بقلم المصور صلاح حيدر
سبق له ان نشر هذا الموضوع قبل ( ٩ ) سنوات و نقل لمواقع كثيرة على شبكة الانترنيت ولأهميته اعاد نشره ..

الابداع في التصوير

الصورة لغة بصرية سهله رسمت بالضوء للتعبير عن موضوعات محدده لايصال الحقيقة كما هي , وتصل قوة تاثيرها الى حد يعجز الوصف عنه بالكلمات لقدرتها البلاغية في نقل الحقيقة لكل شعوب الارض بكل اجناسها وقومياتها ولغاتها بدون مترجم , من خلال التعامل مع عين الانسان التي لاتخطئ ولا تقبل التفسيرات او المعاني المبطنة الأخرى كما في عملية قراءة النصوص المكتوبة بالكلمات .

وامام هذه الحقيقة , مالذي تعلمه حامل الكاميرا من رؤيا فنية وفلسفيه للتعامل معها ليجعلها طوع امره للتعبير عن ما يريد نقله الى الاخرين .
التصوير علم وفن , وهاتان الكلمتان لاتستوعبهما اسطر قليلة للتعبير عنها ولتفسيرها , الا من خلال كتب كثيرة تتحدث عن هذا الموضوع.

لذلك كثير ما يختلط الامر على هواة التصوير , والمصورين عموما قبل ان يختلط و يلتبس الامر على عامة الناس , الا وهو موضوع الابداع في التصوير الفوتوغرافي .
فالإبداع كلمة كبيرة لا تطلق الا على الفنان المتميز الذي تتصف اعماله بمستوى ابداعي فني عالي ومتميز يشهد له المصورين المحترفين والمتخصصين والنقاد والجهات الفنية المتخصصة , قبل ان يشهد له الناس العاديين المتذوقين لفن الفوتوغراف.
فكثير من المصورين الذين خدمتهم الظروف لتسويقهم اعلاميا على الراى العام بحكم عملهم في المؤسسات الاعلامية او من خلال دفع المبالغ لتحسين وصنع صورة متميزه لبعضهم وكأنهم عباقرة زمانهم , او بعلاقاتهم مع الصحفيين لتكثيف الوصف والاخبار عنهم وعن أعمالهم على انها ترقى لمستوى الإبداع وتطلق عليهم لقب فنان وفي حقيقة الامر لايعدون كونهم حمالين كاميرا .
قابلت وقرات وسمعت وشاهدت مصورين واعمال ومعارض للتصوير اقامها مصورين عرب واجانب في مدن عربية واجنبية , و بمستويات مختلفة , ولا ترقى اعمالهم لمستوى الهواة والمبتدئين ومع ذلك استحوذوا على لقب الفنان الكبير والمبدع الفلتة الذي لا مثيل له زورا وبهتانا .
لم اقصد اسماء محددة في حديثي , إنما يكون حديثا عموميا يجعل الموضوع حوارا مفتوحا لوضع أسس وضوابط محددة لعموم المصورين في الأقطار العربية ولجمعيات ونوادي وروابط التصوير وللنقاد والباحثين والمهتمين ومتذوقي فن الفوتوغراف .
كلامي موجه لعموم المصورين في الوطن العربي ليكون بمثابة دعوة للمراجعة ووقفة مع النفس في استذكار مسيرة كل واحد منا , لغرض ان يقيم نفسه وإعماله بتجرد ويقارن نفسه بباقي المصورين من هواة ومبتدئين ومصورين فوتوغرافيين ومحترفين وفنانين مبدعين، ليخرج بحصيلة لتقييم نفسه ووضعه في الدرجة والمكانة التي يستحقها و( رحم الله امرئ عرف قدر نفسه) .
الكثير من الهواة قدموا صورا متفرقة ومتميزة على مدى مشوارهم في عالم التصوير .
الكثير من الهواة حصلوا على جوائز في معارض محلية وعربيه واحيانا عالمية .
الكثير من الهواة استطاعوا ان يحصلوا على لقطات متميزه عن طريق المصادفة فقط .
والكثير منهم استطاع ان يقيم وبكل فخر بهوايته عدد من المعارض الشخصية لإعماله دون الحصول على لقب فنان أو مبدع .
هواة التصوير يصل عددهم الى مئات الملايين ممن يمارسون التصوير الضوئي بكل اشكاله وأنواعه, ومازالوا هواة تصوير بدون ألقاب رنانة .
ليس من المعيب ان يطلق المصور على نفسه لقب هاوي تصوير يدلل على بساطته, بل وتجعل له مكانه كبيرة من الاحترام والتقدير وتدلل على تواضعه .
هنالك مستويات مختلفة لهواة التصوير من ناحية تصنيفهم كهاوي مبتدئ او متوسط او متقدم حسب سنوات ممارسته لهذه الهواية .
ليس عيبا ان يقال ان الدكتور فلان الفلاني المتخصص بالطب أو يعمل أستاذ جامعي وهو هاوي تصوير متميز وصوره تفرض نفسها على المشاهد , وليس عيبا ان يقال ان المهندس فلان وهو المتخصص بالإلكترون او الميكانيك او الكهرباء و هو هاوي تصوير و أقام عدد من المعارض الشخصية واتخذ التصوير هواية تشده اليها بقوه ويرى نفسه من خلالها .
ولكن من العيب ان نمنح شخصا لايحمل شهادة , لقب الدكتور او الاستاذ ونحن نعرف كم يجاهد الإنسان ليحصل على شهادة الدكتوراه او درجة الأستاذية في الجامعة او أن نمنح لقب مهندس لإنسان مهما يكن مستواه الا لمن حصل على هذه الشهادة العلمية . او ان نمنح لقب فنان مبدع بقرار من مدير الدائرة مهما تكن درجته الوظيفية
ان لقب الفنان او الفنان المبدع يحصل عليه المصور من خلال إبداعه وتالقه ومن خلال تقديمه لصور واعمال متميزة تفرض نفسها على المشاهد وتخرج من نمط التقليدية والمحلية , وتتميز برؤيا علمية وفنية لاعماله , تخرج من النمطية والروتين في تقديم الموضوعات بصورة متميزة لا تالفها عين الانسان العادي بل وتتعدى ذلك لتتفوق على اعمال المصورين الاخرين .
خلاصة القول ان الحصول على هذه الالقاب والصفات تحتاج الى الدراسة والمتابعة والتحليل وطلب العلم ومتابعة اخر المستجدات والاطلاع المستمر على اعمال المصورين والفنانين من دول العالم بعد ان يجتاز المصور الهاوي الدورات المتخصصة على يد أساتذة أكفاء أصحاب خبرة كبيرة في عالم التصوير .
نحن لا نستغرب ان يكون المستوى العلمي للمصورين في الكثير من الدول العربية ضعيفا بسبب عدم وجود معاهد او كليات متخصصة تدرس هذه المادة الا في السنتين الاخيرتين , مع عدم وجود مدرسين متخصصين يقومون بتدريس مادة التصوير حتى على مستوى كلية الفنون او الاعلام في الكثير من الدول العربية, حيث يقوم بتدريس المادة اساتذة يحملون الدكتوراه ولكن ليس في مجال التصوير , بل في مجالات اخرى وقسم منهم بعيدين التصوير , مما تكون المحصلة النهائية عدم تخريج مصورين يحملون الشهادات في هذا التخصص , وعدم رعاية هذه المواهب , بل و الادهى من ذلك لم تدخل التكنولوجيا العلمية الحديثة للتصوير الرقمي في المقررات الدراسية لها .
لذلك فالحل الوحيد امام المصور ليصل لمرحلة الإبداع ان يعتمد على نفسه في القراءة والمطالعة ودراسة هذا العالم بكل ما يحمله من جديد من خلال تبادل الآراء والأفكار وتبادل الخبرات مع المصورين المحترفين
وسؤالي هل تغير  وضع المصورين  كما كان عليه قبل عشر سنوات ؟

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.