لا تَشْكُ لِلنَّاسِ جُرحًا أَنْتَ صَاحِبُهُ
لا يُؤْلِمُ الجَرحُ إِلَّا مَنْ بِهِ ألَمُ
شَكْوَاكَ لِلنَّاسِ يَا ابنَ النَّاسِ مَنْقصَةٌ
وَمَنْ مِنَ النَّاسِ صَاحَ مَا بِهِ سَقَمُ
فَإِنْ شَكَوْتَ لِمَنْ طَابَ الزَّمَانُ لَهُ
عَيْنَاكَ تَغْلِي وَمَنْ تَشْكُو لَهُ صَنَمُ
وَإِنْ شَكَوْتَ لِمَنْ شَكْوَاكَ تُسْعِدُهُ
أَضَفْتَ جُرحًا إِلَىٰ جُرحِكَ اسْمُهُ النَّدَمُ
هَلِ الْمُوَاسَاةُ يَوْمًا حرَّرَتْ وَطَنًا؟
أمِ التَّعَازِي بَدِيلٌ إِنْ هَوَىٰ العَلَمُ
مَنْ يُنْدُبِ الْحَظَّ يُطْفِئُ عَيْنَ هِمَّتِهِ
لَا عَيْنَ لِلْحَظِّ إِنْ لَمْ تُبصِرِ الْهِمَمُ
كَمْ خَابَ ظَنِّي بِمَنْ أَهْدَيْتُهُ ثِقَتِي
فَأَجْبَرَتْنِي عَلَىٰ هِجْرَانِهِ التُّهَمُ
كَمْ صِرْتُ جِسْرًا لِمَنْ أَحْبَبْتُهُ فَمَشَىٰ
عَلَىٰ ضُلُوعِي وَكَمْ زَلَّتْ بِهِ قَدَمُ
فَدَاسَ قَلْبِي وَكَانَ القَلْبُ مَنْزِلَهُ
فَمَا وَفَائِي لِخِلٍّ مَا لَهُ قِيمُ
لَا الْيَأْسُ ثَوْبِي وَلَا الأَحْزَانُ تَكْسِرُنِي
جُرْحِي عَنِيدٌ بِلَسْعِ النَّارِ يَلْتَئِمُ
اِشْرَبْ دُمُوعَكَ وَاجْرَعْ مُرَّهَا عَسَلًا
يَغْزُو الشُّمُوعَ حَرِيقٌ وَهِيَ تَبْتَسِمُ
وَالْجِمْ هُمُومَكَ وَاسْرِجْ ظَهْرَهَا فَرَسًا
وَانْهَضْ كَسَيْفٍ إِذَا الأَنْصَالُ تَلْتَحِمُ
فَالْخَيْرُ حَمْلٌ وَدِيعٌ خَائِفٌ قَلِقٌ
وَالشَّرُّ ذِئْبٌ خَبِيثٌ مَاكِرٌ نَهِمُ
كُلُّ السَّكَاكِينِ صَوْبِ الشَّاةِ رَاكِضَةٌ
لِتُطَمْئِنَ الذِّئْبَ إِنَّ الشَّمْلَ مُلْتَئِمُ
كُنْ ذَا دَهَاءٍ وَكُنْ لِصًّا بِغَيْرِ يَدٍ
تَرَىٰ الْمَلَذَّاتِ تَحْتَ يَدَيْكَ تَزْدَحِمُ
فَالْمَالُ وَالْجَاهُ تِمْثَالَانِ مِنْ ذَهَبٍ
لَهُمَا تُصَلِّي بِكُلِّ لُغَاتِهَا الأُمَمُ!
شَكْوَاكَ شَكْوَايَ يَا مَنْ تَكْتَوِي أَلَمًا
مَا سَالَ دَمْعٌ عَلَى الْخَدَّيْنِ سَالَ دَمُ
وَمِنْ سِوَىٰ اللَّهِ نَأْوِي تَحْتَ سِدْرَتِهِ
وَنَسْتَغِيثُ بِهِ عَوْنًا وَنَعْتَصِمُ
كُنْ فَيْلَسُوفًا تَرَىٰ أَنَّ الجَمِيعَ هُنَا
يَتَقَاتَلُونَ عَلَىٰ عَدَمٍ وَهُمْ عَدَمُ!
— الشاعر الراحل: كريم العراقي، رحمه الله