فريق محبي الفوتوغرافيا الجمال في غزة بعدسات مصوريها

فريق محبي الفوتوغرافيا.. الجمال في غزة بعدسات مصوريها

غزة – يحيى اليعقوبي

كانوا في رحلتهم الأولى أكثر من خمسمائة مصور على مد البصر، يحملون كاميرات تصوير ويسيرون في طريق واحد، تتوزع لقطاتهم بين أشجار تدلي بأغصان الحياة وتعكس الصورة الجمالية لقطاع غزة، وبين زهرة الأمل الذي يزهر في قلوب سكان القطاع.

يصورون أمواج البحر التي تحمل رسائل الأمل إلى شاطئ البحر، ثم ترتفع عدساتهم إلى الطيور التي تحط بأجنحتها في غزة بعد رحلة سفر طويلة وهي تحمل رسائل الحرية، ثم تتسلل تلك العدسات إلى المناطق الأثرية التي تعبر عن أصالة الفلسطينيين في غزة.

بعدما انتهوا في رحلتهم الأولى بتصوير الأماكن الجميلة، رحلوا بعدساتهم إلى منطقة خزاعة شرقي محافظة خان يونس لتصوير الفرح في قلوب الناس رغم الألم هناك، كان المشهد غريبا على سكان المنطقة ..

كاميرات كثيرة كأنه جيش من المصورين جاء يغزو المنطقة بلقطاته، تتغلغل وتقترب العدسات من تلك الوجوه التي رسمت لوحة من الصمود الممزوج بالألم والفرحة في قلوبهم.

بنبرة صوت غلبت عليها الابتسامة، توقف للحديث عن موقف خزاعة قائلا: ” المواطنون هناك تفاجؤوا بكمية المصورين الضخمة، كان كل 30 مصورا يتجمعون عند كرفان واحد، كانت أول مرة يرون هذه الأعداد من المصورين يأتون إلى المنطقة”، هكذا قال المواطنون لهم.

يقول المدير العام للفريق محمد الحديدي لصحيفة “فلسطين”: “قرر الفريق بعد ذلك أن تكون الرحلة دورية كل شهرين، والرحلة الثانية كانت أقوى، فشارك فيها أكثر من 600 مصور، توسعت في مجالها، وذهبنا إلى شاطئ البحر لإعطاء دورات ودروس للمشاركين، في مدينة دير البلح، ومنطقة المواصي والمناطق الشرقية بمحافظة خان يونس، متمماً: “نستعد لتنظيم الرحلة الثالثة خلال الفترة القادمة”.

جمال غزة

وفريق محبي الفوتوغرافيا- كما يتحدث الحديدي- هو فريق يضم الكثير من المصورين الفلسطينيين من عدة دول عربية وأوروبية، وأضاف: ” نسعى من خلال هذا الفريق لإظهار معالم الجمال في فلسطين عموماً وعلى وجه الخصوص قطاع غزة”.

ونشأت فكرة الفريق، في لقاء مجموعة من المصورين الذين التقوا في ميناء غزة، كان عددهم حينها 15 مصورا، قرروا عكس الحقيقة عندما كان المصورون الأجانب يلتقطون صور الدمار، وتظهر غزة أنها بلد الدمار والموت، ولكن مصوري الفريق المكون في لحظته من خمسة عشر شخصا أرادوا تغيير هذه الصورة وأخذوا يركزون في بدايتهم على الجمال في غزة بتصوير قصر الباشا، وميناء غزة، والبحر، والأماكن الخضراء، وعندما عرضوها على الجميع ذهلوا ولم يتوقعوا أن تكون هذه الصور في غزة، فكانت هذه البداية الحقيقية لفريق محبي الفوتوغرافيا.

ومحمد الأمين الحديدي، مصور فلسطيني عمل في العديد من المؤسسات على رأسها شركة فلسطين للإنتاج الاعلامي ووكالة الوطنية للإعلام، وشارك بتغطية حربين مع كنيوز برديوسر وكوردنيتور، أحب مهنة التصوير الفوتوغرافي بعد تعرفه على العديد من المصورين الاجانب وغيرهم، حصل على دبلوم الصحافة والإعلام ويدرس بكالوريوس اللغة الانجليزية في جامعة الأقصى.

إلى متى سنبقى بهذا العدد؟.. كان سؤالاً أطلقه أعضاء الفريق في بدايته، وقرر الحديدي في نفس اللحظة تشكيل فريق سوشيال ميديا الخاص بفريق محبي فوتوغرافيا، فتوقع أن يكون الأعضاء الذين سينضمون للفريق في الليلة الأولى 120 عضوا، ولكن المفاجأة كانت بالنسبة له بأن أعضاء الفريق وصلوا إلى 1500 مصور في تلك الليلة، وزاد في كلامه: “أنشأنا مجموعة على مواقع التواصل الاجتماعي اسميناها ليلة سمر حتى نتذكر هذه الليلة”.

” كنا نخطط أن يكون الفريق فقط في قطاع غزة، ولكن تفاعل مع الفريق طلاب فلسطينيون من غزة يدرسون في الخارج ويحبون التصوير، وقالوا: ” نريد تصوير الأماكن الخارجية”، وهكذا خط الفريق طريقه نحو النجاح وحاز مصورو الفريق على جوائز دولية عديدة، والقول للحديدي.

تطور

بيد أنه ذهب للإشارة أن الكثير من المعارض الدولية تواصلت معهم للمشاركة بمعارض خارجية باسم الفريق، ولكن الحصار حال دون تمكنهم من السفر، وفي غضون ثلاثة أشهر وصل عدد المنضمين للفريق خمسة آلاف مصور فلسطيني.

ما هي المعوقات التي تواجهكم؟ إجابة ممزوجة بالتمني، قائلا: “كان الحصول على الترخيص مطلبا صعبا، لأنه يجب أن يكون لك مقر خاص بك حتى تتابعك الحكومة، ولكن وزارة الداخلية ساعدتنا، ثم وافقت وزارة الثقافة مبدئيا على الترخيص، وبعدها حصلنا على ترخيص مؤقت كفريق شبابي من وزارة الشباب والرياضية، إلا أنه لا يوجد تمويل خاص بنا حتى يصبح لنا مكان”.

وهكذا بدأ الفريق تطوير نفسه، وبدأ يطور من أداء مصوريه ودخل لعالم الفن التركيبي حتى ابدع في هذا المجال، التي جعلت للفريق صدى لأن هذا النوع من التصوير يحتاج أن يكون الشخص مصورا ومونتير في ذات الوقت.

وساهم محبي فوتوغرافيا بتطوير قدرات الطلاب والمصورين الفلسطينيين بإعطائهم دورات مجانية، تصل سعرها في المراكز التدريبية ما بين 100 – 200$، مردفا: “نظمنا خمس دورات مجانية بإشراف نخبة من أبرز المصورين في القطاع، ونحضر للدورة السادسة خلال الأيام القادمة التي ستكون في متنزه البلدية بمدينة غزة”.

ورغم عدم الاحتضان وغياب التمويل، إلا أن أنشطة الفريق الذي تشكل قبل خمسة أشهر لم تقتصر عند هذا الحد، يواصل الحديدي: ” نظمنا عدة مسابقات، وستكون هناك مسابقة خلال الشهر القادم برعاية مركز سلطان للتصوير وسيقدم خلال الاحتفال النهائي الذي سيعقد بمنتجع الشاليهات السياحي مجموعة من الجوائز القيمة للفائزين العشرة بينها كاميرات تصوير، ونسعى لأن تكون هذه المسابقة سنوية دورية”.

“غزة بلد جميل للناظر إليه نظهرها بعين إبداعية ” يتحدث الحديدي عن رسالتهم، ثم يتابع: ” نريد تغيير فكرة أن غزة بلد للدمار، فنركز على التصوير الجمالي عن غزة، لكننا كمصورين نحتاج إلى الدعم والوقوف بجانبنا لتمثيل فلسطين في المحافل الدولية”.

وأسس الفريق قسما باللغة الإنجليزية والفرنسية، حسبما يذكر الحديدي، مهمته تسجيل المصورين في المسابقات الدولية، مشيرا إلى دورهم في إعطاء دروس ودورات تدريبية ميدانية أو على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي للمصورين، فضلا عن التبادل المعرفي بين المصورين ليكون الفريق حاضنة لكافة المصورين في القطاع.

والمصور الذي ينضم للفريق يتميز عن غيره، والكلام للمدير العام، فالثقة موجودة في المحافظة على اسم صاحب الصورة، واظهاره لزملائه، ويقول: “نختار الصور الأجمل، ونقوم بترشيحها للمشاركة بمسابقات دولية باستمرار “.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.