جائزة منصور بن محمد للتصويــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر الضوئي تثري مخيلات مرشحيها بحوارات فنية حول جماليات الصورة. 	تصوير: مصطفى قاسمي

جائزة منصور بن محمد للتصوير تستقبل الترشيحـــات حتى 15 أبريل المقبل

«فرجان الإمارات» تجــذب الطلاب لـ «فن الصورة»

:
  • محمد عبدالمقصود – دبي

لم يكن مشهداً اعتيادياً بالنسبة لمرتادي منطقة البستكية التراثية، وكذلك بالنسبة لعدد كبير من المواهب الفنية في مجال التصوير الضوئي، دعتهم اللجنة المنظمة لجائزة سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد للتصوير الضوئي، التي تنطلق دورتها الثانية هذا العام تحت مسمى «فرجان الإمارات»، وفي الوقت الذي ساد اللونان الأصفر والمائل إلى اللون البني معظم البنية العتيقة، كما هو معتاد، فإن تموضع أعداد من الأعلام الملونة بأشكال تكوينية مختلفة، كان مشهداً محيلاً بأن ثمة رسالة ما، يهدف إليها هذا التجمع الذي أخذ شكل الورشة الفنية.

عشرات من الهواة والمحترفين الذين ينتمون إلى مجالات متعددة، ما بين طلبة جامعات مختلفة، وشاغلي وظائف لا تربط أصحابها صلة بهذا الإطار سوى التعلق بفن التصوير الضوئي، والرغبة في معرفة المزيد من آليات التقاط صور ضوئية تدخل في قوالب الأعمال الفنية، وليس مجرد الأداء الوظيفي، أو حتى التاريخي والأرشيفي، وهو ما جعل أيام السبت من كل أسبوع مثالية للقاء تنظمه الجائزة، لتوفير خبرات متنوعة للمترشحين، خصوصاً ما يتعلق بخبرة الأمين العام للجائزة د. جاسم العوضي، وعضو مجلس الأمناء أديب شعبان.

حوارات فنية

تماماً كما هي جدلية الفنان مع عمله الإبداعي، سواء كانت أداته الريشة أو القلم أو آلة التصوير، تأتي الجلسات الفنية بين أعلام في فنون التصوير الضوئي، وأعداد من المترشحة أعمالهم للمشاركة في جائزة سمو الشيخ منصور بن محمد للتصوير الضوئي، وهي الحوارات التي تصاغ فيها القيم الجمالية النظرية لهذا الفن في إطار عملي يخرج فيه الجميع بكاميراتهم الشخصية، لالتقاط صور مختلفة للفرجان الإماراتية.

وما بين منطقة التراث أو منطقة الشارقة القديمة، ومنطقة البستكية في دبي، ودار ابن الهيثم للفنون البصرية وغيرها، تتكرر أسبوعياً لقاءات يأخذ الإعلان عنها أو الدعوة لحضورها صيغة الورشة الفنية، لكن المطاف ينتهي بها على المستوى العملي إلى حوار فني، ومساحة للاستمتاع بفن التصوير، في حضور عدد من الأسماء المهمة في هذا المجال، ليحمل المشهد سمات حوار يثمر عن التقاط صور تحمل أفكار ملتقطيها من شباب وفتيات يتحسسوا أدواتهم الفنية، وتستند في ذات الوقت على خبرة وحرفية شخصيات لهم باع طويل في مجال الصورة الضوئية، تماماً كما ضمت هذه المشروعات الفنية أسماء تتجدد أسبوعياً مثل الفنانين د.جاسم العوضي وأديب شعبان العاني وغيرهما.

المشهد الذي احتضنته في البداية دار ابن الهيثم للفنون، قبل أن ينتقل في ربوع منطقة البستكية ضاماً مجموعة من عشاق الصورة، ما بين شباب وفتيات إماراتيين ومقيمين، يحتضن كل منهم كاميرته بحنينية وحرص، كأنها في هذا التوقيت معادل موضوعي لعلاقة الطالب بقلمه، أو الرسام بريشته، حتى الجندي بسلاحه، خرج عن الأطر النظرية للورش التطبيقية، وراحت المجموعة بأكملها تستلهم خبرات متباينة حول فنون التقاط صور بديعة للفرجان الإماراتية، يلعب فيها حضور الألوان والظلال دوراً رئيساً، لاسيما أن سيادة لون واحد في هذه الأبنية العتيقة أو على الأكثر لونين، هو السائد دائماً.

تحاور الألوان المتجاورة في الصورة، حسب الأمين العام لجائزة منصور بن محمد للتصوير الضوئي، د.جاسم العوضي، في حواره الفني مع المترشحين، يكشف أهمية الألوان في الصورة، وما لها من ميزة جمالية تضفي على البيئة التقليدية سحراً خاصاً، لاسيما عندما يجيد الفنان توظيف آلة التصوير في هذا السياق، وهو أمر يلعب فيه اختيار الزوايا المناسبة لالتقاط الصورة، وتحديد الإطار الاعتباري لها عنصراً مهماً، يجب أن يراعى فيه بدقة بالغة عنصرا الظل والنور.

البعد النفسي في هذا السياق، حسب العوضي، يبقى ذا قيمة مهمة أيضاً، وهو أمر تتضح خلفياته بوضوح على جماليات الصورة، التي تزداد ثراء دائماً بحضور العنصر البشري الذي يضفي عليها مسحة الحيوية المطلوبة، ويبقى انعكاساً حقيقياً لثنائية الإنسان والأرض، التي تقف وراء سر أحد مفاتيح تفجير جماليات الصورة، لذلك فإن الفنان عليه أن يتعامل مع مشروع تصويره بوصفه مشروعاً جمالياً وفكرياً في آن واحد.

وفي سياق التقدم بأعمال للمشاركة في جائزة سمو الشيخ منصور بن محمد للتصوير الضوئي، أشار العوضي إلى أن الجائزة ستستمر في تلقي أعمال المشاركين حسب الموعد المحدد مسبقاً، وهو الـ15 من أبريل المقبل، مشيراً إلى أن حجم الإقبال ينم عن اكتساب هذا الفن شرائح جدية بالفعل، مع ترسيخ حضور الجائزة، منذ بداية أعمال الدورة الثانية.

من جانبه أشاد رئيس المكتب التنفيذي لاتحاد المصورين العرب، أديب شعبان العاني، بإقبال الشباب والفتيات من مختلف التخصصات والاهتمامات الأكاديمية، التي تنبئ عنها هوية كلياتهم ومقار أعمالهم، للاشتراك بأعمال تحمل سماتها الفنية في الجائزة، مشيداً في السياق ذاته، بإصرار عدد كبير منهم على خوض تجربة الاشتراك في الجائزة، بناء على معرفة ودراية ببعض قواعد التصوير الفني، من خلال الالتزام بحضور هذه الورش الفنية التي توفرها الجائزة.

وفنياً اعتبر العاني أن حضور اللون يمثل حلاً نموذجياً في مختلف الصور عموماً، وفي الصور المرتبطة بالأماكن التراثية والأثرية على وجه الخصوص، لاسيما أن معظمها يكون منحصراً في لون أو لونين معينين، مشيراً إلى التطور الكبير الذي أصبحت الصورة الفنية تستوفيه بفضل تباين المدارس الفنية التي يدخل اللون وتوظيفه ضمن أحد أهم أولوياتها.

وأشاد العاني في هذا الإطار، بالجهد الكبير الذي يبذله عدد من المؤسسات التي تعنى بالتصوير، وفي مقدمتها دار بن الهيثم للفنون البصرية، لافتاً إلى أن المنظومة الفنية في مجال التصوير صادفت رعاية واهتماماً أكبر، خصوصاً من عشاق فن التصوير الضوئي، بعد إطلاق جائزة منصور بن محمد للتصوير الضوئي، التي حققت إنجازات مهمة في مجال جذب شرائح متعددة من الشباب لهذا الفن، رغم أنها لاتزال في إطار دورتها الثانية.

الطلبة المشاركون من جانبهم أكدوا أن الورشة فتحت لهم آفاقاً جديدة للمشاركة، وقدمت حلولاً فنية ناجعة لأسئلة محيرة على الصعيد الفني، لاسيما في ما يتعلق بجدلية اللون والمكان، وكذلك كيفية الدلالة على عنصر الحركة، في مكان هو بالأساس، بحكم كونه بناء أبرز سماته الثبات، وفيما أشار بعضهم إلى أنه سيعيد تقييم صور كانت مرشحة بالنسبة له للاشتراك في الجائزة، أكد جانب منهم أنه مازال يعتمد على مشروعاته التصويرية نفسها، ولكن سيقوم بإعادة تصويرها بناء على الخبرة والمكتسبات الفنية الجديدة.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.