Saad Hashmi | HIPA‏
التصوير والعمق الإنساني

2272015181613969459120f296049ca0abe000d607f2caf96

هل سبق وأن شاهدت مصوراً محترفاً أو حتى هاوياً لديه شرخ في إنسانيته؟ ما أعنيه بالشرخ هنا هو أن تتعامل مع شخص يتعامل مع الصورة بشكل دوري، وتجده قاسي القلب عديم المشاعر! ربما حصلت مع أحدكم في يوم من الأيام لكني لم أسمع بذلك مطلقاً من قبل! ما لاحظته منذ بدء قصتي مع التصوير أن التصوير يختار أصحابه وليس العكس، أي أن هذا المجال الدقيق السهل في فكرته الصعب نسبياً في فهمه والتأقلم مع تفاصيله، يستشعر طريقة تفكير الأشخاص الذين يخوضون تجربته ويقوم بتحليل شخصياتهم جيداً، طريقة التفكير ليست المعيار الوحيد الذي يستخدمه، بل نوعية الإحساس والمنطق الشعوري وتفاعلات الروح مع المحيط الخارجي، إذ إن السواد الأعظم من المصورين حول العالم مهتمون بالشأن العام ولديهم الإرادة الخيّرة لجميع سكان الكوكب، كما أنهم يتحّلون بروح المبادرة تجاه أي فكرة أو مشروع يخدم البشرية أو يساعد المكلومين والثكالى ومن يقع تحت أي نوع من أنواع المعاناة الإنسانية. سبق وأن ذكرت أن الصورة هي «لسان الحقيقة الرسمي» أي أنها التي تنقل لنا الواقع بتفاصيله الحقيقية بعيداً عن احتمالات التعابير اللفظية بين الحياد والتحيّز والاجتزاء وغيرها، لكن علاقة الصورة بالحقيقة تتجاوز النتائج هذه إلى صناعة أثر ما في المصور ذات نفسه، ممارسة التصوير بشكل حقيقي تجعل المصور يشعر بشكل أكبر بالناس من حوله، ويستشعر مدى جمال الممارسات الإنسانية الراقية وتجده يفعل ما بوسعه لخدمتها على الأقل من خلال الترويج البصري لها ومحاولة تعميمها في المحيط الاجتماعي الذي ينتمي له، وبالمقابل يستشعر فظاعة الممارسات التي تهين الإنسانية وتظلم بني البشر وتسلبهم أبسط حقوقهم! فتجده ينتفض معترضاً ويحاول بشتى الوسائل مقاومة الشذوذ السلوكي المضاد لقيم الخير والجمال وحقوق الإنسان التي يؤمن بها، وينشط في سبيل كشفها وإيصالها للرأي العام وتغييرها وتحجيمها والتخفيف قدر الإمكان من أضرارها وامتداد آثارها السلبية. التصوير يقرّب المسافات بينك وبين ذاتك، ويهبك الحافز القوي لتكون عنصراً فاعلاً في مجتمعك صانعاً للفارق الإيجابي مهما كان حجمه ونطاق تأثيره، المصورون يساعدون الآخرين أكثر من غيرهم ويسعدهم ذلك لأنهم معطاؤون بالفطرة، ومن حيث لا يشعرون هم بهذا السلوك يساعدون أنفسهم لأنهم يعزّزون بناء الشخصية الإنسانية التي تهتم بأمر الجميع وتطمح أن ترى يوماً من الأيام جميع شعوب العالم ينشدون صناعة الجمال في أنفسهم وفي علاقتهم بالآخرين.

فلاش

هل أنت مصور حقيقي؟ إذاً يجب أن تقدّم للإنسانية أكثر من غيرك

سحر الزارعي – الأمين العام المساعد للجائزة SaharAlzarei@

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.