12234895_10153730808228767_6343120257070707391_n

Untitled-1

عالم التصوير والمعرفة

كتبت منذ فترة عن الصورة العنيفة ومتلازمة “شاهد”، تلك الكلمة التي أصبحت من أكثر الكلمات التي تتقافز أمامنا في كل مكان خلال تصفّحنا للشبكة العنكبوتية وخاصة بعض مواقعنا المحلية الشهيرة والتي تحظى بنسب زوّار ومشاهدة عالية. من حق كل موقع السعي لترويج نفسه وجذب المشاهدين ونشر مواد جاذبة ومشوّقة لكن أيضاً هناك أصول وأعراف وقيم يجب على المواقع فهمها وعلى القائمين عليها من إعلاميين يُفترض أنهم على مستوى عالٍ من الكفاءة والخبرة أن يعوا جيداً أهمية الانتقاء والتنقيح والفلترة والاهتمام بالأبعاد الخطيرة لبعض المواد المنشورة وتأثيراتها على المتلقي !

صُدمت منذ أيام خلال زيارتي لأحد المواقع المحلية الرائدة في الدولة حينما اطلعت على قائمة الأخبار التي يقترحها الموقع لزواّره وكانت العناوين في غاية الاستفزاز ! شاهد سيارة تدهس طفلاً أمام والدته ! شاهد بالفيديو خادمة تنحر طفلاً ! شاهد طلبة يهتكون عرض زميلهم ويصورون الواقعة ! شاهد بالصور يحرقها حية لأنها رفضت الزواج منه ! ثم يأتي الموضوع الأخير بعنوان “شاهد وفاة عروس يوم عرسها على الكوشة” !

وأنا من هذا المنبر أسأل وأتساءل ! ماهي القيمة الإعلامية من هكذا مواد ؟ ماهي الرسالة والخطاب الصحفي الذي تود إدارة الموقع إيصاله للمتلقى ؟ ماهي القيمة التي جناها زائر الموقع عندما يتابع مواداً بصرية عنيفة مؤثرة صادمة لمجرّد أنها أحداث واقعية حدثت في مكانٍ ما في هذا الكوكب ! ماذنب المشاهد المسكين الذي يزور الموقع ليتم عقابه بهذا الشكل الفظيع ؟ إلى متى الاستهتار بتأثيرات هكذا نوع من المواد على المشاهدين ؟

إن التعوّد على مشاهدة العنف البصري الواقعي يسبّب قسوة في القلب وغلظة في السلوك وعواقب نفسية وخيمة، إن مشاهدة هذا النوع من المواد ليس ترفيهاً بأي معيارٍ من معايير الإعلام التقليدي أو الإعلام الجديد ! إن الترويج لهذه المواد هو ترويج صريح على العنف ! وكلنا نعلم أن الأجيال الناشئة تهوى التقليد الأعمى وكلنا نقرأ ونتابع نوعية الحوادث التي تقع بسبب التأثيرات البصرية للعنف البصري !

هل تعلمون أن مقطع الفيديو بعنوان “وفاة عروس يوم عرسها على الكوشة” قد تسبّب في صدمة نفسية شديدة لطفلةٍ في العاشرة من عمرها ؟ فقد رفضت مرافقة والدتها لحفل زفاف ثم أخبرتها أنها لا تريد الزواج نهائياً بعد رؤية هذا المقطع ثم دخلت في نوبة بكاءٍ شديدة ! لا أعلم أي نوع من شهادات التقدير يستحقه المحرّر الذي اختار نشر هذه المادة ؟

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.