من أثينا إلى لندن.. الدورات الأولمبية الحديثة فى 116 عاما

من أثينا إلى لندن.. الدورات الأولمبية الحديثة في 120 عاما

كتب: الوطن

لم تستطع الحروب أو المقاطعات السياسية أو الرأسمالية النامية منع الدورات الأولمبية من أن تصبح أكبر الأحداث الرياضية فى العالم. وأحيا الأرستقراطى الفرنسى «بيير دى كوبرتان» هذا المهرجان الرياضى من منشئه الأساسى فى اليونان القديمة عندما أقيمت فعاليات أولى الدورات الأولمبية فى العصور الحديثة، حيث أقيمت الدورة الأولى فى العاصمة اليونانية أثينا عام 1896. وتسببت الحربان العالميتان الأولى والثانية فى منع إقامة الدورات الأولمبية أعوام 1916 و1940 و1944، ولكن العائلة الأولمبية استطاعت الاحتفال بالعيد المئوى لإقامة الدورات الأولمبية الحديثة من خلال أولمبياد أتلانتا عام 1996. ويأتى الدور هذا العام على العاصمة البريطانية لندن التى تستضيف الدورة الثلاثين (أولمبياد 2012) فى الفترة من 27 يوليو إلى 12 أغسطس المقبلين. وفيما يلى ملخص عن أهم وأبرز الأحداث على مدار 116 عاما هى عمر الدورات الأولمبية الحديثة بداية من أولمبياد أثينا 1896 وحتى أولمبياد بكين 2008. أولمبياد أثينا 1896:[Image_2] أصبح نجم الوثبة الثلاثية الأمريكى «جيمس كونولى» أول بطل فى تاريخ الدورات الأولمبية الحديثة بعد مرور 1583 عاما على قرار الإمبراطور البيزنطى «تيودوسيوس» بمنع إقامة الدورات الأولمبية التى كانت تقام فى العصور القديمة وحتى قرب نهاية القرن الرابع الميلادى. وشهدت أولمبياد 1896 مشاركة 245 لاعبا جميعهم من الذكور وينتمون إلى 14 دولة فحسب. وحصل الفائزون بالمركز الأول فى كل مسابقة أو سباق على غصن زيتون وميدالية مصنوعة من الفضة بينما حصل أصحاب المركز الثانى فى كل مسابقة على ميدالية نحاسية فى الوقت الذى لم يحصل فيه أصحاب المركز الثالث على أى شىء. أولمبياد باريس 1900: ولم تكن الدورة الأولمبية الثانية عام 1900 التى أقيمت فى العاصمة الفرنسية باريس موطن دى كوبرتان رئيس اللجنة الأولمبية الدولية آنذاك «أروع وأفضل» من سابقتها فى أثينا، بل كانت بمثابة استعراض جانبى دام 162 يوما فى ساحة برج إيفل الشهير. وحصلت السيدات على فرصة المشاركة فى مسابقات عديدة بهذه الدورة، ولكن التنظيم كان سيئا للدرجة التى جعلت لاعبة الجولف الأمريكية «مارجريت أبوت» لا تدرك حتى وفاتها فى عام 1955 أنها فازت بإحدى مسابقات هذه الدورة. أولمبياد سان لويس 1904: وشهدت أولمبياد 1904 فى سان لويس بالولايات المتحدة بدء توزيع الميداليات بثلاثة أشكال (الذهبية والفضية والبرونزية) للمرة الأولى فى تاريخ الدورات الأولمبية، وذلك على أصحاب المراكز الثلاثة الأولى فى كل مسابقة، أو سباق، خلال هذه الدورة التى أقيمت فعالياتها على مدار خمسة شهور، وذلك ضمن فعاليات المعرض العالمى أيضا مثل سابقتها فى باريس. وشارك فى هذه الدورة 13 دولة فحسب كان من بينها ثمانى دول فقط من خارج القارة الأمريكية. وسيطرت المشاكل على هذه الدورة، كما جُرد «فريد لورز» عدّاء نيويورك من ذهبية سباق الماراثون بعدما اكتُشف أنه قطع أميالا قليلة على قدميه قبل أن يستقل السيارة خلال السباق. أولمبياد لندن 1908: وبعد انسحاب روما الفائزة بحق تنظيم الدورة الأولمبية الرابعة عام 1908 تجمع نحو 2000 لاعب ولاعبة من 22 دولة فى العاصمة البريطانية لندن حيث شهدت الدورة للمرة الأولى أكثر من 100 سباق ومسابقة (107 مسابقات بالتحديد). وشهد الاستاد الأولمبى متعدد الأغراض فى المدينة البيضاء أول دخول للفرق المشاركة إلى أرض الاستاد حاملة الأعلام، ولكن ذلك تسبب فى اضطراب سياسى؛ حيث حاولت بريطانيا منع أيرلندا من استخدام علم خاص بها، كما تصرفت روسيا الاستبدادية بنفس الطريقة مع فنلندا. أولمبياد ستوكهولم 1912: شهدت الدورة الخامسة التى استضافتها العاصمة السويدية ستوكهولم عام 1912 مشاركة لاعبين من القارات الخمس للمرة الأولى فى تاريخ الدورات الأولمبية، كما أُدرجت رياضتا الخماسى الحديث والفروسية للمرة الأولى ضمن فعاليات الدورة. وخطف اللاعب الهندى الأصل الأمريكى الجنسية «جيم ثورب» الأضواء من الجميع عندما أحرز ذهبية الخماسى الحديث وذهبية المسابقة العشارية، مما دفع العاهل السويدى الملك «جوستاف الخامس» إلى أن يقول للاعب: «إنك أعظم رياضى فى التاريخ». أولمبياد أنتويرب 1920: سقطت أولمبياد 1916 التى كان مقررا إقامتها فى العاصمة الألمانية برلين ضحية للحرب العالمية الأولى حيث منعت الحرب إقامة تلك الدورة. ومع استئناف إقامة الدورات الأولمبية بعد انتهاء الحرب حُرمت ألمانيا والنمسا والمجر وحلفاؤهم فى الحرب من المشاركة فى الدورة التالية التى أقيمت عام 1920 فى أنتويرب ببلجيكا. وشهدت هذه الدورة تقديم القسَم الأولمبى والعلم الأولمبى الذى يضم خمس حلقات متشابكة. أولمبياد باريس 1924: استضافت العاصمة الفرنسية باريس الأولمبياد للمرة الثانية؛ حيث نظمت فعاليات أولمبياد 1924 لتعويض ما فاتها فى 1900، وذلك من خلال التنظيم الجيد لتلك الدورة. ورغم ذلك كانت القرية الأولمبية أشبه بمعسكر للاجئين أكثر منها مكان إقامة يناسب الرياضيين. وأصبح البريطانى «هارولد إبراهام» أول أوروبى يحرز الميدالية الذهبية لسباق العدو 100 متر، كما أحرز زميله فى التدريب الأسكتلندى «إيريك لايدل» الميدالية الذهبية لسباق العدو 400 متر. وقد خُلدت إنجازاتهما بفيلم سينمائى هو «عجلات النار» الذى أُنتج فى الثمانينات وحصل على جائزة أوسكار. أولمبياد أمستردام 1928: وعادت ألمانيا للمشاركة فى الدورات الأولمبية من خلال أولمبياد أمستردام 1928، وضمت البعثة الألمانية فى هذه الدورة واحدة من السيدات اللاتى أحرزن الميداليات الخمس الذهبية فى منافسات ألعاب القوى بتلك الدورة، حيث فازت «لينا رادكه» بذهبية سباق 800 متر عدو. وتساقط العديد من المتنافسات بعد هذا السباق، مما دفع اللجنة الأولمبية الدولية بعد ذلك إلى إلغاء أى سباق يتجاوز 200 متر على مستوى منافسات السيدات فى الدورات الأولمبية حتى عام 1960. وشهدت هذه الدورة بدء العمل بمراسم الشعلة الأولمبية، كما شهدت ظهور نظام الرعاية المالية، وأصبحت شركة «كوكاكولا» أول راع فى تاريخ الدورات الأولمبية؛ حيث كانت راعية للبعثة الأمريكية، بينما بيعت حقوق التصوير الفوتوغرافى إلى إحدى الشركات. أولمبياد لوس أنجلوس 1932: أدت الضغوط العالمية وبُعد المسافة عن أوروبا إلى تقليص عدد المشاركين فى أولمبياد لوس أنجلوس 1932 إلى 1333 لاعباً ولاعبة من 37 دولة. وفقد الغائبون الكثير كما فقدوا فرصة مشاهدة قرية أولمبية حديثة. وشهدت الدورة تحطيم 39 رقما قياسيا عالميا منها تحطيم الأرقام القياسية لجميع مسابقات وسباقات ألعاب القوى التى شهدتها هذه الدورة بخلاف مسابقة الوثب الطويل فحسب. أولمبياد برلين 1936: وشهدت الدورة التالية، التى أقيمت فى العاصمة الألمانية برلين عام 1936، تنظيما رائعا، وبدأ التصوير التليفزيونى تحت إشراف المنتج «لينى ريفنستال». ولكن الشىء المسىء للدورة كان محاولة الحزب النازى بزعامة أدولف هتلر التأكيد على سيادة وزعامة الجنس الآرى من خلال الميداليات الأولمبية. ونجحت ألمانيا فى تحقيق ذلك بالفعل من خلال إحراز 89 ميدالية، ولكنها واجهت أيضا خيبة الأمل من خلال الهزيمة المبكرة لمنتخب كرة القدم فى تلك الدورة أمام نظيره النرويجى فى حضور هتلر. أولمبياد لندن 1948: وتسببت الحرب العالمية الثانية فى عدم إقامة الدورتين الأولمبيتين المقررتين فى طوكيو عام 1940 ولندن عام 1944، ثم استأنفت الدورات الأولمبية نشاطها بأولمبياد 1948 فى لندن التى حرم من المشاركة فيها كل من ألمانيا واليابان بعد خسارتهما فى الحرب، كما ظل الاتحاد السوفيتى السابق غائبا عن المشاركة، بينما شارك باقى الدول الشيوعية. وخطفت ربة المنزل الهولندية «فانى بلانكرز كون» الأضواء من الجميع بإحراز أربع ميداليات ذهبية فى سباقات 100 متر و200 متر عدو و80 متر حواجز و4 × 100 متر تتابع، لتكون أول لاعبة تحرز أربع ذهبيات فى دورة أولمبية واحدة. أولمبياد هلسنكى 1952: وكان العدّاء الفنلندى الشهير الراحل «بافو نورمى» آخر من حملوا شعلة أولمبياد هلسنكى 1952 بينما أحرز خليفته «القاطرة» التشيكية «إميل زابوتيك» ثلاث ميداليات ذهبية كانت فى سباقى العدو خمسة آلاف متر وعشرة آلاف متر وفى سباق الماراثون. واكتمل النجاح العائلى بفوز زوجته «دانا» بالميدالية الذهبية فى مسابقة رمى الرمح. وشهد أولمبياد هلسنكى عودة ألمانيا للمشاركة فى الدورات الأولمبية كما شارك الاتحاد السوفيتى السابق فى تلك الدورة لتكون الأولى له فى التاريخ الأولمبى؛ حيث تزامنت هذه الدورة مع بداية الحرب الباردة. وأقامت بعثات الدول الشيوعية فى قرية مستقلة، كما حل الاتحاد السوفيتى فى المركز الثانى بجدول ميداليات الدورة بعدما حصد 22 ميدالية ذهبية كان من بينها أربع ذهبيات حصل عليها لاعب الجمباز «فيكتور تشوكارين». أولمبياد ملبورن 1956: ويتذكر قليلون أن المقاطعات السياسية أفسدت وشوهت أولمبياد ملبورن 1956 حيث قررت مصر والعراق ولبنان عدم المشاركة فى تلك الدورة بسبب مشاركة إسرائيل فى حرب السويس. كما رفضت هولندا وإسبانيا وسويسرا المشاركة فى تلك الدورة احتجاجاً على الغزو السوفيتى للمجر. والمثير أن لاعبتى الجمباز المجرية «أجنيش كيليتى» والسوفيتية «لاريسا لاتينينا» كانتا الأكثر حصداً للميداليات الذهبية فى تلك الدورة؛ حيث نال كل منهما أربع ذهبيات. أولمبياد روما 1960: ومع أول بث تليفزيونى حقيقى لفعاليات أى دورة أولمبية كان أمرا مناسبا للغاية أن تشهد أولمبياد روما 1960 بداية واحدة من أشهر المسيرات الرياضية الناجحة والأسطورية، وذلك من خلال فوز الملاكم الأسطورى «محمد على كلاى» بالميدالية الذهبية لمسابقة وزن خفيف الثقيل فى تلك الدورة. كما أحرز العدّاء الإثيوبى «بيكيلا أبيبى» أولى ميداليتيه الذهبيتين فى سباقات الماراثون بالدورات الأولمبية؛ حيث ركض بقدميه حافيتين فى هذا السباق ليشعل ويضىء الطريق نحو العصر الذهبى لأفريقيا فى الدورات الأولمبية. كما كانت الدورة هى الأخيرة لجنوب أفريقيا قبل أن تُفرض عليها عقوبة الإيقاف عن المشاركة فى الدورات الأولمبية، والتى دامت حتى عام 1992 بسبب سياسة الفصل العنصرى التى انتهجتها حكومة جنوب أفريقيا. أولمبياد طوكيو 1964: أسعد اليابانيون ضيوفهم فى أولمبياد طوكيو 1964 من خلال المنشآت الحديثة والتنظيم الرائع، ولكن أصحاب الأرض تلقوا صدمة حقيقية عندما فاز الهولندى «أنطون جيسينك» بالميدالية الذهبية فى أهم أوزان الجودو. وفقدت لاعبة الجمباز السوفيتية «لاريسا لاتينينا» الميدالية الذهبية فى الفردى العام لصالح التشيكية «فيرا كاسلافسكا»، ولكنها (لاريسا) أحرزت ست ميداليات أخرى لترفع رصيدها فى الدورات الأولمبية إلى تسع ميداليات ذهبية وخمس فضيات وأربع برونزيات لتظل حتىالآن صاحبة أكبر رصيد من الميداليات المتنوعة فى تاريخ الدورات الأولمبية. وشهدت هذه الدورة أيضا نهاية المشاركة الألمانية ببعثة موحدة من الألمانيتين؛ حيث وافقت اللجنة الأولمبية الدولية على مشاركة ألمانيا الشرقية الشيوعية ببعثة مستقلة بداية من أولمبياد 1968. أولمبياد ميكسيكو 1968: وكان للارتفاع الشاهق للعاصمة المكسيكية ميكسيكو سيتى فوق مستوى سطح البحر أثر كبير فى تحقيق العديد من الأرقام القياسية العالمية فى سباقات ومسابقات ألعاب القوى، وعلى رأسها الرقم القياسى الذى حققه «بوب بيمون» فى مسابقة الوثب الطويل؛ حيث سجل 8٫9 متر ليظل هو الرقم القياسى العالمى حتى عام 1991. كما حطم البريطانى «ديفيد هيمى» الرقم القياسى العالمى لسباق 400 متر حواجز بنحو ثانية. وسيطر العدّاءون الأفارقة على سباقات المسافات المتوسطة والطويلة مثلما لم يحدث من قبل؛ حيث فاز الكينى «كيب كينو» بالميدالية الذهبية الأولى لبلاده فى سباق 1500 متر، بينما فاز الأمريكى «ديك فوسبرى» بالميدالية الذهبية لمسابقة الوثب العالى. ورغم ذلك لم تخل هذه الدورة من الأجواء السياسية، فعلى الرغم من وصف اللجنة الأولمبية الدولية لمقتل 300 من المعارضين على يد قوات الجيش المكسيكى قبل انطلاق فعاليات الدورة بأنها شئون داخلية استبعدت اللجنة كلا من «تيمى سميث» و«جون كارلوس» الفائزين بالميداليتين الذهبية والبرونزية فى سباق العدو 200 متر بسبب أدائهما التحية برفع قبضة اليد على طريقة النشطاء السياسيين اليساريين. وشهدت هذه الدورة تطبيق اختبار الكشف عن جنس الرياضى؛ ذكرا كان أم أنثى. أولمبياد ميونيخ 1972: [Image_3]من الأحداث الرياضية البارزة فى تلك الدورة كان فوز السباح الأمريكى «مارك سبيتز» بسبع ميداليات ذهبية بالإضافة لفوز العداء الفنلندى «لاسى فيرين» بالميدالية الذهبية فى كل من سباقى العدو خمسة آلاف متر وعشرة آلاف متر رغم سقوطه فى سباق عشرة آلاف متر. كما فاز الأوكرانى «فاليرى بورزوف» بالميدالية الذهبية فى سباقى العدو 100 و200 متر. وأبهرت لاعبة الجمباز السوفيتية «أولجا كوربوت» (16 عاما) بحركاتها الأكروباتية الرائعة جميع المشجعين، بينما فشل الفريق الأمريكى فى الفوز بمسابقة القفز بالزانة أو بالميدالية الذهبية لكرة السلة للرجال للمرة الأولى فى تاريخ الدورات الأولمبية. أولمبياد مونتريال 1976: وشهدت الدورات الأولمبية بداية من أولمبياد 1976 بمونتريال تعزيزات أمنية مكثفة. وشهدت هذه الدورة مقاطعة 24 دولة أفريقية لفعاليات الأولمبياد احتجاجا على السماح لنيوزيلندا بالمشاركة فى تلك الدورة رغم زيارة فريق نيوزيلندى للرجبى جنوب أفريقيا الموقوفة بالفعل من قبَل اللجنة الأولمبية الدولية. وأحرزت البعثة الأمريكية الميدالية الذهبية فى 12 من 13 سباقا بفعاليات السباحة على مستوى الرجال، كما فازت ألمانيا الشرقية بالميدالية الذهبية فى 11 من 13 سباقا فى فعاليات السباحة على مستوى السيدات. وأصبح العداء الكوبى أول من يحرز ثنائية الذهب فى سباقى العدو 400 و800 متر. أولمبياد موسكو 1980: وفوجئ الإسبانى «خوان أنطونيو سامارانش» الرئيس الأسبق للجنة الأولمبية الدولية بمقاطعة الولايات المتحدة وعدد من دول الغرب فعاليات أولمبياد 1980 فى العاصمة الروسية موسكو احتجاجا على الغزو السوفيتى لأفغانستان، بينما حرصت بعض دول الغرب ومنها بريطانيا وفرنسا وإسبانيا على المشاركة. واتسمت هذه الدورة بالتنظيم الجيد والمحكم بالإضافة إلى المنافسة الشرسة بين الاتحاد السوفيتى وألمانيا الشرقية فى العديد من المسابقات والسباقات، ولكن أصحاب الأرض حسموا لقب الدورة لصالحهم بسهولة. وفاز الكوبى «تيوفيلو ستيفنسون» بالميدالية الذهبية الثالثة له على التوالى فى منافسات الملاكمة، بينما فاز السباح الروسى «فلاديمير سالنيكوف» بثلاث ذهبيات فى تلك الدورة كانت إحداها فى سباق 1500 متر حرة الذى شهد كسر حاجز الـ15 دقيقة للمرة الأولى فى التاريخ. أولمبياد لوس أنجلوس 1984: لم تكن مفاجأة لأى أحد أن يقود الاتحاد السوفيتى الكتلة الشيوعية لمقاطعة أولمبياد لوس أنجلوس 1984. ورغم ذلك شهدت تلك الدورة عودة دول شيوعية أخرى مثل رومانيا والصين للمشاركة فى الدورات الأولمبية. ونالت الصين استقبالا حافلا وحماسيا فى أول مشاركة أولمبية لها، وكان ذلك الاستقبال هو المكسب الحقيقى لها فى تلك الدورة. وأدخل لاعبو الولايات المتحدة السعادة إلى قلوب مشجعيهم من خلال حصد 83 ميدالية ذهبية كان أبرزها فى سباقات العدو 100 و200 متر و4 × 100 متر تتابع وفى مسابقة الوثب الطويل التى أحرزها جميعا العدّاء الأمريكى الشهير كارل لويس لتجعله على قدم المساواة مع الأسطورة «جيسى أوينز». أولمبياد سول 1988: وأُسدل الستار على عصر المقاطعات الأولمبية، وأقيمت الدورة الأولمبية التالية فى سول عام 1988 ولكنها كشفت أن العدّاء الكندى «بن جونسون» هو أكبر مخادع أولمبى حتى ذلك التاريخ؛ وذلك بعد ساعات من فوزه بالميدالية الذهبية لسباق العدو 100 متر الذى سجل فيه رقما قياسيا عالميا جديدا بلغ 9٫79 ثانية. وكشفت اختبارات الكشف عن المنشطات تعاطى جونسون العقاقير المنشطة ليُطرد من الدورة ويُجرَّد من ميداليته ومن الرقم القياسى الذى سجله، بينما تُوج الأمريكى «كارل لويس» بالميدالية الذهبية بعد أن حل ثانيا. أولمبياد برشلونة 1992: ومنحت اللجنة الأولمبية الدولية بقيادة الإسبانى «خوان أنطونيو سامارانش» حق تنظيم أولمبياد 1992 إلى مدينة برشلونة الإسبانية. وظهرت هذه الدورة مثل مهرجان رياضى ضخم؛ حيث بلغ عدد المشاركين فيها 159 دولة من أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية، وكان من بينها جنوب أفريقيا وجمهوريات البلقان الجديدة وألمانيا الموحدة، لتصبح تلك الدورة هى الأفضل فى التاريخ الأولمبى حتى الآن. أولمبياد أتلانتا 1996: ورغم محاولات العاصمة اليونانية أثينا للفوز بحق استضافة أولمبياد 1996 رغبة منها فى أن يكون احتفالا مئويا بانطلاق الدورات الأولمبية الحديثة من نفس المدينة فإن اللجنة الأولمبية الدولية اختارت أتلانتا لتنظيم تلك الدورة وسط الثقة الزائدة من قبَل اليونانيين. وشهدت تلك الدورة عددا هائلا من المسابقات والسباقات ولكنها شهدت أيضا انهيارا كبيرا فى نظام المعلومات الأولمبية، بالإضافة إلى الزحام المرورى الشديد، وكذلك حادث تفجير إرهابى أسفر عن مقتل سيدة. ولكن كل ذلك لم يكن له ظهور أمام الأضواء التى خطفها الملاكم الأسطورى محمد على كلاى الذى لفت أنظار الجميع لظهوره فى تلك الدورة على الرغم من إصابته بمرض الشلل الرعاش، حيث أوقد كلاى الشعلة الأولمبية خلال حفل الافتتاح. أولمبياد سيدنى 2000: وأوقدت العدّاءة الأسترالية «كاتى فريمان» الشعلة الأولمبية للدورة الأولمبية التى استضافتها سيدنى عام 2000 قبل أن تسعد مواطنيها بإحراز ذهبية سباق العدو 400 متر، مما دفع سامارانش إلى الإشادة بها ووصفها بأنها «الأفضل على الإطلاق». وشارك لاعبون من تيمور الشرقية فى تلك الدورة حتى قبل الاعتراف الرسمى بدولتهم، بينما شهد حفل الافتتاح مسيرة موحدة للاعبى الكوريتين الشمالية والجنوبية. وأدخل السباح الناشئ «أيان ثورب» السعادة إلى نفوس الأستراليين من خلال فوزه بثلاث ذهبيات وميدالية فضية واحدة، كما حقق المنتخب الأسترالى للسباحة إنجازا غير مسبوق بالتفوق على المنتخب الأمريكى للمرة الأولى فى سباق 4 × 100 متر تتابع حر. وأصبحت العدّاءة الأمريكية «ماريون جونز» الملكة المتوَّجة على عرش ألعاب القوى؛ حيث أحرزت ثلاث ميداليات ذهبية فى سباقات 100 و200 متر و4 × 100 متر تتابع بالإضافة لبرونزيتين فى مسابقة الوثب الطويل وسباق 4 × 100 متر تتابع. أولمبياد أثينا 2004: وخيم شبح المنشطات بظلاله أيضا على الأيام الأولى من أولمبياد أثينا 2004. ومع عودة الدورات الأولمبية إلى نقطة انطلاقها فى العاصمة اليونانية غاب العدّاء اليونانى «كوستاس كينتيريس» ومواطنته العدّاءة «إيكاترينى ثانو» عن اختبار الكشف عن المنشطات الذى كان مقررا لهما عشية يوم افتتاح الدورة. وادعى الاثنان تعرضهما لحادث تصادم بدراجة نارية ثم قررا الانسحاب من الدورة وسط تهديدات من اللجنة الأولمبية الدولية باستبعادهما وطردهما من الدورة. وتعرض كل منهما لاحقا للإيقاف لمدة عامين. وأحرزت الروسية «إيرينا كورجانينكو» الميدالية الذهبية لمسابقة دفع الجُلة التى جرت فعالياتها فى مقر إقامة الألعاب الأولمبية القديمة بجبل أولمب. ولكن كورجانينكو كانت واحدة من ثلاثة لاعبين فازوا بميداليات ذهبية وسقطوا فى اختبار الكشف عن المنشطات فى تلك الدورة التى وصفها البلجيكى «جاك روج» رئيس اللجنة الأولمبية الدولية بأنها «دورة ألعاب مثل حلم لا ينسى». وبسط السبّاح الأمريكى «مايكل فيلبس» هيمنته على سباقات السباحة فى تلك الدورة رغم فشله فى معادلة إنجاز «مارك سبيتز» الذى أحرز سابقا سبع ميداليات ذهبية فى منافسات السباحة بدورة واحدة. وفاز العدّاء المغربى «هشام القروج» بالميدالية الذهبية لسباقى العدو 1500 متر و5000 متر ليكون ثانى عداء فقط فى التاريخ يحرز تلك الثنائية؛ حيث سبقه إليها العدّاء الفنلندى «بافو نورمى» فى أولمبياد 1924. وبلغ رصيد البعثة الأمريكية فى أولمبياد أثينا 103 ميداليات متنوعة منها 35 ذهبية و39 فضية و29 برونزية. أولمبياد بكين 2008: بذل الإسبانى الراحل «خوان أنطونيو سامارانش» جهدا هائلا من أجل هذه الدورة المثيرة للجدل، وأسعفه الحظ لمتابعة فعالياتها قبل وفاته فى 2010. وكان الرقم 8 هو العلامة المميزة لهذه الدورة علما بأنه رقم الحظ فى العاصمة الصينية بكين حيث أقيمت فعاليات الدورة من (الثامن) إلى 24 أغسطس (ثامن الشهور الميلادية) كما بدأ حفل الافتتاح فى الثامنة وثمانى دقائق من مساء يوم الثامن. وصبغ الرقم 8 الدورة فى أمر آخر؛ حيث أحرز السبّاح الأمريكى «مايكل فيلبس» ثمانى ميداليات ذهبية فى منافسات السباحة بهذه الدورة ليتفوق بذلك على مواطنه سبيتز الذى أحرز سبع ذهبيات فى أولمبياد ميونيخ 1972. وشهدت دورة بكين 2008 عروضا رائعة ومذهلة فى رياضات مختلفة، حيث شهدت الدورة تحطيم 43 رقما قياسيا، كما شهدت نجمين أسطوريين هما «فيلبس» والعداء الجامايكى «يوسين بولت». ولم ينجح فيلبس، فقط، فى إحراز سبع من ذهبياته الثمانى مقترنا بتحطيم الرقم القياسى العالمى فى هذه السباقات، وإنما رفع النجم الشهير رصيده إلى 14 ميدالية ذهبية فى الدورات الأولمبية؛ حيث سبق له الفوز بست ذهبيات فى أولمبياد أثينا 2004 ليصبح حتى الآن أكثر الرياضيين نجاحا فى الدورات الأولمبية على مدار تاريخها. ونجح «بولت» أيضا فى إحراز ثلاث ذهبيات ضمن منافسات ألعاب القوى محطما الرقم القياسى العالمى فى كل من هذه السباقات. وتفوق بولت على فيلبس فى أمرين، أولهما أن ألعاب القوى هى أمل الألعاب والقلب النابض للدورات الأولمبية إضافة إلى أنه أول من يحرز ثنائية الذهب فى سباقى 100 و200 متر محطما الرقم القياسى العالمى لكل منهما فى الدورات الأولمبية عبر تاريخها. والأمر الثانى هو الكاريزما التى تميز بولت والتى جعلت منه الملك فى أولمبياد بكين. وبزغ نجم بولت فى الوقت المناسب بالعالم الأولمبى. وقطع بولت مسافة سباق 100 متر فى 9٫69 ثانية بعد 20 عاما من القضية التى أحاطت بالعدّاء الكندى بن جونسون فى أولمبياد سول 1988 حيث قطع مسافة هذا السباق فى 9٫79 ثانية قبل أن يُكتشف تعاطيه المنشطات. وبعد 20 عاما، تفوق بولت عليه بفارق 0٫1 ثانية. وكانت أولمبياد بكين هى الأخيرة التى تشهد 28 رياضة بينما سيتقلص العدد مجددا إلى 26 رياضة فى أولمبياد لندن 2012 بعد استبعاد رياضتى البيسبول والسوفت بول.

وأخيراً الدورة الحالية بالبرازيل .. دورة ريو 2016م ….

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.