معرض الصور الفوتوغرافية “الجانب الأكثر خضارا من الخط”: شريط يحلق أملا

يتواصل في جاليري زارا حتى 18 الشهر الحالي وتعرض على هامشه أفلام وثائقية

 

محمد جميل خضر

عمان- يَقترح الفنان الفرنسي ألبن بيوسات زاوية نظر جديدة للخط الأخضر الفاصل بين حدود دولة اسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية.

ويضع في معرضه “الجانب الأكثر خضارا من الخط” المتواصل حتى 18 الشهر الحالي في جاليري زارا، لمسات أمل عبر قماشة خضراء تشكل هي وبالون من اللون نفسه، ثيمة رئيسية في صوره الملتقطة خلال جولة زار أثناءها مدنا عديدة شرق وغرب الخط الأخضر الوهمي: ام الفحم, جلبوت, دراجوت, بيت اور, القدس, حيفا, تل ابيب ،بدرس, الجليل, الجولان, البحر الميت, قرية سالم, بتير, قلقيلية وقطنا وغيرها.

وعبر 55 صورة متعددة الحجوم ومتنوعة درجات السطوع اللوني, يفرغ بيوسات المولود في فرنسا والمقيم في القدس منذ العام 2002 رؤيته حول العلاقة بين الصورة الملتقطة بعين عدسته وبين الثقافة الحاملة لحركة الكاميرا ولحظة تأجج المعنى في بؤرتها.

ومع قليل من روح الدعابة, يصبح المشهد فانتازيا بامتياز, فالخط الحامل لقيمة سياسية أكثر بكثير من تمثله الجغرافي, يفصل في حالات بيعنها بين غرف البيت الواحد، ويقسم ظهر عائلة، فيجعل بعض أفرادها غرب الخط وبعضهم الآخر شرقه, ويجعل محل بيع لحوم محتارا في تفاصيل موجوداته, لأن ملتهمي ذبائحه وشرائح لحمه هم من الجانبين, وفي كل هذه التفاصيل الصغيرة والمثيرة، يظل بيوسات الحاصل على درجات عليا في الإدارة والسياسة أمينا لثيمته “الشريط أو الكرة الخضراء” ويضعها في المكان الأكثر دلالة وتعبيرا عن سوريالية تفاصيل الخط الأخضر الفاصل.

ويبحث بيوسارت المتخصص في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي عبر صور معرضه في ماهية الخط الأخضر كمرجع محوري في مفاوضات السلام, ويعاين من خلال صور يرصد فيها حدود المكان والزمان ويلتقط في تفاصيلها لحظات انسانية مفعمة بالمعنى والنظرات المتطلعة الى غد أفضل، أشكال الفصل المحتمل بين المجتمعات.

ويرى بيوسات الذي افتتح معرضه في زارا بالتزامن مع افتتاح معرض مشابه في موضوعاته في جاليري دار الأندى للفنانين: العراقي محمد آل تاجر والهولندية ناديت ري فسر والفلسطيني كاجد شلا والإنجليزي ألين جيغنوكس، أن فكرة الفصل الوهمية قائمة بحكم الواقع والضرورة بين الناس والجهات الرسمية “حتى ولو بشكل خفي وبوصفه قماشته الخضراء وبالونه من الورق المقوى الأخضر في أماكن مختلفة: من شباك بين ليقسمه نصفين, فوق ساق شجرة قديمة يابسة، في قلب نفق سيارات شبه مظلم، على جانب شارع ممتد، بمنتصف محل بيع لحوم فوق هضبة مطلة، قريبا من ساحة لعب صغار ومشاكسة فرح، يسعى الفنان الفرنسي إلى تخفيف مأساوية الحالة القائمة، ليس بإخفاء تداعياتها، ولكن برصد أدق تفاصيلها، وفي ذلك كان شريطه الأخضر, يحلق حالما في فضاء أثيري، وبين لون اقتراحاته حول إمكانية ما، لجعل الحياة محتملة، ولمد جسر من التواصل بين الإنسان وآفاق حياته وفضاءات أمانيه.

وفي تفاصيل صوره، يظهر ما يعكس بعض رؤى بيوسات حول الحاجات المشتركة للبشر ولحظات بوحهم وضعفهم الإنساني، وما يمكن ان يشتركوا فيه من ميولات ورغبات وغرائز، وعن ماهية جانبه الأخضر “الأكثر خضارا أو اخضرارا من الخط” عن مبررات عمله التصويري ودوافع حمله لكاميرته يقول بيوسات “كثيرة هي المفاهيم السياسية، والمبادرات والشعارات الجديدة في الشرق الأوسط، وكلها تكمل بعضها، بينما تستنفذ القديمة منها نفسها. والأشهر تتلاحق تباعا، وفي هذا الجزء من العالم، يميل التفكير التجريدي الدائم إلى فقدان الرؤية. إلا أن هناك مرجعا واحدا يحمل إمكانية لا تنتهي بالنسبة للتخيل، وللرؤية السياسية, ذلكم هو الخط الأخضر”.

ويشير بيوسات إلى رغبته بجعل “هذا الخط الأخضر باديا للعيان” لأن أحدا لم يره فعليا”، عدا أولئك المقيمين حول أو في حدوده”، ويبدي دهشته بأنه ومع ذلك فإن الجميع يشيرون إليه بالاسم.

وعبر قماشة بلغ طولها 12 مترا, يلخص الفنان الفرنسي مفهومه للخط الأخضر الفاصل بين فكرتين ومشروعين وتناقضين بقليل من الفكاهة، والتخصيص، عندما يتعلق الأمر بمساحة واضحة للعيان، إلا أنها تحتاج إلى قدر من الحلم والأمنيات، وترغب أن تحلق مثل “طيارات” ورق صغيرة.

وانطلاقا من السابعة من مساء غد في جاليري زارا تعرض الى جوار المعرض وعلى هامشه خمسة أفلام وثائقية تدور في فلك الفكرة وتكمل مشروعيتها: “رماد” من إخراج ديما عيسى في السابعة من مساء غد في الجاليري، “أولاد ارنا” من اخراج جوليانو مرخميس في السابعة من مساء بعد غد، “بايلا نعيش معا منفصلين” إخراج الياس دينيتريون في السابعة من مساء الاثنين المقبل 15 الشهر الحالي، “الانتظار” للفلسطيني رشيد مشهراوي الحائز عبره على عدد من الجوائز العالمية في السابعة من مساء الثلاثاء المقبل 16 الشهر الحالي، واخيرا “المحقق الخاص” لمخرجته علا تباري في السابعة من مساء الاربعاء المقبل 17 الشهر الحالي.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.