“من جبال عرفات إلى جبال البشرات” السوبرانو المغربية سميرة القادري

تحط الرحيل بمدينة أكادير في ضيافة مؤسسة مدار للإبداع

حلت أخيرا السوبرانو المغربية سميرة القادري، يوم الجمعة 16 دجنبر 2016 بدار الحي السلام باكادير ضيفة على مؤسسة مدار للابداع في افتتاح موسمه الثقافي،بحضور عدد هائل من الفنانين والموسيقيين والشعراء والمثقفين بالمدينة في مناسبة لاسترجاع السماع الى الموسيقى الراقية التي تسمو بالروح وتهذب الذوق .

الفنانة  العالمية سميرة القادري لها خط غنائي خاص بها, لذلك كان اللقاء معها شاملا ومركزا على العديد من النقاط الهامة للحديث عن لمحات من حياتها الشخصية وتجربتها الفنية.

استهلت القادري حديثها للتعبير عن سعادتها للقاء محبيها من عشاق الفن الأصيل بمدينة أكادير ، لتنتقل بالحديث عن مسارها الفني، والتي تناولت فيه ثلاث محطات هامة، بداية باعتبارها كفنانة سوبرانو اختارت الطريق الفني الصعب و ركبت صهوة المغامرة مع المؤلف الموسيقي مصطفى عايشة في أداء الشعر العربي في قوالب ليريكية عالمية. وقد تخلل هذا اللقاء الذي قام بتسييره الدكتور محمد الخطابي ، تقديم قراءة موسيقية لفارس العود العربي الأستاذ إدريس الملومي الذي أشاد بتجربتها و باجتهادها المتواصل للرقي بهذا النوع الموسيقي داخل الساحة العربية وبحضورها القوي  في المحافل الدولية، حيث أعطت للموسيقى المغربية بعدا كونيا. مؤكدا على أن ” سميرة القادري هي إحدى المتربصات واستحقاق وبهدوء بمجد المغايرة في الاشتغال الفني، بحيث أن مجد سميرة القادري يتجلى في الاقتراب من الشعر بأجوات المغايرة، التي تفرض على المرء الاشتغال والالمام برصيد معرفي حقيقي بالفعل الموسيقي، معتبرا  سميرة القادري هي إحدى الأيقونات الموسيقية التي لم تكتفي فقط بالطمأنينة للجاهز والمعتاد في الاستماع الموسيقي، أما على المستوى الفني فيمكنني تصنيف الصوت الجميل لسميرة القادري بخانة السوبرانو، على أساس أن صوت السوبرانو يفترض أن يحمل حمولة صوتية ومعرفية قوية جدا، حيث استطاع صوت القادري أن يمزج الصوت الليريكي والطرب العربي، والنجاح في هذا الأمر، لا يمكن سوى أن يكون لدى الكبار“.

ولأول مرة، كان الجمهور المتذوق للفن الأصيل مع سفر في عوالم الغناء المتفرد للسوبرانو سميرة القادري بصوتها الأوبرالي مع مصاحبة لأوتار فارس العود الاستاذ ادريس المالومي ،بإعتبارها سباقة إلى جانب هبة القواس و ريم الطويل وسوزان حداد و عبير نعمة في الغناء الليريكي العربي، بالإضافة إلى جهودها العلمية لتطوير هذا المجال، وهذا ما حاولت القيام به في مداخلاتها الأكاديمية، محاولة بشروحاتها تقريب المتلقي من هذا اللون الغنائي، الذي يتطلب إلى جانب الصوت ثقافية واسعة حول الموسيقى العالمة.

تعتبر سميرة القادري باحثة وأستاذة في علم الموسيقى ومغنية أوبرا، سوبرانو، مغربية من مدينة تطوان شمال المغرب. هي أيضا ضليعة في الشعر الصوفي الأندلسي خصوصا القصائد التي كتبت في القرن السادس عشر من طرف الموريسكيين. وهي من أبرز الفنانين والباحثين المختصين في الغنائيات التراثية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط. وقد برعت السوبرانو سميرة القادري في أداء الشعر العربي في قوالب عالمية، وفتحت تجربتها على أوسع آفاق التراث الأندلسي في الفضاء المتوسطي، من خلال أداء النصوص السفاردية، والغناء بالإسبانية العتيقة وأداء قصائد الكانتيغا، فضلا عن أغاني “التروبادور” للشعراء الجوالين جنوب فرنسا، مما يجعلها بحق سفيرة التراث الأندلسي وسفيرة الأكاديمية الكندية للتدريب والاستشارات بمونتريال، ومؤسسة ناجي نعمان بلبنان ومنظمة المهاجر بأستراليا بدول المغرب العربي والاتحاد الأوروبي وتعتبر الفنانة السوبرانو سميرة القادري كرمز من رموز الذاكرة الفنية المشتركة في الفضاء المتوسطي .

كما تحدثت الفنانة والباحثة سميرة القادري عن ألبوماتها وما تحمله من عمق في مجال الموسيقى ، حيث فازت الفنانة بجائزة المهاجر العالمية للفكر والآداب والفنون بأستراليا في دورتها لموسم 2011 عن ألبومها الذي شاركت به: “من جبال عرفات إلى جبال البشرات”.

ويعبر الألبوم عملا فنيا يضم أشعاراً وأناشيد صوفية كتبها شعراء مورسكيين بعد سقوط غرناطة سنة 1492م، وقبل الطرد النهائي من الجزيرة الإبيرية سنة 1609م، وهو عمل فني متكامل .

واستطاعت القادري بهذا العمل الأوبرالي الأصيل النبش في ذاكرة جماعية مسكوت عنها، باعتبار أن المورسكيين هم ذاكرة متوسطية مشتركة، وباعتبارها طابوهاً في تاريخ إسبانيا، يخص مأساة شعب تعرض للاضطهاد والتنكيل والتهميش، لذلك احتفت القادري بالقضية الموريسكية، فكان صوت الغجرية والمرأة الموريسكية حاضراً بقوة في هذا العمل تكريماً لهما في حفظ الذاكرة المشتركة.

dsc_2214

dsc_2237 dsc_2236  dsc_2258 dsc_2266 dsc_2205  dsc_2172 dsc_2169 dsc_2124dsc_2126dsc_2187