روبرتو مرعي: اللّبناني المجهول

بواسطة:

روبرتو مرعي لبنان
وقف على رقعة سوداء صغيرة برداءٍ أبيض. أطلق المصورون أسلحتهم الخفيفة. مدّ يده اليُسرى نحو خاصرته وتبسّم قليلاً. ناداه البعض بإسمه “روبرتو”، أمّا البعض الآخر فناداه بـ”مرهي” دون أن يُدركوا بأنه اسمه يحمل عبق أجداده من لبنان. في البحرين، سار بجانب ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس، قبل أن نُدرك بأنّ السائق اليافع ما هو إلا لبناني الأصل والنسب، الأمر الذي يجهله الكثيرون، لكن “مرعي” لم ينسَ يومًا موطنه وأرضه لبنان، حاملاً معه هذا الانتماء وتلك الذكرى عن بلده في قلبه أينما ذهب وارتحل.

باتت عادة بالنسبة لنا أن نُوجّه أصابع الاتهام نحو السائقين الداخلين حديثًا إلى الفئة الملكة، وذلك بالنظر إلى ما آلت إليه أمور الرياضة في الفترة الأخيرة، ومُسارعة الفرق نحو التعاقد مع سائقين يملكون من الرعاية المادية ما يُخولّها البقاء تحت التنّفس الإصطناعي، إلّا إنّ حالة روبرتو مرعي (24 عامًا) مع فريق مانور مُختلفة تمامًا، فهو سائقٌ دخل البطولة دون أن يمد والده يديه الى محفظته ويدفع ما تيّسر لتمهيد الطريق أمامه.

حاول فريق مانور البحث عن أفضل سائق شاب موجود على الساحة والذي يُمثّل بالدرجة الأولى طموح وعزيمة الفريق على المُنافسة، فوقع اختياره على مرعي، لا سيما بعدما قاد لصالحه في سباقات الفورمولا 3 الأوروبيّة عام 2009. فضلاً عن ذلك، أراد الفريق سائقًا شابًا يدفع السيارة الى حدودها القصوى على الرُغم من ضعف تأديتها مُقارنةً بالسيارات الأخرى.

أدركت عائلة مرعي أن ابنها يملك موهبة استثنائيّة في العام 2006 عندما حصد 3 منصّات تتويج من أصل 4 سباقات ضمن السلسلة الشتوية للفورمولا رينو 2.0 الإيطاليّة، لينتقل بعدها في العام 2007 للمُشاركة في كأس الفورمولا رينو 2.0 الأوروبيّة حيث كان أصغر سائق يتصدّر سباقًا على حلبة سبا-فرانكورشان البلجيكيّة.

أنهى مرعي كأس الفورمولا رينو 2.0 الأوروبيّة في العام 2008 في المركز الرابع ضمن الترتيب العام، ولكن ولمُعظم مُجريات الموسم، كان هو السائق الوحيد الذي كان بمقدوره مُنافسة فالتيري بوتاس ودانيال ريكاردو وتحقيق الفوز في سباقين. وعندما نتحدث اليوم عن بوتاس وريكاردو فإننا نتحدّث بطبيعة الحال عن سائقَين من المُمكن أن يُصبحا أبطالاً للعام في المُستقبل، ومرعي لا يقل شأنًا عنهما.

روبرتو مرعي سائق فورمولا 1تذوقّه لطعم البطولات لم يتأخّر كثيرًا إذ أنهى عام 2011 بفوزه بسلسلة فورمولا 3 الأوروبيّة عبر حصده لـ 11 انتصاراً، فضلاً عن وصوله إلى منصّة التّتويج في 20 مُناسبة من أصل 27 سباقًا.

أراد روبرتو بعد هذه الخطوة الإنتقال الى سباقات الـ«جي.بي2»، إلّا إنّ مرسيدس التي وقعّت عقدًا معه لخمس سنوات وضعته في برنامج السيارات السياحيّة الألمانيّة «دي.تي.أم»، بيد إنّه لم يستمتع كثيرًا بجودة السباقات، فآثر العودة العام الماضي الى سباقات المقعد الأحادي مع مُشاركته بسلسلة فورمولا رينو 3.5 ليُحقّق المركز الثالث في الترتيب العام على الرُغم من تواضع تنافسيّة سيارته.

الوالد «القصّة كلها»

بدأت القصّة كُلها مع الوالد طارق الذي التقينا به وهو اللبناني المغترب الذي يتكّلم اللّغة العربيّة بطلاقة؛ إذ شرح لنا كيف بدأت حياته من البرازيل، ومن ثم انتقل الى لبنان وليُضطر بعدها للرحيل الى كندا وإسبانيا إبّان الحرب الأهليّة في بلاد الأرز.

“لقد ولدتُ في البرازيل، فقد سافر والداي إلى هناك نهاية عام 1951 ومن ثم عادا إلى لبنان. عشنا فترة في ساو بالو ومن ثم انتقلنا إلى بارانا” قال طارق مرعي، ثم تابع “نحن عائلة من ستة أشقاء، ثلاثة منا ولدوا في لبنان والبقية في البرازيل. لذا فقد عدت مع عائلتي بعمر السنتين إلى لبنان، ودرست فيها وذهبت إلى الجامعة اللبنانية الوطنية في عاليه التي كانت قريبة من مكان سكننا، حيث درست فيها الفلسفة كما درست علم الإقتصاد في المعهد”.

وأضاف “عندما اشتدت الأحداث في لبنان عام 1980، قامت أمي بإرسالي إلى كندا لإكمال دراستي هناك إذ سبقني أخي، وكذلك كان لنا أقارب من ناحية أمي. عشت في تورونتو عامًا ونيفًا، وبدأت بالعمل إلى جانب دراستي”.

روبرتو مرعيوتابع “قمت بزيارة أخي في إسبانيا عام 1981 وقد أعجبت بالبلد كثيرًا لشبهها بلبنان. عدت إلى كندا وبقيت فيها ستة أشهر ومن ثم قررت بيع كل شيء والانتقال إلى إسبانيا للإستقرار بشكل نهائي عام 1982 في كاستليون الواقعة 80 كيلومترًا شمال مدينة فالنسيا حيث أنشأت عملي الخاص في الإستيراد والتصدير”.

الوالد كان مولعًا وشغوفًا خلال فترة شبابه بالسيارات إذ قاده القدر نحو المُشاركة بعدّة سباقات، قبل أن يتحوّل اهتمامه وشغفه إلى مُتابعة سباقات الفورمولا واحد وخاصة بعد فوز البرازيلي إيمرسون فيتيبالدي ببطولة العالم عامي 1972 و1974.

تابع قائلاً “لطالما كنت مولعًا برياضة السيارات منذ صغري إذ كنت أصرف النقود التي آخذها من أهلي على شراء مجسمات السيارات الرياضية وخاصة سيارات الفورمولا واحد مقارنة بأصدقائي الذين كانوا مهتمين بالسيارات العادية. لقد أحببت رياضة السرعة منذ صغري. وقد ساعدتني نشأتي في البرازيل على استيعاب ومتابعة أحداث وأخبار رياضة الفورمولا واحد، وقد أضاف فوز السائق البرازيلي إيمرسون فيتيبالدي بالبطولة المزيد من الإهتمام بها”.

لم تقتصر مسيرته على شراء مُجسمات السيارات فقط، بل تبعها بمُشاركته في عدّة سباقات «للغو-كارت» عندما توفّرت أمامه القدرة الماليّة، ولكن مسيرته بدأت بسنّ مُتأخّرة ما حال دون تحقيقه لطموحه، ومن هذا المنطلق أراد تعويض حلمه عبر إتاحة الفرصة لابنه روبرتو بالحصول على كامل الدعم بسنّ مُبكّرة.

“بدأتُ القيادة بدايةً في بطولات غو-كارتينغ في إسبانيا عندما بلغت عامي الـ 25 وهو ما جعلني كبيرًا على المشاركة، لكن في حينها، لم يكن من الشائع مشاركة الصغار بكثرة في السباقات” قال طارق، مُضيفًا “ولكني كنت سريعًا للغاية. بعدها أكملت التسابق كهواية رياضية حيث شاركت في بطولات عدة مثل رينو كليو بيست وسباقات تسلق الهضبة، إلا أن طبيعة عملي لم تكن تسمح لي بالتدرب الكافي. في هذه الأثناء، بدأ بعض من أبناء أصدقائي بالاهتمام والمشاركة في سباقات الكارتينغ، لذا كنت أقوم بالإشراف عليهم ومساعدتهم ماديًّا، وقد كانوا على مستوىً جيد للغاية حيث تمكنوا من الفوز ببطولة إسبانيا”.

القدر دفع بروبرتو نحو السباقات

يذكر طارق بأنه اشترى سيارة «كارتينغ» صغيرة لولده “لوكاس” الذي يكبر روبرتو بعامٍ واحد سنة 1996، إلّا إنّ القيادة لم تُعجبه على الإطلاق، فما كان من روبرتو أن أخذ السيارة حيث شعر وللوهلة الأولى بأنها تنتمي إليه.

“عندما بلغ لوكاس عامه السادس اشتريت له سيارة كارت، ولكنه لم يرغب بقيادتها لفترةٍ طويلة” قال الوالد، مُتابعًا “فما كان من روبرتو أن صعد على متنها حيث بدأ بقيادتها بكُلّ مرح. وبعدها قال لي بأنّ سيارته لم تكن سريعة على الإطلاق. فطلب مني مُحركًا أقوى كي يتمكّن من مُنافسة السائقين الآخرين”.

وأضاف “بدأ أولى سباقاته في السابعة، إذ كان ممنوعٌ المُشاركة قبل هذه الفترة. تمكن حينها من الفوز ببطولة المنطقة في الكارتينغ، ومن ثم فاز في بطولة إسبانيا للكارتينغ، ومن ثم بدأ بالمنافسة على المستوى الأوروبي لعدة سنوات تاليّة”.
روبرتو مرعي
يتذكّر لوكاس الذي ساند شقيقه من بداية مشواره الإحترافي هذه الحادثة جيدًا إذ قال “لم أعجب بالكارتينغ، ولكن روبرتو وعلى الرُغم من صغر سنّه كان الأفضل. كُنّا نتسابق أحيانًا، ولكني لم أكن قادرًا على اللّحاق به على الإطلاق. لطالما كان أفضل مني بكثير”.

وأضاف “لقد ساندتُ شقيقي خلال مشواره، والآن أحاول أن أسانده بشكل أكبر منذ انضمامه للفورمولا واحد. لطالما كنت بجانبه وهذا ما دفعني للثقة بموهبته. دخوله للفورمولا واحد يُؤكّد بأنه واحدٌ من أفضل السائقين في العالم. لم أكن مُخطئًا عندما رأيت ذلك في أخي منذ الصغر”.

روبرتو: لبنان بلدي

زار روبرتو لبنان ثلاث مرّات في حياته؛ إذ أتت زيارته الأولى عندما كان عمره عشر سنوات حيث استمتع كثيرًا وتعرف على البلد، قبل أن يتبعها يزيارةٍ ثانيّة في العام 2004، أمّا الزيارة الثالثة والأخيرة فقد أتت وللأسف بعدما فارق جدّه الحياة في العام 2009.

“لبنان بلدٌ جميل جدًا. أوّد فعلاً أن أحصل على فرصة لقضاء المزيد من الوقت هُناك” قال روبرتو، ثم تابع “في أوّل زيارة لي للبنان ذهبت مُباشرةً لتجربة الحمّص. كانت أفضل وجبة مع اللّحم التي تناولتها في حياتي. إنني أحب لبنان كثيرًا”.

وأضاف “أحب كُلّ شيء في لبنان. عندما وصلت قام أبي بأخذنا مع إخوتي الى جميع الأماكن المُميّزة. ولكن فور عودتي وجدتُ بأنّ وزني قد زاد خمسة كيلوغرامات إضافيّة. لقد أكلتُ الكثير بالفعل. هُناك أمر آخر مُميّز في لبنان وهو أهله. فعلى الرُغم من غياب أبي لفترةٍ طويلة عن لبنان، إلا أنه وعندما عدنا التقى أصدقائه القدامى بدا وكأنهم كانوا سوية منذ الأمس فقط! إنّه أمر مذهل. اللبنانيون طيبون جدًا. كان الجميع يدعوننا الى منازلهم وقد كان ذلك أمرًا رائعًا”.

في الحقيقة كانت والدة روبرتو تنوي إيجاد مدرسة له في العام 2006 كي تعود العائلة للإستقرار في لبنان من جديد، إلّا إنّ إندلاع الحرب دفعها لتغيير خططها وإبقاء ولدها في إسبانيا.

وقال روبرتو بهذا الصدد “ذهبت أمي الى لبنان في العام 2006 كي تجد لي مدرسة وأستقرّ هُناك بشكل نهائي. ولكن صادفت تلك الفترة حدوث الكثير من المشاكل السياسيّة والأمنيّة، فما كان منها إلّا أن غيّرت رأيها وقرّرت العودة. حيث رأت أنّ الوضع كان خطيرًا للغاية. إذا كنت تعيش بأمان في إسبانيا فلمَ عليك الذهاب لمكان خطير؟ وهذا كان السبب وراء عدول أمي عن إعادتي للبنان. وفي الحقيقة نحنُ نملك منزلاً في بلدنا”.

خضر الراوي وروبرتو مرعيوعندما سألته عمّا إذا كان سيُكمل مسيرته بالسباقات لو إنتقل بشكل نهائي الى لبنان، أجاب قائلاً “بالطبع. بالطبع. كانت الخطّة تقضي أن أستقّر في لبنان وأكمل دراستي هُناك بينما أكمل تدريباتي وسباقاتي وأسافر من أجل المُشاركة بالبطولات”.

بدأت مسيرة مرعي بالفورمولا واحد العام الماضي مع فريق كاترهام بعدما شارك في التجارب الحُرّة في ثلاث جوائز كُبرى: في إيطاليا، وفي اليابان وروسيا. ولكن كيف حدث ذلك؟ “عندما قام مُدير فريق مرسيدس في الدي.تي.أم غيرهارد أونغار بالإنتقال لفريق كاترهام قام بالتوصية بي. وقال للإدارة بأنّ روبرتو هو أفضل سائق أود وضعه خلف مقود السيارة، إذ كنتُ أسرع في مُناسبتين من زميلي بالفريق ماركوس (إريكسون)”.

وأضاف “بعدها حصلت على الفرصة للإلتحاق بصفوف فريق مانور كوني قدتُ للفريق في سلسلة سباقات الفورمولا 3 الأوروبيّة. كما أن أدائي كان جيدًا في سباقات فورمولا رينو 3.5 العام الماضي على الرُغم من تواضع الإمكانيات بين يديّ. لقد نظر الفريق أيضاً بعين الإعتبار إلى التجارب الحُرّة التي قمتُ بها مع فريق كاترهام وأعجبتهم نتيجتها كذلك”.

أبهر مرعي الجميع بتأديته تحت الأمطار خلال السباق الأوّل على حلبة هنغارورينغ المجريّة ضمن سلسلة فورمولا رينو 3.5 العام الماضي، إذ وعلى الرُغم من تأهلّه في المركز السابع على شبكة الإنطلاق، إلا أنه شقّ طريقه ليفوز بالسباق بفارق 30 ثانيّة عن أقرب منافسيه، وهو أكبر فارق مُسجّل في السلسلة على الإطلاق بين صاحبي المركزين الأوّل والثاني.

“لم أرَ سائقًا تحت الأمطار مثل مرعي. إنه لا يُقهر” قال لي أحد الصحفيين من مجلة «ماركا» الإسبانيّة، ثم أكمل “وللأسف لا يستطيع إظهار ذلك الآن في السباقات. إنه سائق قادر على تحقيق الإنتصارات مع سيارة أفضل”.

يرى مرعي بأنّ السبب الحقيقي وراء قدرته الرائعة على التحكّم بسيارته تحت الأمطار تعود الى السياسة التي اتبعتها والدته منذ الصغر “أنا جيدٌ للغاية على المسارات المائيّة مهما كانت الحلبة. عندما كنت صغيرًا كانت والدتي تأخذني للعب بسيارة الكارتينغ عوضًا عن الذهاب للمدرسة عندما كانت تُمطر. ولهذا السبب أصبحت قيادتي جيدة جدًا من هذه الناحيّة”.

مرعي لم يكن في أفضل حالاته بعد سباق البحرين عندما أنهاه بفارق 44 ثانيّة عن زميله ويل ستيفنز الذي جاء أمامه. ولسانُ الحال يقول: كيف أمكن لمرعي الذي تغلّب على ستيفنز بفارق كبير في سلسلة فورمولا رينو 3.5 العام الماضي أن يُهزم بهذه السهولة من قبل ستيفنز نفسه في السباقات الأولى من موسم الفورمولا واحد؟

“السيارتَان ليستا متطابقتين” قال مرعي عندما سألته عن الأمر، ثم تابع “لا أحصل على القطع الجديدة التي تُضاف على السيارة. الأولويّة تذهب دائماً الى السائق الآخر الذي يجلب المال والرعاة”.

“أهذا السبب الذي يُفسّر فارق الـ 5 كم/ساعة بينكما على الخطوط المُستقيمة؟” يهّز مرعي رأسه ضاحكًا من دون أن يمنحني إجابةً واضحةً “لا أستطيع التحدث كثيرًا حول هذا الموضوع”، ثم وضع اصبعه على فمه رافضًا الإفصاح عن المزيد.

قد تكون مسيرة مرعي بالفورمولا واحد مُهدّدة فعلاً، فهو لا يملك عقدًا لموسم كاملٍ بل يتّم إعلامه بأنه سيُشارك في الجولات قبل فترة من الوقت، إذ هو بحاجة إلى مليوني دولار على الأقلّ كي يضمن تأمين مقعده لكامل الموسم بالدرجة الأولى، وكي يحصل على القطع الجديدة بالدرجة الثانيّة، بينما يحتاج أي سائقٍ آخر الى تأمين 10 ملايين دولار في حال أراد أخذ مكانه. وفي جميع الأحوال سيُشارك السائق الإسباني في سباق موطنه في برشلونة الشهر المُقبل إذ يعلم الحلبة جيدًا خلافًا للجوائز الكُبرى السابقة في آسيا وبالتالي فهو بحاجة إلى تحقيق نتيجة جيدة في ظلّ دخول السائق الهولندي غييدون فان دير غارد على الخطّ مع دعمٍ مالي كبير.

وعلى الرُغم من كل ذلك يتحضّر مرعي في الوقت نفسه للمُشاركة في موسمه الثاني في سباقات فورمولا رينو 3.5 الذي ينطلق هذا الأسبوع، حيث يسعى للفوز باللّقب هذا الموسم مع فريق “بونز راسينغ” بعد تحقيقه للمركز الثالث العام الماضي.

“نافستُ على لقب الفورمولا رينو 3.5 حتّى الجولة الأخيرة العام الماضي مع سيارة ليست الأفضل” قال مرعي، مُضيفًا “لسوء الحظّ، واجهتُ بعض المشاكل الميكانيكيّة في الجولة الأخيرة والتي حرمتني من هذه الفرصة. لذلك من المُهّم بالنسبة لي تحقيق اللّقب هذا العام”.
خضر الراوي وروبرتو مرعي
روبرتو أراد الحديث من جديد عن لبنان في حين كنت أهمّ بطرح سؤالٍ عليه مُتعلقٌ بالفورمولا واحد “نسيت أن أقول لك شيئًا..”، ما هو؟ يُجيب قائلاً “أنا أعتزم زيارة لبنان هذا الصيف وقضاء بعض الوقت هُناك. يُمكنك التنقّل بين مُختلف المناطق بسهولة، يُمكنك الذهاب للتزلج وبعدها في نفس اليوم الإستمتاع على الشاطئ. إنّه أمر رائع”.

حتى الأمس القريب، كانت ساحة البطولة خاليّة من أي سائق عربي، وها نحن اليوم نفتخر بوجود سائقَين عربيين اثنين يضخان دمًّا عربيًّا في عروق هذه البطولة ويبعثان في زوايا ومنعطفات حلباتها نفسًا عربيًّا خالصًا. قصة مرعي، ليست قصة شاب لبناني مغترب في الخارج فحسب، بل هي حكاية وردة الأمل التي استطاعت أن تتحدى كل شيء، وأن تشق لنفسها طريقًا نحو السماء من بين ثنايا الصخور، هي تلك الوردة التي زرعتها عائلة لبنانيّة بعيدًا خلف البحار لتعود بعبقها وألقها أخيرًا إلى موطنها الأم، هي قصة الروح لأسرةٍ حاولت فعل المستحيل كي تُحقّق حلمها وبذلت الغالي والنفيس للدفع بابنها نحو التألق. هذه الوردة بأمس الحاجة إلى قطرات المطر، فهل سنمنحها ما تستحّق!؟

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.