منذ يومين قمت برفع الصورة المرفقة بالمقال على صفحتي الشخصية على موقع الفيس بوك و طرحت سؤالا: من صاحب هذا العمل؟
و هنا قمت بالتلاعب بسؤالي باستخدام كلمة ” عمل ” لعدة أسباب و هي :

1- توحي كلمة عمل بأنها قطعة فنية.

2- بما أنها قطعة فنية فهي بالتأكيد من إنتاج فنان محترف قد يكون مرموقا أو صاعدا خصوصا أن من يتساءل عنها ( أي أنا بشخصي المتواضع ) معروف نوعا ما في الوسط الفوتوغرافي بأنه محترف و ذو قدرة على تذوق و نقد الفن.

و إليكم النتائج :

37 إعجابا.

7 تعليقات على سبيل المزاح المحبب من الأصدقاء.

تعليقان يتوقع أصحابهما أنها من عمل فلان أو فلان.

تعليق ناقد لطبيعة الألوان و تصنيف في خانة الرسم التحضيري لعمل فني لاحق أكثر تناسقا.

قد تسألون أنفسكم مالنا و لهذا الكلام و أين عتبة الألم من هذا الحديث؟

حسنا ما وددت تجربته هو معرفة مدى التفاعل العام مع ما يقدم على صفحات العالم الافتراضي على أنه فن و استنتجت من ما رأيت من تفاعل ما يلي و هو رأي شخصي محض ليس مبنيا إلا على تجربتي الخاصة في التعامل مع الوسط الفني من منتجين و متلقين و قد أكون مصيبا أو مخطئا.

أولا يجب التنويه إلى أن هذه الصورة هي لمخطوطة تحضيرية قمت بخطها تحضيرا لعمل أود البدء فيه مستقبلا و إنما أرتب أفكاري على ورق كوني أرغب بالعودة إلى الرسم بعد توقف دام قرابة العشرين عاما حين ابتدأت التصوير الفوتوغرافي.

بالنسبة لإعجابات الرفاق فإنها تنقسم إلى قسمين:

الأول يجامل الصديق صاحب المنشور و ربما أعجبه ما رأى.

الثاني مهتم و لكن ليس لديه مداخلة فوضع إعجابا ليتمكن من متابعة الحوار عبر خاصية الإشعارات على المنشور الذي قام بالإعجاب به ليرى إلى أين يصل الموضوع.

تعليقات الأصدقاء الممازحين و هي لا تحتاج إلى أي تفسير فهم الأصدقاء الذين لا تخلوا حياتنا منهم ولا تصح بدونهم يأخذون معظم الأمور بشكل سلس و مرن دون التعمق فيها بجدية.

تعليقات المتوقعين و هنا المهم فعلا و هم أشخاص متابعون لكن دون تعمق و خبرة.

تعليق الناقد للعمل من ناحية التصنيف و التكنيك و هو تعليق لا يحتاج أي استنتاج فهو واضح بذاته.

نأتي لماذا قمت بهذه التجربة و لم قلت عتبة ألم…
في الطب لكل إنسان قدرة على احتمال التنبيهات الألمية تسمى عتبة الألم أي أن المنبه إن لم يتجاوز بشدته و تواتره حدا معينا فإن الشخص لن يتألم، و إن قسنا الموضوع على الفن فإننا أمام قسمين المنتج و المتلقي.

يقع على المنتج أن يقوم بتطوير نفسه و أدواته و أن يمارس كافة فنون و مهارات التطويع لأدواته و لكل فنان أساليبه و طرائقه كي يستمر بالارتقاء في عمله تكنيكيا و تعبيريا و إلا وصل إلى حالة ترتبط بعتبة الألم و هي عتبة التعود أي أن التنبيه الحسي الفني الذي يقوم به المنتج لتحريض حواس المتلقين أصبح بوتيرة واحدة تعود عليها متلقوه و بالتالي لم تعد تنبه حواسهم مما يؤدي لفقد الاهتمام و خبو نجم هذا المنتج و إنتاجه.

على الجانب الآخر و الأهم يقع على المتلقي واجب تطوير ذائقته بحيث يرفع عتبة التذوق عنده فلا يعود متأثرا بكل ما يطرح هنا و هناك مما يعرف بأعمال فنية رسما تصويرا أو موسيقا و غيرها و ذلك من خلال متابعة المصادر الموثوقة التي تقدم فعلا أعمالا فنية ترتقي إلى مستوى الفن الحقيقي الذي يراعي كلا الجانبين الفني التكنيكي و التعبيري و مطالعة النقديات و الحوارات التي تعنى بشرح هذه الفنون و إيصالها إلى أكثر المتلقين بساطة رغم أن الفن بطبيعته نخبوي و ليس موجها لكل الناس فشتان ما بين الفن الحقيقي و الفن الترفيهي الذي يسوق له على أنه فن فلا مجال للمقارنة بين إبداعات بيتهوفن و عبد الوهاب و ما يبث اليوم على المحطات و كذا الأمر مع مونيه و دالي و أنسل آدمز و غيرهم من الفنانين الحقيقين.

و على سبيل الطرفة المؤلمة يحكى أن أحد الفنانين الأوروربيين و لا أذكر اسمه بصراحة صرح بقوله أن الفائدة الوحيدة التي تلقاها من أنه تخرج من كلية أكاديمة عليا للفنون في إحدى الجامعات الأوروبية هي أنه يستطيع مزج الهراء المتعدد في إطار و احد ليسميه فنا و أن العامة لا تناقش هذا الهراء بل تهلل له !!! و هنا المصيبة فمن يجعل الفن و الفنان مشهورا غير المتابعين له !!  طبعا هذا لا ينطبق على كل الخريجين فكما في كل مجال هناك المبدع و هناك من تجاوز المراحل الدراسية لمجرد التجاوز.
فلنكن أكثر و عيا و لنقم جميعا مجتمعين برفع عتباتنا كي لا يصل إلينا إلا ما يستحق أن يكون فنا بحق.

و دمتم بكل الود

هيثم فاروق المغربي

من هيثم فاروق المغربي

رئيس مجلس ادارة نادي فن التصوير الضوئي السوري مدرب عربي معتمد في الفوتوغراف من أكاديمية اوسان عضو في اتحاد المصورين العرب - مصور محترف عضو الاتحاد العالمي للمصورين المستقلين - مصور صحفي محترف- عضوية دائمة