كيف يعمل التصوير الرقمي ؟

الجزء الأول
للكاتب جون سانتورو
ترجمة بحار الشبكة
المصدر المنقول منه: موقع  LEXAR للتصوير الفوتوغرافي الرقمي

إن كنت محترفا أو هاويا ، إن قررت الانتقال للتصوير الرقمي ، فربما  تكون قد فوجئت بكل تلك الخيارات التقنية التي تقف أمامك ، أعليك مثلا أن تصور بهيئة JPEG  أم TIFF  أم الـ RAW  ؟
كيف يمكنني تحميل الصور التي التقطتها و تعديلها ؟  كيف علي أن أتعامل مع صوري بحيث أحصل على أروع طباعة ممكنة ؟  أو كيف أحصل على طباعة بحيث أحصل على ما يشبه ما أراه أمامي على شاشتي !؟
ستطرح في هذه السلسلة مجموعة من المقالات ستقدم لك المعلومات اللازمة للإجابة عن هذه الأسئلة و الحصول على ثقة تامة بالتصوير الرقمي .

لكن قبل أن نبدأ الحديث عن آلية عمل التصوير الرقمي من المستحسن أن تكون لدينا فكرة عامة عن كيفية صنع الكاميرا الرقمية للصور . علينا أن نعرف معاً ما هو البكسل بالضبط و كيف يؤثر على جودة الصورة  ؟

البكسلات

تستخدم جميع أنواع الكاميرات الرقمية – بما فيها كاميرات الهواتف النقالة و كاميرا الفيديو وكذلك كاميرات الويب- أحد أمرين : Charged Coupling Device (CCD)  أو الشاحن المزدوج أو Complementary Metal Oxide Semiconductor (CMOS) أو أكسيد الموصل الأحادي/شبه الموصل  الفلزي المتمم  ( لم أجد ترجمة أفضل ) ( الموصل أحادي الاتجاه/شبه الموصل  : مادة صلبة موصلة و أخرى عازلة في درجات الحرارة الطبيعية ولو شرحناه بالضبط فلن يكفينا المكان :)  )
وفائدة هذا الجزء هو تخزين الضوء الذي يدخل عبر عدسة الكاميرا ، وهذه الرقاقات ( من الآن تخيل رقاقات  CHIPS– طبعا ليست  للأكل ! ) التي تتركب من ملايين مستشعرات الضوء الصغيرة جدا وتسمى ببساطة بكسلات وهي تنتظم كشبكة متعامدة . وهذه الشبكة من البكسلات الصغيرة تحتل موضع إطار الفيلم في الكاميرات التقليدية ، إذا البكسلات هي الأساس في التصوير الرقمي عموما .
ولو قرأت دليل الاستخدام الخاص أو الكتيب المرفق بكاميرتك عند شرائها فسوف تجد حتما أبعاد الرقاقة التي يمكننا أن نسميها المستشعر أو السنسور مثلا لكاميرا 2 ميغا بكسل تعني أن عرض الصورة هو 1200 بكسلاً و عرضها هو 1600 بكسل ولو ضربت الرقمين لوجدت أن الناتج هو 1,920,000 بسكل أو ما يمكننا تسميته بـ 2 ميغا بكسل و هذا ما سيمكننا من معرفة أن الحجم الأكبر للبكسلات طولا أو عرضا سيعني أن يكون السنسور أو المستشعر أكبر أيضا ليحتوي هذه الزيادة التي ستحصل عليها من ازدياد مقاس السنسور ( ما تقرؤونه من مثل 1/1.8″ ليس له علاقة بأي من طول أو عرض السنسور إنما هو قطره فحسب وطبعا زيادة أبعاد المستشعر تعني زيادته وهو يشبه ما يحصل بالشاشة حيث أن شاشة 17 إنش لا يساوي طولها أو عرضها 17 إنشا بل هو قطرها كذلك )

ما تفعله البكسلات لحظة ضغطك على زر الكاميرا للتصوير يقرر بدرجة كبيرة جودة الصورة التي ستحصل عليها لاحقا على شاشتك أو مطبوعة ، عندما تضغط زر التصوير إذا فإن الغالق يفتح لمدة بسيطة ليدخل الضوء إلى المستشعر الذي سبق لنا الحديث عنه ( يقع الغالق خلف العدسة و أمام السنسور ) ويتم تزويد السنسور في تلك اللحظة بالكهرباء  و تسجل البكسلات كمية الضوء الداخلة إليها ، وتتصرف البكسلات كما لو كانت ألوحا شمسية دقيقة جدا و تبقى تشحن باستمرار دخول الضوء إليها ( وهذا الأمر يفسر التشويش الأكثر في الصور الليلية ذات التعريض الطويل حيث أن زيادة الكهرباء على السنسور تؤدي للتحبب نوعا أو التشويش و نفس الأمر تقريبا يحدث عند رفع قيمة ISO إذ أن رفع قيمته يعني استهلاكا أكبر لبطارية الكاميرا بازدياد استهلاك السنسور للكهرباء مع رفع قيمة ISO  ) ، و عندما تتوقف الكهرباء عن شحن السنسور و يغلق الغالق فإن الكاميرا تسجل كمية الشحن التي شحن بها البكسل كرقم ثنائي ذو 12بت ( أي 12 خانة من الصفر والواحد الصحيح ) ويتم حفظ الأرقام من جميع البكسلات لينشئ صورتك كـ (ملف ) ، ولعل كون دقائق الضوء التي تصيب البكسلات التي ما تلبث أن تحولها إلى أرقام هو الأمر ( الرقمي ) في الصورة الرقمية و الذي يميزها عن التقليدية .

الميغا بكسل

مسألة الميغا بكسل تربك العديدين من المصورين الرقميين ولكنها بالواقع أمر بسيط للغاية ، فيكفي أن تحسب عدد البكسلات الأقصى التي تلتقطه كاميرتك وذلك بضرب عدد البكسلات الأفقي بالرأسي و من ثم قسمة الناتج على مليون فيظهر لدينا الناتج هو حجم الصورة بالميغا بكسل ، و لكنه يختلف عن ما يسمى البكسلات الفعالة أو effective megapixels والتي سنأتي بشرحها لاحقا ، و الفرق بينهما عموما لا يؤثر فعليا بجودة الصورة .

هناك توهم شائع  يقول بأن كلما استطاعت كاميرتك أن تسجل بسكلات أكثر كلما كانت جودة الصورة أعلى ودقتها أكبر ، ولكن هذا الأمر ليس صحيحا دائما بالضرورة !
فما دام لديك من البكسلات ما يكفي لما تنوي طباعته فلا داعي للمزيد ، كمثال : طابعة منزلية يمكنها طباعة صورة 2 ميغا بسكل بدقة 200 نقطة بالإنش بمقاس وقدره 8 إنشات عرضا و 6 إنشات طولا
كيفية حساب ذلك غاية في البساطة فمجرد قسمة العرض أو الطول بالبكسل على عدد النقاط بالإنش الواحد ينتج لنا المقاس المطلوب حيث أن عرض الصورة في الـ 2 ميغا بكسل هو 1600 و فسمتها على 200 تساوي 8 و هو عرض الصورة .
و إن أردت طباعة نفس الصورة بدقة عالية مثل 360 كما يفعل المحترفون فستضطر لضغط الصورة أكثر ، وبتطبيق نفس العمليات السابقة سنجد أن عرض الصورة بالدقة الجديدة هو 3وثلث الإنش بينما عرضها 4 إنشات ونصف ، أما إن كنت ممن لا يطبعون بأحجام تفوق 8″ في 10″ ما يعادل تقريبا حجم الورقة من مقاس A4  فلربما ترضيك كاميرا ذات 2 أو 3 ميغا بكسل .

كيف تتم عملية صنع الصورة
هناك حقيقية شائعة تقول بأن البكسلات لا تفهم الألوان بل إنها لا تدرك سوى مستوى شدة الضوء الواصل إليها و هذا القول صحيح تماماً  ، وليتمكن المستشعر من فهم الألوان فإن كل بكسل يكون مغطى بمرشح أزرق أو أخضر أو أحمر مما لا يسمح إلا للون الصحيح بالوصول إلى البكسل ، ولذلك فإن الرقم الذي ينتجه كل بكسل يعبر عن البيانات اللونية للون واحد فقط .  تتواجد هذه المرشحات فوق البكسلات بمنوال معين بحيث تكون نصفها تقريبا من ذوات اللون الأخضر لتوافق الحقيقية العلمية التي تؤكد أن عين الإنسان أكثر حساسية للضوء الأخضر .

نعلم أن الصورة الرقمية تتكون من بيانات كل من اللون الأحمر و الأخضر و الأزرق RGB   ولهذا لا بد لكل بكسل من احتواء بيانات الألوان الثلاثة معاً ، وهذا يعني أنها ينبغي أن تكون هناك وسيلة ما ليحصل البكسل على بيانات اللونين الآخرين التي لم يلتقطهما ، ويمكننا التعبير عن ذلك بقولنا أن المرشح الأخضر يحتاج بالإضافة للبيانات التي التقطها أصلا ،  بيانات كل من اللونين الأحمر و الأزرق التي لم يلتقطهما والتي كانت ستصل إليه في غياب المرشح الأخضر ، وهذا يقودنا إلى أحد أهم العوامل المؤثرة على جودة الصورة بالكاميرا الرقمية وهي اللوغاريتمات .

لاستعادة البيانات اللازمة في القناتين المفقودتين من كل بكسل و إنشائها تحوي كل كاميرا رقمية على لوغاريتمات رياضية تمكنها من إنشاء بيانات اللون المفقود وذلك بـأخذ عينات من البيانات المحيطة بالبكسل والتي سجلتها البكسلات المجاورة له ، وهذه اللوغاريتمات صعبة و تعقيدات رياضية إلى حد كبير وتختلف من شركة إلى أخرى ، وجودة هذه اللوغاريتمات تؤثر بشكل واضح كبير على دقة وواقعية وصدق الألوان في صورك ، والمظهر المدهش لهذه المعالجة يكون عند الزمن المستغرق بين ضغطك زر التصوير و الزمن اللازم لكتابة بيانات الصورة على بطاقة الذاكرة بعد حسابها و إيجاد البيانات اللازمة للونين الآخرين في زمن قصير بالفعل ، إنها بحق لأعجوبة !

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.