تطور التصوير الضوئي وتطبيقاته

كان التصوير الضوئي منذ ظهوره موضع جدل حول مكانته بين الفنون المختلفة، ولاسيما في بداياته. ووجد فيه بعض الفنانين، ومنهم تالبوت، طريقة عملية لتصحيح أخطاء الرسم اليدوي بقلم الرصاص، وأطلق تالبوت على تجربته تلك اسم «قلم الطبيعة»، وجاراه في ذلك كثيرون. وتفنن المصورون التشكيليون في اعتماد هذا المبدأ، وسادت الأفكار الفنية التي تدعو إلى تصوير الطبيعة بهذا الأسلوب في لوحات تحاكي التصوير التشكيلي طوال الحقبة الأولى من تاريخ التصوير الضوئي.

ـ تصوير الأشخاص: مع مضي الزمن تعددت أساليب التصوير الضوئي وأنواعه وتحسنت تقنياته وتخصصاته، الأمر الذي مكن المصورين الضوئيين من الدخول في تجارب فنية رائعة. وانفردت الصورة الشخصية portrait بنسبة كبيرة من الصور الضوئية التي أبدعت في القرن التاسع عشر، سواء بالطريقة الداغرية أو التالبوتية. وكان الاسكتلنديان دافيد أوكتافيوس هل D.O.Hill وروبرت أدامسون R.Adamson من أوائل من أقام مشروعاً شاملاً لتصوير الشخصيات على ورق التصوير، حين التقطا صوراً شخصية للمشاركين في أول اجتماع للهيئة العامة لكنيسة اسكتلندة الحرة عام 1843. ومن أشهر مصوري الشخصيات الفرنسي نادار Nadar الذي أنجز عام 1850 سلسلة صور متميزة لشخصيات مشهورة في عهد نابليون الثالث في فرنسة، وكذلك المصورة البريطانية جوليا كاميرون J.Cameron التي تميزت بأسلوبها التعبيري من دون التركيز على التفاصيل، ممهدة الطريق أمام الرمزية في التصوير الضوئي. ومن مصوري الشخصيات المشهورين في القرن التاسع عشر الأمريكي ماثيو برادي M.Brady الذي سجل صوراً موثقة لشخصيات الحرب الأهلية الأمريكية.

ـ تصوير المناظر والتصوير الطبوغرافي: صُمّمت آلة التصوير أصلاً للحصول على وصف بصري موثق للطبيعة بمناظرها الريفية والمدنية. وراجت الأعمال الفنية في هذا المجال حتى غدا تصوير المناظر الطبيعية والمعالم الأثرية والطبوغرافية والأبنية التاريخية صناعة رابحة. ولفت سحر الشرق والحضارات الشرقية اهتمام المصورين والفنانين الغربيين عامة، فسجلوا بصورهم معالم كثيرة منها، وخاصة في ربوع بلاد الشام والعراق ومصر والمغرب العربي وفي الصين والهند وغيرها، ومن هؤلاء المصور الفرنسي شارلييه Charlier الذي التقط مجموعة كبيرة من الصور في سورية ولبنان وخاصةً دمشق (الشكل3).
ـ الصور الوثائقية: تعد الصورة الضوئية وثيقة مهما كان موضوعها لكونها شاهداً قوياً على لحظة تاريخية حدثت في زمان ومكان محددين. وحقق المصورون عامة والغربيون منهم خاصة إنجازات ضخمة في مجال التوثيق بالصور، ووثّقت آلة التصوير أحداثاً كثيرة مهمة كالحروب والنزاعات المحلية وحوادث الطائرات وكثيراً من المهن اليدوية التي زالت أو في طريقها إلى الزوال، كذلك استخدم التصوير الضوئي في البحث العلمي وتصوير الحالات المرضية وتطور الأحياء وغير ذلك. وكان للتصوير بالأشعة السينية أثر كبير في تطوير الدراسات الطبية والتشخيص المرضي.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.