والنجم إذا هوى¨: الفقيد مصطفى حمد في ذكرى أربعينيته

 1.حينما دخلت عالم التصوير كان الامر بالنسبة لي يشكل متعة.
 2.سافرت كثيراً والتقطت الكثير من اللحظات وحققت الكثير.
 3.تعلمت كيف أن للصورة دائماً رسالة، ومعنى وقصة حقيقية.
 4.تعلمت كيفية بناء تقارب بين الناس من خلال التصوير،
 5.لكن في نفس الوقت كان الامر بالنسبة لي شخصيا
 6.مهما حققت او وصلت لهدف فانا اتجول بين منصات الغرب
 7.نساهم ونطور في مشاريع أخرى ليست قريبة للغتنا وثقافتنا وفننا
 8.في وقت كان التصوير في المنطقة كالبركان الهادئ
 9.يحتاج لأمر بسيط جدا وتحفيز لكي ينفجر
 10.حينها بدأ حلم صناعة منصة تصوير عربية
 11.منصة عربية تدعم وتعلم وتنمي المواهب الحقيقية
 12.لا يهمنا فيها عمر الشخص او دولته او أي شيء اخر
 13.كل ما يهمنا هي الصورة
 14.الصورة التي ساعدتنا على اخراج الكثير من الأسماء
 15.الصورة التي ساعدتنا في بناء هذه المنصة
 16.المنصة التي تحولت من اسم الى مسؤولية كبيرة
 17.المنصة التي تحولت من حلم شخصي الى حلم للجميع
 18.سنعمل جميعاً لكي نصل الى اعلى القمم ..
19فالوصول لها لم يعد وصولي أنا، لأنها قممكم!”

هذا هو الحلم الذي أغمض عينيه عليه مصطفى حمد ورحل،  هذه هي آخر الكلمات التي  كتبها الفقيد والتي كانت ستصاحب الصور التي  سيضمها الفيديو الذي كان سيعود به من رحلته الى جزر الكناري . كلمات مقتضبة توجز كل مسيرته  المليئة بالطموحات والاحلام والافكار  العميقة والأهداف النبيلة التي  عمل من أجلها  بصمت خلال  السنوات القليلة الماضية.

*********************************

ولد الفقيد مصطفى حمد في بغداد في 31 من شهر اكتوبر/ تشرين الثاني من العام 1991. غادر مدينته بغداد هو وعائلته بعد الغزو الامريكي للعراق في عام 2003  حيث مكثوا في سوريا لمدة عامين ثم استقر بهم المطاف في المانيا منذ عام 2005.

رحل عن وطنه بعمر الثانية عشرة بعد تجربة الحرب التي عاشها صغيرا في بغداد ، مدينته الحبيبة التي لم تفارق ذاكرته وبقيت حاضرة في اغلب اعماله في مرحلته الفوتوغرافية الأولى . حيث وجد في التصوير وسيلة تعبيرية عن كل ما عاناه ايام الحرب وايام الغربة والبعد عن مدينته وأصدقائه.

في العام 2011،  نشر الفقيد مصطفى حمد أولى صوره في شهر آب /أغسطس 2011.  ومنذ ذلك الحين كرس نفسه للتصوير رغم انه كان لايزال طالب هندسة الميكانيك في جامعة برلين.

خلفت تجربة الحرب والدمار ظلالا واضحة على أعماله وموضوعاته لذلك كانت اغلبها أعمال أحادية يتكثف فيها استخدام اللون الاسود والظلال الداكنة مما يكسبها بعدا دراميا لن يصعب تقصي جذوره في تلك الحرب على بلاده.   اما عناوين صوره فكان يستلهمها من إحساسه بالحزن على ماكان يتعرض له بلده العراق : غربة ، الطبيعة في بلادي..حتى أن كلمة الظلام تكررت 6 مرات كعنوان  لصوره.

كان الفقيد يهوى الرسم منذ طفولته  ولذلك كان يرسم تخطيطات للصور التي يعمل على تنفيذها فيما بعد مستغلا الوقت الذي يقضيه في التنقل بالقطار بين الجامعة ومسكنه في تخطيط هذه الرسومات، هذا ما جسده واضحا في صورة العلم التي التقطها في احدى المزارع في المقاطعة الشمالية بالمانيا.. حيث استعان بشقيقته الصغرى  التي حملت العلم وسط المزرعة الشاسعة وتحت سماء ملبدة بالغيوم منحت الصورة قوة تعبيرية مكنته من إيصال الفكرة التي رسمها في خياله لصورة أحب وطني.  او صورته الرائعة غربة.. إذ نرى شقيقته الصغرى مرة اخرى  في صورةالغربة وهي تأتزر بالعلم العراقي ويحيط بها ظلام دامس يوحي بالوحشة والوحدة بعيدا عن الوطن.

في تللك المرحلة، كان مصطفى حمد، رحمه الله،  الذي ضاهت صوره  أعمال كبار المصورين العالميين  يستخدم في التقاط صوره كاميرا رقمية صغيرة  Canon IXUS110، عمل على تطويرها باستخدام عدسة للنظر على مااذكر كما استحدث برنامح خاص بالكومبيوتر(بلوغن) يمكنه من الحصول من خلال كاميرته الصغيره على كل ما يمكن ان توفره له الكاميرات  DSLRالاحترافية. ثم  تنقل بعدها بين كاميرات  وعدسات كانون الاكثر احترافا.

بالرغم من قصر تجربته في عالم التصوير، فقد استطاع المصور الراحل مصطفى حمد من أن يرسم له اسلوبا مميزا في هذا الفن و ان يرسخ اسمه كمصور عراقي عالمي تحتل صوره صفحات اهم المجلات العالمية منها مجلة “ناشينال جيوغرافيك العالمية” التي رشحت صوره اربع مرات كأفضل صورة، اضافة الى العديد من مواقع الفوتوغراف العالمية Getty Images: Kodak Moments,  The Guardian, Flickr, Digital Photography School, ومواقع  المانية وصينية وروسية وغيرها.

كان طموحه الفوتوغرافي يتخطى حدود نجاح أعماله، ومن هنا كانت خطوته الثانية في الانتقال من مرحلة التعريف  بفن الفوتوغراف العربي الى الاشهار العالمي  فأسس موقع عرب بكسليقدم من خلاله ابرز الاسماء التي تميزت باإبداعاتها وتقنياتها الفوتوغرافية في مختلف محاور التصوير ليكونوا واجهة ونموذجا للمصورين الاجانب عند زيارتهم الموقع  واطلاعهم  على المستوى الراقي الذي بلغه فن الفوتوغراف العربي. وكان الموقع المنصة التي انطلقت منها مسابقة كتاب مائة مصور عربي،  الذي اصدر منه طبعتين في العام 2015  و 2017 وحقق نجاحا كبيرا و كان له صدى اعلامي واسع على امتداد الوطن العربي، كونه اول مشروع يضم  بين دفتيه هذا العدد من المصورين العرب من كافة البلدان العربية ويوثق لاعمال متميزة في اغلب محاور التصوير. اضافة الى مجلة عرب بكس التي اصدر منها 4 اعداد  كانت الغاية منها مد الجسور بين المصورين العرب ومصورين أخرين من مختلف انحاء العالم من خلال المقابلات معهم و نشر اعمالهم وخلق حوار فوتوغرافي بين الطرفين.

****************************************

وفي السادس من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2017  غادرنا  مصطفى حمد. رحل وهو يحمل كاميرته في عنقه وعلامة عرب بكس تزين صدره في موضع القلب ..رحل ورأسه يعج بعشرات الافكار والخطط  لصور ومسابقات وكتب ورحلات وفيديوها ت واعلانات قادمة. لم يمهله الموت كثيرا بل فاجأه في الاماكن التي كان يعشق تصويرها ، خطفته موجة هائجة ورمت به بين الصخور الوعرة ليلفه البحر بلجته العارمة عند  الغروب، البحر الذي  كتب له قبل ستة اعوام مخاطبا:
أنا العبد الغريق بلج بحر    أصيح لربما  ألقى مجيبا
فهل تنبأ مصطفى حمد ، رحمه الله ،بالطريقه التي كانت ستكون عليها نهايته؟

لقد اقسم  رفاقه في الرحلة أن الابتسامة لم تفارق وجهه وهو يقابل قدره الاخير. فنم قرير العين ، ستبقى ذكراك الطيبة بيننا رفيقا ومصورا وإنسانا مسكونا بحب فنه وبعمل الخير للأخرين ولوطنه،رحمك الله برحمته واسكنك  فسيح جناته والهم ذويك ومحبيك الصبر والسلوان.

 

مختارات من أروع أعماله

Another Milky Way

The Old Bridge

Above the Skyline

A way to the Stars

Incandescent night

Sunbow

The Rainbow of Istanbul

Magic of Ruins

Alienation | الغربة

Needs the power

Under the night light

The Dead Ship

One day Time lapse

روابط :

فيديوهات:

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.