مصورون “حشريون” يبيعون لمن يدفع أكثر
” الباباراتزي”
كلمة السر في فضائح النجوم
“باباراتزي” الكلمة التي باتت تخيف المشاهير وتقض مضاجعهم، فهم أولئك المصورين الذين يختبئون بين الأشجار بل ويقتحمون باحات المنازل والمناطق الخاصة ويتحينون الفرصة لالتقاط صورة أو مقطع فيديو لهذا النجم أو ذاك ساعين وراء كشف سر ما للعلن، وتاريخياً ذكرت الكلمة لأول مرة في الفيلم الإيطالي ” La Dolce Vita” الذي أخرجه فيدريكو فيليني في سنة 1960، وكانت تعني المصور المزعج والذي يضايق النجوم والمشاهير، لكن المعنى الأصلي للكلمة في الثقافة الإيطالية المحلية يشير إلى أنها “الصوت المزعج الصادر عن البعوض”.ويقال إن الصحافة الصفراء وهي المتخصصة في أخبار الفضائح ماكان لها أن تشتهر لولا الخدمات التي يقدمها هؤلاء المصورون الذين يعملون بشكل مستقل ويبيعون ما يلتقطونه من صور ولقطات فيديو لمن يدفع أكثر، ويعتبر الأميركي رون غاليلا ذو الـ 81 سنة عراب ” الباباراتزي”، وليس من الصدفة أن الرجل من أصول إيطالية.
وقد كان أبرز من أسس لهذه المهنة الخاصة التي تحولت اليوم إلى دجاجة تبيض ذهباً لأصحابها خاصة مع التطور الهائل في التكنولوجيا الرقمية في القرن الواحد والعشرين، وتتراوح أسعار الصور ولقطات الفيديو بحسب أهميتها، فالنجم الأقل شهرة قد تباع صوره ابتداء من 150 دولار، وقد يتجاوز المبلغ النصف مليون دولار في حال كانت الصورة لنجم كبير وتكشف سراً ما خاصاً بالنجم أو وضعية خاصة، كما حصل مع الصور التي التقطت أخيرا لزوجة الأمير البريطاني ويليام، كيت ميدلتون وهي عارية في شرفة بقصر في فرنسا، أما المصورون الذين يتم التعاقد معهم من قبل المشاهير لالتقاط صور خاصة فهؤلاء لا يطلق عليهم ” باباراتزي” بل “مصورو المشاهير”.

مشاهير الباباراتزي
العراب غاليلا
لعب المصور الأميركي رون غاليلا ذو الأصول الإيطالية دوراً رئيساً في التأسيس لثقافة الباباراتزي في الولايات المتحدة والعالم، ويقول هو عن نفسه أنه يدين في ذلك للقوات المسلحة الأميركية حين كان مصوراً مع القوات الجوية في الحرب الكورية.
وأجمعت أشهر المجلات والصحف الاميركية والعالمية من نيوزويك وتايم ماغازين وفانيتي فير على أن الرجل هو الأشهر على الإطلاق في تاريخ الباباراتزي، ونظم للرجل معارض عديدة في مدن عالمية كبرى لعرض أبرز صوره التاريخية، ورغم أنه تورط في مشاكل كبيرة مع العديد من مشاهير هوليوود ونجوم السياسة والمال والأعمال إلا أن قصته مع أرملة الرئيس الأميركي السابق جاكلين كينيدي كانت الأبرز في حياته، فقد كان أكثر شخص مزعج لسيدة أميركا الأولى في ستينات القرن الماضي، ودخل معها في معارك قضائية بعد أن ضاقت ذرعاً بالصور المثيرة التي كان يلتقطها لها وتنشر في العديد من وسائل الإعلام الاميركية، خاصة بعد مقتل زوجها الرئيس جون كينيدي ودخولها في علاقة مع الملياردير الشهير أوناسيس.
وتعرض مرة للاعتقال من قبل الحرس الخاص لجاكلين وضرب ضرباً مبرحاً، ورغم أنها نجحت في أن تبعده عنها بـ 50 قدما إلا أن ذلك لم يحل دون استمراره في إزعاجها والتقاط الصور لها ولأفراد عائلتها، ومن الصور المثيرة تلك التي التقطها لنجم السينما الاميركية في السبعينات من القرن الماضي مارلين براندو خلال تواجده سراً في ” تشاينا تاون” بنيويورك، لكنه تلقى لكمة قوية في الوجه من براندو وكسرت الكاميرا، ونجح غاليلا بعد ذلك في الحصول على تعويض من المحكمة بقيمة 40 ألف دولار، وكان وقتها مبلغاً كبيراً، وكانت له قصص شهيرة مع الكثيرين منهم ملك البوب الراحل مايكل جاكسون ومادونا وآخرون.
رجل إيطاليا
ارتبط اسم الإيطالي فابريزيو كورونا بابرز الفضائح التي ضربت أوروبا وإيطاليا على وجه الخصوص في العشرية الأخيرة، فقد كان الرجل وراء التقاط صور مثيرة لرئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني ولعدد من الفتيات اللواتي اتهمن بإقامة علاقات غير شرعية معه، وكذلك لعدد من نجوم الكرة الإيطالية، وتبقى القضية الأشهر في سجله التي أطلقت عليها الصحافة الايطالية اسم “فاليتوبولي”، وكانت القصة قد تفجرت في 2007 وتضمنت تحقيقات موسعة كان بينها صور مثيرة التقطها كورونا لمسؤولين ومدراء ومعهم سيلفيو برلسكوني في أوضاع مخلة مع فتيات، فقد ادعى المصور وآخرون أن عدداً من الفتيات كن يجبرن على تلبية رغبات جنسية لكبار الموظفين في مؤسسات إعلامية تابعة لسيلفيو برلسكوني من أجل توظيفهن، لكن القضية تم التحفظ عليها بسبب قلة الإدلة في حين سجن المصور كورونا لـ77 يوماً، ثم بعدها لبضعة أشهر تحت الإقامة الجبرية، ولم يتوقف الرجل عن عمله، بل عاد له وبقوة حيث كان له دوره الرئيس في الكشف عن عدد من الفضائح الجنسية لنجوم بارزين في كرة القدم الإيطالية.
تخصص بريطاني
من أستراليا إلى بريطانيا حيث استقر به المقام، تحول دارين ليونز ذو الـ 47 عاماً اليوم إلى أحد مشاهير الباباراتزي في بريطانيا وأوروبا، وعلى الرغم من تخصصه بداية في صور أحداث كبرى مثل الحروب لحساب صحف بريطانية شهيرة إلا أنه مالبث أن تحول إلى تخصص در عليه الملايين من الجنيهات، وذلك بعد أن أسس وكالة خاصة به يزود من خلالها مختلف وسائل الإعلام الراغبة في صور خاصة لمشاهير الفن والسينما والرياضة في بريطانيا، وكان الرجل وراء الصورة الشهيرة التي دعمت قصة العلاقة غير الشرعية التي جمعت ديفيد بيكهام بالمساعدة الشخصية ريبيكا لووس.
وكعادة مصوري الباباراتزي فقد تحول الرجل اليوم إلى أحد مشاهير الإعلام في بريطانيا بعد أن اقترب من الخمسين عاماً وحقق ثروة كبيرة من عمل طويل كشف فيه سلسلة طويلة من الفضائح وأثار قضايا كبيرة في المجتمع البريطاني، لكن يحسب له وهو الذي كان مهووساً بالتقاط الصور للأميرة البريطانية الراحلة ديانا إنه لم يكن بين المصورين السبعة الذين لاحقوها خلال ليلتها الأخيرة في فرنسا حين تحطمت بها السيارة وتوفيت مع صديقها دودي الفايد.
الملك الفرنسي
يطلق الفرنسيون على دانيال انجيلي (69 عاما) “ملك الباباراتزي” نظراً لشهرته الطاغية في هذا المجال في فرنسا وأوروبا، فقد كان الأبرز بين المصورين الذين يغطون ليالي باريس الخاصة لمشاهير الفن والرياضة والسياسة، بل إنه هو من كان يعتمد عليه لملاحقة المشاهير الذين يزورون فرنسا سواء علناً أو سراً، وكان الرجل يقسم يومه بين عدد من المدن الفرنسية على الرغم من تباعدها بحسب قيمة الحدث أو الشخصية التي يلاحقها، وكان من أبرز ضحاياه الملياردير الأميركي أوناسيس وزوجته جاكلين (أرملة الرئيس الأميركي السابق جون كينيدي) وكذلك الممثلة الشهيرة إليزابيت تايلور والمغني جون لينون مؤسس فرقة البيتلز البريطانية، ومن أشهر صوره تلك التي التقطت سنة 1977 للملياردير الإيطالي ومالك شركة فيات جيوفاني انيلي وهو يقفز من يخته عارياً، وأثارت هذه الصورة ضجة كبيرة في تلك الفترة، كما يذكر أن الرجل ولمهارته العالية تعاقد معه المغني الشهير جوني هاليداي ليكون مصوره الخاص لنحو 15 سنة.
أشهر الأحداث المرتبطة بالباباراتزي
* تعتبر الأميرة البريطانية الراحلة ديانا أشهر ضحايا مصوري الفضائح، فبعد سنوات طوال من الملاحقة المستمرة التي تعرضت لها من قبلهم سواء خلال زواجها بالأمير تشارلز أو بعد طلاقها منه وارتباطها بعلاقة مع دودي الفايد نجل الملياردير المصري محمد الفايد، كانت نهايتها في ليلة مطاردة مثيرة في شوارع باريس انتهت بتحطم سيارتها ووفاتها مع صديقها دودي بعد أن غادرا سراً فندق ريتز في باريس والمملوك وقتها لعائلة الفايد، وحين كان سائقها يحاول الهروب من كاميرات سبعة من مصوري الباباراتزي قاد السيارة بسرعة جنونية في أحد أنفاق باريس لكنه لم يستطع التحكم في السيارة فاصطدمت بأحد الأعمدة مما أدى إلى وفاتها مع صديقها وسائقها، وقيل الكثير عن هذه الحادثة وبسببها تم التشديد في القوانين المنظمة لعمل المصورين وللحؤول دون التدخل في خصوصية الناس، لكن لم يتم إثبات دور الباباراتزي المباشر في الوفاة، بل قيل إن السبب كان القيادة المتهورة للسائق، لكن الكثيرين قالوا إن السائق ماكان ليقود بتلك السرعة لولا مطادرة المصورين للأميرة الراحلة.
* سقطت المغنية الشهيرة مادونا مرة من على الحصان خلال تدربها على الفروسية، وتعرضت لكدمات في أنحاء جسدها وكادت تفارق الحياة بسبب هذه الحادثة، واتهمت مصوري الباباراتزي بأنهم فاجأو الحصان من بين الأشجار وأفزعوه مما أدى لسقوطها، لكن المصور الذي التقط الصور فند هذه الادعاءات وقال إن توقيت التقاط الصور يعود لما بعد السقوط، وكثيرة هي الحوادث التي تورطت فيها مادونا مع المصورين لعل اشهرها حين كانت في قمة نجوميتها في سنة 1985، حيث انتبه صديقها في تلك الفترة ونجم هوليوود شون بين لأحد المصورين فسارع إلى ضربه وتهشيم الكاميرا مما تسبب في دفعه تعويضاً للمصور عن الأضرار التي تسبب فيها.
* رغم أنها سافرت سراً مع زوجها الأمير البريطاني وليام إلى قصر أحد أخواله في كوت دازير بفرنسا، وفي مكان منعزل في الريف الفرنسي إلا أن أحد المصورين كان لها بالمرصاد من على بعد أكثر من 500 متر، حيث التقط لها صوراً تظهر خلالها عارية وهي على شرفة القصر تستجم تحت أشعة الصيف الفرنسي، وبسرعت وجدت الصور طريقها إلى النشر في مجلة ” كلوزر” الفرنسية، ثم بعد ذلك على صفحات ومواقع إلكترونية لمجلات في إيطاليا والدنمارك، وأثار الأمر حفيظة العائلة المالكة في بريطانيا مما أعاد للأذهان حادثة ديانا.
والمثير في الأمر أن قصة الصور الفاضحة جاءت بعد أسابيع قليلة من لقطات فيديو للأمير هاري في وضع غير لائق بأحد الفنادق بأميركا خلال حفلة خاصة، ويقال إن المصور استخدم عدسة بقوة “1000 مم” ليتمكن من التقط صور للأميرة من مسافة بعيدة، وبعد أن رفعت دعوى في القضاء الفرنسي تم إيقاف نشر الصور، ويتوقع أن يحكم بتعويض يتراوح مابين 40 ألف و250 ألف يورو للأميرة.
* في عز الأزمة النفسية التي عانت منها المغنية الأميركية بريتني سبيرز لم تجد رحمة من مصوري الباباراتزي، فحين كانت في طريقها لمحطة وقود سنة 2007 انزعجت من المصورين الملاحقين لها، فخرجت من السيارة وكانت في حالة يرثى لها، حيث كانت تخضع وقتها لعلاج نفسي وكانت مضطربة وحالقة شعرها بالكامل، فقامت بضرب المصورين والتعرض لهم والتقطت لها صور مثيرة ومفزعة للحالة التي وصلت إليها بريتني سبيرز، وانتشرت تلك الصور في مختلف وسائل الإعلام، لكنها أثارت استياء واسعاً في المجتمع الأميركي بسب المدى الذي وصل إليه مصورو الباباراتزي في استغلال المشاهير وهم في أسوأ حالاتهم، وبعد هذه الحادثة التقطت لها صور وهي تضع ابنها أمامها خلال قيادتها للسيارة بشكل متهور.
* لم يسلم الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند من صور الباباراتزي، فقد صور مع صديقته فاليري تريفيلر خلال رحلة خاصة لهما وهما بلباس البحر، ونشرت الصور بداية في مجلة ” في سي دي”، لكن ومع بدء الدعوى القضائية ضد المجلة قامت مجلات أخرى بنشر تلك الصور، لكن صديقة الرئيس الفرنسي التي أقامت الدعوى بنفسها لم تحصل إلا على تعويض زهيد بـ 2500 دولار، حيث كانت تسعى وراء 40 ألف دولار.
* في 2009 التقطت صور لفتاة تبلغ من العمر 13 سنة وهي عارية خلال إقامتها في قصر خاص بالممثل الأميركي الشهير جورج كلوني في بحيرة كومو الإيطالية، ورفع كلوني دعوى قضائية ضد المصور والمجلة التي نشرت الصور مدعياً أنه التقط الصور للفتاة خلال تواجدها في غرفة نومها، وأنه تسلق جدار القصر بشكل غير قانوني.
* تدعي الممثلة وعارضة الأزياء البريطانية سيينا ميلر أنها أول من كسب دعوى قضائية بتعويض كبير ضد أحد مصوري الباباراتزي، وكان ذلك في سنة 2008 حين قام أحد المصورين بالدخول خلسة إلى باحة منزلها والتقاط صور خاصة لها في سيارتها، وهو الأمر الذي نجحت في إثباته مما أدى إلى الحكم على المصور بتعويض وصل إلى 80 ألف دولار.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.