالياً لتفسير متغيرات الحياة، يرى فيها المصور الفوتوغرافي الإماراتي سعيد الشامسي منهجية علمية لا تعيرها المؤسسات الثقافية اهتماماً نوعياً متسائلاً: من يوثق للمصورة الإماراتية الأولى شيخة السويدي؟التي تمتلك صورا ذات دلالات مجتمعية، بينما يشكل تحليلها وتوثيقها مصدراً للباحثين.

لذة الصورة

تحتوي مكتبة حسين المحروس على كتب تنتمي إلى عالم صناعة الصورة مثل كتاب لـرولان بارت بعنوان “الصورة المنيرة” ، 1998،و”حياة الصورة وموتها” للمفكر الفرنسي ريجس دوبري، حيث يسأل الأخير عن كل شيء من خلال الصورة، بينما يؤكد المحروس ذلك في مقالة له بعنوان:”رولان بارت: من لذة النصّ إلى لذة الصورة الفوتوغرافية”، قائلاً: “إنّه يسأل كل شيء في حياة الإنسان عن الصورة:الحضارات والأديان ،ويسأل الأنثربولوجيا بحثاً عن طريقة تواصل لم تكشفها معادلة التواصل التي لا تهتم بغير الرسالة الواضحة”، ليأتي بالتزامن كتاب آخر للمحروس عن المصور الفوتوغرافي البحريني عبدالله الخان بعنوان:”الضوء عيون”.

بيكاسو المصور

هل الحديث عن الانعكاس والمرايا مرتبط عادةً بالقيمة المعنوية للصورة؟ وهل هذا ما كان يعنيه المحروس في كتاب “الضوء عيون”، الذي كتب فيه:”وفي الهند سبع مدن.. مائة مدينة.. ألف قرية.. كلّها مرايا، يرى فيها الهنود أساطيرهم، وأعجوباتهم التي لا يلتفتون إليها على الرغم من كثرة المرايا.

يصنعون من الفضة، وتراب الأرض الرخيص مرايا، لا يسألها أحد كيف صارت، لكنّهم يسألونها عن صورهم المنعكسة، المقلوبة فيها”، مبيناًأن سر جمال لوحات بيكاسو يرجع أصلها إلى صور فوتوغرافية، لا تزال تُدرس معززاً ذلك بمكاشفة زوجته القائلة بأن جميع لوحات بيكاسو من صور فوتوغرافية عدا لوحتها.

جميع تلك الجهود العربية والخليجية الضئيلة في عالم الكتابة حول تاريخ صناعة الصورة، تلزم المتتبع إعادة تأجيج الخطاب تجاه الجهات المعنية في أهمية دعم المشاريع الكتابية في عالم التصوير الفوتوغرافي، ونشر منتجاتهم عبر إصدارات ورقية أو إلكترونية، ضماناً للحقوق الفكرية والمعنوية.

توثيق وطني

في الإمارات بذلت وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع جهوداً أولية في مسيرة الكتابة الفنية عبر سلسلة لأشخاص أسسوا حراكاً ثقافياً، بينما يتطلع المصورون المحليون إلى أن يكونوا ضمن السلسة التوثيقية المقبلة لتدوين أكثر من 33 سنة مرت على معاصرتهم فن التصوير ومن بينهم جاسم ربيع وسعيد الشامسي وصالح أستاد، سعوا لخلق تفاعلية حديثة بين الصورة والواقع.

ومن جهته، اعتبر المصور الفوتوغرافي سعيد الشامسي مدير عام ابن الهيثم للفنون البصرية أن صناعة سوق كتب الصور الفوتوغرافية تأخذ عادةً منحى الطابع التجاري، والتكلفة العالية للإنتاج الورقي، تعد تحد حقيقي، لافتاً إلى أنه من الناحية التجارية، فإن:”أغلب كتب التصوير الفوتوغرافية تحتاج إلى شركات تسويق عالية الاحتراف هدفها الربح، أمتلك تجربة لكتاب عنوانه (رحلة في الصحراء) يبرز البيئة الصحراوية بالروح المتناغمة لطبيعتها وعذوبتها وأصالتها الإنسانية.

قمت بطباعته على نفقتي الخاصة، وعلمياً، يمكن العودة إليه لإجراء دراسات تحليلية للمنطقة العربية، لتبقى مرجعاً ومصدراً للمعلومة الوطنية”.

 مقترح

حول موضوع إنتاج كتب التصوير الفوتوغرافي ، دعا المصور الفوتوغرافي سعيد الشامسي إلى استثمار تاريخ أوائل المصورين وإنتاجاتهم في كتاب سنوي، على أن يبدأ بالتدرج بحسب الأسبقية التاريخية وصولاً إلى إنتاجات الشباب، وتعزيزها ببحوث للمهتمين، كون الإمارات من أكثر الدول المهتمة بالتصوير والدليل عدد مسابقات التصوير وتعدد أنواعها وتوجهاتها، مبيناً أن أول مصورة إماراتية شيخة السويدي شخصية جديرة بذلك الاحتفاء المحلي.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.