
بقلم الاستاذة: سحر الزارعي
ليست كل المرايا تعكس الصور.
بعضها يعكس الحقيقة.
في كل مؤسسة، نُشيّد جدرانًا من الخطط،
نطليها بلون الأهداف، نُزيّنها بإطارات القيم…
ثم نجلس أمامها ننتظر أن “يبدأ الفريق”.
لكنّ الفريق لا يبدأ بالخطة،
بل بالنظر. النظر العميق.
دعني أحكِ لك عن مرآة.
وُضعت بلا تعليمات.
لم تُوجَّه لها كلمات.
وقف أمامها عشرة أشخاص.
لم يُطلب منهم أن يقولوا شيئًا.
فقط… أن يَظهروا.
وفجأة، صار كل واحد يرى نفسه ضمن انعكاس أكبر.
لم يكن المشهد تمرينًا إداريًا.
كان كشفًا.
كل وجهٍ أدرك أن وجوده لا يكتمل إلا حين يلتقي بوجهٍ آخر.
أن “الأنا” ليست سوى جزءٍ صغير من “نحن” لا تُرى إلا في حضورهم.
المؤسسات كثيرًا ما تتوهّم أن الوحدة تصنعها اللوائح.
أن الانسجام يأتي من خارطة تنظيمية مُحكمة.
لكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير:
الفرق التي تعمل حقًا، لا تُديرها المناصب، بل تُحرّكها الرؤية الصامتة…
– أن نكون مرآة لبعضنا.
– أن نرى ضعف الآخر دون أن نُكبره،
وأن نرى جماله دون أن نُقزّمه،
وأن نعرف أن الدور لا يُقاس بموقعه، بل بأثره.
في العمل الحقيقي، لا أحد يسبق الآخر.
بل كلٌّ يُفسح للثاني مكانًا، لأننا نُدرك أن النجاح ليس أن تبرز، بل أن تُكمِل.
أن لا أحد يُتمّ الصورة وحده.
ولا أحد يرى الصورة وحده.
المرآة التي جمعتهم لم تكن زجاجًا، بل كانت لحظة نادرة… من الوعي.
وفي الاجتماع القادم، لا تبحث عن من يُمسك بالخيط الأول.
بل ابحث عمّن يملك الشجاعة ليقف بلا دور… ويرى الجميع.
ثم يبدأ معهم، لا قبلهم.
#تفكّر_قيادي
#بوح_السحر