مبدع الصورة – 4-اللون و الاضاءة
يوسف قوبي نشر في الفوانيس السينمائية

يقولون ان التصوير هو فن التشكيل بالضوء ، مثل الفنان التشكيلي الذى يعتمد على الصباغة ، لايرسم في الظلام ولا حتى تحت ضوء ضعيف . لان الالوان حين يتم خلطها ، تتغير تبعا للاضاءة المحيطة بالفنان بمرسمه . وكذلك يحدث للضوء الذي يشكله المصور، هو في حقيقته امتزاج للالوان .
المصورون متآثرون بشكل او اخر بكبار الرسامين و التشكيليين مثل كرافاجيو Caravaggio و رامبراندت Rembrandt وغيرهم ، لاسيما في اسلوبهم المميز في توزيع النور و الظل علي القماش .
المصور او مدير التصرير حينما يكون امام المشهد فهو لا يرى فيه الا توزيعا للظلال و النور . ومن تم ينطلق في اشغاله مستحضرا التقنيات الخاصة بالاضاءة .
يقول كريس مالكيفيشKris Malkiewicz في كتابه ” سينماطوغرافي ” الاضاءة هي التي تشكل الواقع امام العدسة ، هي التي تعطيه العمق او التسطيح ، الاثارة او الملل ،الواقعية او لاواقعية ” .
من الوسائل التي تعتمد لتوزيع الاضاءة على الموضوع ، سواء كان ثابتا او متحركا، ومن اجل خلق مزاج خاص بالمشهد ، هي تقنية معروفة بقانون النقط الثلاثة للاضاءة ، ،وهي تستعمل من طرف اغلب المصورين ، وهي نقطة البداية وليست كل شئ او انها قارة . انه يمكن كسر هذا القانون احيانا حسب مزاج المشهد الذي المراد تحقيقه .
فقانون النقط الثلاثة للاضاءة Three Point Lighting ينطلق من ثلاثة مصادر اساسية لانارة الموضوع ، سواء على ممثل واحد او عدد من الممثلين ، تتدخل في ذلك عوامل اخرى ، كون هذا المصدر حادا او ناعما ، و الزاوية او الاتجاه المنبعث منه الضوء ، واخيرا لون هذا الضوء .
اول ما يستآنف به مدير التصويرهو تحديد وضع الاضاءة الاساسية key light وهي توضع الى يمين الكاميرا على علو معقول ومقبول تقنيا وجماليا ، حيث لا يسقط ظلالا على الحائط او على الممثلين او الديكور . و المصدر الثاني ويسمى بFill light مالئ الفراغات والظلال ، يوضع الى يسار الكاميرا.المصدر الثالث هو الاضاءة الخلفية Back light يعتمد على هذه الاضاءة لاضفاء نوع من البهاء والتزيين على حوافي الموضوع ، لاسيما باعلى الرآس ، حيث يبدو الشعر مشعا بنور كالهالة . هذه الاضاءة تعمل اساسا على تفرقة الموضوع عن الخلفية التي قد تكون جدارا او ديكورا . قد تكون غير ذات قيمة اذا لم تكن مدروسة بجدية ، وتظهر واقعية اذا نفذت على اساس ان مصدر الضوء حقيقي وواقعي، مثل ان ياتي عبر نافذة من الخلف ، فيكون تآثيرها مستحسنا.
النقط الثلاثة لمصدر الضوء هي القاعدة العامة ، التي يمكن تنويعها حسب رغبة المخرج ومدير التصوير ، وحسب المزاج العام للمشهد ، الذي يوحي باختيارات شتى من تقوية و خفض لكثافة الضوء ، لجعلها حادة او ناعمة ، ودون اغفال الظلال وعلاقته مع الاجزاء المضيئة خفوتا ونصوعا . كما تضاف مصادر اخرى ، من داخل المشهد مثل المصابيح التي توضع على المكاتب اوبجانب الاسرة . وتستعمل اضاءات جانبية اخرى لاغراض جمالية مثل تلميعات ضوئية على الحائط بالخلف .
ان مايوليه مدير التصوير من اهمية اكثر: هو كيفية معالجة الالوان والتباين في الاضاءات والنسيج اللوني وقد يوظف عدة اختيارت في ذلك، منها الكيفية التي يسقط بها الضوء على الموضوع ، والتنويع في استعمال المرشحات Filter خاصة بين الكاميرا والموضوع ليغير من طبيعة اللون .
الضوء الابيض هو ذلك المزيج من الالوان ، الظاهر منها والمرئي . الموجات الطولية لآلوان الطيف التي نرى هي الاحمر والازرق والاخضر ، وموجات اخرى غير مرئية هي الفوق بنفسجية والاشعة تحت الحمراء..وفي الجانبين موجات اخرى …
عندما نفكر في استعمال المرشحات (فلتر) ، نفكر في الوان الطيف الثلاثة الرئيسية فقط : الاحمر والاخضر والازرق ، يطلق عليها الالوان الاولية ، ان اي لون اخر هو مزيج من الالوان الاولية ، وعملية المزج تعطي الالوان المكملة وهي الاصفر والماجينتا و سيان yellow, magenta, cyan .
الاحمر يضاف الى الازرق يعطي ماجينتا .
الاحمر يضاف الى الاخضر يعطي الاصفر .
الازرق يضاف الى الاخضر يعطي سيان .
هذا ياخدنا الى وظيفة المرشحات . انها تعمل على تغيير الضوء وتحويله بامتصاص احد الالوان و السماح بمرور اخرى.
المرشح الاصفر يوقف الضوءالازرق ويسمح للاخضروالاحمر بالمرور اللذان يعطيان ضوءا اصفرا .
المرشح الماجينتا يوقف الضوء الاخضر ويسمح بمرور الضوء الازرق و الاحمر ومعا يكونان لون الماجينتا .
المرشح سيان يوقف الضوء الاحمر ويسمح بمرور الضوئين الازرق والاخضر وهما معا يعطيان الضوء لون سيان .
كل المرشحات تمتص كمية من الضوء التي لا تصل الى الفيلم ، لذلك يجب على المصور تعويضه بفتح الديافراغم ، بين سطوب واحد و ثلاثة ونصف او اكثر قليلا ، حسب معامل المرشح ، هناك من يضيع سطوب واحد، ومن يضيع اثنان .. وهكذا
للمرشحات اغراض منها ما يختص استعمالها في تخفيف شدة الضوء ولاسيما ضوء النهار الطبيعي ، حيمنا لاتوجد كيفية اخرى ، هذه المرشحات يطلق عليها Natural Density Filter .. اختصارا ND (الكثافة الضوئية) وتتدرج من ND3 .ND2. ND1 يمكنها نقص شدة الضوء ب1سطوب 2 سطوب 4سطوب على التوالي.
ومن المرشحات مايختص بتغيير اللون ليناسب نوع الفيلم المستعمل ، ويطلق عليها Color Conversion Filter المرشح المغير للون . ان الفيلم يتنوع الى نوعين : شريط التنجستنTungesten و شريط ضوء النهارDaylight وكل واحد منهما حساس للون معين حسب درجة حرارة لونه ، ان فتيلة المصباح الضوئي تانجستن ، بعد ان تشتعل و تحترق تحت درجة حرارة منخفضة ، لذالك هي ترسل ضوء ذو لون ساخن اصفر به احمرار، درجة حرارة لونه 3200 درجة كيلفن.اما ضوء النهار الناتج عن الشمس او الضوء الاصطناعي المعروف ب HMI الذي يماثل ضوء النهار في اشعاعه و نصوعه درجة حرارته اللونية حوالي 5600 درجة كيلفن ، ولونه بارد يقارب الازرق .
قد يحدث ان مدير التصوير يستعمل احدى النوعين المذكورين (التنجستن او ضوء النهار ) من الاشرطة – في الاغلب يستعمل التنجنستن فيلم ، فاذا تم التصوير تحت اضاءة التنجستن بمشهد داخلي ، هنا لا يحصل اي مشكل ، لان الشريط من النوع الذي يلائم الاضاءة . واذا استعمل للتصوير بمشهد خارجي تحت اضاءة النهار او الضوء الاصطناعي HMI ، يجب في هذه الحالة استعمال المرشح 85B ذو اللون البرتقالي لتحويل الاضاءة الداخلة الى الفيلم وتغييرها لتناسب نوع الفيلم ، حيث يمتص اللون الازرق و يسمح بمرور الالوان الاخرى .واذا استعمل مدير التصوير شريط ضوء النهار – الذي لايستعمل الا ناذرا – في الحالة الاخيرة اي للتصوير خارجا تحت ضوء النهار ، فانه لا يشكل اي اختلاف في المشهد، لان الشريط يلائم الاضاءة .
ان المزج بين اللونين البرتقالي والاحمر (التنجستن) والازرق(ضوء النهار) قد تكون جماليا مرجوة من طرف مدير التصوير ، وهذا المزج يمكن ملاحظته في المشاهد الداخلية ، مثل غرفة مضاءة بمصابيح التنجستن ، الذي يعطي احساسا بالدفئ ، مع وجود نافذة مفتوحة على الخارج يظهر منها ضوء النهار ازرقا ، الذي يعطي احساسا بالبرودة .
ان المرشح Filter 85B الذي يحول لون الاضاءة من درجة حرارة باردة الى ساخنة مايلائم الفيلم المعد للتصوير( التنحستن) ، حيث يخفض درجة حرارة اللون من 5600 الى3200 . هذا المرشح يعمل على اضاعة نسبة من كثافة الضوء بمقدار 2/3 سطوب.
ان استعمال المرشحات لتغيير الالوان يعتمد عليه بكثرة ، لكن الذي يجب التنبيه اليه هو ان عملية تصحيح الالوان بشكل مظبوط تقوم بها المختبرات اثناء عملية طبع النسخة الموجبة .
يوسف قوبي
خاص ب: ”الفوانيس السينمائية” نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.