فوتوغرافيا

الصورة الأوسطية.. قادمة

قبل أسبوعٍ من الحفل الختامي للدورة الرابعة لجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي «الحياة ألوان»، أعود بالذاكرة إلى أعوامٍ مضت واستعيد واقع التصوير والمصورين في الشرق الأوسط وكيف كانت الهواية تحبس المصورين داخلها لعدم وجود خياراتٍ أخرى ! ففي ذاك الحين كان احتراف التصوير مرفوضاً على المستوى الاجتماعي قبل أن يكون شبه مستحيلٍ على الصعيد المهني لعدم توافر الأدوات الفنية والفكرية والمعرفية اللازمة للخروج من دائرة الهواية التي كان يمارسها البعض في الخفاء خوفاً من الاتهامات بالانشغال بأمورٍ غير مفيدة.

تحدّثتُ في العديد من مقالاتي السابقة عن إبداع المصور العربي وأن الإبداع بحد ذاته جزء من تكوين الشخصية العربية المميزة التي ترفض التقليد والسير في مساراتٍ رسمها آخرون مهما كانت عالية المستوى، لذا عندما توافرت الظروف للمصور العربي انطلق بقوة اندفاعٍ كبيرةٍ نحو التفوّق غير عابئ بضعف الدعم حوله على مختلف أنواعه.

لكن ما حدث بعد ذلك كان جديراً بالاحترام، فالإبداع البصريّ القادم من الشرق الأوسط لم يعد يقبل التهميش ! فعدد المصورين ازداد بتسارعٍ مذهل، ونوعية الأعمال تطوّرت في زمنٍ قياسيّ، والأهم من ذلك كله ظهور نسبةٍ كبيرةٍ من الشخصيات التي تفهم التصوير كما ينبغي، هذا النوع من الفنانين الذين يحملون البنية الفكرية والثقافية الكافية لبناء مجتمعٍ فنيّ واعٍ وناضج لدرجةٍ تمنحه أحقية المنافسة في مختلف الحقول.

أشعر بسعادةٍ غامرةٍ عندما أسمع وأقرأ شهادات المئات من المصورين في الشرق الأوسط والذين يشعرون بالامتنان للقيم التي أضافتها لهم الجائزة على مدار الأعوام الماضية، رغم اختلاف النسب وطبيعة المؤثّر، إلا أن الجائزة صنعت فارقاً لا يُمكن تجاهله في مجتمعات المصورين في المنطقة، ولم تذهب المجهودات التي تم تقديمها عبثاً ! بل أثمرت على الصعيد المحليّ والإقليمي والدوليّ أيضاً ! فلم تعد مشاركة المصورين من الشرق الأوسط في المحافل العالمية من باب إثبات الوجود فقط !

بل وصلت لمرحلة المنافسة المحتدمة مع أباطرة التصوير في العالم ومقارعتهم في مواطن إبداعهم وتفوّقهم ! العديد من وسائل الإعلام العالمية المتخصّصة بالتصوير ناقشت الحضور اللافت للصورة الأوسطية وعلوّ كعب الأسماء الموهوبة القادمة من هناك، كما تناولت البيئة الإبداعية الغنيّة في الشرق الأوسط والتي ساهمت في تبدّل موازين القوى نحو الشرق، ومن ذلك الحديث الإعلامي الموسّع عن الفائزين بجائزة حمدان بن محمد للتصوير والذين سرقوا الأضواء العالمية ليس بصورهم الفائزة فحسب بل بسيرهم ونشاطهم ونتاجهم الفني المتجاوز لحدود المحليّة نحو الآفاق الدولية الرحبة.

فلاش

الصورة الأوسطية تتقدّم خطوة .. كل يوم

سحر الزارعي –

الأمين العام المساعد للجائزة

@SaharAlzarei

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.