عدسة عصفور تذكر بدور السينما القديمة في عمان عبر معرض ‘‘النهاية‘‘

الجمعة 28 نيسان / أبريل 2017. 12:00 صباحاً
  • جانب من اللوحات المشاركة في معرض “النهاية”- (من المصدر)

منى أبو صبح

عمان– في محاولة للتذكير بفقدان جزء من هوية المدينة الثقافية عمان، التي أسهمت دور السينما في تكوينها في مرحلة السبعينيات والثمانينيات، أقيم معرض فوتوغراف بعنوان (النهاية) للمخرج والسينوغراف والمصور رائد عصفور في مسرح البلد.
ضم “النهاية” إحدى وخمسين صورة لدور السينما في عمان، إضافة لصور شخصية لأصحابها الذين قاموا على تأسيسها، ولمن حاولوا المحافظة على وجودها.
مشاهد تستوقف المتلقي في “النهاية” التقطتها عدسة عصفور منها: صورة تحمل عبارة السينما مغلقة، إعلان عرض أحد الأفلام، يافطات ملقاة أرضا تحمل اسم سينما عريقة، مشهد آخر يمثل الظلام المحيط بإحدى الدور، إعلانات ومناشير قديمة تحمل أسماء فنانين قدامى (رشدي أباظة، نعيمة الصغير، سيف الله مختار..)، أفلام وأدوات العرض القديمة متراكمة فوق بعضها بعضا في إحدى زوايا دور السينما.. وغيرها العديد من مشاهد مؤلمة لدور السينما في عمان.
في حوار مع عصفور لـ”الغد”، يقول: “جاءت تسمية معرض “النهاية” لتصوير ما وصلت إليه دور السينما بعد أن أهملت وأغلقت أبوابها وتراكم عليها غبار الأيام، وهي تشبيه بنهاية حزينة لأحد الأفلام”.
بألم وحزن شديدين، يروي عصفور: “إذا عملت بحثا عن مدينة عمان، وأسماء أبرز دور السينما فيها نقرأ عن سبع عشرة دار سينما تقريبا اندثرت، ارتادها في الماضي محبوها من طبقات المجتمع كافة.. الغني والفقير، الكبار والشباب.. طلبة المدارس.. كانت السينما عاملا أساسيا في تشكيل الهوية الثقافية لأهل مدينة عمان”.
العصر الذهبي لهذه الصالات وما آل إليه دفع عصفور للتذكير والالتفات والمساءلة من جميع المؤسسات الرسمية والأهلية والمثقفين والعاملين في التعليم لما وصل إليه حال دور السينما هنا، مبينا أنه من الصعب مدينة تحمل هذا التنوع الثقافي أن تهمل وتضمحل بها السينما هكذا.
بدأ عصفور توثيق مشاهد ولقطات متنوعة لدور السينما منذ العام 2000-2005، فترة تأسيس مسرح البلد؛ حيث تشكل هذه الأماكن مساحات ثقافية هائلة، وكأنه كان يشعر بما ستؤول إليه.
يوضح عصفور، عندما طرح مشروع مهرجان الصورة العام الحالي، الذي يركز على تصوير هوية عمان “كان هناك جزء مفقود، ومن هنا رجعت للأرشيف، وحاولت مواءمة الصور القديمة مع الحديثة، فهي كما هي بل زادت سوءا، منها: ما تحول لموقف سيارات.. أو هدم.. أو حرق”.
تطرق عصفور من خلال التقاطه لمشاهد متنوعة للواقع المؤلم في دور السينما، حتى ان بعض صالات العرض في العام 2005 كانت تعمل، رغم وضعها المأساوي وتحولت الآن إلى شواهد لخراب وحرائق، مضيفا “مشهد مؤلم يستوقنا أمام سينما الخيام على سبيل المثال، الباب المحترق.. وغيرها من دور العرض.. كم لهذه الأماكن ذكريات وتاريخ هي إرث حضاري.. لم نستطع الحفاظ عليه”.
يستذكر عصفور الفترة الزمنية التي كانت بها السينمات في أوج عطائها تعرض أفلاما جميلة، تقوم المدارس بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم باصطحاب الطلبة في رحلة ثقافية لدور العرض، مما ولد داخل نفوسهم ارتباطا عميقا بالسينما والفن، موضحا “مقاعد بدرجات.. إعلانات الأفلام.. أسعار التذاكر تختلف من درجة إلى أخرى.. اكتظاظ دور العرض تلاشت جميعها أمام أعيننا”.
معرض “النهاية” يذكر بالعصر الذهبي في مرحلة السبعينيات والثمانينيات لدور السينما، في تلك المرحلة كان في وسط مدينة عمان ما يقارب سبع عشرة دار سينما تعرض يوميا أفلاما منوعة، وبرامج عرضها تنشر في الجرائد اليومية، وكان هناك جمهور من كل الأعمار والطبقات يذهب دوريا لحضور الأفلام التي تقدم في دور السينما. كانت السينما جزءا مهما من تكوين ثقافة المدينة وتنمية الحس الجمالي لأهلها، ولدور السينما في عمان تاريخ عريق ابتدأ مع نشأة المدينة، وهي شاهدة على عصر جميل مضى.
وعن أسماء دور السينما في وسط مدينة عمان، فما يزال يذكرها عصفور وهي: الفيومي، دنيا، غرناطة، البتراء، الحمراء، زهران، بسمان، رغدان، فرساي، الأردن، الخيام، الحسين، الأمير، فلسطين، عمان، الكواكب.
ويذكر أن رائد عصفور مخرج وسينوغراف وهاو للتصوير، و(النهاية) هو معرضه الثاني، جاءت فكرة المعرض بعد أن عمل مع مجموعة من الفنانين والناشطين الثقافيين على ترميم سينما الأردن في العام 2005، وتم إعادة افتتاحها كمركز ثقافي ومسرح مستقل اسمه مسرح البلد.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.