محيي الدين حسين.. النحت لعبته
جاكلين منير

يعد معرض الفنان محيي الدين حسين، أحد أهم المعارض الدائمة بمكتبة الإسكندرية، ويوجد ضمن مجموعة أخرى من المعارض الدائمة في مختلف مجالات الفنون، وحرصت المكتبة على إقامتها ليوفير سبل المعرفة وتمتع الزائرين بجميع أنواع الفنون.

ويحتوي معرض الفنان محيي الدين حسين، على مجموعة من الأشكال والمنحوتات الفنية المصنوعة من الخزف، حيث قام الفنان «محيى الدين حسين»، بإهداء مكتبة الإسكندرية مجموعة من الأعمال التي تمثل مشواره الفني عام 2007، وتعرف الزوار المكتبة بفن مصري أصيل بُعث بعد إندثار، وتطور ليأخذ موقعه المستحَق عالميًا، حيث تم إفتتاح المعرض في عام 2010.

ويعد الفنان محيي الدين حسين، رائد من رواد الحركة التشكيلية في مصر، ساهم بشكل محوري في تأصيل فن الخزف المصري الحديث من خلال أعماله الفنية، ومن خلال اكتشافه لألوان وتقنيات جديدة في فن الخزف، وأيضًا من خلال اسهاماته في خلق مجتمع للخزافين المصريين يتبادلون من خلاله المعرفة والتواصل مع أقرانهم في دول العالم.

تخرج محيي الدين حسين، من كلية الفنون التطبيقية -قسم خزف- وظهر نبوغه مبكرًا كنحات وخزاف. الأمر الذي دفع الأستاذ حامد سعيد لآن يكلفه في بدء مشواره الفني بعمل بحث ميداني عن تاريخ الخزف المصري على امتداده منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى تدهوره في نهاية الاحتلال العثماني لمصر. حيث كانت هناك حاجة ماسة في أعقاب ثورة 1952 لإعادة اكتشاف هوية الفن المصري، ومنها فن الخزف الذي كان قد انحصر في بدايات القرن العشرين، أما في أشكال فخارية متكررة منذ مئات السنين، وأما في تكرار لأشكال مستوردة من أسيا وأوروبا، أو للاستخدام في الأغراض الصناعية.

بحث محيي الدين حسين في أصول فن الخزف المصري؛ ويظهر ذلك جليًا في أعماله الأولى حيث يبدو تأثره بالخزف الإسلامي المميز بوحداته الزخرفية المستوحاة من أشكال الحيوانات والطيور والنباتات، كما ظهر في بعض الأعمال الأخرى تأثره بشكل الإناء المصري القديم المميز بالخط الخارجي الدقيق والمدروس.

وانتقل الفنان محيي الدين حسين في فترة الستينيات للإقامة والعمل في منزل يطل على أهرامات الجيزة شيده له المعماري الشهير رمسيس ويصا واصف، بالحرانية، على طريق سقارة، وصار هذا المنزل مركزًا لتجمع رموز الفكر والفن والثقافة في مصر، وبدا تأثير المناخ الريفي في أعماله في تلك الفترة، حيث أبدع تماثيلًا من النحت الخزفي مستوحاة من أشكال الحيوانات والطيور.

واستمر الفنان في التطور وفي اكتشاف ألوانًا وتقنيات جديدة في التشكيل والحريق، فظل يثري مشواره الفني بأعمال وأفكار جديدة طوال الوقت، فأبدع لوحات جدارية من الخزف. وقام بالحفر والنحت والتلوين على مواسير من الفخار، كما شكل منحوتات مجردة ضخمة من النحت الخزفي، وتمرد على الأشكال التقليدية للإناء.

وكان محيي الدين حسين قد اتجه في أوائل الثمانينات لعمل لوحات فنية بألوان الخزف المميزة بطبيعتها عن غيرها من الألوان، الأمر الذي لم يكن مستوعبًا أو مستساغًا في هذا الوقت من قبل المهتمين بالفنون لاسيما المحافظين منهم، حيث كان المفهوم السائد عن الخزف في هذه الفترة هو أنه خامة تستخدم لأغراض نفعية، وغاية استعمالها فنيًا هو إنتاج أواني وأطباق وما شابه ذلك.

لكن استمر محيي حسين في مساعيه لتأصيل فن الخزف على اعتبار أنها خامة نبيلة شديدة التميز في التشكيل، غير محدودة الإمكانيات، خاصة في بلد نشأت فيه حرفة الخزف منذ آلاف السنين، فأقام الملتقى الدولي للفخار بقنا الذي جمع فيه شباب الخزافين المصريين بمعلمي الفخار بقنا، وأقام بينالي القاهرة الدولي للخزف الذي كان خطوة فارقة في فتح آفاق للخزافين المصريين نحو رحابة فن الخزف، وخلق مجتمع جديد للخزافين يتبادلون فيه المعرفة والخبرات بالتواصل مع بعضهم البعض محليًا ودوليًا. وفقا لما نشر بصحيفة صوت الامة

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.