الفنانة صبحية حسن

الفنانة التشكيلية الفلسطينية ” صبحية حسن” من فنانات الداخل الفلسطيني الواقع تحت الاغتصاب الصهيوني المباشر، هي من مواليد قرية نحف في جليل فلسطين، تعيش وتسكن في ظلال قريتها، وتتنسم هواء فلسطين العليل، أنهت مرحلة دراستها الثانوية بمدرسة ابن سينا بقريتها عام 1990، تابعت دراسة الفنون في كلية مركز الجليل في مدينة سخنين ما بين أعوام 2001-2004، وكان مشروع تخرجها” حنين” بإشراف ورعاية الفنان التشكيلي الفلسطيني إبراهيم حجازي، حازت بعد تخرجها على شهادة علمية تُؤهلها للتدريس في ميادين الفنون التشكيلية عام 2007، عملت كمرشدة للفنون في مدرسة النجاح الابتدائية في مدينة سخنين عام 2007، وزاولت مهنة تدريس التربية الفنية في مدارس الموهوبين الخاصة ومدرسة الرازي، وابن سينا الابتدائية في بلدة طمرة ما بين 2009- 2010، وهي حاصلة على جائزة أفضل لوحة تعبيرية في مسابقة الرسم المقامة بمناسبة الذكرى الخمسين لمجزرة كفر قاسم، مُشاركة منذ تخرجها في جميع المعارض الجماعية، وهي عضو في جمعية إبداع للفنانين التشكيليين العرب منذ عام 2006.

لوحاتها التصويرية تتسم في مقاربة الواقع المرئي والمتخيل الموصوف في مناحي تبسيط وصياغة بصرية سهلة، وغير متكلفة في تقنياتها المشغولة، ولا في تخير اللقطات التصويرية الصعبة، وأشبه بحكايات سرد بصري لطفولة تشكيلية مرصوفة على سطوح الخامات المستعملة، تستحضر من خلالها ذاتها الفنية، ومكنون حساسيتها اتجاه العناصر والمفردات التي تتخيرها، والأساليب التي تتبعها في سبك بنية النص البصري وتشكيل هيكلة معماريته السردية، ولا تجد صعوبة في التعاطي مع مختلف المشاهد المستعارة من البيئة الفلسطينية الطبيعية المحيطة، والمسكونة بفطرية واضحة.

فيها ما فيها من ملامح تعبيرية واقعية الأثر والصدى في عين المتلقي، وتُخاطب حساسيته البصرية بلا مقدمات فلسفية أو صعوبة شكلية في تبيان مدارات النصوص المرصوفة داخل أحضان لوحاتها، والتي تجمع فيها باقة من المشاهد والمناظر الطبيعية، والطبيعة الصامتة، في حلة لونية متشابهة، ومتقاربة المحتوى الشكلي ما بين العمائر التاريخية القديمة لبقايا ترعة وأقنية، ومنازل، وتداعيات رؤى مأخوذة لنباتات الشول والفلاة الطبيعية من أزهار وورود شائكة وصبار يكحل فضاء اللوحات بخضرته البهية.

كما نجد في كثير من لوحاتها التصويرية الموصولة بملامس تعبيرية، حاملة لتجليات الأمل والرؤى، وأحلامها المشروعة في عودة الغياب من أبناء الشعب العربي الفلسطيني الذين غادروا بيوتهم مكرهين، بسبب الغزوة الصهيونية العابرة على أرضنا الفلسطينية، وتعبيراتها الرمزية المتوارية في تقاسيم الوجه الفلسطينية المرسومة والمطوقة بخلفيات من مفاتيح، كدلالة واضحة على حقوق العودة التي لا عودة عنها في مسيرة الفلسطيني الحياتية.

وثمة وجوه تعبيرية لرجال ونسوة وأصدقاء ومعارف وفنانين وشعراء وطفولة بريئة احتوتهم صفحات سجلها التشكيلي، في خصوصية وصف وتجليات نقل وابتكار ولمسة تعبير، وأساليب تقنية تميل لشفافية الملونات وبهتانها، المحافظة على متواليات إيقاعية ملونة، مؤكدة على انسجام حدتها اللونية، تأخذ من اللقطة التصويرية من نوع بورترية وضعية مناسبة، وسمة مشتركة في العديد منها، تفصح عن رهافة حساسيتها وفطريتها وسذاجة تصويرها المقصود، الذي يُخرج الفنانة عن النمطية والمشابهة مع تجارب أخرى، وإن توارت ملامحها الشكلية بشكل ما أو بآخر بمؤثرات مشرفها التعليمي الفنان إبراهيم حجازي وأسلوبيته المعهودة التي نراها داخل متن التكوينات خافتة وخجولة.

وثمة مُتسع لذكريات مروية وتراث شعبي فلسطيني حاضر وعلى الدوام في ذاكرة الفنانين التصويرية، والفنانة تستعيره من تقاليد الفلاحين الفلسطينيين ومعداتهم البدائية والحيوية المتجسدة بالطاحونة المؤلفة من حجري الرحى البازلتية، واليد الأنثوية العاملة التي تقوم بواجبها المنزلي المعتاد، وأخرى تبدي ملامح النسوة البدويات في جغرافيتنا الفلسطينية في سويعات تأمل ولعب وتفكر.

الملونات المدرجة في عموم اللوحات تتسم بمسحة خاصة مجافية لملونات الواقع المرئي والمرصود، وإن شابهته في مداولاته الطبيعية، قوامها عجينة لونية مستحضرة من الملونات الزيتية في بداية الرحلة، لتنتهي بملونات الأكرليك في المرحلة الحالية، وتجول في عوالمها المتناسلة من دائرة الألوان الرئيسة والأساسية على وجه التخصيص، شاحبة متواترة ومتوترة أيضاً، فيها خصائص اللوحات التعليمية والبيئة المدرسية الموجهة نحو عالم البساطة والطفولة

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.