انوثة طاغية واعلام متقن المدونة والناشطة هيا الشعراني
* بقلم: علي نفنوف
ما اصعب ان تكتب عن من يفوقك دهشة او يسبقك في الحضور او يتقن من الكلمات ما تعجز انت عن لملمته بين السطور كيف تكتب عن الجمال وهو ليس فكرة تروى بل شعور يلمس القلب قبل العين احساس لا يدرك بالعقل بل يرتجف له الوجدان
ان تكتب عن امرأة تتعدد فيها الوجوه الخلابة وتلتقي في روحها اطياف الاعلام ووميض الاعلان وبساطة الحياة فانت في حضرة الحيرة لا محالة حيرة العارف بانه امام انوثة بازخة لا تشبه احدا ولا يشبهها احد
هيا الشعراني ليست مجرد اسم في صفحات السوشال ميديا بل امرأة تشبه القصائد حين تتلى على مهل يشبه حضورها الضوء حين يتسلل برقة دون ان يستأذن في كل ملامحها شيء من الرواية التي لا تختصر ومن الانوثة التي لا تؤطر ومن الابداع الذي يسير على الارض كما لو كان حلما ناعما يمشي على اطراف اصابعه
حين تكتب عنها فانت لا تدون سيرة بل توشح جدران الكلام برائحة حضورها وتجعل من اللغة مرآة تعكس بعضا مما لا يقال انها امرأة جمعت في ذاتها بهاء الطلة وذكاء الكلمة واناقة الحس فكانت عنوانا للجمال المتقن واعلاما لا يستعير بل يصنع
في فضاء السوشال ميديا العربي حيث تتعدد الاصوات وتتقاطع التجارب تبرز هيا الشعراني كمدونة ومؤثرة اعلامية تتقن فن الحضور بلغة قريبة من الناس واسلوب شخصي يحمل روحا انثوية مرهفة تقيم في دبي وتبني لنفسها مساحة رقمية تعبر فيها عن تفاصيل الحياة اليومية وتشارك جمهورها مواقف تأملات وقصصا تعبر عن الجيل الجديد من النساء الكاتبات والمبدعات في المنطقة
على حسابها في انستغرام حيث يتجاوز عدد متابعيها خمسة وعشرين الفا تظهر هيا بصورة امرأة تعرف تماما كيف تحول اللحظة العابرة الى مادة حوارية او سردية جاذبة هي ليست فقط مدونة شخصية بل صانعة محتوى تعكس بتلقائية اهتمامات مجتمعية وثقافية وتلتقط من محيطها اليومي افكارا تعبر عنها بجمل قصيرة او صور معبرة كما تفعل ايضا في منصة ثريدز بتفاعل حيوي وذكي
ما يميز هيا الشعراني ليس فقط اسلوبها في الكتابة او اختيار الصور بل قدرتها على المزج بين ما هو شخصي وانساني وبين ما هو عام واجتماعي منشوراتها تتراوح بين الخواطر العابرة والدعوات الروحية والاقتباسات العاطفية ما يجعلها قريبة من جمهور واسع يجد فيها مرآة لما يشعر به او يبحث عنه
ليست هيا الشعراني من اولئك الكتاب الاستعراضيين الذين يتقنون صناعة البهرجة او اللهاث وراء التصفيق المجاني بل تمضي بخطى واثقة هادئة لا تتعجل الوصول ولا تغريها الفانتازيا الصاخبة هي من اولئك القلائل الذين اختاروا طريق الوعي والصدق كجسر لعبور المسافة بين الكلمة والانسان في كتابتها صدق شفيف لا يخبو وفي حضورها طاقة انسانية ناعمة تخدم محيطها واصدقاءها لا تصطنع ولا تتكلف
هي كاتبة تعرف ان الكلمة موقف وان الانسان اولا حتى في مادتها الاعلانية او الاعلامية لا تفقد اتزانها ولا تتخلى عن انسانيتها لا تكتب لتدهش بل لتقرب لتواسي لتترك اثرا لا اثر ضوء عابر وهذا ليس بغريب على ابنة مدينة انجبت محمد الماغوط ذلك الشاعر النزق الذي صار الصدق عنوانا لشعره وصار الشعر مرآة للمدينة التي لا تزال تنجب من يشبهونه في التكوين لا في الشكل بل في الجوهر
افتخر انني انتمي الى وطن يضم في فسيفسائه هذه الكاتبة المدونة والناشطة التي تمثل ببساطتها العميقة وصدقها الخالي من التصنع ملامح جيل يكتب لا ليقال عنه بل ليقال من خلاله هيا الشعراني ليست فقط حضورا رقميا بل تجسيد لصوت ناعم لا يغيب وصدق انثوي لا يضيع في زحام الضجيج
تجدها في المعارض الفنية كأنها اجمل لوحة لم توقع بعد تكتفي بالحضور لتمنح المكان معنى وفي المناسبات الشعرية تبدو كالومضة التي لا تمسك لكنها تضيء وتبقى اما حين تحضر في معارض التصوير الضوئي فهي الضوء نفسه ذاك الذي تتكئ عليه العدسة او تتكئ عليه اللوحة لئلا تسقط في العادي
وفي عالم المجوهرات لا تبدو زينة تضاف بل لؤلؤة تؤسس حولها الزينة ذاتها انها عنوان ابداع عنوان جمال عنوان مختلف يصر على ان يحتفظ بفرادته هيا الشعراني لم تتنازل عن انوثتها بل حافظت عليها كما يحافظ العاشق على قصيدته الاولى بشجاعة الرجال ورقة من يعرف ان الجمال موقف
تعيش في عاصمة الضوء وفي قلبها الف عاصمة لا بل الف الف عاصمة للضوء تمضي كما تمضي قصيدة لا تنتهي وكأنها وعد ناعم بالجمال في زمن يمضي سريعا دون ان ينتبه.