هويتنا العربية… الى أين…؟!
مقال يستحق القراءة الكاتبة والأديبة التونسية آمال صالح

_________________________________

هويتنا العربية… الى أين…؟

لم أنس يوما أصلي أو جذوري العربية التي أسست وكونت معالم شخصيتي اليوم… لأنها هي أساس توازني الذاتي في خضم الحياة…
والأكيد في منطق الأشياء بصفة عامة أن من يتشبث بجذوره هو شخص متصالح ومتزن…
وقد لاحظت أنهم في أوروبا يرون أن الإنسان المتزن هو من يعرف كيف يصل الحلقات المفقودة ببعضها… بمعنى آخر الماضي والحاضر… المجتمع الغربي مع المجتمع الشرقي… تحقق هذا التوازن يعطي للآخر مساحة من الأمان…

لأن الإنسان الذي لا يصل الماضي بالحاضر ويتعمق في تاريخ أجداده… سوف يفقد هذا التوازن…

التوازن بأوروبا لسيكولوجية الشخص هو تحقيق أمان للمجتمع الذي هو فيه…

هذا أمر مفرغ منه… وكلما شاهدنا الهوية العربية متجسدة في القيم التي نواصل العيش بها… كلما أحسسنا أننا لا زلنا بخير…

أنا اليوم أود التطرق للزاوية المعتمة التي ما فتئت ألاحظ اجتياحها داخل مجتمعاتنا العربية… وأتساءل عن مدى الخطر الذي يهدد هويتنا العربية…
السادة الكرام… حين أقول الهوية… فهي تعني الكثير…
الهوية هي أسلوب حياة…
طريقة تعامل…
احترام الأشخاص الكبار في السن… كنا صغارا نخجل أن نرفع أصواتنا أمام الكبار… لا نرفع رؤوسنا احتراما…
الهوية هي الاعتزاز باللغة… البر بالوالدين…
الهوية هي الكرم العربي في كل تجلياته: الكلمة الطيبة، جبر الخواطر… المحبة ومراعاة شعور الآخرين.
الهوية هي تاريخنا الذي أسس حضارات…
هل سمعتم بحضارات تؤسس بالرقص؟

يا إلهي… كلما أفتح شاشة هاتفي المحمول… أجد مجتمعا آخر موازيا لعالمي… !!!
أغاني هابطة بكلمات غير مفهومة… رقص ماجن… حركات ليس فيها من رقي الإنسان ولو واحد بالمائة…

المشكلة أيها السادة الكرام… الظاهرة تجاوزت المراهقين… تضخمت المصيبة… ودخلت البيوت… فنرى المرأة مع زوجها يرقصان…
ماذا بعد… ؟!

كيف انتقل المجتمع من تاريخ عظيم إلى سفاسف إلكترونية مشينة…

معالم الهوية العربية في أزمة… لأن الصورة التي يقدمونها تأثر على البقية…
يجب أن نعيد التحكم في أسباب هذا التسيب الأخلاقي في كل المجتمعات العربية…
أن تبرمج مثلا في المدارس والمعاهد مناهج توعوية إضافية…للتعزيز من بناء هياكل المستقبل… وأن يحاسب كل من ينشر هذه التظاهرات للتحديد منها والقضاء عليها لأنها لا تمت لهويتنا بشيء بل بالعكس هي تقوم بالهدم لكل ما هو جميل وراقي…

أيضا أن يكرم أصحاب الأقلام حتى تعرف الأجيال القادمة قيمة الثقافة والعمل والمثابرة… بدون تعلم لا يمكن أن نرقى بمجتمعاتنا.

المال ليس النهاية والهدف هو فقط وسيلة للحياة بكرامة… والعيش الأفضل.

لا بد أن نبرز قيمة المتعلم المثقف… عوض الذي يريد فقط تفريغ العقول بمحتويات ليس فيها أي غذاء للروح أو للعقل.

هويتنا العربية أخشى أحيانا أن أحس بوحدتي في عالم موازي… أراقب روحي توغل في البعد… والاغتراب…

الجذور هي العالم الذي يصل الحلقات المفقودة ببعضها…ذلك التناغم الذي يحقق الرقي… والسمو والأمان.

نداء أيها السادة أرجو أن يكون له صدى…
Amel Saleh

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.