الفنان شفيق رضوان

الفنان التشكيلي الفلسطيني “شفيق رضوان” من مواليد فلسطين عام 1941م حاصل على شهادة الدكتوراه في فلسفة الفنون التشكيلية وعلومها من أكاديمية الفنون السوفيتية بموسكو عام 1989م عضو مؤسس لاتحاد الفنانين التشكيلين الفلسطينيين والعرب، عمل كأستاذ محاضر في كلية العمارة، ورئيساً لقسم الفنون بجامعة درنة الليبية ما بين 1992-1995، وأستاذاً مساعداً في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية وقسم التصميم الإيضاحي بجامعة الخرطوم في السودان ما بين 1996-1997، ويعمل حالياً مديراً لدائرة الفنون التشكيلية في قطاع غزة ، شارك في العديد من المعارض والتظاهرات الفنية في الوطن العربي والعالم، وأقام عدة معارض فردية، أطروحته في الدكتوراه حول الملصق الفلسطيني تُعد مرجعاً مهماً في الحركة الفنية التشكيلية الفلسطينية.

لوحاته الفنية التشكيلية تأخذ في شكلها ومضمونها وبنيتها التقنية والتركيبية ملامح الفنون التشكيلية في الحقبة الروسية السوفيتية الموسومة بفنون الواقعية الاشتراكية، ميدانها الإنسان وقضاياه الحياتية والنضالية اليومية، مشبعة بالأيديولوجية الثورية التي تسم تلك المرحلة،المشبعة بالأفكار الماركسية والاشتراكية وصراع الطبقات ومكانة العمال والمثقفين الثوريين فيها، وما تأخذه حركات التحرر العالمية من قسط وافر من الدعم والمساندة في مواجهة الأنظمة الرأسمالية المتوحشة.

هذه الأجواء الفكرية والممارسات اليومية هي مجاله الحيوي لتصوير مضامين لوحاته، والتي بدورها كانت تميل إلى فنون الحفر والطباعة اليدوية، وتعتمد في مفاتن أوصافها الشكلية على تناقضات الملونات الأبيض والأسود والتدريجات الرمادية المفارقة حدة لونية فيما بينهما من ليونة الملامس والسطوح وتوزع الكتل والمساحات، والعناصر البشرية آدمية التي تستوطن مدارات لوحاته.

الإنسان المفردة الأكثر بروزاً ومواكبة لمجموعة تجاربه ومراحل حياته الفنية، والمليئة بالاتجاهات الواقعية التعبيرية الرمزية، والقائم على تحشد العناصر والمفردات داخل بنية التكوينات، ومغردة بفضاء الحرية المدروسة لحيوية الخط واللون وتباينه، كسمة لازمة لمجموع لوحاته في الفترة المحاكية – كم سبق وأشرنا- لمؤثرات مكان الدراسة والمرحلة الزمنية التي عاش ما بين ظهرانيها في موسكو.

وقد واكبت جميعها أيضاً مسائل قضيته الوطنية الفلسطينية بإيقاعات إنسانية عالمية، مسجلة الأحداث والمواقف السياسية والنضالية للشعب العربي الفلسطيني وقواه الشعبية أجمل توصيف، ملاصقة لمحطات الأمل والألم ويوميات الثورة لفلسطينية المعاصرة ، المنطلقة في الفاتح من كانون الثاني عام 1965، لوحات حفرية وتصويرية تستدعي في حضرتها جميع أفراد ومكونات المجتمع الفلسطيني نسوة وأطفال ورجال وشباب وشيوخ، تجمع إنسانية محملة بالثورة والمقاومة وقوة الإرادة والتصميم على المواجهة وخوض معركة الوجود مع الكيان العنصري الصهيوني البغيض.

وفي مرحلة لاحقة من تجاربه أمسى أكثر ميلاً للتصوير الملون، وتخير مواضيع تحمل في ملامحها وهيئتها التشكيلية والشكلية ذات الملامح السابقة الأمينة لاتجاهاته الوصفية المتناسلة من الواقعية الاشتراكية، لكن مع اقتصاد في رصف العناصر البشرية، واختزالها في حدود شخصية واحدة أو ثلاثة في ابعد الحدود، وميلاً في تقنيتها نحو الملامح التعبيرية التأثيرية المعاصرة والتجريدية، التي تُعطي الموازنة الشكلية ما بين العناصر الرئيسة والثانوية في خلفيات اللوحات.

النسوة أكثر حضوراً في معمارية لوحاته لتصويرية الملونة، وقد يكون له ما يبررها لدى الفنان، لأن في ثقافته الفكرية والأيديولوجية في المرحلة السوفيتية مكانة وبصمات واضحة البيان في عموم لوحاته، وقرينة دائمة ملاصقة لمجمل أعماله، وهي سمة إيجابية في نهاية المطاف، لأنه محافظ على مرجعياته البصرية كأصالة فنية تشكيلية، وفيها وحدة عضوية مؤتلفة في بيانه الشكلي والتقني وتخير مواضيعه المنحازة إلى حرية الإنسان.

وثمة مناحي عبث شكلي تجريبي نجدها في مسيرته الفنية التي تولي التجربة والمحاولة الدائمة، والساعية لرسم خيارات مناسبة لتجديد مطالعاته التصويرية، وهي موزعة ما بين الرسوم السريعة من نوع كروكي أو موتيف صحفي، مؤلفة من عنصر بشري واحد، وفي تقشف ملحوظ للملونات حيث يعمل الخط وليونة الحركة الوصفية دوره من يده الماهرة والقادرة على توليف عشرات الأفكار والقصاصات البصرية المساعدة، والتي تُمسي لبنات مناسبة لجدران لوحاته التصويرية، المرتبطة بالإنسان والأرض وقضايا الحرية والمقاومة بصبغة فنية واقعية تعبيرية تجريدية.

أهميته كفنان لا تقل عنها مكانته كباحث فن تشكيلي يسعى على الدوام في ميادين الكتابة الفنية والبحث الأكاديمي التوثيقي والمعرفي، و له صولات وجولات وتجارب جيدة وطيبة في توثيق الذاكرة البصرية الفلسطينية لاسيما في ميادين الملصق الفلسطيني، وأمست كتبه في ميادينه وسواه من المرجعيات المهمة، وقد تكون الوحيدة في هذا المضمار.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.