فبراير 2010
7

كنـــوز مصـــــر في متحــــف الفــــن الحــــــديث

المصدر: الأهرام -الطبعة العربية
بقلم:   منار سليمه

تعود بدايات المتحف الحديث إلي السنوات الأولي من عمر القرن الماضي ليصبح أقامة متحفا يضم أعمالا لفنانين من المصريين والأجانب يمثلون فنون العصر الحديث يمثل الحلم الأكبر بالنسبة لـمحمد محمود خليل والذي أصبح له بعد وفاته متحفا خاصا بمقر قصره تعرض فيه مقتنياته، ورغم أنه ليس فنانا تشكيليا إلا أنه كان متذوقا ومحبا للفنون بل كان أكثر الشخصيات أسهاما في رفع مكانه الفنون المصرية الحديثة ليقام المتحف علي أكتافه بعد جهود كبيرة عام 1926 حيث بدأ بمقر صغير داخل جمعية محبي الفنون الجميلة المشهرة منذ وقتها فقد كانت حركات الفنون في أوج أزدهارها رغم أن (مدرسة الفنون الجميلة) كما كان يطلق عليها قد مر علي أنشائها أقل من عشرون عام إلا أنها أستطاعت تخريج أولي دفعاتها عام 1911 من أجيال واعية تشعر بأهمية الفنون وقدرتها علي النهوض والتعبير عن المجتمع الذي كان يشع وقتها بالنضوج والتطور في كل الأتجاهات والمجالات لينبغ عظماء الثقافة والأدب والشعر والموسيقي والفنون لتتولد أجيال مستنيرة محبة للذوق الرفيع،
وظلت أعمال ومقتينات المتحف الحديث تتزايد حتي أصبح هناك حاجة ماسة لتوسعته فأنتقل مبني المتحف الحديث بعد ذلك في عام 1936 ليصبح بقصر (الكونت زغيب) الملاصق لقصر السيدة (هدي شعراوي) راعية الثقافة والفنون التي وهبت قصرها ليكون مكملا للمتحف إلا أنه بعد عدة سنوات هدم المبني المخصص للمتحف لتنقل المعروضات مرة ثالثة إلي (فيلا إسماعيل باشا) بمنطقة الدقي ليأتي عام 1983 ليتم تخصيص سراي رقم (3) بدار الأوبرا لعرض المقتنيات حتي عام 1991 لتستقر أخيرا في (السراي الكبري) داخل حرم دار الاوبرا المصرية في بناء علي الطراز الإسلامي الشرقي وقد جهز بأحداث أجهزة الصيانة والحماية وأحدث نظم الإضاءه المتحفية وقد بلغت تكلفة بنائه الحديثة نحو سبعة ملايين جنيه.
وتوالي علي المتحف العديد من الرؤساء والمديرين الذين قدموا جهودهم وأفكارهم للحفاظ علي هذه المقتنيات التي تمثل كنوزا مصرية حديثة وتمثل المجموعة الأولي من رؤساء المتحف عمالقة الفن المصري وأولي رواده فبداية من محمد ناجي (مؤسس فن التصوير المصري والذي أصبح له متحفه الخاص بأعماله الفنية بعد وفاته)، ثم يوسف كامل (رائد التصوير الإنطباعي بمصر) ثم تولي رئاسته راغب عياد (رائد المدرسة التعبيرية الشعبية) صلاح طاهر (من رواد المدرسة الواقعية الحديثة)، وتلاه سعد الخادم (رائد الفنون الشعبية التراثية في التشكيل وتوافدت هذه النخبه علي أدارة متحف الفن الحديث حتي عام 1986 ثم توالت عليه مجموعة من الفنانين الحاليين.
– كنوز الفن الحديث:
تضم المتحف اكثر من خمسمائة عمل للعرض المتحفي يمثل خمسة أجيال مرت علي تاريخ الحركة الفنية منذ نشأتها الحديثة خلال المائة عاما الماضية بفنون تتنوع بين التصوير الزيتي والرسم بخامات مختلفة وأعمال الخزف والنحت علي الفخار أو خامات الرخام والجرانيت المصري وفنون الزخارف والطباعة والمعادن ويقدم المتحف أساليب فنية متعددة تمثل المدرسة ذات الإتجاهات الواضحة في عالم الفنون وخاصة التي تأثرت بها الحركة التشكيلية في مصر مثل المدرسة الواقعية، التجريبية، التأثيرية، السريالية، التكعيبية أما عن أشهر فناني الأجيال السابقة فيأتي في مقدمتهم أول خريجي (مدرسة الفنون الجميلة المصرية) عام 1911 الفنان محمود مختار (رائد فن النحت بمصر) والتي مازالت تماثيله الجراتينية تزين ميادين وشوارع القاهرة ويليه في تواصل الأجيال الفنان أحمد صبري رائد فن التصوير والرسم بالإضافة للفنانين يوسف كامل، صبري راغب، جمال السجيني، محمود سعيد، حسين بيكار، فؤاد كامل، سيف وانلي، أدهم وانلي، عفت ناجي، حامد ندا، محمد حسن، عبدالهادي الجزار، كامل التلمساني، رمسيس يونان، تحيه حليم، جاذبية سري، سعيد العدوي..
وغيرهم من الفنانين المصريين الذين قدموا أعمالا فنية تحمل رؤيتهم ورسالتهم الخاصة من خلال أعمال واعية ترد تاريخا كاملا سيظل تأثيره ومداه تنسجها مقتينات المتحف المصري الحديث الذي حمل منذ بدايته أفكار التجددية والمغايرة لإتجاهات المتاحف الأخري فمعروضات المتحف الإسلامي تقدم التراث والزخارف الإسلامية القديمة أما المتحف المصري فيعرض لأثار الفراعنة التي ترجع إلي سبعة آلاف عام مضت أما متحف الفن الحديث فيقدم فنوننا الحالية مما يعني أننا لازلنا نستطيع إقامة المجتمعات والحضارات وبإمكاننا إبداع الفنون الجميلة التي تستحق أن تقتني داخل جدران المتاحف لتصنع قيمتها عبر مرور الأجيال ولنعلن أن الثقافة والفنون سيظل جزء عريقا ينمو من خلاله حاضرنا ونستمد منه مستقبلنا.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.