النشرة الشبابية >>هواة التصوير الضوئي.. شجون فنانين نحو الإبداع والاحترافية
12 تموز , 2013
#اللاذقية#سانا
يسعى الفنانون الشباب في حقل التصوير الضوئي منذ ما يزيد على عقد من الزمن إلى ترسيخ حضورهم الإبداعي في الميدان الفني محاولة منهم للتأكيد على أهمية التصوير الفوتوغرافي وخصوصيته كأحد الأنساق الفنية الجديدة التي تكمل رسالة الفنون التشكيلية الأخرى خاصة وقد بدأ هذا الفن بالانتشار في أوساط الشباب تحديدا بعد ظهور سلسلة التقنيات الحديثة والتي وفرت لكل منهم كاميرا متطورة ومتناهية الصغر في هاتفه الجوال على أقل تقدير.

ويرى الكثير من هؤلاء الشباب أنه وعلى الرغم من تقدم هذا الفن ورسوخه في المشهد المعاصر إلا أنه لم يأخذ حتى الآن حقه من الضوء الإعلامي مقارنة بفنون الرسم والنحت والخط العربي وسواها إنما بقي رهنا لبعض المعتقدات الخاطئة والتي تصنفه على أنه عمل تقني بحت رغم كل ما حققه في السنوات الأخيرة من قفزات حداثية استطاع عبرها أن يلج حقل التجريد والفن الرمزي مؤطرا لحالات وظواهر إبداعية لا تقل شأنا عن مثيلاتها في الجوانب الفنية الأخرى.

وفي هذا الإطار أكد المصور الفوتوغرافي حيان عبود لنشرة سانا الشبابية أن فن التصوير الضوئي يعد فنا حديثا على مستوى العالم مقارنة بالتاريخ العريق للفنون الأخرى لكنه في الوقت نفسه يحمل بصمة خاصة به وينطوي على مقولة أقرب إلى الوجدان الإنساني فلا يمكن لفن سواه أن يجسدها بذات المصداقية والشفافية إذ يتطلب التصوير من الفنان ثقافة بصرية عالية تؤهله لاختيار الكادر الفني للصورة الملتقطة من حيث زاوية الرؤية والنور والظل والضوء المنعكس المناسب وهي العناصر التي يبرز من خلالها إبداع الفنان وتميزه.

وأضاف عبود “ما إن يمسك الفنان الكاميرا الخاصة به حتى تتحول عينه إلى عدسة حساسة تلتقط الأفق الجمالي الممتد حوله والذي يعكس في أبعاده البصرية مجموعة من الأفكار والثقافات والمضامين المهمة التي تختلط بما يحمله المصور من فكر خاص به ومن معارف متنوعة تندمج جميعها في لحظة واحدة محولة المشهد العادي إلى حالة فوتوغرافية غير عادية وهذا هو سر الصورة المبدعة”.

وقال “يمكن التأكيد على أن الانفتاح الإعلامي الواسع وما رافقه من انتشار عريض للصورة كوثيقة بصرية تضطلع بمهمة أرشفة الحدث الجاري على الأرض شكل سببا أساسيا وراء انتشار هذا الفن واتساع رقعته خاصة أن الصورة عموما تتسم بالشعبوية بحيث لا تحتاج إلى متلق من شريحة النخبة للتعامل معها إنما هي عمل بصري قادر على التآلف مع مختلف الأمزجة والثقافات وسويات الوعي الفكري”.

بدوره أشار الفنان التشكيلي أنس اسماعيل إلى “ضرورة الاهتمام بالثقافة البصرية المرافقة لانتشار الصورة كمعادل موضوعي للحدث الراهن حيث تشكل هذه الثقافة قاعدة أساسية للوعي الثقافي لدى المشاهد مستقبلا وهو ما تؤكد عليه الصورة التي التقطت لجندي مصاب برصاصة حية خلال الحرب العالمية الثانية حيث ظلت هذه الصورة حتى يومنا هذا واحدة من أشهر وأهم الصور حول العالم لما استطاعت تجسيده من مفاهيم حول قسوة الحرب ومعاناتها”.

وأكد اسماعيل أن الارتقاء بثقافة المشاهدة لدى جموع المتلقين أمر على درجة عالية من الصعوبة حيث يتطلب هذا الغرض العمل على تشكيل عين خبيرة قادرة على رصد التفاصيل المرئية في الصورة وإدراك منظومة العلاقات والبنى الداخلية فيها على المستويين الفكري والشكلي.

من ناحيتها ذكرت الفنانة الشابة بانة ماخوس أن التصوير الضوئي وعلى خلاف ما يظنه البعض قادر على التعامل مع مختلف المفاهيم التجريدية بحيث تصبح الصورة أقرب إلى العمل التشكيلي من حيث المفردات التي تنتقل في حال تجريدها من حالتها الواقعية إلى حالة أخرى مفترضة توحي بتشكيل ما سواء للعين التي التقطت الصورة أو لتلك التي ستقوم باستقبالها.

وأعتبرت ماخوس أن العمل بهذا الأسلوب يخرج الصورة عن تقليديتها ما يمدها بأبعاد جديدة تحرض مخيلة المتفرج وتدفعه إلى إجراء أكثر من قراءة للصورة الموجودة أمامه منوهة إلى أنه من غير الضروري أن تتطابق رؤية الفنان مع مخيلة المتلقي الذي تتاح له الفرصة للتعبير عن إحساسه الخاص حول أي صورة تجريدية وتأويلها وفقا لثقافته وتصوراته البصرية.

وتعتبر الصورة مسؤولية كبيرة كما يقول الفنان بهجت اسكندر إذ إنها تنقل فكرة غالبا ما تكون محددة ولا لبس فيها لكن ما يتوجب على المتلقي إدراكه هو أن هذه الفكرة لا تكتمل دون وضعها في سياقها العام الذي وجدت فيه ولذلك فمن الصعب أن تكون الصورة حيادية كما يعتقد البعض لأنها تنقل بشكل من الأشكال مقولة المصور الذي قام بالتقاطها وتجسد سعيه لنقل وجهة نظر معينة.

وتابع اسكندر “إن ما يقال عن عدم انتشار ثقافة فكرية وبصرية موازية لانتشار فن التصوير الضوئي هو أمر غير دقيق إذ إن هذه الثقافة موجودة لدى المتلقي عموما لكن حقيقة الأمر تكمن في أن جمهور التصوير الضوئي يدرك أن هذا الفن بات اليوم أكثر اعتمادا على التقنيات الحديثة القادرة على معالجة الصورة الملتقطة بل وقلبها رأسا على عقب ولذلك فإنه يشعر أمامها أنها عمل بصري غير عفوي نظرا لقدرة التكنولوجيا الحديثة على نقل مناخات مغايرة للواقع عبر هذه الصورة أو تلك.

أما الفنانة هبة محمد فأكدت ضرورة دعم الفنانين الشباب من هواة التصوير الفوتوغرافي من قبل الجهات المعنية لتتاح لهم فرصة الوصول إلى دائرة الضوء وتجسيد إبداعاتهم ليتمكن كل منهم من إيجاد الحافز المناسب لتطوير قدراته بما يتلاءم مع تنوع شريحة المتلقين وما تنطوي عليه من خلفيات ثقافية متباينة.

وقالت محمد “إن الثقافة البصرية للمصور تؤدي دورا أساسيا في اختيار اللحظة الفريدة التي يلتقط خلالها صورته محددا زاوية التصوير ومعطيات الظل والنور المتصلة بالموضوع الذي يشتغل عليه إذ يلتقط المصور عادة ما لا يلاحظه الآخرون وهو ما يجعل الصورة ذاتها تختلف من فنان إلى آخر في حال سعى الجميع إلى التقاط التفاصيل ذاتها”.

بدوره لفت الفنان باسم عبد الله إلى أن الصورة في مجملها هي اختزال فني لفكرة معينة مجسدة في محيط الفنان من خلال ما يمكن وصفه بأنه خروج عن التسجيل الكلاسيكي والأرشفة التقنية حيث يقوم الفنان الحقيقي بجمع تفاصيل المشهد المراد تصويره في مخيلته قبل التقاط الصورة فلا يفاجأ لدى النظر إليها بعنصر لم يلحظه سابقا رغم أن المتفرج على الصورة ربما يحصد الكثير من الدهشة مقابل المفردات الصغيرة في صورة كان يظن أنها اعتيادية.

ونوه عبدالله الى ضرورة العمل على اقامة ورشات تخصصية في مجال التصوير الضوئي لسد الفجوة الحاصلة في عملية تأهيل وتدريب المصورين الضوئيين حيث تفتقد الساحة الثقافية إلى هذا النوع من الأنشطة التأهيلية التي من شأنها ان تطور مهارات الشباب الهاوي وتعزز من قدراته في هذا الجانب.

كذلك أوضح الفنان اسبر الريم أن التقنيات الحديثة ومنتجات التكنولوجيا المتسارعة وسعت من إمكانات فن التصوير الضوئي وخياراته الأمر الذي دفع إلى ولادة جيل من الشباب الهاوي لهذا الفن مضيفا “إن هذه التقنيات رغم وجهها الإيجابي إلا أنها غيبت جانبا من الإبداع الفردي للفنان ما يتطلب معه جهدا أكبر وعينا أكثر حساسية لالتقاط التفاصيل التي قد لا يلحظها العابر العادي لدى مروره بها”.

وأشار المصور الفوتوغرافي سعيد جاد الله إلى أن فن التصوير مظلوم جدا حتى على المستوى العالمي إذ إن الكثير من المتطفلين قد دخلوا هذا المجال دون دراية كافية بطريقة التقاط الصورة التي تحمل في طياتها الكثير من المعاني رغم أن الصورة كفن حديث بدأ في السنوات الأخيرة يلقى رواجا كبيرا خاصة في أوروبا حيث تشكل الصورة هوية خاصة لأي شعب في العالم.

وتابع “على المستوى المحلي مازلنا نحتاج إلى الكثير من التأهيل والتدريب للوصول إلى سوية جيدة من الاحترافية إذ تغيب عن المشهد الدورات الفنية المتخصصة بهذا الفن وأيضا المعارض الخاصة به والندوات وورش العمل ما يجعل المصور الهاوي يعمل على تطوير أدواته على نحو فردي دون توفير المساحة أمامه للاستفادة من تجارب الآخرين ومعارفهم إلا في نطاق محدود جدا”.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.