“أحمد الخياط”.. ترجمة المصطلحات الطبية

إسماعيل النجم

السبت 20 حزيران 2015

ركن الدين

أسس أول مخبر للتحاليل الطبية في “سورية”، وقدم فيه الخدمة المجانية للمحتاجين، عقد في منزله جلسات علم حضرها كبار الباحثين، وأصدر مجموعة من المؤلفات منها معجم “المصطلحات الطبية”.

تكبير الصورة

مدونة وطن “eSyria” التقت بتاريخ 6 حزيران 2015، الطبيب “يحيى العبودي” من متابعي سيرة حياة الطبيب “أحمد الخياط” المهنية والإنسانية، ويقول: «اشتهر “الخياط” بالعمل الإنساني، حيث كان يقوم بإجراء التحاليل مجاناً للمحتاجين، ومع أنه الطبيب الوحيد الذي افتتح مخبراً خاصاً في “سورية” إلا أنه فضل مساعدة الناس على النجاح والربح المادي، وهذا ما بعث في نفوس مرضاه الطمأنينة، وشعروا بمدى الحس الإنساني والأخلاقي الذي كان ميزة لدى أغلب الأطباء في الزمن الماضي.

وخلال تعيينه رئيساً لقسم الجراثيم، حرص على تعليم طلابه آخر المستحدثات الطبية وتزويدهم بأي معلومة يصل إليها، كما حثهم على اتباع الأسلوب العلمي في التحليل، وأعطاهم الكثير من الفرص للتجريب والتطبيق العملي».

ويتابع: «أسس “الخياط” في الأربعينيات من القرن الماضي صالوناً علمياً في بيته فريداً من نوعه، وكانت تعقد فيه يومياً جلساتٌ يحضرها عدد من كبار العلماء والباحثين والهواة، وقد قسم جلسات الأسبوع لتستوعب كافة العلوم والفنون بين الطب والفقه واللغة، والسمر أيضاً، وقد توقف هذا الصالون نهائياً عام 1949م، كان “الخياط” أحد أركان التعريب الذي

تكبير الصورة
الدكتور غسان حسن

بات سمةً للتعليم الجامعي في “سورية”، فحين تم تأليف لجنة المصطلحات العلمية في كلية الطب بجامعة “دمشق”، وقوامها كل من: “مرشد خاطر”، و”محمد صلاح الدين الكواكبي”، و”أحمد الخياط”؛ عمل الأخير على وضع الترجمة العربية لمعجم المصطلحات الطبية الكثير اللغات “كلير فيل”، وهي أولى المحاولات لتوحيد المصطلحات، وقد طبع النص العربي لهذا المعجم في مطبعة الجامعة السورية سنة 1956، وعدد مفرداته قرابة خمس عشرة ألف مفردة».

وفي لقاء مع الطبيب “غسان حسن” عضو نقابة أطباء “سورية” يقول: «أتقن “الخياط” صنعة الأسرّة في الحفر على الخشب وتطعيمه بالصدف وزخرفته، ثم انتسب إلى المدرسة الطبية العثمانية عام 1901م في مقرها بمبنى “زيوار باشا”؛ الذي كان يقع بين ما يسمى حالياً ساحة “عرنوس” والمستشفى الإيطالي، ثم انتقلت بطلابها من “دمشق” إلى “بيروت” أثناء الحرب العالمية الأولى، واختارته الدولة مع الطلاب البارزين للقيام بأعمال المستشفيات لنقص الأطباء آنذاك، فساهم في المخبريات حتى تخرج عام 1918.

عاد “الخياط” إلى “دمشق” عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، حيث عيّن من قبل الجيش العربي مشرفاً على مؤسسة المصل

تكبير الصورة
الدكتور الباحث برهان العابد

والجراثيم التي أنشأتها الحكومة العربية على أنقاض مؤسسة حفظ الصحة العثمانية، ثم أنشأ مخبره الخاص الذي كان أول مختبر من نوعه في “سورية”، إضافة إلى اشتغاله بالتدريس في “جامعة دمشق”، وفي بداية الأربعينيات كان له الدور الرائد في تأسيس نقابة الأطباء عام 1944م، وظل نقيباً للأطباء لسنوات طويلة».

في أوائل عام 1919 استقال من العمل في الجيش، وانضم إلى مؤسسي “المعهد الطبي العربي بدمشق” (كلية الطب لاحقاً)، يقول الدكتور “رضا سعيد” في مذكراته: «عيّن “الخياط” أستاذاً لفن الجراثيم والصحة، وأول ما طبع من كتب المعهد الطبي العربي، كان كتابه “علم الجراثيم”، ثم كتابه الثاني “فن الجراثيم”، وفي هذه الفترة أسس مخبراً خاصاً للفحوص المخبرية المختلفة».

ويقول الدكتور “برهان الدين العابد” في “الموسوعة العربية”: «ساهم “الخياط” في تخريج الدفعة الأولى من طلاب المدرسة الطبية العربية عام 1919، وبلغ عددهم ثمانية وأربعين طبيباً، من الذين ابتدأت دراستهم العلمية باللغة التركية وأنهوا السنة الأخيرة منها باللغة العربية، وبقي يدرّس في المعهد الطبي حتى سنة 1930؛ ليخرج أول طبيبة في “سورية” “لوريس ماهر”».

يذكر أن الطبيب “أحمد حمدي بن محمد علي الخياط” ولد في “دمشق” عام 1899م، تلقى علومه الأولية في المدرسة الكاملية، وعيّن مديراً لكلية الطب بين عامي 1946 و1947م، أحيل عام 1958 للتقاعد بعد أربعين عاماً من التدريس، فاعتكف في منزله متفرغاً للبحث العلمي، إلى أن وافته المنية عام 1981 بعد صراعٍ مع المرض، فرحل تاركاً للمكتبة الطبية إرثاً ثرياً.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.