قوات المقاومة الشعبية المؤيدة للشرعية في صراوح

وكالات الأنباء والمنظمات الدولية مخترقة من قبل المخلوع

حرب الصورة في اليمن.. ترويج لـ «الانقلابيين» و«تقصير من الشرعية»

اليوم – عدن

منذ انقلابها على الشرعية مارست المليشيات الحوثية ووحدات جيش المخلوع صالح أبشع الانتهاكات والجرائم في اليمن، ولا زالت حتى اليوم تقدم فصولا من أكثر الجرائم وحشية، فمن قتل شخص أمام أطفاله وزوجته، لأنه فقط أراد أن يدخل اسطوانة غاز لبيته، إلى شيخ مسن ونساء يتلقين ضربا بأعقاب البنادق، ومشاهد قنص العابرين وبكاء ورعب الأطفال الهاربين من الموت برصاصات القناصة في منافذ إلى الموت بالقذائف وصواريخ الكاتيوشا داخل مربعات مدن المحاصرة، يبدو إجرام المليشيات الحوثية، ووحدات جيش المخلوع أوضح من أن يقال، لكن هذه المشاهد لا تظهر في مواقع وكالات الأنباء العالمية، أو شاشات القنوات الإخبارية أو صفحات الجرائد في سوق الإعلام الدولي، بينما تظهر صور تروج كذبا لمعاناة أتباع المليشيات والمخلوع، بل وقد تصل لاتهام الجيش الشرعي وقوات التحالف.

فلماذا تخسر الحكومة اليمنية وحلفاؤها المحليون في الميدان باليمن معركة الصورة، رغم أنهم يدافعون عن الشرعية ويواجهون انقلابا تقوده مليشيات إجرامية وجيش عائلي، ولماذا يحضر الجاني ويغيب الضحية؟

“اليوم” أجرت بحثاً معمقاً وصلت لنتائج تقدمها بكل شفافية.

إعلام الانقلاب

كان المخلوع صالح خلال فترة حكمة مهتما بالإعلام بشكل كبير، واستطاع السيطرة على شبكة من الإعلاميين المحليين والدوليين، حتى إن السكرتير الخاص للمخلوع وأحد نوابه كانا صحفيين ذوي نفوذ كبير في الوسط الإعلامي باليمن، وكان ثالث هؤلاء العميد علي حسن الشاطر مدير دائرة التوجيه المعنوي بوزارة الدفاع اليمنية، والذي حول التوجيه المعنوي إلى امبراطورية.

الشاطر كان يرأس صحيفة ٢٦ سبتمبر الصادرة عن الجيش وكان نائبه هو ذاته سكرتير المخلوع الإعلامي عبده بورجي أخطبوط الإعلام الخارجي، وتفرغ العميد علي حسن الشاطر بعد مغادرته منصبه في وزارة الدفاع فور رحيل المخلوع من الرئاسة لملف الإعلام مستغلا علاقاته التي بناها أيام حكم المخلوع، وشراءه لذمم كثير من الإعلاميين، وعند سقوط صنعاء بأيدي الانقلابيين عمل المخلوع وعبر فريق إعلامي كبير يرسم الشاطر توجهاته على بدء حرب شرسة عبر إعلامهم الخاص وعبر بعض مصوري وكالات الأنباء العالمية الذين يمثلون رأس الحربة في معركة الانقلابيين الإعلامية ومعركة الصورة تحديدا، حيث أصبحت عدساتهم لا ترى ما يحدث في تعز وعدن ولحج والضالع وإب والحديدة وحتى صنعاء ذاتها من جرائم للانقلابيين.

وقدم مصورو الوكالات قتلى الحرب من عناصر المليشيات على أنهم مدنيون رغم أن الجميع يعرف أن المليشيات لا ترتدي زيا عسكريا بل زيا مدنيا يرتديه كل ابناء اليمن، وبالمقابل أغفل هؤلاء المصورون ووكالاتهم الصور الحقيقة للمدنيين من أطفال ونساء وكبار السن يتساقطون كل يوم في محافظات المواجهات أو تلك التي تحكمها المليشيات ولا توجد بها جبهات حرب.

ولا نكشف سراً حين نقول إن مصور أشهر وأكبر وكالة أنباء في العالم تتحكم بسوق الصورة، هو شخص مؤيد للمليشيات الحوثية ومن أنصارها فكريا، وينتمي لإحدى الأسر المعروفة بقتالها في الميدان مع المليشيات.

وهذا الضغط من وكالات الأنباء العالمية بالتزامن مع الدور الذي تلعبه طهران عبر أذرعها الإعلامية في لبنان والعراق وأوروبا لعب دورا كبيرا في نقل صور مغلوطة عن ما يحدث في اليمن.

منظمات مخترقة

استغل المخلوع أيضا قطاع المنظمات الدولية وفروعها في اليمن في حربه، حيث وبمجرد بدء الحرب بدأت هذه المنظمات في لعب دور مهم في مساندة الانقلابيين عبر تقارير متحيزة وغير مهنية، تتلقفها وسائل الإعلام العالمية ما يسهم في تعزيز الصورة التي تود المليشيات وقوات المخلوع تقديمها الأمر الذي ساهم في تصويرهم كضحايا بينما هم الجاني والجلاد.

وهذه المنظمات خضعت لعميات اختراق منظمة من قبل المخلوع خلال حكمه لليمن سواء عبر زرع عناصر فيها أو استقطاب العاملين بها عبر أجهزة المخلوع الأمنية وتحديدا جهاز مخابرات الأمن القومي.

وتحولت هذه المنظمات إلى مصدر هام لوسائل إعلام أمريكية وأوروبية ولنشطاء وسياسيين وعملت على تغييب جرائم كبرى للانقلابيين كحصار مليون ونصف مليون يمني في تعز على سبيل المثال، ولم تقدم صورا أو حقائق عما يجري إلا بعد أن وصلت صورة لمندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن عبر برنامج التواصل الاجتماعي “تويتر” لسيدة مسنة تحمل على ظهرها احتياجاتها في أحد جبال تعز الشاهقة وتحاول تهريبها إلى داخل المدينة، ليبدأ العالم بعدها يدرك أن المدينة محاصرة.

النشاط الخارجي

منذ بداية الانقلاب عمل فريق المخلوع الإعلامي على تنفيذ فعاليات ومعارض صور في دول أوروبية وعربية وشارك فيها فنانون يمنيون وإعلاميون وسياسيون وطلاب من أنصار المليشيات والمخلوع لترك انطباع بأنهم يمثلون مختلف أطياف الشعب اليمني، وكانت هذه أحد الوسائل المهمة التي ساهمت في بلورة صورة أحادية وغير مهنية عن الوضع الإنساني في اليمن، وفي المقابل بقي أنصار الشرعية في الخارج دون أي أنشطة مماثلة تواجه هذه الحملات المضللة للرأي العام العالمي.

الشرعية.. موقعها ودورها

عند الحديث عن الشرعية يجب تقسيمها إلى جانب رسمي تمثله مؤسسات الدولة وجانب أهلي وتمثله الأحزاب والقوى السياسية.

ويظهر في الجانب الرسمي قصور كبير، حيث لا يوجد دور فعال لوزارة الإعلام أو مؤسسة التوجيه المعنوي في الجانب العسكري، فالحكومة تمتلك قناة واحدة ووكالة أنباء رسمية لكنهما دون حضور حقيقي سواء على المستوى المحلي أو الدولي، حتى إن اليمنيين داخل البلاد يتابعون الأحداث عندهم عبر قنوات دول التحالف، أما الفريق الإعلامي العامل مع الرئيس هادي فاكتفى بتوزيع مجموعة من الإعلاميين والناشطين على قنوات الأخبار العربية للتعليق من الخارج على أحداث وتطورات الميدان في داخل اليمن.

أما مؤسسة التوجيه المعنوي التي يفترض أن تكون الجبهة الأولى في المواجهة فليس لها أي حضور أو نشاط بل إن رئيس الدائرة يتواجد خارج اليمن ويقتصر نشاطه على الظهور في الإعلام كخبير عسكري يعلق على معارك الجبهات.

ورغم مضي فترة طويلة على تحرير عدن لم تصدر الشرعية فيها أي صحيفة يومية بينما يصدر الانقلابيون عددا من الصحف اليومية وينشطون غبر أكثر من ٢٠ صحيفة الكترونية.

الجناح الأهلي للشرعية

هذا الجناح يضم أحزابا وتيارات سياسية، أبرزها حزب الإصلاح صاحب الحضور الكبير إعلاميا وجماهيريا وعسكريا، ويملك الإصلاح بصورة مباشرة أو غير مباشرة 3 قنوات فضائية تبث جميعها من خارج اليمن ويتبع الحزب فريق كبير من الإعلاميين والصحفيين ونشطاء الإعلام الإلكتروني ويتوزع عدد كبير من المصورين التابعين للحزب وجهازه الإعلامي في كل المناطق والجبهات.

غير أن رأس اهتمام إعلام الإصلاح هو الجانب العسكري وتوثيق المعارك فهي البارزة أكثر في توثيقهم، وهو ما يصور الشرعية كجيش يريد السيطرة لا كشعب يدافع عن حرية دولته أمام انقلاب ومليشيات، وذلك لسبب لا يبدو مقبولا وهو أن المصورين يحرصون على الصور الحربية التي تلقى قبولا لدى وكالات الأنباء والصحف الدولية وبذلك يحصل المصور على مقابل مادي جيد لما يصور.

كما يتوزع المصورون على جبهات الحرب خارج المدن تاركين الجرائم تحدث بين الأحياء ولا تجد من يوثقها.

أما من ينشط في توثيق الجرائم التي ترتكبها المليشيات في المستشفيات واحياء المدن، فهو يركز على صور أشلاء الضحايا، وهي صور – بالمعايير المهنية – لا يمكن أن تنشر في وكالة أو صحيفة دولية وبذلك يبقى مكان نشرها محصورا في مواقع التواصل الاجتماعي وبدرجة رئيسية موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” كونه الأكثر شعبية في اليمن، وأخيرا يقوم المصورون باحتكار صورهم عبر وضع شعارات ملكية فكرية، الأمر الذي يجعل الاستفادة من هذه الصور أمراً غير ممكن عملياً.

وما سبق يؤشر بل يؤكد قصور الرؤية الإعلامية الاحترافية لغالبية العاملين إعلاميا مع الشرعية، حيث تسود العشوائية والفردية، لذا فمعركة الصورة تسير لصالح الانقلابيين في اليمن، ولولا إعلام دول التحالف العربي لكان صوت الشرعية مدفونا، لكن هذا التقصير لا يؤثر فقط على الشرعية بل على التحالف العربي، ويعطل جهوده في اليمن.

ولا بد لوزارة الإعلام وفريق الرئيس هادي وإعلام حزب الإصلاح والأحزاب المساندة للشرعية إعادة النظر في أداء الإعلام ومواجهة الحرب التي يشنها الانقلابيون بعمل احترافي يضع أولوية المواجهة فوق أحقية التكسب والمراعاة بل وحتى الملكية الفكرية.

image 0

صورة بثتها الوكالات لامرأة مؤيدة للحوثيين في صنعاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملحوظة : المجلة ليست مسؤلة عن محتوى المقال …والهدف ليس مع أو ضد ولكن نحن بصدد دور الصورة في الحرب الإعلامية في العالم..

لذلك وجب التنويه وشكراً..

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.