2

سمير فريد

هذه المهرجانات والمسابقات أو الفوضى

سمير فريد

قال باولو باريتا، رئيس مؤسسة «بينالى فينسيا»، التى تنظم مهرجان السينما ومهرجانات أخرى للفنون فى بداية المؤتمر الصحفى لإعلان برنامج دورة فينسيا السينمائى هذا العام، «بالله عليكم لا تسألونى عن حال مهرجانات السينما مع التغيير فى إنتاج وتوزيع وعرض الأفلام فى إطار الثورة التكنولوجية، إننا موجودون، ها هو المهرجان».

ترجع هذه المناشدة إلى أن بعض النقاد والمراقبين يشككون فى أهمية استمرار مهرجانات السينما مع توفر الأفلام عبر الإنترنت سواء بشكل قانونى أو غير قانونى، تماماً مثل الذين يقولون وما فائدة نقد الأفلام الآن فى الصحف والمجلات الورقية، بل الإلكترونية أيضاً، كل الأفلام متاحة بوسائل عديدة ولا يؤثر النقد على الإقبال أو عدم الإقبال على مشاهدتها.

كلما جد جديد يسارع البعض بإصدار الأحكام عن المستقبل. عندما اخترعت الفوتوغرافيا قالوا انتهى الفن الواقعى «الرسم والنحت»، ولكنه لم ينته، وعندما اخترعت السينما قالوا انتهى المسرح، ولكنه لم ينته، وعندما اخترع التليفزيون قالوا انتهت السينما، ولكنها لم تنته وعندما اخترع الكتاب الإلكترونى قالوا انتهى الكتاب المطبوع، ولكنه لم ينته.. نعم هناك تأثيرات تؤدى إلى تغييرات، ولكن الحضارة لا تلغى ما تحقق، وإنما تضيف إليه.

هناك دائماً حاجة حقيقية للتصفية والفرز فى كل المجالات بما فى ذلك الفنون منذ مسابقات المسرح فى اليونان فى القرن الخامس قبل الميلاد، وسوق عكاظ للشعر فى شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، إلى مهرجانات السينما الدولية ومسابقات السينما المحلية فى عصرنا، وهناك دائماً حاجة حقيقية إلى النقد، أيا كان تأثيره على الرواج، ومن دونه يضعف التلقى ولا يكتب تاريخ أى فن.

يتم فى العالم كل سنة إنتاج ما يقرب من خمسة آلاف فيلم طويل ومثلها أو أكثر من الأفلام القصيرة، يتقدم إلى كل من مهرجان برلين ومهرجان كان ومهرجان فينسيا حوالى ثلاثة آلاف فيلم طويل وقصير كل سنة غير الأفلام التى تقدم إلى المهرجانات الأخرى المتوسطة والصغيرة، والأفلام التى تتنافس على جوائز المسابقات المحلية مثل الأوسكار للأفلام الناطقة بالإنجليزية، وسيزار للأفلام الناطقة بالفرنسية وغيرهما من المسابقات.

ويتم فى كل من المهرجانات الدولية الكبرى الثلاثة عرض حوالى مائة فيلم جديد فى مختلف الأقسام والبرامج ويفوز فى المسابقات ما لا يزيد على خمسين فيلماً بحد أقصى هى علامات السينما فى هذه السنة أو تلك، صحيح أن هناك أفلاماً من العلامات قد لا تعرض فى أى مهرجان أو مسابقة، وبالتالى قد لا تفوز بأى جوائز، ولكن هذا هو الاستثناء الذى لا يلغى صحة القاعدة وإنما يؤكد صحتها، وهذا هو دور الناقد الذى لا يكتفى بالمهرجانات. وللمهرجانات والمسابقات أهداف سياحية وإعلامية بل تجارية، ولكن يظل الأساس التصفية والفرز، ومن دونهما الفوضى والضياع فى الزحام.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.