لمن يصور البورترية ولم يتعلم لغة الجسد body language؟

بعد أن تكلمنا عن -اليد قصة تروي مضمون في التصوير الفوتوغرافي.
اليوم-المعنى الخفي يروي مضمون في التصوير الفوتوغرافي.

المصور الجيد هو من يجيد تصوير الرجل وعقلة!
وبعبارة أخرى، المصور الجيد، هو من يصور الأشياء الظاهرة، والمعنى المستتر.
بمعنى كلنا نستطيع تصوير الأشياء ولأغلب المحاور، فهذا سهل المنال على الجميع.
ولكن هل صورناها بمعناها المختزل بحركة وإشارة ووضعية معينة تفصح عن معنى أخر غير الظاهر للمتلقي.

أعود للقول الأول “المصور الجيد هو من يجيد تصوير الرجل وعقله” تصوير الرجل في متناول الجميع فهو لا يحتاج مجهود ذهني.

أما تصوير عقلة وهنا المفهوم من العقل؟ “روحه وما يشغله أو ما يعبر عن حالته الذهنية” صعب! لأننا سنحتاج إلى فهم الإيماءة وإشارات الأطراف وحركة العيون واستقامة وانحناء الجسد، وكل ما له من معنى مضمر يترجم من خلال الحركات الظاهرة لمعنى باطن.

وهنا ينسحب الحديث نحو محاور التصوير الأخرى، تصوير الطبيعة، والمعماري، والمفاهيمي، والتجريدي وما شابه ذلك، حيث أنك كمصور، هل صورت البنايات العالية، أو الطبيعة الماثلة أمامك، والكثبان الرملية بخطوطها المتموجة، لأنها جميلة ومنسقة بشكل هندسي جيد، أم أنك تريد من تصويرك، المعنى المستتر لروح المشهد، والخفي عن الآخرين، وتريد إظهاره ليصل المد الجمالي للمتلقي، وبيان وكشف المد المتخفي في المباني أو الأشجار، والرمال.

أكيداً لإظهار المضمر، الذي يكون خفائه ظاهراً للعيان من خلال الضوء، وما يمثله ظله، واتجاه البنايات النامية نحو الأفق البعيد، وأيضاً من خلال الألوان، وتموضع الأشجار، والأنهار، والخطوط ودلالتها الفنية، بزاوية يختارها المصور، كي يكشف عما خفي عنا.

وسؤال يطرح نفسه؟
(أنت كمصور بورترية شاهدت فقيراً ما، وفتاةً جميلةً، وشيخً كبير).
اغلبنا سيتهافت تهافت الفراش نحو الضوء، ويصور الفقير فملابسه بالية ممزقه،أو يجتمع على وجهه الذباب مزدحماً، والفتاة لجمالها الظاهري، والشيخ الكبير لتجاعيده المرتسمة على محياه).

لكن هل سألنا أنفسنا قبل التصوير؟ من أن هذا الفقير، يمتلك عزة نفس رغم ثيابه البالية، والفتاة الجميلة، منكسرة الجناح، والشيخ الكبير ذو التجاعيد متغطرس متكبر متصابي.

ففي هذه الأمثلة وعلى قاعدة صوب وصور(Shoot and shoot) لظاهر الأشياء، سيكون المتلقي قد وصل أليه الظاهر دون المضمر، والقشر دون اللب، وتم استغلال مشاعره لينجذب لحالة الفقر دون العزة وإلى الجمال دون البعد الإنساني، وللتجاعيد دون التصابي.
لماذا كانت النتيجة هكذا!

ناتج المصور كان هكذا لسبب أنه لم يكن عالم بإشارات الأطراف والإيماءات الخفية للغة الجسد-body language، فقد جذبه الظاهر دون الباطن والمرسل دون الموثوق.
وكان في استطاعته أن يفهم المعنى بواسطة الظاهر كي يصل إلى الباطن.

ولكي تتجلى الفكرة أتذكر حينما سافرنا إلى سلطنة عُمان كان ضمن خطتنا تصوير الرمال، وصراحة تصويرها هو أول تجربة لنا, وعند وصولنا لصحراء مدينة “بدية” كانت الكوادر التي أمامنا قد شاهدناها من خلال أعمال بعض الأخوة المصورين العرب، لذا أردنا الخروج بموضوع مختلف ومغاير لما هو سائد، فقلنا وهنا موضع الشاهد” ليس من المعقول أن تكون هذه التموجات الرملية دون هدف خلفها، أو خالية من الرسالة الضوئية المرتسمة في خطوطها، ودلالة الاتجاه والحركة المنحنية، لذا لجأنا إلى تصوير تلك الخطوط بما لمسناه منها من شعور يحاكي قصة، دون أن نسقط مفهوم منا عليها، بل فكرنا بالإشارات والحركات التي على حبات الرمال، وإرسالها الذي قد تراه غير واضح، لكن مع تتبع معاني الخطوط، واتجاهاتها، ربما يصل المتلقي لمعنىً كان خفياً فظهر ويكون قد ترك السطح وغار نحو العمق، عمق الأشياء.

” الانحناءات على الرمال شبية لانحناءات جسد المرأة وكذلك الرجل، وأنت من هذا المفهوم أطلق عنان خيالك”
“ربما نكون نحن من الأوائل الذين صوروا الصحراء بهذا التجريد”.
رابط المقال على مدونتي”ظل الضوء”.
https://dilaldaw.blogspot.com/2019/01/maqalat.html

إليكم بعض تلك الصور التي لها موضوع أخر سأتناوله قريباً.