النقد و المخدرات النفسية الفيسبوكية

تعتبر مواقع التواصل الاجتماعي من أقوى أدوات المصور في نشر أعماله و التعريف عنها و هي الوسيلة المثلى للوصول إلى العملاء المحتملين بأسرع و أسهل و أرخص طريقة فكل ما يلزم المصور حاليا جهاز ذكي لوحي أو هاتف و خط إنترنت ليصل إلى العالم، و لكن كما لكل شيء جانبه المضيء فهناك الجانب المظلم و جانب المواقع الاجتماعية المظلم و على رأسها الفيس بوك هو الحالة الإدمانية للمديح الذي يكال على المصور غدقا بلا حساب من المتلقين الذين يوزعون المعسول من التعليقات كما توزع حلوى العيد على الأطفال، و هنا يجب على المصور أن ينتبه كي لا يقع في فخ تعاظم الأنا و انتفاخها كبالون مطاطي أجوف هش.

من منا يحب أن يقال له عملك غير كامل، أو ينقصه كذا و كذا، أعتقد لا أحد و هي طبيعة النفس البشرية و لا ضير في هذا إن استطاع الإنسان استغلال هذه الحالة في أن يزيد من جهده و يتلافى نواقصه وصولا إلى الكمال في عمله، و لكن ما يحصل على مواقع التواصل الاجتماعي مخالف لذلك فلا ضوابط للتعليق و لا التقييم و عليه فإن العديد من المصورين يصبحون عتاولة و دكتاتوريين في حال وجه النقد لهم معتمدين على شهرة زائفة بفعل الكم الكبير من الإعجابات التي تأتي لصورهم و التي قد تكون نابعة من جمال العمل أو من الموضة الرائجة في أنماط التصوير بين المتلقين و التي قد يرغبون في رؤيتها حتى و إن كانت مخالفة للقواعد الفوتوغرافية و الفنية و هذا بكل أسف لا يجعل منها أعمالا فنية فانتشار التدخين و الأرجيلة مثلا بين الشباب لا يجعلها أمرا صحيا و محببا، و هنا يجب أن نفرق بين النقد الفني و بين الهجوم الشخصي، فالنقد الفني يأتي بأسلوب راق محترم و موجه نحو المشكلات الفنية و التقنية للعمل و لا يتوجه باتجاه الشخص نفسه و على المصور أن يتقبله و يرحب به بل و يطلبه و هذا النقد لا يأتي إلا من أهل الاختصاص، و هناك النقد الأعمى و الذي يكون مشخصنا و يظهر واضحا بأنه هجوم على المصور لسبب ما و هو أمر يجب على المصور أن لا يلقي بالا له فكل مثمر مرمي بحجر، و لا مانع من أن يسعى المصور لحصد العدد الأكبر من الإعجابات فمن منا لا يحب التقدير على عمله و لكن عليه أن يحافظ على هذه الإعجابات في خانة الرضا الذاتي المؤقت و المرحلي عن عمله و أن يسخر النقد الفني الصحيح ليرفع من سوية عمله فلا تضاد بينهما لكن أن يغلب أحدهما على الآخر فهنا تكمن المشكلة، إذ لو أن المصور قام بملاحقة النقد و السعي للوصول إلى الكمال الفوتوغرافي دون مراعاة ما يطلب في السوق فسيتحول إلى فنان يقدم فنا عالي المستوى قد لا يروق للعامة و بالتالي سيعاني ماديا من ضائقة قد تطول و إن راعى المتلقين فيما يرغبون دون أن يهتم لمستوى العمل فنيا فسيقع ضحية الابتذال و يهبط بمستواه الفني و لكن قد يربح ماديا، كما يجب الانتباه إلى أن الناقد حتى و إن كان خبيرا قد يصيب و قد يخطئ فهو أولا و أخيرا بشر و من منا بلا أخطاء و من منا وصل حد الإتقان و ختم العلم كمايقال، لذا إن أتاك نقد و رأيته خاطئا فعليك بكل ود أن تشير إلى الخطأ و أن توضح المسألة وتأكد بأن الناقد إن كان خبيرا فعلا فسيتقبل ردك و يتراجع عن هفوته مما ينشئ قنوات حوار ودي هدفها النمو و التطور لا حلبات جدال هم أطرافها تكسير الآخر و تحطيمه، و إن لم يتقبل و أصر بلا حق فاعلم أنها مسألة شخصية و هنا تجاهل هذا الشخص فليس من جدوى في النفخ في قربة مثقوبة.

فالهدف هو التوازن بين ما يجب أن يقدمه المصور أكاديميا و فنيا و بين ما ترغبه العامة من المتلقين.
و عليه صديقي و زميلي المصور إن النقد الذي يوجه لك بأسلوب علمي راق هو محبة لك أولا من قبل الناقد الذي يريد لك أن تتطور و محبة ثانيا لفن الفوتوغراف الذي نريد جميعا له أن يتطور، فلا تجعل من حصد الإعجابات إدمانا نفسيا و لا تعتبرها مقياسا لنجاحك الفني بل هي مقياس لانتشارك بين المتلقين و دليل قدرتك العالية تسويقيا.
و دمتم بود
هيثم فاروق المغربي

نُشرت بواسطة

هيثم فاروق المغربي

رئيس مجلس ادارة نادي فن التصوير الضوئي السوري مدرب عربي معتمد في الفوتوغراف من أكاديمية اوسان عضو في اتحاد المصورين العرب - مصور محترف عضو الاتحاد العالمي للمصورين المستقلين - مصور صحفي محترف- عضوية دائمة