وفي مهرجان بغداد الدولي للصورة الفوتوغرافية الذي كتبتْ عنه جريدة (الشرق ) القطرية بعددها الصادر في 26-6-1999 ، فاز نور الدين حسين بالجائزة الذهبية . وفي هذا المهرجان الدولي والذي عقد دورته التاسعة ببغداد 1999 أسهم عدد كبير من المصورين ب( 700 ) لوحة ، وضمن محاور الطبيعة والبورتريت ، والانسان والعمل ، والصورة الصحفية ، والكولاج .وترأس اللجنة التحكيمية الفتوغرافي الرائد حازم باك وكانت اللجنة تضم مصورين عراقيين وعرب وأجانب من جميع أنحاء العالم .

لوحاته تجلب الاهتمام ، وتثير عشاق الفوتوغراف . ولعل ما يفسر ذلك ان نور الدين حسين مفعم بالهواجس والاخيلة ؛ فهو معروف بالبحث عن اللحظة التي تقترن بما يريده .. وهكذا تأتي اللقطة اليه لتمثل لحظة جمالية خالدة ، وبتقنية  جميلة ترفع من مشاهداته الى مستوى العمل الفوتوغرافي الرائع .ومما ساعده على ذلك انه موصلي ، والموصل بتراثها ، وتاريخها ، وموروثاتها المكانية ، تمنح الصورة قبل ان يمنحها المصور نفسه ..لنسمعه يقول عن صوره :” ان ما يقال عن صوري بإنها تميزت بتوزيع الظل والضوء ، فإن ذلك مبعثه العشق للتشكيل ، والميل الشديد لاستعمال الابيض والاسود في تكوين اللقطة الفوتوغرافية لكي نحصل من خلالها على تكامل إنعكاسات الظل والضوء ، وتكثيف الرؤية ، وتعميق الحس في الصورة التي تستهوينا  لالتقاطها ” .
يقول الصحفي الاستاذ ابراهيم علي محمد في مقال له بجريدة (العراق ) البغدادية ، وفي عددها الصادر في 10 كانون الاول 1978 :” إن نور الدين حسين معروف كمصور فوتوغرافي ، وتلفزيوني بارع ، وهو يتميز بأسلوبه الخاص في التصوير واختيار اللقطة الناجحة ، والتوجه الى منابع الثراء الحضاري من تراثنا القديم والمعاصر …وإن أبرز ما نلاحظه في لوحاته الفوتوغرافية هذا الانشداد العميق ، والتفاعل الحيوي مع الموجودات التراثية ؛ فإنها تحتل أوسع مساحة من صوره ، وتمتص اكبر قدر من اهتماماته ،  فتركيزه الظاهر على قضايا التراث بكل اشكاله يكشف لنا عن حبه الكبير وتعلقه بماضي العراق ، وابداعات  العراقيين الحضارية  لكن  في تواصله الدائم مع الماضي لاينسى الحاضر بل ولايعدم التأمل نحو المستقبل؛  فهو يعمد دائما الى الجمع بين روعة القديم ، وإشراقة العصر …وتمتاز لقطاته بالدقة الفنية والزاوية الجميلة ؛ فهو يستغل الزاوية الاكثر تأثيرا ، وتجسيدا للموضوع المصور ، مما يدل على حسن إختياره لهذه الزاوية ..يضاف الى ذلك انه يركز على تقريب الصور كي يعطيها حجما أكبر لتحتل معظم مساحة اللوحة لملء الفراغات ، وتجسيم الملامح  الدقيقة منها .وهذا الاسلوب نجح فيه الفنان نور الدين حسين نجاحا بارعا  ..وثمة سمة ثالثة في صور  نور الدين حسين ، وهي الهدوء الذي يغلفها ؛ فهي  هادئة هدوء الطبيعة ، ومع كل هذا الهدوء فإنها تعج بالحركة والحياة ؛ فهي ليست ساكنة جامدة ، بل هادئة ممتلئة  بالحيوية .
أما رابع تلك السمات فهي ؛ عمق استغلال الضوء ، والظلال في صوره ؛ فهو يمنح اللوحة بعدا فنيا وشفافية تؤثر في نفس المشاهد ، وتشده الى الصورة شدا نفسيا ، وهي موحية ايحاءا غير مباشر بالتسامي  والعلو .وثمة خصيصة يشترك فيها مع غيره من الفوتوغرافيين ، وهي ربطه في لقطة واحدة بين اكثر من موضوع أو جمعه بين المتناقضات وما أبدعه نور الدين حسين في مضمار التصوير الفوتوغرافي ، جعله  يخرج من دائرة المحلية الى دائرة العالمية شأنه في ذلك شأن مواطنه مراد الداغستاني .

علق الكاتب الاستاذ محمود فتحي على اعمال للاستاذ نور الدين حسين عرضت في معرض له في 23 شباط سنة 1979 بالقول :” اذا كان الادب يعني الفكر الخلاق واعادة تركيب الواقع عبر جسر او قناة تمتد الى عالم مستقبلي أفضل ،فإن الكاميرا آلة قد تحولت الى فكر خلاق تعيد وتجزئ الواقع وبالتالي تعيد تركيبه بشكل مدهش “.واضاف :” كلنا يود التخلص من ابنية قديمة وكلنا يبغي التجديد والتجدد لكن اللوحات الفولوكلورية عن الموصل قد جعلتني أحس كما لو انه يجب ان تبقى هذه الابنية على هذا الشكل وقد جعلتني يانور الدين اعود ثانية لأتأمل واستوعب كل ما يحيط بالمدينة اتعرف لماذا ؟ لانني بدأت أحس ان هذه الابنية وذلك الفولوكلور سوف لايكون في المستقبل وكل ما سيبقى هو هذه الصور فصورك ببساطة هي الوثيقة التاريخية الوحيدة بين ايدينا وهذا هو ما يجعل عملك تاريخيا فذا ” .
ثم يقول عن الصور المعاصرة التي التقطتها عين نور الدين حسين الثالثة :” انك يانور الدين تتحين الفرص دوما لالتقاط لحظات لاتتكرر… واعتقد  بأني سأتأمل “الشاطئ “الشجرة ” و”مراكز محو الامية ” و”الشناشيل ” و”الطالب الذي يقرأ للامتحان في الشرفة ” .. هذه الصور وغيرها جعلتني أحس ب(رخاوة ) هذا العالم  الذي يعتصرنا ، ويسحقنا …لوحاتك ليست عادية .. وبدأت أدرك   الآن لمَ سُميتَ نور الدين ؛ فقد  صورت لوحات في غاية الروعة من النور .. فهل هذا صدفة ؟ لا أدري ، فالقلم لم يعد يستطع أن يكمل ما بدأته صورك الفوتوغرافية ومهما حاولت فإنني سوف لن ارتق ِ الى مستوى لوحاتك ! ” .

ان نورالدين حسين معروف بإنشداده العميق ، وتفاعله الحيوي مع الموجودات التراثية التي تحتل مساحة واسعة من صوره، وتمتص قدر أكبر من اهتمامه من خلال تركيزه الواضح على قضايا التراث ،والتعلق بماضي هذا الشعب، وابداعاته الفنية والحضارية  خاصة في تجسيد حياة الموصل الحقيقية : بيوتها ، وازقتها ، وشوارعها ، وحياة الناس فيها .لذلك كله جاءت لوحاته معبرة أصدق تعبير عن ذلك الواقع ، وهذا ليس معناه نسيان الحاضر أو المستقبل ، وانما هو يسعى من أجل الجمع بين روعة القديم ، وإشراقة الحاضر،  وإستشراف المستقبل .
ويكتب عنه  الصحفي الاستاذ فوزي القاسم في جريدة (الثورة ) البغدادية وفي العدد الصادر في 5 نيسان سنة 2001 فيقول :”إن نور الدين حسين برع في الدخول الى معالم نينوى والموصل من الداخل ،فصور مشاغل الناس وهمومهم ،ووثق لحظات خالدة في حياتهم ” .
نور الدين حسين ، موصلي قح،  ولد في  محلة عمو البقال بمدينة الموصل  سنة 1946 ، وعشق الفوتوغراف ، وحمل آلة التصوير ، وهو لما يزال طالبا في (المتوسطة المركزية  ) سنة 1962 .وأول  صورة نُشرت له كانت في مجلة (العالم )  الشهيرة سنة 1965 .
عمل مصورا فوتوغرافيا في ” مديرية متحف جامعة الموصل”،  والذي كان يرأسه المؤرخ الكبير الاستاذ الدكتور عامر سليمان الذي شكره على مجهواته بموجب كتاب رسمي بتاريخ 10-11-1969 .، وإختص بتصوير الموروث الشعبي ، وقد اتخذت صوره نواة لمتحف المأثورات الشعبية الموصلية .كما عمل مع البعثة التنقيبية لقسم الاثار في كلية الاداب –جامعة الموصل ،  ودائرة الاثار ، وقام بتصوير كثير من اللقى الاثارية ، وتوثيقها قبل عرضها أوخزنها . وفي تلفزيون الموصل (المجمع الاذاعي والتلفزيوني في الموصل فيما بعد ) عمل  بعد تعيينه هناك ، مصورا  تلفزيونيا ، ورئيسا لقسم التصوير السينمائي لسنوات طويلة حتى احال نفسه على التقاعد  سنة 1989 .
وحتى بعد تقاعده ، فهو لايزال يحلم لان تضم مدينته :الموصل ما تستحقه من مركز ثقافي وفني يحتوي نشاطات ابناءها من المثقفين والتشكيليين والمصورين الفوتوغرافيين وغيرهم .وقد تقدم في 29 آب سنة 2006 الى مجلس المحافظة بمقترحات عملية لانشاء هذا المركز-الصرح  الذي ظل يحلم به مبدعو  الموصل منذ زمن طويل . لكن –مما يؤسف له – فإن طلبه ودعوته  هذه ذهبت  أدراج الرياح كما ذهبت من قبلها دعوات مشابهة .
وفوق هذا كان الاستاذ نور الدين حسين ولسنوات  ومنذ 26-2-1973 عضوا في (اللجنة الثقافية في الموصل ) ، والتي شكلتها ” مديرية دور الثقافة الجماهيرية العامة ” ، وكان معه في اللجنة رموز العمل الثقافي والاكاديمي  آنذاك ومنهم : يوسف ذنون وأمجد محمد سعيد ، ومعد الجبوري ، والدكتور خضر الدوري ، ومحمد عطا الله سعيد ، ومحمود جنداري ، وضرار القدو ، وراكان دبدوب .

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.