تعرفوا معنا على المدرسة الاستشراقية Orientalism..هي حركة فكرية وفلسفية أسسها البيروقراط في بريطانيا

ما هو ..الاستشراق Orientalism..

حركة فكرية وفلسفية أسسها البيروقراط في بريطانيا

الاستشراق (بالإنجليزية: Orientalism)‏ هي حركة فكرية وفلسفية أسسها البيروقراط في بريطانيا بغرض فهم ثقافات، فلسفات وأديان الشرق إبان الاستعمار البريطاني للهند في أواسط القرن الثامن عشر، توسعت حركة الاستشراق في الدول الاستعمارية كبريطانيا، فرنسا، وألمانيا، ودُرِست من قبل الأكاديميين في أروقة الجامعات والمعاهد العلمية بصورة أكثر منهجية، وشملت الشرق الأقصى والأدنى والأوسط بما فيها الدول العربية، ويُحسب لحركة الاستشراق العديد من الإنجازات كاكتشاف اللغة السنسكريتية، وهي لغة أري-هندية تربط الهند بأوروبا. الاستشراق كحركة بدأ لترسيخ الاستعمار البريطاني للهند، ولكن مع تطوره إلى فكر تأريخي يهتم بدراسة مكونات الشرق يُحسب للمستشرقين أنهم من منعوا مساعي بريطانيا لتحويل الهند لدولة مسيحية، المستشرق هو مؤرخ، ولا يتمتع كل المؤرخين بالموضوعية والنزاهة أثناء تناول تراث الغير، ولكنها حركة تأريخية لا تستهدف الأديان والأعراق، يعتبر العرب -خاصة رجال الدين- الاستشراق حركة استعمارية وتزييف للتاريخ الإسلامي، نظرًا لعدم تناول أغلب المستشرقين للتاريخ الإسلامي بصورة انتقائية تستبعد الجانب السيء من التاريخ الإسلامي وتبرز الجيد.
مراحل الاستشراق:

من أبرز المراحل الّتي يُقسّم إليها الاستشراق ما ذهب إليه الدّكتور المبروك المنصوري في كتابه «الدّراسات الدّينيّة المعاصرة من المركزيّة الغربيّة إلى النّسبيّة الثّقافيّة: الاستشراق، القرآن، الهويّة والقيم الديّنيّة»، إذ قسّم الاستشراق إلى ثلاث مراحل أساسيّة هي: الاستشراق الاستعماري (Colonial Orientalism): ويشمل كلّ ما أُنتج من بداية تشكّل هذا التوجّه مع الحركة الرّومانسيّة الغربيّة إلى حوالى 1960. الاستشراق ما بعد الاستعماري (Post Colonial Orientalism): وهو التوجّه الّذي تشكّل في المرحلة ما بعد الاستعماريّة، ويرتكز أساسًا على الجانب الثّقافيّ واللّغويّ وقد تلبّس لبوسًا جديدًا. الاستشراق الجديد (New Orientalism): وهو التيّار الّذي تشكّل في بداية هذا القرن، وقد دشّنه كريستوف لكسنبرغ بكتابه «القراءة السّريانيّة الآراميّة للقرآن».

تاريخ الاستشراق:

من الصعب أن نكون دقيقين عن أصل الفرق بين الغرب والشرق. لكن ازدهار المسيحية والإسلام خلق خلافا حضاريا كبيرا بين أوروبا المسيحية والشرق وشمال أفريقيا الإسلامي. في العصور الوسطى كان الأوروبيون المسيحيون يرون المسلمين كأعداء لهم. وكان معرفة الأوروبيين للحضارات أبعد شرقاً من الشرق الإسلامي أكثر خيالاً. ولكن كان هناك معرفة قليلة للحضارات الهندية والصينية من حيث كان تأتي سلع غالية مثل السيراميك والحرير. وبكثرة الحملات الاستعمارية والاستكشافية صار هناك تمييز بين الحضارات الغير كاتبة، مثل في أفريقيا والأمريكيتين، والحضارات الكاتبة والمثقفة في الشرق.
في القرن الثامن عشر، لقد كان من مستشرقين عصر التنوير من لمح وشيد الكثير من جوانب الحضارات الشرقية كأحسن من الغرب المسيحي. مثلاً: فولتير روَّج البحث والدراسة عن الزردشتية، في أنها ديانة تدعم الربوبية العقلانية أحسن عن المسيحية. آخرين مجدوا التساهل الديني في الشرق الإسلامي بدلاً من الغرب المسيحي، أو منزلة العلم في الصين والشرق عامةً. مع ترجمة الافيستا واكتشاف اللغات الهندوروبية، وضِّح الاتصال بين التاريخ الشرقي والغربي القديم. ولكن صار ذلك الاكتشاف في وسط المنافسة بين فرنسا وبريطانيا في الهيمنة على الهند، وكان الاكتشاف متعلق في فهم الحضارات المستعمرة كي يتحكم عليها المستعمر بسهولة. ولكن الاقتصاديين الليبيراليين مثل جيمس ميل ذم الأمم الشرقية بأن الحضارات تلك كانوا ثابتات وفاسدة أو فاسقة. حتى كارل ماركس وصف أسلوب التصنيع الآسيوي كرافضة التغيير. والمبشرين المسيحيين كانوا يثلبون الديانات الشرقية كمجرد خرافات.
في المعنى الاصطلاحي: علم يقضي بمسائل الشرق ودراسة وتحليل واقعه، وبعبارة أخرى: هو الدراسات التي تتعلّق بالشرق. أمّا المعنى اللغوي للفظ (شرق) بالإنجليزية فهو (بالإنجليزية: Orient)‏، والدول الشرقية تسمّى (The orient)، والإنسان الشرقي (بالإنجليزية: Oriental)‏، وكلّ من يبحث في تاريخ الشرق وأحوال أُممه يُدعى (بالإنجليزية: Orientalist)‏ أو مستشرق.
الدكتور محمد صالح العمري من جامعة أوكسفورد قد كتب حول موضوع ““دراسة العالم العربي والإسلام بالولايات المتحدة وبريطانيا في اطار «الحرب على الإرهاب» وأهميتها في سياق الإستشراق الحديث.

ظهور الاستشراق:

يعتبر الاستشراق حديث الظهور إلاّ أنّ معرفة الشرق وما يتعلّق به من أفكار فذلك يعود إلى الأزمان الغابرة، ويؤيّد ذلك ما عثر عليه في التنقيبات من النقوش الأثرية على الأحجار، ثمّ تلت ذلك حركة الاستشراق في القرون الوسطى، لتؤكّد ذلك من خلال الوقائع التاريخية والنصوص الجغرافية، وكتب الأسفار وغيرها.

أمّا ما هو الزمن الذي أخذ فيه الاستشراق نموّه الحقيقي، وأصبح علماً يُدرّس، فيمكن القول: إنّ المساعي التي بذلها الباحثون من إيطاليا وبريطانيا والبرتغال لدراسة الشرق، كان في القرن الخامس عشر والسادس عشر الميلادي، وكان من بينهم على سبيل المثال توماس هربرت.
كان هذا الباحث الشاب ذكياً وماهراً، استطاع الوصول إلى السواحل الجنوبية لإيران قادماً من الهند، بالتنسيق مع السفير البريطاني آنذاك، فبدأ بكتابة بحوثه حول إيران والإيرانيين. في القرن السابع عشر والثامن عشر أخذ الاستشراق بالانتشار حتّى أنّ كتاب (كلستان سعدي) طبع لأوّل مرّة في أوروبا خلال تلك الفترة.
ومنذ أواخر القرن السابع عشر الميلادي أصبحت مدينتا لندن وباريس من المراكز الرئيسية في تدريس الاستشراق، ثمّ توسّع حتّى أصبحت أكثر البلدان الأوربية في الوقت الحاضر لديها معاهد خاصّة بتدريس الاستشراق بجميع أقسامه، وتخرّج في كلّ عام أعداداً كبيرة من الأساتذة، الذين يغذّون البحوث والدراسات في أوروبا في مجال الاستشراق.

أقسام البحوث والتخصّصات:

يمكن تقسيم البحوث التي كتبها المستشرقون إلى ما يأتي: التاريخ، الاقتصاد، الجغرافية، اللغة، الآداب، علم الإنسان، الفنون، الأديان، الفلسفة، علم الآثار.
أمّا الفروع الموجودة في الجامعات الغربية، والتي اختصّت بدراسة تاريخ الأُمم السابقة وأحوالها، فهي: فرع دراسة المصريين، فرع دراسة الآشوريين، فرع دراسة الإيرانيين، فرع دراسة العرب، فرع دراسة الأتراك، فرع دراسة الصينيين، فرع دراسة الهنود، فرع دراسة اليابانيين، فرع دراسة الساميين والسومريين.
ملاحظة: توسّع قسم دراسة أحوال المصريين حتّى شمل جميع أنحاء القارة الأفريقية.

المستشرقون الحقيقيون:

إنّ الذين جاءوا لدراسة الشرق كانوا أفراداً متفاوتين، فمنهم من جاء بلباس عسكري أو غير عسكري، أو بصفة أطباء أو معلّمين، لكنّهم في حقيقة الأمر قساوسة كان هدفهم التنصير بالدين المسيحي، وكانوا يتردّدون بكثرة على لبنان وسوريا ومصر. ظلّت حركة الاستشراق موضع شكّ لدى الكثير، وبسبب هذا الغموض انقسم الناس نحوها إلى فريقين:
الأول: ينظر إلى المستشرقين بعين الاحترام.
والثاني: ينظر إليه على العكس من ذلك، لأنّه كان من بينهم أُناس مهّدوا للاستعمار الغربي، وكانوا أداة لتسلّط الغرب على الشرق، كما لا يخفى أنّ منهم جماعة دفعهم شوق التعرّف على الشرق وأسراره، وتحمّلوا في سبيل ذلك كثيراً من الصعوبات والمشاق. وعلى أيّ حال مهما كانت الأغراض والدوافع التي دفعت للاستشراق، فإنّ الاستشراق شيء، والمستشرقين شيء آخر.

الاستشراق الفرنسي:

ظهر الاستشراق الفرنسي بقوة مع مطلع القرن السادس عشر واكتملت في ھذه الفترة ملامحه حیث یقول عنه روبیر منتران: “یمثل الاستشراق الفرنسي لوحة كبیرة رُسِمَت ملامحھا في القرن السادس عشر”.[3] وتعد المدرسة الاستشراقیة الفرنسیة من أھم المدارس الأوروبیة التي قامت بجھود جبارة حول الدراسات الشرقیة خاصة مع إنشاء “مدرسة اللغات الشرقیة الحیة” سنة 1795م والتي رأسھا المستشرق المشھور سلفستر دي ساسي Sylvester de Sasi وكان ھذا المستشرق یعد عمید الاستشراق الأوروبي في النصف الأول من القرن التاسع عشر دون منافس”.[4]
وقد ذكر إدوارد سعید في كتابه «الاستشراق» أن اھتمام فرنسا بالشرق بدأ مع حملة نابلیون على مصر وتوسعت دائرة الاستشراق الفرنسي «بعد احتلال تونس ومراكش إذ صار حتمیا التعرف على اللغة والتاریخ والدیانة فترجمت ونشرت نصوص عربیة كثیرة».[5]
اهتم الاستشراقُ الفَرنسي… بالجوانب اللغوية والأدبية، واهتمَّت المدرسة الألمانية والفَرنسية أيضًا بتحقيق ودراسة المواضيعِ العلمية في الحضارة العربية. يمثِّل الاستشراق الفرنسي لوحةً كبيرة، رسمت ملامحها في القرن السادس عشر، وقد لعبت فرنسا دورًا هامًّا في الاستشراق، منذ تأسيس مدرستي «ريمس» و«شارتر» لتدريس اللغة العربية في باريس، وكرسي للدراسات الإسلامية في جامعة السوربون، والتي ألحق بها معهد الدراسات الإسلامية، ومنذ الثورة الفرنسية 1789 أُنشِئت مؤسسة جديدة هي مدرسة اللغات الشرقية، وكانت اللغات التي تدرس – بموجب تلك المعاهدة – هي العربية الفصحى والعامية، وبوسعنا أن نعتبر أن العقدَ الأخير من القرن الثامن عشر انطلاقةٌ حقيقية للدراسات الشرقية الفرنسية.[6]
بدخول القرن العشرين ظهر تحول واضح في الاستشراق الفرنسي؛ فقد سمح بإنشاء المدرسة العلمية للدراسات العليا في باريس، مما أدى إلى تجديدِ المواد المتنوعة والمتخصصة في الدراسات الاستشراقية، وظهر أساتذة متميزون؛ من أمثال: «لويس ماسينيون»، «وليم مارسيه»، و«جورج مارسيه»، و«جان داني».

خصائص المدرسة الاستشراقیة الفرنسیة:
لم تكن المدرسة الاستشراقیة الفرنسیة بدعا عن باقي المدارس الاستشراقیة، من حیث الأھداف والخصائص العامة الا أن المدرسة الفرنسیة تمیزت ببعض الخصائص نظرا لسبقھا في مجال الاستشراق فقد «بدأ اھتمام فرنسا بطلب الثقافة العربیة مبكرا في مدارس الأندلس وصقلیة وبخاصة في القرن الثاني عشر، وساھم العرب والمسلمون في إنشاء المدارس المختلفة في فرنسا مثل مدرسة الطب في مونبلییه والتي أنشأتھا الجالیة الإسلامیة المغربیة 1220م».[8]
فمن الخصائص التي تمیزت بھا المدرسة الفرنسیة نجد بأنھا “تمتاز المدرسة بالشمول والتعدد فھي لم تترك میدانا من میادین المعارف الشرقیة إلا وتناولته بحثا أو نقدا أو تمحیصا سواء من جانب اللغات وآدابھا أو التاریخ أو مقارنة الأدیان أو الآثار والفنون أو القانون.[9]
فالمدرسة الاستشراقیة الفرنسیة كانت تحاول معرفة كل شيء عن الشرق وذلك راجع لأھدافھا الاستعماریة فھي لم تترك أي مجال من المجالات إلا وبحثت فیه وذلك من خلال إرسال مستشرقین ھدفھم تسجیل كل شيء عن البلدان المراد استعمارھا ولھذا نجد فرنسا من أكثر الدول الأوروبیة من حیث الدول التي استعمرتھا، إذ لعب الاستعمار الفرنسي «دورا في بناء نظریة الأيدیولوجیة الاستعماریة ومھد لھا سبل استعمار الشرق عسكریا وسیاسیا وفكریا».[10]
مما جعل المدرسة الاستشراقیة الفرنسیة تتعرض للامتدادات الجغرافیة حتى یسھل علیھا عملیة السیطرة؛ وحتى تحكم السیطرة على الدول المستعمرة والاستفادة من مواردھا المادیة والمعنویة عملت على الاھتمام «كذلك بفقه اللغة العربیة ونحوھا ولھجتھا العامیة كما عملت على الدعوة إلى تمجید العامیة ومحاولة إحلالھا بدیلا للفصحى»، ولم تھتم باللغة العربیة الفصیحة فقط، بل درست تراث الكثیر من الدول «لم تقتصر ھذه المدرسة على دراسة تراث العرب فحسب ولكنھا تناولت تراث الفرس والأتراك أیضا».
الاستشراق الإيطالي:

ترتبط إيطاليا بروابط تاريخية وجغرافية وثيقة بالشرق منذ قرون سحيقة، تلك الروابط التي تأرجحت بين مد وجزر وبين السعي في تحقيق أهداف سياسية واستعمارية، وعلى الرغم من غلبة هذه الأهداف على الاستشراق الإيطالي فإنه قد صاحبه في نفس الوقت اهتمام علمي واضح. بدأت الجامعات الإيطالية تهتم بالدراسات الإسلامية فقامت جامعة بولونيا سنة 1076 بالاهتمام بالعلوم العربية وتلتها جامعة نابولي عام 1224 ثم جامعات مسينا وروما وفلورنسا وبادوا ثم أخيرا الجامعة الغريغورية التي اعتنت بصورة خاصة بالدراسات الإسلامية ويبدو أن أول إيطالي تعلم اللغة العربية وعني بدراستها هو: جيراردو دا كريمونا (1114 ـ 1187).
ومن الإيطاليين نجد أيضاً توما الأكويني (12251274) الذي اهتم بالدراسات الفلسفية وخاصة الفلسفة العربية إذ قضي جل حياته باحثا فيها وساهم في نشر الفلسفة الرشدية على الرغم من محاربته إياها، ويمكن لنا إيجاز أهم خصائص هذه المدرسة في الآتي:

  • بدأت لتحقيق أغراض دينية ثم تطورت لتحقيق أغراض تجارية وسياسية واستعمارية.
  • التركيز على الدراسات العربية والإسلامية
  • الاهتمام بجمع المخطوطات العربية النادرة.
  • الاستشراق الهولندي:

    يذكر الدكتور قاسم السامرائي في كتابه (الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية) أن الاستشراق الهولندي لا يختلف عن الاستشراق الأوروبي في أنه انطلق مدفوعاً بالروح التنصيرية، وأن هولندا كانت تدور في الفلك البابوي الكاثوليكي، وقد اهتم المستشرقون الهولنديون باللغة العربية ومعاجمها كما اهتموا بتحقيق النصوص العربية، ومما يميز الاستشراق الهولندي وجود مؤسسة بريل التي تولت طباعة الموسوعة الإسلامية ونشرها في طبعتيها الأولى والثانية، كما تقوم هذه المؤسسة بطباعة الكثير من الكتب حول الإسلام والمسلمين. وأسست هولندا معاهد متخصصة من أهمها المعهد الملكي للغات والمعهد الشرقي لدراسة الشرق والإسلام وزخرت هولندا بالمكتبات الغنية بالتراث الإسلامي مثل مكتبة جامعة ليدن Leiden التي تضم نفائس المخطوطات ومكتبة المجمع الملكي في أمستردام ومن أهم مستشرقي هذه المدرسة إربنيوس – الذي يعد مؤسس النهضة الأستشراقية بعد تأسيسه المطبعة العربية الشهيرة (بريل)-ومن أبرز المستشرقين الهولنديين سنوك هرجرونيه (1857م1936م) الذي ادعى الإسلام وتسمى باسم الحاج عبد الغفار وذهب إلى مكة المكرمة ومكث ستة أشهر حتى طردته السلطات من هناك، فرحل إلى إندونيسيا ليعمل مع السلطات الهولندية المحتلة لتدعيم الاحتلال في ذلك البلد الإسلامي، ومن أعلام الاستشراق الهولندي أيضا دي خويه (1836م1909م)وكذلك المستشرق فنسنك والمستشرق دوزي الذي يعد أشهر مستشرقي هذه المدرسة مؤلف كتاب تاريخ المسلمين في أسبانيا وناشر كتاب «البيان المُغْرِب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب» وقد خلّف العشرات من الكتب المؤلفة والمحققة حول العربية والإسلام ونجد أيضاً فنسنك vensinek واضع الأساس الأول للمعجم المفهرس لألفاظ العربية وصاحب المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، وله كتاب في العقيدة الإسلامية، وقد تولي تحرير دائرة المعارف الإسلامية وكانت له فيها مقالات قيمة، وذكر الدكتور السامرائي أن الاستشراق الهولندي شهد في السنوات الماضية ظهور تيار من المستشرقين الشباب الذين يميلون إلى النظرة الموضوعية إلى الإسلام وقضاياه وهذا ما أثار حنق وغضب المستشرقين الأكبر سناً، ولهولندا مركز للبحوث والدراسات العربية والإسلامية في مصر. ويوجد في هولندا عدة كراس للغات الشرقية في كل من جامعات ليدن Leiden وأمستردام وأوترخت مما ساعد على إيجاد أجيال من المستشرقين في كافة ميادين المعارف الشرقية.

  • الاستشراق الروسي:

    نظراً لقرب روسيا النسبي من الشرق، فقد تمكنت من ربط أواصر العلاقات مع هذه المنطقة منذ زمن مبكر من التاريخ وكان الاستشراق قوياً في روسيا منذ عهد بعيد حيث تعود الصلات بين روسيا والعالم الإسلامي إلى زمن الدولة العباسية، حيث تبادلت الدولة الإسلامية السفارات مع روسيا، ولمّا ضمت روسيا إليها بعض المناطق الإسلامية ازداد الاهتمام بالإسلام والعالم الإسلامي، وقد أفادت روسيا من الدراسات العربية والإسلامية في أوروبا وبخاصة في فرنسا حيث أوفدت روسيا بعض الباحثين للدراسة في مدرسة اللغات الشرقية الحية في باريس. وازدادت عند تأسيس الإمبراطورية العثمانية التي تتاخم الحدود الروسية مباشرة ونتج عن ذلك وجود علاقة تراوحت بين المد والجزر والصداقة والعداوة وحقيقة الأمر أن الصراع بين روسيا وتركيا كان صراعاً سياسياً حول شبه جزيرة القرم وتوسيع النفوذ السياسي على البحر الأسود ولكن هذا الصراع لم يكن يوماً بدافع ديني أي من منطلق العداء بين المسيحية الشرقية والإسلام ولطالما اعتبر الروس أنفسهم شرقيين. وفي هذا نرى أن العالم العربي، الإسلامي، كان خارج دائرة هذا الصراع وبالتالي لم يكن هناك صدام بين روسيا والعرب المسلمين، ولم تتواجد الجيوش الروسية في أي زمان على أراضي العالم العربي الإسلامي، وإذا تواجدت فكان ذلك بدافع تقديم المعونة لبعض الحكومات القائمة ففي أيام محمد علي، عندما أرادت إنجلترا أن تحتل الشواطئ المصرية، أرسلت الحكومة القيصرية الأسطول البحري الروسي، الذي اعترض محاولة إنزال مشاة البحرية الإنجليزية في الإسكندرية، ولذلك فإنه يمكننا القول بأن من أسباب تميُّز الاستشراق الروسي عن الاستشراق الأوروبي الغربي، إنه لم يصدر عن مثل أرضية العداء بين الغرب والشرق الإسلامي، وإنما كان هذا الاستشراق بدافع الفضول المعرفي الإنساني.
    شجعت الحكومات الروسية في العهود المختلفة دراسة التراث العربي الإسلامي وخاصة ذلك الذي يتعلق بالأقاليم الإسلامية الواقعة تحت سيطرت روسيا وذلك لتوسيع المعرفة بالشعوب الإسلامية، وكانت المصادر الثقافية العربية تشكل ركناً أساسياً من مصادر معرفة شعوب القوقاز وآسيا الوسطى وحتى الروس، هذه المعرفة التي انعكست بشكل إيجابي لمصلحة روسيا كما يعترف بذلك المستشرقون أنفسهم كنا نعيش جنباً إلى جنب مع شعوب آسيا الوسطى لمدة طويلة الروس أنفسهم يرون أن التراث الشرقي الإسلامي هو جزء من تراثهم. فيقول المستشرق بلوندين نحن الروس، وجميع الذين في الساحة الروسية القيصرية السابقة، نحن شرقيون بأنفسنا، وجزء من أراضينا موجود في آسيا، وثلثي حدودنا مع دول آسيوية مثل تركيا والصين، وكذلك المناطق الإسلامية التي كانت قديماً ولايات للخلافة العربية وكانت أول مطبعة عربية قد أسست عام 1722 في مدينة سامارا علي الفولجا وكانت تقوم بطبع الكتب الدراسية وفي عام 1754 طرح لومونوسوف مسألة تأسيس كلية اللغات الشرقية وفي عام 1763 صدرت أول ترجمة روسية لكتاب الف ليلة وليلة وكان لأنشاء كراسي اللغات الشرقية في الجامعات الروسية أثره في نشأة وتطور المدرسة الاستشراقية فأنشأت جامعة خاركوف عام 1804 كرسياً لتدريس اللغات الشرقية وجامعة قازان لتدريس الألسنة 1811م ويذكر المستشرق الروسي الشهير الروسي أغناطيوس كراتشكوفسكي Kratchkovski أن تاريخ «الاستعراب» الروسي، يبدأ من المرسوم الجامعي سنة 1804 لأن هذا المرسوم أدخل تدريس اللغات الشرقية في برنامج المدارس العليا وأسس الأقسام الخاصة لهذه اللغات، وأما اللغات الشرقية في أوروبا الغربية في ذلك الزمان، فقد كانت المكانة الأولى بين اللغات السامية اللغة العبرية، أما في روسيا، فاللغات الشرقية في مفهوم الروس، كانت لغات الشرق الإسلامي، وشغلت اللغة العربية المكانة الأولى وقد أُنشأ قسم اللغة العربية في جامعة خاركوف بعد صدور المرسوم في عام 1804م مباشرة.
    لقد كان للاستعراب الروسي منذ البداية مدرستان متمايزتان، ارتبطت إحداهما بوزارة الخارجية الروسية، وقد ساهمت هذه المدرسة في خدمة القرار السياسي والمصالح الروسية الخارجية وكان هناك أيضاً في روسيا اتجاه للدراسات الشرقية لأغراض سياسية، مع تعصب ديني، ولكن في نفس الوقت. كان هناك من هو ضد هذه التيارات المتعصبة وضد الدراسات الشرقية الكنيسية غير الممتدة إلى وقائع تاريخية ثابتة، ونحن لا نرى هذا في أي دراسات شرقية خارج روسيا والمدرسة الأخرى حملت الطابع المعرفي العلمي البحت، وحرص المستعربون فيها على استقلالية عملها وقد نشأت هذه المدرسة وما زالت في بطرسبورج، حيث بذلت جهود كبيرة من قبل العلماء في بطرسبورج لتحقيق درجة من الاستقلال المهني ونشر الدراسات بعيداً عن التوجه السياسي.في بداية الاستعراب الروسي، وتمت الاستعانة بعلماء من الغرب، كما كان الشأن بالنسبة للمجالات الأخرى المختلفة، فعندما بدأ القيصر بطرس الأول الإصلاحات في السياسة والعلوم والجيش ومختلف أوجه الحياة في روسيا، استعان بالخبرات الأوروبية من فرنسا وألمانيا وإنجلترا، ولكن «الاستعراب» الروسي مالبث أن أخذ بتكوين نفسه معتمداً على المصادر الشرقية الإسلامية مباشرة، بداية من خلال التبادل الثقافي الذي جرى والمعايشة المباشرة للموظفين والعسكريين الروس في مناطق الفولجا والبحر الأسود والقوقاز وآسيا الوسطى، ووصف هؤلاء هذه البلاد في الكتب والصحف شعراً ونثرا، ً إضافة إلى توافد أبناء هذه المناطق إلى بطرسبورج وموسكو وتعلمهم في جامعاتها ومعاهدها، وقد كان هؤلاء الوافدين يعكسون قوة تأثير الثقافة العربية الإسلامية فإن قوة تيار التراث العربي القديم في القوقاز استطاعت أن تحمل حتى أيامنا، اللغة العربية الفصحى التي لا تستخدم في التخاطب العام في موطنها في البلاد العربية، أما في شمال القوقاز فقد عاشت اللغة العربية حياة كاملة لا في الكتابة فحسب، بل وفي الحديث أيضاً. لقد كان للشعوب الإسلامية في وسط آسيا واحتكاكها المباشر مع الروس دوراً كبيراً في الاستعراب الروسي، إذ ساهمت في نقل الثقافة العربية الإسلامية مباشرة إلى الاستعراب الروسي دون المرور بالمصفاة الأوروبية الغربية ولقد صب التراث العربي الإسلامي مباشرة في مجرى الاستعراب الروسي دون تشويه أو إنشاء أو أسطرة صور وهمية عن الشرق العربي المسلم، وقد ساهم وجود المستعربين من العسكريين في القوقاز في ترجمة العديد من الآثار الأدبية العربية الإسلامية، إذ قام الجنرال بوجوسلافسكي بترجمة القرآن الكريم من العربية إلى الروسية مباشرة ومن المستشرقين الروس كاظم بك الذي دخل الإسلام وقام بتحقيق مخطوطة اليعقوبي وكذلك رازين الذي يعتبر متخصصا في اللغتين العربية والفارسية ونجد أيضا كريمسكي (1871م1941م) الذي تعلم العربية والفارسية وأسس مكتبة كبري في جامعة موسكو.
    ومن أشهر المستشرقين الروس كراتشكوفيسكي Kratchkovski الذي شغف منذ صغره بدراسة آراء المستشرقين ودراسة اللغة العربية وذهب إلي الشرق فزار مصر وسوريا وفلسطين، فأطلع علي خزائن كتبها وتعرف إلى علمائها وأدبائها، ثم عاد إلي بلاده وعين أستاذا للعربية وثمة رأي يقول أنه كان مكتشف الأدب العربي الجديد بالنسبة للغرب ويمكن لنا إيجاز أهم خصائص هذه المدرسة في الأتي:

    • الاهتمام بالأدب العربي بصفة خاصة.
    • التذبذب الواضح بين الموضوعية الجادة والعداء السافر.
    • الاستعانة بسكان آسيا الوسطى في مجال الاستشراق.
    • البعد عن الأغراض الدينية بل بث الأفكار الاشتراكية ومحاولة إيجاد قدم لها في الشرق.
    • تميزت بالاهتمام بتصنيف المخطوطات وفهرستها.
    • الفنانين المستشرقين:

      أسواق جزائرية, بواسطة لويس كومفورتسمرقند, رسم ريتشارد كارلوجبة الغداء, القاهرة, رسم جون فردريك

      • جاين بابتيس (1671–1731)
      • جين إتيان (1702–1789)
      • جان أوغست (1780–1867)
      • ديفيد روبرتس (1796–1864)
      • ديلاكروا (1798–1863)
      • جون فردريك (1805–1876)
      • إدوارد لير (1812–1888)
      • غوستاف بوولنجر (1824–88)
      • البرتو باسيني (1826–1899)
      • ادولف شراير (1828-1899)
      • فريدريك ليتون (1830–1896)
      • جايمس تايسوت (1836–1902)
      • غوستاف اشيل (1840-1887)
      • ادوين لورد (1849–1903)
      • ثيودور راللي (1852–1909)
      • لويس ريكاردو فاليرو (18511896)
      • جوليو روزاتي (1858–1917)
      • بول ليروي (1860–1942)
      • ناصر الدين دينيه (1861 –1929)
      • إدموند دولاك (1882 –1953)
      • الكسندر روبتزوف (1884–1949)
      • ايسيم كافادار (1885–1940)
      • هانز فير (1909-1981)
      • ***************************
      • أراء في الاستشراق:

        تعددت مواقف وأراء بعض المستشرقين على اختلاف توجهاتهم الفكرية في الاستشراق نفسه، ومنها:

        • توملين: (اعترف رجال شديدو الذكاء بعد أن كرسوا الكثير من وقتهم للأبحاث الشرقية أنهم لو كان عليهم أن يصلوا إلى فهم تام للفسفة (الأفكار) الشرقية لاستلزم الأمر أن يعتزلوا أوروبا كلها، ولبدأوا الحياة من جديد كشرقيين).
        • اشتيفان فيلد: (توجد جماعة يسمون أنفسهم مستشرقين سخّروا معلوماتهم عن الإسلام وتاريخه في سبيل مكافحة الإسلام والمسلمين، وهذا واقع مؤلم لا بد أن يعترف به المستشرقون المخلصون لرسالتهم بكل صراحة).
        • أولريش هارمان: (الدراسات الألمانية حول العالم الإسلامي قبل عام 1919م أقل براءة وصفاء نية، فقد كان «كارل هينرش بيكر» -وهو من كبار مستشرقينا- منغمساً في النشاطات السياسية حتى أصبح في عام 1914م شديد الحماس لمخطط استخدام الإسلام في أفريقيا والهند كدرع سياسة في وجه البريطانيين).
        • ‘مونتغمري وات:’ (جد الباحثون منذ القرن الثاني عشر للهجرة في تعديل الصورة المشوهة التي تولدت ف يأوروبا عن الإسلام. وعلى الرغم من الجهد العلمي الذي بذل في هذا السبيل فإن آثار هذا الموقف المجافي للحقيقة التي أحدثتها كتابات القرون المتوسطة في أوروبا لا تزال قائمة ، فالبحوث والدراسات الموضوعية لم تقدر بعد على اجتنابها).
        • مكسيم رودنسون: (ولم ير المستشرقون في الشرق إلا ما كانوا يريدون رؤيته، فاهتموا كثيراً بالأشياء الصغيرة والغريبة. ولم يكونوا يريدون أن يتطور الشرق ليبلغ المرحلة التي بلغتها أوروبا).

تعرفوا معنا على: الصورة الذهنية Mental image or image..وتستعمل بحقولا معرفية عدة وفروعا علمية مختلفة

الصورة الذهنية (بالإنجليزية: Mental image or image)‏ يشمل استعمال مفهوم الصورة الذهنية image حقولا معرفية عدة وفروعا علمية مختلفة. وقد شاع استعماله في البحث الاجتماعي المعاصر بوضوح في الدراسات الاتصالية والإعلامية عموما، فضلا عن وفرة استعماله في مجالات الفلسفة وعلم النفس وعلم النفس الاجتماعي وغيرها من الحقول المعرفية.
ولقد اتخذ مفهوم الصورة الذهنية الصدارة في الدراسات الاتصالية المتعلقة بالعلاقات العامة، وكان له اثر مهم فيها، وله سمات معينة ارتبطت بطبيعة هذا الحقل المعرفي الاتصالي واستعمالاته العملية.[1]
والصورة هي عملية معرفية نسبية ذات أصول ثقافية، تقوم على إدراك الأفراد الانتقالي المباشر وغير المباشر، لخصائص وسمات موضوع ما (مؤسسة، شركة، فرد، جماعة أو مجتمع) وتكوين اتجاهات عاطفية نحوه (إيجابية أو سلبية) وما ينتج عن ذلك من توجهات سلوكية (ظاهرة – باطنة) في إطار مجتمع معين، وقد تأخذ هذه المدركات والاتجاهات شكلا ثابتا أو غير ثابت، دقیقا أو غير دقيق.[2]
ويتكون مصطلح الصورة الذهنية من كلمتين هما الصورة والذهنية، فالصورة تعني ظاهر الشيء وحقيقته وشكله الذي يتميز بها، أما كلمة الذهنية فهي تشير إلى الذهن أي العقل والفهم، أي فهم الشيء وتصوره. ويعادل مصطلح الصورة الذهنية في اللغة الإنكليزية كلمة Image وهي مشتقة من الكلمة اللاتينية Imago التي تعني Picture.[3] وفي المجمل، الصورة الذهنية هي مجموعة الانطباعات التي تتكون في الأذهان عن قيم معينة سياسية أو شخصية، يساعد على تكوينها ما تبثه وسائل الاتصال الجماهيرية.

*********************************

تاريخ المصطلح:
تشير بعض المصادر الاجنبية إلى أن مصطلح الصورة الذهنية لم يظهر إلى الوجود الا في عام 1908 على يد العالم (جراهام دالاس) والذي اشار في كتابه (الطبيعة البشرية والسياسة) إلى أن الناخبين بحاجة إلى تكوين شيء مبسط ودائم ومنظم عند الثقة في مرشح ما.

وفي مجال العلاقات العامة بدأ استخدام مفهوم الصورة الذهنية image عندما أصبح لمهنة العلاقات العامة تأثير كبير على الحياة الأمريكية مع بداية النصف الثاني من القرن الماضي وقد كان لظهور کتاب (تطوير صورة المنشأة) للكاتب الأمريكي (لي بريستول) في سنة 1960 أثر كبير في نشر مفهوم صورة المنشأة بين رجال الأعمال ومالبث هذا المصطلح ان تزاید استخدامه في المجالات التجارية والاعلامية والمهنية.

***************************

فلسفة مفهوم الصورة الذهنية

إن الصورة الذهنية تسهم في اتخاذ الفرد لقرارته واتجاهاته سواء كان ذلك سلبا أو إيجابا وهي بهذا (إحدى القوى النفسية أو البدنية التي تحدد اتجاهات الفرد وانماط سلوكه وهي قابلة للتغيير لانها عملية ديناميكية تتغير وتتبدل بحسب تطور الواقع الاجتماعي وتغير الأوضاع الاقتصادية والظروف السياسية والثقافية، غير أن ذلك لا يعني بالضرورة فقدانها لصفة الثبات، سيما إذا كان الجمهور يعيش جوا اتصاليا تتوافق فيه الرسائل التي يتلقاها مع الصورة الذهنية التي يحملها ازاء الاشياء وهذا بالضرورة يؤدي إلى ثبات ورسوخ الصور التي تكونت سابقا).

والصورة الذهنية تمثيل منظم لموضوع ما في النظام المعرفي للفرد، وهي بنية تراكمية من السمات التي تميل نحو التجانس، فهي تمثل نموذجا مبسطا لبيئة الفرد وتنشأ من تلقي الفرد رسائل عن طريق الاتصال المباشر وغير المباشر، ويرى بعض الباحثين أن الصورة الذهنية لها ثلاثة أبعاد هي:

  1. بعد معرفي: وهو البعد الذي يدرك عن طريقه الفرد موضوعا معينا يتصل بدولة أو شعب أو مجتمع ما مثل المعرفة بالأسس التاريخية والجغرافية للدولة والمعرفة بالمعلومات المتعلقة بشعبها.
  2. بعد وجداني: ويمثل مشاعر الفرد وانفعالاته نحو دولة أو شعب أو مجتمع ما يمتد من التقبل إلى الرفض ويتدرج في الشدة بين الايجابية والسلبية.
  3. بعد أجرائي: ويتمثل في رغبة الفرد في السفر إلى دولة اجنبية والعيش والعمل فيها أو الزواج من واحدة تعيش فيها، ويعتمد هذا العامل على المسافة الاجتماعية بين الشعوب.

وتبعا لذلك فان الاستخدام العقلي للصورة الذهنية يعني قدرة الفرد على الإدراك والموازنة فيما يمتلكه من تراكمات معرفية وإيجاد المقارنة بينهما تجاه الأشياء للوصول إلى اتخاذ[6] القرارات والحكم عليها، وهي بطبيعة الحال قابلة للتغيير أو الثبات على الرغم مما تتصف به من استباق زماني في معظمها تجاه الأشياء الحالية التي يواجهها الفرد أو ما تتميز به من إضافات للشحنات العاطفية في بعض مكوناتها.
وعلى الرغم من ذلك فان الصورة الذهنية هي أقرب إلى أن تكون ضمن حدود المعرفة والإدراك التي يمتلكها العقل عند إجراء عملية التفكير تجاه الأشياء، فالتفكير باعتباره عملية عقلية يعني لدى البعض كل أوجه النشاط العقلي لكن المختصين يضعون له معنی محدودة يتمثل في ذلك النشاط العقلي الذي يواجه المشكلات بقصد الوصول إلى حل من خلال تكوين جديد للعلاقات من مقدمات معينة، وهذه المقدمات هي الخزين المعرفي المتراكم الذي يملكه الفرد من التجارب أو التعلم تجاه الاشياء أو الاحداث التي تواجهه، وبعملية الانتباه تجاه الأشياء والإدراك لمعانيها ومحتوياتها يتمثل هذا الخزين المعرفي، وليست الصورة الذهنية مجرد كم من المعلومات فقط، ولكن يتم اضفاء هذه المعلومات وتجميعها والاحتفاظ بها على وفق ما يتفق مع البيئة التي يعيش فيها الإنسان ويتكيف معها لان الصورة الذهنية تتألف من مكونات كثيرة من المعلومات والحقائق والمعارف والاتجاهات النفسية والتصورات والانماط الجامدة ويتم اكتسابها عن طريق الخبرة المتراكمة لدى الفرد عبر سنوات حياته.

**************************

أنواع الصورة الذهنية:

وهناك أنواع عديدة للصورة الذهنية يحددها جفكينز الذي يرى أن مفهوم الصورة الذهنية في العلاقات العامة يعني الانطباع الصحيح، وهذه الأنواع هي:

  1. الصورة المرآة: وهي التي ترى المنشأة نفسها عن طريقها.
  2. الصورة الحالية: وهي التي يرى بها الآخرون المؤسسة.
  3. الصورة المرغوبة: وهي التي تود المنشأة أن تكونها لنفسها في أذهان الجماهير.
  4. الصورة المثلى: وهي أمثل صورة يمكن أن تتحقق إذا أخذنا في الاعتبار منافسة المنشآت الأخرى وجهودها في التأثير على الجماهير، ولذلك يمكن أن تسمی بالصورة المتوقعة.[7]
  5. الصورة المتعددة: وتحدث عندما يتعرض الأفراد لممثلين مختلفين للمنشأة يعطي كل منهم انطباعا مختلفا عنها.

ومن الطبيعي أن لا يستمر هذا التعدد طويلا فإما أن يتحول إلى صورة ايجابية أو إلى صورة سلبية أو أن تجمع بين الجانبين صورة موحدة تظلها العناصر الايجابية والسلبية تبعا لشدة تأثير كل منها على هؤلاء الأفراد. وكلما كانت الصورة الذهنية متكاملة وواسعة عن شيء ما كلما كان الإنسان قادر على فهم الشيء وتحديد مفاهيمه ومعطياته المادية أو الحسية، وبالاستناد إلى تلك الصور الذهنية يتخذ الفرد قراراته واتجاهاته أي بمعنى أن تكون دافعا لتأييد سلوكه أو تفكيره تجاه الاشياء سواء كان سلوكا سلبيا أو ايجابيا.

*************************

التعريف والمفهوم”

وردت تعريفات عديدة عن الصورة الذهنية جميعها تؤكد على أن الصورة عادة تتكون من خلال ما يراه أو يسمعه أو من خلال التجربة والتنشئة وبالتالي يتصرف الشخص تجاه الأشخاص أو الأشياء وفقا للتصور الذهني الموجود لديه ومن تلك التعريفات، ورد تعریف کلمة Image في قاموس وبستر الدولي في طبعته الثانية وردت بأنها تشير إلى التقدم العقلي لأي شيء لا يمكن تقديمه للحواس بشكل مباشر، أو هي إحياء أو محاكاة لتجربة حسية، وهي أيضا استرجاع لما اختزنته الذاكرة أو تخيل لما أدركته حواس الرؤية أو السمع أو اللمس أو الشم أو التذوق.
وهناك من يعرفها بأنها تعبير يستخدم لوصف مجموعة المعتقدات التي يحملها الفرد عن شيء معين. ويعرفها جنکینز«بأنها الانطباع الصحيح والحقيقي». الا إنها الانطباع الذي تكون عند الأفراد بغض النظر عن كونه صحيحا أم لا.

**************************

من تعريفات الصورة الذهنية الأخرى:

هي الانطباع الذي يكونه الفرد عن الأشياء، متأثرا بالمعلومات المختزنة عنها وفهمه لها، وبذلك فإن (الصورة الذهنية) هي نتاج تفاعل عناصر المعرفة والإدراك، وهذه الصورة الذهنية للأشياء والموضوعات المحيطة تؤثر مرة أخرى في إدراكنا لها وبالتالي تقويمها تقويما صحيحا، فمن خلال المعلومات الناقصة أو الاعتقادات السلبية عن أحد الموضوعات يتكون إدراك خاطئ يؤثر في تصورنا عن هذا الموضوع، وبالتالي فإن هذه الصورة تؤثر بعد ذلك في التعرض لكل ما يرتبط بهذا الموضوع من معلومات أو معارف أو معتقدات أو اتجاهات، وتظل هذه الصورة غير الصحيحة موجودة إلى أن يتم تصحيحها من خلال استكمال المعلومات أو تعديل الاعتقادات وتصحيح إدراك موضوع الصورة، ومنها تظهر دائرية العلاقة بين المعرفة والإدراك، والصورة الذهنية التي تؤثر في تعرض الفرد أو إدراكه للموضوعات المحيطة به.[10][11]
ويعرفها قاموس «لونجمان» Long man: «هي الصورة التي تتكون في الذهن وهي الرأي الذي يكونه الآخرون عن الفرد أو الشيء بشكل مقصود».[12]
ويشير المعجم الوجيز إلى أن (تصور) تعنى «تكونت له صورة وشكلا»، و (تصور الشيء): «تخيله واستحضر صورته في ذهنه»، و (صورة المسألة أو الأمر): «صفتها» و (صورة الشيء) تعني: «ماهيته المجردة وخياله في الذهن أو العقل».

تعريف “Beach”:
يرى أن الصورة الذهنية هي «مجموعة من المعارف والمعلومات المتراكمة والمنظمة التي يشكلها الفرد عن نفسه وعن العالم من حوله، ويدخل ضمن عناصر الصورة مفردات خيالية وتجريدية، ويفترض أن يتم ترتيب وتنظيم المعلومات والمعارف المرتبطة بموضوع الصورة حسب مدركات التعامل معها وانحيازاته».[14]
راجية قنديل:
تأليف وتركيب صناعة للواقع يمثل فيه الخيال قدرا معينا وأن هذا التركيب قد يكون مبسطا أو معقدا، إلا أنه في كلتا الحالتين قد يؤدي الي التشويه، ومن ثم الابتعاد عن الحقيقة والاختلاف عن الواقع، ووجد بعض الباحثين أن الصورة هي التفسير المفترض للحقيقة، وأن الخبرات السابقة تلعب دورا كبيرا في عملية تكوين الصورة لمن يكون الصورة ويحملها ويحتفظ بها إلى الحد الذي يجعل منها شاشة ذهنية، تعرض نتيجة تفاعل كل ما يحتفظ به العقل من معارف ومعلومات وخبرات واتجاهات مكتسبة من مختلف مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وعلى رأسها وسائل الاعلام وبأنها أيضا تفسير مفترض للحقيقة، وما نعتقد أننا نعرفه عن صاحبها سواء كان دولة أو شخص أو ثقافة ما ولذلك فهي معرفة ذاتية وليست موضوعي.[15]
نشوي الشلقانی:
انطباع ذهني لدى فرد أو جماعة نحو فرد آخر أو جماعة أخرى أو نظام آخر أو توجه سياسي أو قومي آخر، ويتكون من خلال تجارب الأفراد الشخصية وتجارب الآخرين والتعرض لوسائل الاتصال الجماهيرية.

خصائص الصورة الذهنية:

تتميز الصورة الذهنية بمجموعة من السمات والخصائص يمكن توضيحها على النحو التالي:[17]

  1. ذات طبيعة بشرية: تتصف الصورة بالقدم والشمولية، فهي قديمة قدم الوعي البشري ذاته، كما أنها شاملة، بمعنى أن كل البشر يكونون صورا ذهنية وتتكون باتجاههم الصور أيضا، وهذه العملية عملية توافقية لا ترتبط بأشخاص معينين، أو بزمان معين بل هي وظيفة بشرية عامة، أو جزء من الطابع البشري.
  2. تجاوز حدود الزمان والمكان: تتميز الصورة الذهنية بخاصية تجاوز حدود الزمان والمكان بشكل كبير، فالإنسان لا يتقيد بالحدود بل يتخطاها ليكون صورة ذهنية عن بلده، ثم قارته، ثم العالم الذي يعيش فيه، كما أن الإنسان يكون دائما على اتصال بكل ما حدث في الماضي، ومن ثم يدخل هذا الماضي في نطاق الصورة الذهنية، بالإضافة إلى ذلك فإن الإنسان يستطيع أن يكون صورا عن المستقبل، وبالتالي يمكن القول إن الصورة لها جذور في الماضي، وامتداد في المستقبل.
  3. الجزئية: وهي تعني أن الصورة تعبر عن جزء من الحقيقة لا عن الحقيقة بأكملها، ويظهر ذلك بوضوح حين يسعى الفرد إلى تكوين صورة ذهنية عن حدث ما، فإنه عادة ما يقوم باختصار أجزاء من هذا الحدث وحذف أجزاء أخرى منه، وإعادة تنظيم وتفسير جوانب ثالثة وتنطوي هذه الخاصية على عدة مخاطر هي: – صعوبة أن يعبر الجزء عن الكل بموضوعية وصدق. – واحتمال التحيز. – وأن الإنسان يقفز عادة إلى الاستنتاجات لعدم توافر المعلومات الكافية، مما قد يعرض الصورة إلى التشويه والخطأ.
  4. التراكم والتجانس: الإنسان وهو ينمو يطور تصورا منظما للعالم، والأمر المهم في هذا التصور هو أن كل جزء يعمل في نطاق الكل ليخلق بناء له معنى، فنحن نستطيع أن تحدد أوضاعنا في ما يتعلق بالزمان والمكان وفي علاقاتنا بالآخرين، حينما نربط أجزاء التصور المختلفة تلك بالتصور الأصلي الذي كوناه، فمدركاتنا عن أنفسنا وعن الآخرين وعن العالم متصلة، بحيث إن تجربة الحياة كلها تلتئم عند كل فرد، فكل تجربة جديدة تجد مكانها في التصور الذي نكونه عن العالم، وكل رسالة جديدة أيضا تحتل مكانها المخصص لها، بحيث تدعم التجربة السابقة وتؤيد التصور الأساسي الذي كوناه، ويحدث ذلك مع أي تجربة جديدة، حيث يتم استقبالها وتفسيرها بأنها تضيف إلى التصور الحالي معلومات جديدة أو تدعم التصور الحالي أو تحدث مراجعات طفيفة على هذا التصور أو ينتج عنها إعادة بناء كامل للتصور.
  5. الذاتية أو الانحياز: يرجع البعض اختلاف الصورة الذهنية عن الحقيقة والواقع إلى أن عملية تكوين الصورة هي عملية ذاتية غير موضوعية، وبها قدر كبير من عدم الحياد، بدليل الميل الطبيعي إلى إضفاء المعالم الطيبة على صورة الذات “Image Self” وإضفاء المعالم السلبية إلى صورة الخصم، فالصورة هي التفسير المفترض للحقيقة وما نعتقد نحن أنه الواقع.
  6. ولهذا فهي تمثل دائما واقعا صادقا لأصحابها بغض النظر عن كونها صحيحة أو خاطئة، بل إن إنتاج الصورة أحيانا ما يقفز فوق شرط توافر المعلومات، والحقائق التي يفترض أن تستخدم في إنتاجها، وهو ما يعني بالتبعية أن الفرد منتج الصورة أحيانا ما يستكمل عملية بناء الصورة تحت ضغط التفضيلات، والانحيازات الأيديولوجية الخاصة به، بغض النظر عن كم المعلومات والشواهد والحقائق المتعلقة بموضوع الصورة وكيفها.
  7. التلوين: ويعني أن الرسالة الإعلامية تتعرض من خلال وسائل الاتصال المختلفة إلى منافسة العديد من الرسائل الإعلامية الأخرى، وتتأثر المعاني التي تتضمنها الرسالة بالمعاني التي تحملها الرسائل الأخرى نتيجة لهذه المنافسة، وبالتالي تتغير معالم الصورة المنقولة إلى حد ما، فتضاف إليها بعض المعاني التي لم تكن تحملها، وتفقد أخرى كانت تتضمنها.
  8. ******************************
  9. ويرى (ناهض فاضل زيدان):
    أن خصائص الصورة الذهنية يمكن أن نوجزها في عدة نقاط، وهي أنَّ
    :

    • الصورة الذهنية عملية حركية متفاعلة تمر بعدة مراحل تتأثر ببعضها، كما أنها متغيرة حسب الظروف.
    • إن سمات الصورة الذهنية متغيرة أي أن بعضها قد يكون ثابتا والبعض الأخر متغير، كما أن العوامل المؤدية إلى تكوينها من مدركات واتجاهات ووسائل قد تكون دقيقة أو غير دقيقة وان دقة الصورة الذهنية تتوقف على دقة تلك العوامل.
    • للصورة الذهنية ثلاث مكونات معرفية وعاطفية وسلوكية، إذ يمر المكون الأول بمراحل العمليات المعرفية ويخضع لنفس العوامل التي تخضع لها تلك العمليات، أما المكون الثاني فيعني أن الصورة الذهنية عملية نفسية تدخل العواطف في تشكيلها وهذا يعني أن لها أبعاد عاطفية إلى جانب أبعادها المعرفية، أما المكون الثالث فيتضمن السلوكيات المباشرة مثل الموقف المسبق ضد جماعة أو فكرة ما، وان هذه المكونات لا تنفصل عن بعضها بل تتظافر جميعها لتكوين الصورة الذهنية بشكلها النهائي.
    • إن الصور الذهنية تتأثر بالبيئة المحيطة التي يعيش فيها الفرد الحامل لتلك الصور.
    • تتسم الصورة الذهنية بتخطيها لحدود الزمان والمكان ولا سيما مع تنامي دور وسائل الإعلام في ذلك، فالفرد لم يعد في تكوينه لصوره الذهنية مرتبطا بالمكان الذي يعيش فيه بل صار یکون صورا للعالم بأكمله بل يتخطاها ليكون صورة عن الكون بأسره، وعلى مستوى الزمان، فالإنسان یکون صورة ذهنية عن الماضي والمستقبل فضلا عن الزمان الذي يعيش فيه.
    • ويمكن للصورة الذهنية أن تتحول – إذا تم التركيز عليها ولفترات طويلة – إلى صورة مترسخة ومنطبعة في أذهان حامليها لا تقبل التغيير أو التعديل بسهولة ولا تتميز بالمرونة وقابلية التطور التي تتميز بها الصورة الذهنية الاعتيادية وهذه الصورة المنطبعة هي التي يطلق عليها الصورة النمطية.
    • وظائف الصورة الذهنية: 
    • تؤدي الصورة الذهنية مجموعة من الوظائف بالنسبة إلى الإنسان كالتالي:
      1. الاقتصاد في المجهود: ويعني ذلك توفير الوقت والجهد اللازمين لفهم وتفسير حدث ما، أو شيء يعتبره الإنسان جديدا، فالصورة تساعد الأفراد على تفسير الأحداث الجديدة في ضوء خبراتهم القديمة، وصورهم المعهودة.
      2. تقليل عدد المنبهات المحيطة بالفرد: وهذه الوظيفة مترتبة على الوظيفة السابقة، إذ إن الفرد عادة ما يقوم بدمج الأشياء الجديدة في الفئات القديمة وإعطاء المعنى ذاته الذي تأخذه هذه الفئات، وتقليل عدد المنبهات المحيطة بالفرد يؤدي إلى سهولة إدراكه لهذه المنبهات وإلى زيادة قدرته على فهمها واستيعابها.
      3. تقليل نطاق المجهول: إن التصور الذهني يضيق من نطاق الجهل بالآخرين – أشخاصا وأشياء – نتيجة لما يقدمه التصور الذهني من معرفة يمكن أن تكون عليها صور الآخرين خلال التعامل معهم، ومن خلال تضييق نطاق الجهل يستطيع الإنسان أن يبلغ أبعادا لم يكن بوسعه بلوغها من خلال حواسه.
      4. تبسيط الواقع: فالعقل البشري لا يمكنه الاحتفاظ بكل التفاصيل المتشابكة والمعقدة، ومن ثم لا يجد بديلا إلا القيام بعملية التبسيط والإيجاز، حتى يمكنه تکوین صورة لشيء معين، وعلى هذا يمكن القول بأن عملية تكوين الصورة تقوم على التضحية بالتفاصيل، وعدم الاحتفاظ بالنسب الحقيقية وذلك من أجل خلق الصورة البسيطة التي يسهل فهمها وتذكرها.
      5. تحقيق التوافق والتكف: يستخدم الفرد الصورة كوسيلة لتحقيق التوافق بينه وبين البيئة التي يعيش فيها، ويتكيف بها مع ظروف الحياة التي أصبحت بالفعل أكثر تعقيدا من ذي قبل، فالصورة الإيجابية ذات الطابع الثابت، والتي تميل إلى تبسيط الأحداث تزيد من شعور الفرد بالأمن والاستقرار، بل إن الصورة قد تستخدم كآلية للدفاع عن الذات “Sort of Defense Mechanism”، حيث تتيح للفرد أن يبرر أو بمنطق كثيرا من أفعاله واتجاهاتها.
      6. توجيه سلوك الفرد: تقوم الصورة الذهنية بدور مهم في تكوين الآراء وتشكيل الاتجاهات وتوجيه السلوك، ويؤكد بولدنج أن الكيفية التي يتصرف بها الإنسان تعتمد على الصورة، وأن أي تغيير يصيبها يستتبع بالضرورة تغيرا في السلوك، ولذلك يرى أن طبيعة هذه الصورة وكيفية تشكيلها والتغيير الذي يطرأ عليها يعتبر من الأمور المهمة التي يجب أن يهتم بها هؤلاء الذين مهمتهم التأثير في الرأي العام أو قياس اتجاهات الجماهير. فالصورة تسهم بشكل مباشر في القرارات التي يتخذها الناس تجاه الأحداث والأشياء، كما تؤثر في اتجاهات الناس وعلاقات بعضهم ببعض.
      7. **************************
      8. وللصورة الذهنية العديد من الوظائف في شتى مجالات الحياة أهمها:

        1. تحقق الصورة الذهنية للفرد أكبر قدر من التكيف مع ظروف الحياة من خلال دورها في اختصار جهد الفرد بما تقدمه له من اطر جاهزة تكفل له التعامل مع الآخر بل التنبؤ بسلوكه دون إمعان النظر في خصائصه الفردية.
        2. إن التصور الذهني يضيق نطاق الجهل بالآخرين من خلال استعانة الأفراد بالنتائج التي يقدمها التصور الذهني للتعرف على ما يمكن أن تكون عليه صور الآخرين خلال التعامل معهم.
        3. تؤدي عملية تكوين الصورة الذهنية إلى تحويل العالم إلى عالم أسهل وأكثر تنظيما من خلال استخدام الجوانب السيكولوجية التي تنطوي عليها عمليات التعلم داخل الإنسان.
        4. تسهم الصورة الذهنية في تفسير مواقف الفرد وأرائه وأنماط سلوكه في الحياة الاجتماعية وتفسر أساسا فلسفته في الحياة وذلك لارتباطها بقيمه ومعتقداته وثقافته.
        5. للصور الذهنية دور كبير في تكوين الرأي العام ذلك لأنها اللبنات الأولى التي يتكون منها الرأي باعتبار تأثيرها في أراء الناس ومواقفهم.
        6. تختصر الصورة الذهنية الجهد والوقت على الفرد وتقدم له تصورا عن العالم الذي يحيا فيه.
        7. تسهم الصور الذهنية في التنبؤ بالسلوك والتصرفات المستقبلية للجمهور تجاه المواقف والقضايا والأزمات المختلفة، فالصورة الذهنية المنطبعة لدى الأفراد باعتبارها انطباعات واتجاهات لدى الأفراد عن الموضوعات والقضايا والأشخاص يمكن أن تنبئ بالسلوكيات التي قد تصدر عن الجماهير مستقبلا.
        8. ********************
        9. العوامل المؤثرة في تكوين الصورة الذهنية:

          تسهم في تكوين الصورة الذهنية عوامل متعددة، وتأتي في مقدمتها وسائل الإعلام التي تؤدي دورا فعالا ورئيسا في تكوين الصور الذهنية. ويمكن اختصار هذه العوامل في النقاط التالية:

          1. وسائل الإعلام: تكاد تجمع الدراسات الإعلامية على كون وسائل الإعلام أحد العوامل المهمة في تشكيل الصور الذهنية، وذلك من خلال ما تقدمه من معلومات وبيانات عن الأحداث والأشخاص والدول والشعوب، بل قد لا نكون مبالغين إذا قلنا إن وسائل الإعلام تمثل مركز الثقل بين العوامل المؤثرة في تكوين الصور الذهنية. وتساعد وسائل الإعلام الفرد على تكوين تصور للعالم الذي يحيا فيه، ويعتمد عليها – بالإضافة إلى خبراته – في التعرف على الواقع المحيط به. ويرى «شرام» أن «70% من الصور التي يبنيها الإنسان لعالمه مستمدة من وسائل الإعلام الجماهيرية». ويرجع البعض السبب في ذلك إلى: الانتشار الواسع لوسائل الإعلام وامتدادها الأفقي والرأسي، وقدرتها البالغة على الاستقطاب والإبهار، حيث أسهمت تكنولوجيا الاتصال الحديثة في مد واتساع نطاق التغطية، وذلك من خلال قدرتها على نقل الأحداث بصورة سريعة وفورية. استيلاء وسائل الإعلام على أوقات الأفراد ومنافستها الشديدة للمؤسسات الأجتماعية الأخرى في مجال التأثير الجماهيري. إيقاع العصر الحالي الذي يتسم بالسرعة من ناحية، وبعزلة الأفراد بعضهم عن بعض من ناحية أخرى، مما يجعل من وسائل الإعلام مصدرا للشعور بالمشاركة وعدم العزلة. وتتم عملية توجه الصور – وبخاصة في دول العالم الثالث – من خلال قيام وسائل الإعلام بوظيفة حارس البوابة “Gate Keeper” وترتيب الأولويات “Agenda Setting” وذلك عن طريق اختيارها موضوع الصورة ثم أي الأجزاء يتم إبرازها، وأي الأجزاء يتم التغاضي عنها، أو عن طريق المبالغة في بعض الأجزاء وإغفال الأجزاء الأخرى.
          2. الاتصال الشخصي أو المباشر: للاتصال الشخصي دور كبير في تصور الواقع المحيط فحياتنا اليومية تزخر بالعديد من الأحداث والأخبار التي يمكن ملاحظتها بشكل مباشر، وفي ضوء ذلك يسهل إدراك الواقع وتصوره نتيجة للخبرة المباشرة، والاحتكاك المباشر وكنتيجة لملاحظتنا للأحداث التي نمر بها بطريقة مباشرة وهناك بعض المعوقات التي تؤثر في الاتصال المباشر، وتمنعه من القيام بدوره في التأثير على الصور الذهنية وتكوينها، فقد يسهم اختلاف الثقافات واللغات بين المتصلين، وسوء تفسير الرسالة الإعلامية من قبل المستقبل، والخبرات السابقة، وعمليات التشويش التي قد يتعرض لها الفرد في إعاقة الاتصال الشخصي المؤثر في تكوين الصور الذهنية.[21]
          3. الجماعات المرجعية: تؤثر الجماعات المرجعية بشكل كبير في تكوين الصور الذهنية، لتوافر مميزات الاتصال المباشر والمتكرر، وقلة العدد التي تسمح بتبادل الآراء والتعمق فيها.[22] ويكمن تأثير الجماعات المرجعية في تصورات وسلوكيات أفرادها في درجة الانصياع، أو الخضوع لمعاييرها، أو الضغوط التي تصدر عنها، وكلما كان الخضوع والانصياع كبيرا أدى ذلك إلى توحيد سلوك الأفراد وتصوراتهم. وعلى الرغم مما سبق تساعد الجماعات المرجعية في تدعيم الصور السابقة أكثر مما تساعد في تغييرها، خصوصا حينما يحرص الفرد على انتمائه إلى الجماعة ويظهر ولاءه لها.[23]
          4. الخبرات السابقة: تؤدي الخبرات السابقة للفرد الذي يكون الصورة الذهنية، ويحملها ويحتفظ بها دورا كبيرا في عملية تكوين هذه الصورة إلى الحد الذي يجعل الصورة بمثابة شاشة ذهنية “Mental Screen”، تقوم بالعرض نتيجة تفاعل كل ما يحتفظ به عقل الإنسان من معارف وخبرات واتجاهات وقيم وأفكار جمعها من التعلم والدراسة والبيئة والقراءة والثقافة وغيرها[24]، ولعل الخبرات السابقة تدخل كسبب من أسباب عدم مطابقة الصورة الذهنية للواقع وذلك عن طريق عملها كمرشح تمر من خلاله المعلومات المكونة للصورة، وذلك لا يعد عيبا في الصورة ذاتها بقدر ما يعد عيبا فينا نحن الذين نكون الصورة، حيث نسمح لخبراتنا السابقة بالتدخل في تكوينها، وسرعان ما ننسى الحقائق المجردة، ونتعامل مع الصورة على أنها الحقيقة ذاتها، وننسى أنها تركيب وتفسير وإيجاز وتقييم قمنا به بأنفسنا عن طريق خبراتنا السابقة.[25]
          5. الإدراك: فالفرد يميل عادة إلى استقبال وإدراك ما يتفق مع ما لديه من صور، ويؤيدها ويدعمها لا العكس فلا يميل إلى إدراك ما يتناقض مع ما يحتفظ به من صور أو ما يسبب عدم الانسجام والتناسق فيها، أو بين بعضها البعض.[26]
          6. المؤثرات البيئية والثقافية: لكل بيئة صورها الذهنية الشائعة والخاصة بها، فالثقافة السائدة والموروثات في المجتمع تمد الإنسان بخلفية للحكم على محتوى الصور الذهنية المتكونة لديه، ومدى توافقها مع الإطار الثقافي في حالة الصور الإيجابية، أو تنافرها في حالة الخصائص غير المتوافقة مع ثقافته وبالتالي تصبح صورة سلبية.[27]
          7. اللغة: اللغة عنصر فعال في تشكيل الصور الذهنية، فهي نظام من المسميات لجوانب الحقيقة، ويتأثر أسلوب تعاملنا مع هذه الحقيقة باللغة التي نستخدمها، والتي تخلق اصطلاحات ثقافية للمعنى ونحن نستخدم هذه المصطلحات لتفسير العالم المحيط.
          8. **************************
          9. إستراتيجية بناء المعنى – الصورة الذهنية:

            وهي تعني إمكانية تعديل سلوك الأفراد من خلال إعطائهم معاني جديدة أو صورا ذهنية في لغة ما، بما تستطيع أن تخلق لديهم صورا أكثر وضوحا، ومن ثم يحدث تعديل أفضل وأقوى في السلوك.[29]

            وتقوم إستراتيجية بناء المعنى على الأسس التالية:

            • رسالة إعلامية مقنعة.
            • تؤدي إلى معان جديدة أو تغيرات في المعاني.
            • المعاني تعطي توجيها للعمل.

            وهذه الاستراتيجية ترتكز على:

            1. النظرية المعرفية في تفسير السلوك، حيث تقوم على أهمية توافر رسالة إعلامية تتسم بقدرتها على التأثير في الفرد والتأثير على طريقة تفكيره.
            2. هذه الرسالة تحقق وصول الفرد إلى معاني جديدة للسلوك المرغوب فيها.
            3. هذه المعاني تكون ذات قوة مؤثرة على الفرد تقوم بتوجيهه نحو العمل والسلوك النهائي المرغوب القيام به.[30]

            مثال: عند تقديم رسالة إعلامية (فيلم سينمائي) عن حياة الصحفيين وطبيعة عملهم، وبتقديم صورة جذابة ومبهرة عن حياتهم المثيرة والشيقة بالإضافة إلى الشهرة والسلطة وتعدد العلاقات الاجتماعية والنسائية – كما أظهرتها بعض الأفلام – وذلك مع تقديم واستخدام اللغة المناسبة والشكل المبهر لهذه الصورة، فإن ذلك يخلق لدى المتلقي صورة أو معنى جديدا نحو هذه الشخصيات، ويخلق في نفس المتلقي أمنية أن يحيا مثل هذه الشخصيات.
            وبالطبع قد يحدث هذا بشكل غير مقصود من العاملين أو القائمين على صناعة الأفلام إلا أن ذلك يوضح كيفية تأثير هذه الأعمال السينمائية على الجمهور ومما سبق يمكن أن يتضح لنا كيفية قناعة المتلقي بالصورة المطروحة عليه.
            والإقناع هو: أي رسالة تهدف إلى تشكيل وتدعيم أو تغيير استجابات الآخرين نحو مضمون الرسالة، وتنطوي هذه الاستجابات على المعتقدات والسلوكيات والإدراكات والمشاعر المختلفة للأفراد.
            والقناعة بما يقدم في الوسائل الإعلامية يعد خطوة أولى نحو تبني ما يتم تقديمه أو الاعتقاد فيه، وبما أن السينما كإحدى وسائل الإعلام التي لها دور في التنشئة الاجتماعية لأفراد المجتمع، فإنها تسهم في ترسيخ صور لفئات اجتماعية مختلفة (الصحفيين على سبيل المثال) في أذهان الجمهور.

            وهناك نوعان من الاستمالات بغرض الإقناع:

            1. استمالات عاطفية ” Emotional Appeals”.
            2. استمالات منطقية “logical Appeals”.

            ولا توجد قواعد أو أسس ثابتة يتم على أساسها التفضيل بين هذين النوعين، حيث إن الأبحاث أشارت إلى تمیز استخدام الاستمالات المنطقية في حالات معينة العلاقة.

          10. *******************************
          11. الصورة الإعلامية والصورة الذهنية:

            الصورة الإعلامية:
            تهتم برصد صورة قضية أو حدث أو جماعة أو مؤسسة من خلال ما يقدم في وسيلة من وسائل الإعلام (إذاعة صحافة، تليفزيون). أما الصورة الذهنية فينحصر اهتمامها في رصد صورة الأشياء لدى الجمهور، أي أن الصورة الإعلامية هي الأساس لبناء الصورة الذهنية لدى الجمهور.[31]
            الصورة الذهنية هي مجموعة الانطباعات التي تتكون في الأذهان عن قيم معينة سياسية أو شخصية، يساعد على تكوينها ما تبثه وسائل الاتصال الجماهيرية، أما الصورة الإعلامية فهي الصورة التي تقدمها وسائل الإعلام أو الإعلاميون حول دولة ما أو شعب ما أو قضية ما في إطار مجتمع معين بكل ما يتضمنه من أنظمة ومؤسسات تؤثر على عمل وسائل الإعلام.

تعالوا نتذكر ما كتبه الناقد العراقي: د.خليل الطيار..”الخط نقطة تتنزه”.. تخطيطات : خالد خضير ..نموذجا

مقالي المنشور في الصفحة الثقافية لجريدة طريق الشعب عن تخطيطات الفنان والناقد التشكيلي خالد خضير الصالحي … شكرا لكادر الصحيفة وللاخ الاستاذ حسب الله حسب الله يحيى

“الخط نقطة تتنزه”
تخطيطات خالد خضير نموذجا

• خليل الطيار

نزهة النقاط
“الخط نقطة تتنزه” هذا ما يصفه المنظر “بول كيلي” في كتابه الثمين والثري في فلسفته “نظرية التشكيل”، وربما يعد هذا التوصيف الدقيق مفتاحا لتعقب حركة تنزه نقاط الخطوط في أعمال “خالد خضير” النادرة التشكل، فهي تنطلق من نقطة ابتداء تأخذ طريقها لتتنزه في معمارية خطوطه البعيدة المدى … لكن “خالد خضير” لا يرغب لهذه النزهة، أن تكون استجماما عفويا وعابرا، بل يفرض على نزهة نقطته الأولى أن تحدد معيار رحلتها، ويرسم مواطن توقفاتها المؤقتة لتسهم بإظهار عوالم مخبئة في إدراج ذاكرتنا، ويترك لنقاطه وظيفة بيان حروف معانيها المكتشفة، فهي محطات وعوالم استذكار لأحاسيس مضمرة في دواخلنا، وتخرج من خزين ثقافي ومعرفي معمق عند “خالد خضير” وتظهر مجتمعة أحيانا دفعة واحدة كمكابدات قلقة، تجد في لوحاته مستقرا لتعلن عن نفسها بمفردات رمزية متعددة في دلالتها. وتفرض أثرها بقوة في مضمار تخطيطاته المحررة من قسرية الإطار. فهي نقاط ارتحال لخطوط لا تقبل التوقف عند حدود نزهتها المتناهية داخل مساحة مقيدة، بل تنظر لتستريح معبرة عن بداية مضمون مؤجل الاكتمال، لتعاود رحلتها في تخطيط آخر، سنجد فيه استكمالا لآثار ما تركته من انطباعات وعوالم، ظهرت شاخصة بقوة في لوحاته السابقة والمتعاقبة والأسرة.
إذ لا يمكن معرفة مدى حدود النقطة في لوحات “خالد خضير”، إلا بمشاهدة كل جغرافية تخطيطاته، ومحاولة الوصول إلى المنتهى فيها. وبالكاد ستتوقف تشكلاتها، فهو يبقي نقاط ذاكرته تتنزه مسترخية بحرفية عالية، لتدلل على اتجاهات رحلتها الممتدة إلى ما لا نهاية لتدخل أزمنة حاضر تلقيها، بعد أن تأسست بأزمنة أحلام ماضية، لا يمكن القبض عليها بنقطة واحدة. لذلك يمنحها حرية رسم خطوطها الحاضرة لتتعرف على عوالمها بهدوء وتعرفنا بها في ذات الوقت.
الانعتاق من ربقة التأطير
منذ أن جَرَّ “خالد خضير” أول خط على نطوع رسومياته ووضع نقطها، كان يدرك أن “تأطير اللوحة” سيقيض حدود البوح فيها، ويعجزها عن احتواء فكرته، فحررها منه. هذا التحرر من حدود الإطار، ترك له مساحة مفتوحة، غير مقيدة بربقة التوازنات الفنية المشروطة، فهو لا يرسم داخل مساحة، وإنما يتجول في عوالم. لذا لا نجد في لوحته مكانا محسوسا أو ملموسا بل نعثر فيها على أفكار متعددة! فهي لوحات مفتوحة الأفق تستوعب علامات “سيميائية” تنقط له ما يريد تكثيف التعبير عن دلالاتها. فهي مسرودات نقطية لا تقبل التكيف مع الكم ولا تقبل تحديدها بسرد مكتوب ينتهي معناه عند نقطة رأس السطر!
تنقيط خزين الذاكرة
متون تخطيطات “خالد خضير” تحتوي على مكنونات متشعبة يستعيض لسردها، بالرمز، والاستعارة، والتماثل، والتشابه. وسرعان ما تنبعث فيها العديد من موروثات ثقافته المكتنزة في مدياتها، ما تنفك ترمي بضلالها بقوة في لوحته فنجد له تماثلا لرقعة الشطرنج التي يجيد رسم استراتيجية تنقلاتها مستفيدا من تشكلات مربعاتها الميدانية. كما نجد في لوحته آثارا من النقوش والمنمنمات الإسلامية والآثارية، كما في توظيفه لرسمة السعفة السومرية، يماثل فيها ما يتفلت من تشبع مخيلة بيئته المحلية، حيث تشكل سعفات “نخيل البصرة” إرثا في ذاكرة لوحاته التخطيطية. كما تترك موروثات قصص “كليلة ودمنة” و “ألف ليلة وليلة” تأثيرها عنده، كما يستفرغ صياح ديكة “شهريار” المخلصة من قهرية العذابات والموت المحتوم! وطالما بقيت علامة الرأس المقطوعة، في تشكلاتها الحسينية المفجعة، تحملها قواعد تخطيطاته دائما، والتي يحاول أن يترك فيها أثرا لخياطة أوجاع جسده النازف.
لو تتبعنا مسار خطوطه وتنقيطاته، سنجد أن رسوميات “خالد خضير” تعتمد طريقة السبك المتداخل والمترابط، رغم تزاحم الخطوط والنقاط في نقوشاتها. فهو يعتمد طريقة الحائك الماهر الذي يجيد فن وضع “العقدة” الأولى لسجادته وهو يدرك مسبقا مكان إنهاء عقدتها الأخيرة مهما طال مداها.
ثراء النقد بالتطبيق
يبذل “خالد خضير” جهدا لتكون رسوماته ممثلة عن مستوى وعييه التنظيري، فهو ناقد حاذق ترك إرثا نقديا متفردا، عزز من رصيد النقد التشكيلي المتخصص، ويعد من أعمدته الفاعلة في ملاحقة مستوى منتج التشكيل العراقي، يواكب أفقه، وتحولاته، ويرصد مفاهيمه الفنية، ويتابع بحرص نتاج الرسامين الرواد ومجايليهم، ويرصد بوعي تطور أفق اللوحة الحديثة على أيدي الرسامين المعاصرين، ويترك لها قراءات معرفية معمقة.
هذه الثقافة المعرفية المتخصصة أجبرت “خالد خضير” على ان لا تظهر رسوماته المبكرة في حالة ابتدائية سائبة من حدود التصنيفات الأسلوبية. ولا تتوقف عند مضمار التخطيط، بل ترك فيها أثرا جماليا لتتلمس مساحة اللوحة التشكيلة الحديثة وتختار نفسا “سيميولوجيا” كمرتكز لسردياتها. فهي أعمال تضطرك إلى الحفر في أخاديدها إلى ما لا نهاية ولا يمكن حصرها بعنوان محدد. فهي أقرب إلى المتون المفتوحة التأويل، منها إلى حالة العنونة المحددة.
إن لوحات “خالد خضير” التخطيطية، تمتلك كل مقومات معاييرها الجمالية، لأنها تتأسس على إرث معرفي غزير، فهو لا يترك فيها أثرا لثغرة، شكلا ومضمونا، لأنه الناقد الأول لمضمار لوحاته. ناهيك عن أن أعماله تعد مصفوفة شطرنجية، امتلك خبرة عريقة في رقعتها لاعبا ومدربا، لكنه استبدل في رسوماته البيدق بقلم التخطيط، ليتلاعب من خلاله بنقلات مصفوفاته البَصًرية، ليعطي بحكمة قرار كش ملك لأحكام قبضة سرديتها ؛ فتخرج لوحاته التخطيطية من يد لاعب مهاري يجيد فن صناعة نجاحها مسبقا. وهو ما يثير استغراب جمهور التشكيليين عن أسباب عدم تطوير “خالد خضير” هذه البدايات المدهشة لاشتغالاته التخطيطية، المثيرة في مفاهيميتها، والفريدة في اسلوبيتها؟ وقد لا تبرر انشغالاته التنظيرية، واهتماماته النقدية لتضييع فرصة الحصول على فنان تشكيلي مثري، أفصحت بداياته عن مستقبل لمشروع فنان تشكيلي كبير.

http://www.iraqicp.com

اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1695179087868.jpg 
مشاهدات:	0 
الحجم:	110.7 كيلوبايت 
الهوية:	161072 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1695179094473.jpg 
مشاهدات:	0 
الحجم:	120.8 كيلوبايت 
الهوية:	161073 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1695179102684.jpg 
مشاهدات:	0 
الحجم:	42.4 كيلوبايت 
الهوية:	161074 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1695179110227.jpg 
مشاهدات:	0 
الحجم:	158.4 كيلوبايت 
الهوية:	161075 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1695179116451.jpg 
مشاهدات:	0 
الحجم:	89.6 كيلوبايت 
الهوية:	161076
اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1695179122007.jpg 
مشاهدات:	0 
الحجم:	105.6 كيلوبايت 
الهوية:	161078 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1695179128516.jpg 
مشاهدات:	0 
الحجم:	93.4 كيلوبايت 
الهوية:	161079 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1695179135159.jpg 
مشاهدات:	0 
الحجم:	147.2 كيلوبايت 
الهوية:	161080 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1695179142903.jpg 
مشاهدات:	0 
الحجم:	114.9 كيلوبايت 
الهوية:	161081 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	FB_IMG_1695179142903.jpg 
مشاهدات:	0 
الحجم:	114.9 كيلوبايت 
الهوية:	161082

كتبت الناقدة التونسية:هندة العكرمي..عن الشاعر : عصمت شاهين دوسكي..الذي أنصف المرأة.


عصمت الدوسكي ينصف المرأة

* كل ما لحق بالمرأة إنما هو حكم الغالب على المغلوب

بقلم : هندة العكرمي – تونس

تمتلك المرأة في شعر عصمت الدوسكي قدرة خاصة على جعل قيمتها كبيرة مقبولة مؤثرة تستمد فاعليتها من عظمة المادة الشعرية أم الروائية .ولا غرابة في ذلك فالشاعر يستطيع من خلال عرضه لواقع التجربة الإنسانية لدى المرأة أن يقف على طبيعتها ككائن بشري وكيفية إدراكها لغاياتها ودوافعها ،ستبرز في جل قصائده هي المركزة للأمة وللطبيعة الإنسانية برمتها . وبالرغم أن الشاعر ليس مطالبا أبدا بتصوير جميع مشاغل عصره وإنما يكفيه الإلماع إلى نماذج من هذه القضايا الاجتماعية كانت أو الفكرية موظفا المرأة وجمالها واهتماماتها فيتتبعها ويستخرجها في خضم الجزئيات العديدة فتوصف تلك الجزئيات باهتمام في الطبيعة ويربطها بالوضع الاجتماعي في مرحلة ثانية فتجده تارة يلتمس لها الأعذار حينما لا تكون كما اعتدنا أن تكون فربما يراها الشاعر في غير عالمنا وربما صدره يحتوي على ما لا يستطيع البوح به لهذا نجده في قصيدة ” الإدمان ” يقول :

( كم من حبيب عاش مغتربا

في غربته يرسم حلم عاق

فلا العاشق يهمد من لوعته

ولا الناس للعشاق عشاق ) .

تصاعد في غضب عصمت شاهين دوسكي وتمرده في محاورته لذاته فانطلق مما وجداني ذاتي ( عاش مغتربا ) ويقصد نفسه ،إلى موقف رافض للحياة وللمعهود ( ولا الناس للعشاق .. عشاق ) هنا محاورة الشاعر لذاته تكشف عن عالم الشخصية وتحليل وقعها في نسيج الوقائع التي يراها ورؤيته تأخذ مدارات واسعة ومضامين تحتاج إلى حلول والنظر بشكل أوسع ولا أدل على ذلك من قوله في قصيدته ” حضارة القشور ”

(ما لك واهنة والدمع في عينيك

وعلى خديك بثور ؟

ما بك مكسورة الظهر

كالحدباء يمرون بك على القبور ؟

كنا نربي الأجيال على الوفاء

يبنون دار ودور ) .

هنا تواترت صيغ الاستفهام لتبدو المقصودة ذات متضخمة مريضة فالظاهري هي الحضارة وفي الباطني المرأة أساس الأمة فيبرزها شخصية عادية الذكاء ولكنها عبقرية مضطهدة ليخلص إلى أن المرأة ضحية لمؤامرة طرفاها سوء الحظ وفساد النفوس في مجتمع يدعي الإلوهية والإسلام فجعل منها شخصية مريضة تشعر بالقهر والعذاب اصدم رأسها بجدار مسدود لعل هذا الجدار يشرخ ويدخل من خلاله النور وبعد ذلك كله نجد الشاعر ينادي في قصيدته حضارة القشور ..

( أين الصبايا والنساء

رجمن ، صلبن

لُعُنً ،اغتصبن ،

رموا أجسادهن في تنور ؟

لا يتجلى عدل

يغيم الأمل

في ظل قهر مقهور ) .

المرأة هنا تتخطى دلالة الحضور الاجتماعي والوجداني لتكون صورة رمزا للحياة تطمع الإنسان ولا تمنحه ما يريد لأن الشاعر أدخلها إلى هوس العاطفة المتأججة دون أن ينزلق بها إلى الميوعة أو أن يجانب الصدق ” لا يكذب في شأنها ” وهذا في حد ذاته إعلاء من شأنها وكرامتها لأن الشاعر في فطرته وعاداته ومنشأه معترف بفضل ” المرأة ” واعتبر فضلها وشرفها موقوف على اقتناع البشر بالتميز بين الجيد والرديء وبين الصائب والخاطئ والنظر في الأول والآخر على أن لكل أمة فضائل ورذائل ولكل قوم محاسن ومساوئ ولكل طائفة من البشر ارتقاء وتقصير فلا لوم على المرأة عند الدوسكي ولا لوم على الدوسكي في إنصاف المرأة فكل ما لحق بالمرأة إنما هو حكم الغالب على المغلوب لذلك بنى الدوسكي في جل قصائده للمرأة عالما خاصا يرتقي البناء فيه بدلا عن الانهيار باحثا لها عن أدوار منصفة قيمة خارج منظومة القيم السائدة ويغلب أن تنتهي نهايات مشوقة لأنه سعى بها لاختراق سلسلة الأنظمة المهيمنة كالأسرة والطبقة والعادات السائدة فلا يتردد الدوسكي في دفعها ليحرر أنثاه فقط .

كتب الناقد العراقي :د. خليل الطيار..الاختزال والتعبير في اللون ..خيمة الصبر..مرئية “لرحيم السيلاوي”مرئيات نادرة التشكل.

المشغل الفوتوغرافي Photographic operator kahlil altayar

الاختزال والتعبير في اللون
خيمة الصبر ..مرئية “لرحيم السيلاوي”
خليل الطيار
كما هو متوقع، يقدم المصور المحترف “رحيم السيلاوي” مرئيات نادرة التشكل، يحاول أن يبتعد فيها عن اللًقطْ التقليدي لوقائع المشهد “العاشورائي”.
فقدم لنا في هذا الموسم مرئية استثنائية، أعتمد فيها لغة الإيجاز البَصًري لمأساة الطف الخالدة. أستند فيها على قاعدة التدليل والتعبير اللوني واستثمار مضاداته.
هذا العام اختار بناء مشهد “سرديته” البَصًرية الجديدة ، أمام كتلة دخان أسود كثيف، تعبيرا عن هوية الجناة، وحجم ما ارتكبوه من أفعال مأساوية بشعة وحاقدة، لم يضاهها فعل مشين آخر في التاريخ البشري…
وأظهر قبالها راية بيضاء، بقيت ترفرف بسمو ورفعة منتمية لفسحة ضياء أبيض،شق غيوم الدخان المتصاعد، تدليلا عن انتماء أصحاب الراية إلى رسالة السماء المحمدية.
كما ترك علامة واضحة لمادية لون أخضر اكتساه غطاء الخيمة، تعبيرا عن أصحاب النفوس الزكية من آل بيت النبوة الأطهار.
ورغم احتراقها،لكن”السيلاوي” أصر بزاويته أن يظهر قدر من الكبرياء لخيمته، وهي ترتكز على أعمدتها بقوة، رافضة الانحناء والانكسار.
وراح يتوج قيمة التعبير المختزل في مشهده الدرامي، بإعطاء حيز لظهور قربة ماء “حامي الشريعة” إشارة لهوية وشجاعة المدافعين عنها، وهم يحملونها لإطفاء جمر المأساة المشتعلة في نفوس أصحابها.
خيمة محترقة اختزالت، بَصًريا واقعة مأساة تاريخية عظيمة، تمثلت باستشهاد الإمام الحسين”ع”وآل بيته، وثلة من أصحابه، يصر “المصور “رحيم السيلاوي” أن يقدمها لنا سنويا بمرئيات استثنائية، مدروسة بعناية، تكوينا وتعبيرا.

********************************
كل التفاعلات:
Raheem Alsilawi، وعلاء الاسدي

  • علاء الاسدي
    احسنت دكتور

    تم تحديد “الأكثر ملاءمة”، لذا قد تكون بعض الردود تمت فلترتها.
    خليل الطيار
    علاء الاسدي
    شكرا لك استاذ علاء في الحقيقة هناك اعمال كثيرة بتصورينا المبدعين تستحق ان يكتب عنها ويتابعها النقاد بالرصد والتحليل وصورك من ضمنها بلا شك

  • Raheem Alsilawi
    عظيم د.خليل .. شكرا لماتقدمه ونقدمه الى الله من انفاس طاهره تعج بصوت آل البيت وكانها القيامة .. كل التوفيق لك استاذنا الغالي والرائع
    خليل الطيار
    Raheem Alsilawi
    عزيزي استاذ رحيم
    هذا العام لاحقت اعمالا اكثر من رائعة لزملائنا، ومنهم حكمت العياشي وفاضل المياحي وذياب الخزاعي وعلاء الاسدي وضياء محمد واخرين، وهم كثر تركوا اثارا بصرية ، اتسمت اغلبها بتغيير اسلوب و طريقة التعامل مع المشهد العاشورائية والخروج عن المساحات التقليدية وانتجوا مرئيات تستثنائية عالية المستوى ، مع الحفاظ على مسحة التوثيق عند البعض الاخر ايضا
    اشعر من الواجب ان نرصد تجلياتها وعملك استوجب ذلك …
    سجاد البيضاني
  • احسنتم دكتور ربي يحفظكم
  • حسين مراد
    رؤيه السيلاوي العظيمه .
  • أبرز المعجبين
    Amer Jassim
    مقالة رائعة لمشهد مؤثر تلامس قلوبنا بحزن كبير..ممتنين لكم دكتور خليل والاستاذ رحيم ..خالص التقدير والاحترام
    خليل الطيار
    Amer Jassim
    صديقي المخلص عامر بصراحة هذه القراءة وعلى عجالتها اردت ان تلاحق ابداعات رحيم المتكررة
    عباس الصباغ الاعلامي

    • خليل الطيار
      عباس الصباغ الاعلامي
      استاذنا المخلص انت السابق في جهدك معي وبالعكس انا احتاج تواصلك لولا تقديري لظروفك الصحي

      طارق العساف ·
      متابعة
      من اروع واجمل واعمق ما رأيت وما قرأت مرئية متفردة للكبير استاذ رحيم السيلاوي وقراءة متجددة جعلتنا تغوص في عمق المعاني لهذا العمل العظيم بوركتما وجزاكما الله خيرا ايها الاحبة الكبار

    • كاتب المنشور
      المشغل الفوتوغرافي Photographic operator kahlil altayar
      طارق العساف
      العزيز طارق شكرا لمتابعتك المستمرة ، في خضم انشغالي للاستكمال قراءتي الخاصة عن الجزء الثالث للمرئيات الاستثنائية، وفيها عمل لك ، لكن وجدت في هذا العمل ما يستوجب قراءته تزامنا مع ايام عاشوراء … محبتي الدائمة لك
  • عاشت ايدك دكتور خليل وانا من زمان بعيد لم اعرض لخدمتكم عسى ان يكون المانع خيرا
  • Saad Salem
    قرائاتكم دائما ما تفسر المرئيات وتكشف اسرارا في بعض الأحيان عصية على فهم البعض

كتب الناقد العراقي الدكتور :خليل الطيار..الجزء الخامس” التجريد و الاكتساء البَصًري” “قراءة “مصنوعات” مرئية لثلاثة مصورين هم: سعد سالم..أنور الدرويش.. طارق العساف.

اضغط على الصورة لعرض أكبر.  الإسم: FB_IMG_1687521411003.jpg  مشاهدات: 0  الحجم: 25.9 كيلوبايت  الهوية: 125311

ملاحقة بَصًرية لخزائن بلورات الضوء
قراءة لمرئيات استثنائية
• خليل الطيار
الجزء الخامس
” التجريد و الاكتساء البَصًري”
توطئة:
تفرض “ثقافة” المصور حالة رضوخ قسري لمنع عدسته التقاطها التقليدي. وتنمي قدرته لصناعة آثار بَصًرية تتشكل خواصها “بوعي فني”، تجتمع فيها عناصر الاحتراف والمسؤولية معا. ومع نضج التجربة وتوسع أفق الثقافة البَصًرية عنده، لم يعد المصور الفاعل مكترثا لقيمة “الكم الصوري” على حساب اهتمامه “بالنوع المرئي”. وهذا ما بدأنا نلمسه بوضوح في نضج تجارب العديد من مصورينا “المرئيين” الذين صقلت تجاربهم بخلفية ثقافة، ونضج فني، وتمكن حرفي، أخذت معها فاعليتهم البصرية تغادر مساحات اللقط “الكيفي”، وتهتم في مؤشرات الحبس “النوعي” بدافع إنتاج مرئيات تحتفظ بتشكلات استثنائية، وتنتج آثار ضوئية متميزة على مستوى الشكل والمضمون. في هذا الجزء من دراستنا، اخترنا “مصنوعات” مرئية لثلاثة مصورين هم، سعد سالم/ أنور الدرويش/ طارق العساف، عثرنا في خواصها هذه الفرضيات الجمالية، نحاول أن نترك لها في هذا الجزء قراءة لبيان خواص إنشاءاتها وتركيباتها البَصًرية وما حوته من قيم سردية وجمالية استثنائية.
(اولا)
استدعاء القمر، للشهادة
مرئية لسعد سالمتفصح تجربة المصور “سعد سالم” عن نزعة توثيقية لأمكنة بيئته في “الموصل” يلاحق ما طرأ علي مناخاتها من تحولات زمانية، أثرت في بنيتها المكانية، وشهدت أضرارا كبيرة في معالمها التاريخية، ويحاول مع باقي زملائه المصورين توثيق المتبقي من ذاكرتها، قبل أفول ماض بدأت مساحته تنقرض تدريجيا. وأحيانا نجده يصر على إظهار تشكلات مدينته برؤية انطباعية موح بما مدفون في تخوم أمكنتها من أوجاع. لكنه لا يبدو سوداويا يكتفي بنقل مسحة الأسى. ويسعى دائما ليترك حضور للطيور في سماء مدينته تعبيرا عن ديمومة الحياة فيها. ويركز على إظهار قباب ومنائر الجوامع مشرئبة في أجوائها، تعويضا لخسارة مدينته هويتها المكانية المتمثلة بأيقونة منارة الحدباء التي هدمها الظلاميون. وأحايين أخرى نجده يلجأ للوقوف على ضفاف الأنهار يلتقط مشاهد “بانورامية” يتأمل فيها كبرياء مدينته وهي تًدرس نفسها في الأرض، رغم هول الدمار الحاصل في جسدها. فهو لا يريد إظهار آلامها، أنما ينوي التأكيد على روحها الباقية بعلامتها التاريخية!التعويض البَصًري

قاعدة التعويض البَصًري لسد النقص الجمالي في صورته، تشكل سمة مرصودة في أعمال “سعد سالم” تكاد لا تفارق معالمها. لكن غريزته التعويضية لم تتوقف عند رحم صورته التوثيقية الواقعية، إنما يذهب للبحث عن معادل تعويضي يسد فيه نقوصات أمكنته البَصًرية التي تتحقق فيها خواص “مرئية” نادرة لكنها تشكو من ضعف تكامل توازناتها الجمالية، فيذهب لتعويضها بصناعة مناخات بَصًرية افتراضية، يضطره حلم تحقيقها أن يتعكز فيها على مبدأ التطعيم “الكولاجي” ليصل إلى تنفيذ حلم فكرته التعويضية. وتحقق هذا المسعى الفني في أحد أهم أعماله المنجزة أخيرا، والذي توقفنا عند خصوصية إنتاج “مرئياته” الاستثنائية.

الأبصار الضوئي

يعد المصورون الفاعلون، راصدين متميزين لتشكلات الأمكنة الضوئية. تجد فيها بصائرهم ما لا يراه غيرهم بالعيون المجردة. وهي الخاصية التي يمتاز بها “سعد سالم” حيث رصد ممرا انعكست على جدرانه مساقط ضوئية استثنائية في تشكلاتها، ساعدت فتحة في عمق جداره على تمرير حزمة ضوء قوية هيأت للمكان فرصة تشكل معماريته الضوئية، وساهمت على إنشاء تضاد هندسي في مساحاته المضاءة والمعتمة. استثمر “سعد سالم” هذا المناخ الضوئي ليحبسه بزاوية مكنته أن يغيب بها بيئة المكان الحقيقية ليربح مظهره التجريدي، لكن مراجعته لهذه الواقعة الضوئية لم تقنعه بتشكلها التجريدي، الذي وجده ضعيف الأثر لا يمنح جواز مرور لتحقيق مرئية تترك أثرا بصريا فاعلا، فأجل الإقرار بمعطيات مادية صورته بخواصها التجريدية وترك فكرة تسويقها على هذه العلة يستكملها لاحقا…

من التجرد إلى الاكتساء

ثقافة “سعد سالم” البصرية تستهويه ليلتقط أي أثار ضوئية نادرة، فيسارع على قبضها وخزنها بأرشيفه كأرصدة بصرية مؤجلة، يستعين بمفرداتها لاحقا لاستكمال مشاريع صناعة مرئياته الاستثنائية. وعند قراءة واقعته التجريدية وجد هناك نقصاً واضحاً في مضمونها، فهي تخلو من أي وجود لضياء فاعل يتخذه كقيمة بصرية مؤثرة في إحياء مكانه التجريدي الميت. وسعى ليسد هذا النقص وتعويضه. وسرعان ما عثر على أول خيوط تحقيق حلم “مرئيته” الاستثنائية بلقطة أخذها لقمر مكتمل في نموه (بدر) بدد نوره حلكة السماء، وبدأ حضوره أقوى من ضياء الشمس الغائب عن مكانه التجريدي! ألا إن “سعد سالم” وللمرة الثانية لم يعثر في توظيف مرئية القمر منعزلاً ما يحقق له فعلاً بَصًرياً متكاملاً ونافعاً في تجريداته هو الآخر، سوى تحقيق التقاط فني متميز، وأراد ان لا يفقد دلالة هذا الإشراق للقمر لتقدح لديه فكرة العمل على استكمال مناخ تجريديته الضوئية ويسد نقصها التعبيري بطريقة الاكتساء. فلا القمر لوحده ينتج موضوع فاعل سوى زهو التشكل، ولا تجرد مكانه يساعده على تسويق ” مرئيته ” على علتها الضعيفة الأثر، لتدفع به هذه الجدلية لاصطحاب هذه الأثنية الضوئية المنقوصة إلى مختبره “المرئي” ويقوم باستثمار مبدأ الاستعاضة بسد النقص المتبادل فيها، فأتى بمرئية القمر وأدخلها في معمارية زاوية ممره التجريدي سادا نقصها ليحقق حلم مرئياته المنشودة.

تطويق الضوء لعتق النور

“سعد سالم” في اشتغاله التعويضي بدأت شكواه واضحة من تقاعس الشمس لإيصال ضوئها لإحياء الأمكنة المعتمة في حياتنا، فأستبعد وظيفتها الضوئية، وأراد أن يبحث عن معادل أقوى تأثيراً لهداية أمكنته نحو خلاصاتها، فأستهدي بنور القمر. فعندما يغيب ضياء الشمس كمعادل لإحياء أمكنتنا الميتة لا بد من أن نستعيض عنها بفاعلية القمر النافع بتعدد منازله، ولزيادة معرفة سني الإنسان والسيطرة على مقادير حساباته، استشهادا لقول الله- عز وجل- (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَۚ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَٰلِكَ إِلَّا بِالْحَقّۚ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (سورة يونس: الآية 5).

في الإتاحة، إباحة

توفر صناعة “الكولاجات” الضوئية إتاحات فاعلة لإنتاج مرئيات استثنائية، تساعد مفرداتها على استكمال وحداتها المتناثرة لتنصهر في صيرورة جمالية موحدة، لا يمكن أن تمنحك فرصة حذف أي جزء منها. وتبيح فيها الوحدات المتناثرة حضورا فاعلا داخل نسيج البناء الضوئي. وهذا ما أكده “سعد سالم”، فهو أتاح للقمر فرصة حضور قوي سادا فيه نقص مادية تجريديته الجامدة، ومنحها بعدا زمنياً مكملاَ لجفاف مضمون مكانه. كما أن قمره المنعزل بتجريديته الضعيفة الأثر، أتاح موقعه الجديد في عمق ممره فرصة تشكله كقيمة ضوئية معززة لفراغ الصورة، وظهر كلوحة فاعلة أحييت جداراً ميتاً منعزلاً..

محصلة البناء المعماري

“سعد سالم” بمحصلة معالجته لردم فجوة النقص البَصًري لمرئياته التجريدية، نجح بتفوق ليحيي إثاراءاتها السردية، أخبرنا فيها أن أمكنة حياتنا مهما كانت ميتة في أزمنتها، إلا أن أملأ ما تعززه نظرة متأملة في لوحة معلقة على جدار ميت، سيكون وقعها قوياً لتحريك هواجسنا التواقة لرؤية حلمها المفقود. وأعطتنا إشراقة نور القمر فيها املأ لنطل من دهاليزنا المعتمة نحو عالم أرحب ينتظرنا في الخارج. وهو ما شخص بقوة في سردية هذه المرئية المتحققة بقاعدة التحول من التجريد إلى الاكتساء. وبهذه الإتاحة أباح “سعد سالم” لنفسه فرصة تحقيق قاعدة التخادم الضوئي لتعزيز مرئياته التجريدية وينجح بسد نقصها من أطرافها المثلى.
اضغط على الصورة لعرض أكبر.  الإسم: FB_IMG_1687521425260.jpg  مشاهدات: 0  الحجم: 17.8 كيلوبايت  الهوية: 125313
اضغط على الصورة لعرض أكبر.  الإسم: FB_IMG_1687521418585.jpg  مشاهدات: 0  الحجم: 19.6 كيلوبايت  الهوية: 125312

الناقد العراقي :أنور الدرويش..يقدم: قواعد هامة لإبراز القيمة الشكلية للموضوع في الصورة الفوتوغرافية.


Fareed Zaffour

21 يونيو 2019 ·
للمزيد منالصور:
https://www.facebook.com/photo/?fbid…66181160142842

+12

نشطانور الدرويش‏ مع ‏‎Sanaa Sabboh‎‏ و‏‎Fareed Zaffour‎‏.

21 يونيو 2018 ·
(( قواعد هامة لابراز القيمة الشكلية للموضوع في الصورة الفوتوغرافية ))
أن الصورة الفوتوغرافية التي تركز على فكرة معينة من خلال عناصر ودلالات تحتويها تنجذب فيها الرؤية البصرية عند المشاهد بشكل تلقائي نحو هذه الدلالات التي ترمز للمضمون . وهي عملية استقطاب او آلية شد النظر. وتتعزز هذه الدلالة الشكلية من خلال النقاط الآتية وكما في الأمثلة
1 – التظاد اللوني :
ــــــــــــــــــــــــــــ
عندما يتشكل مركز الموضوع من اللون البارد وما حوله في عموم الكادر بلون دافئ . سوف تكون القيمة اللونية ( للبارد ) في الموضوع اكثر اهمية ضمن الكادر وسيادة على المشهد كما في المثال رقم (1) عن صور الزميل ( بدر باتوباره ) والعكس صحيح فيما اذا كان المركز ذات لون دافئ وما حوله في الكادر بلون بارد سوف تأخذ القيمة اللونية للون الدافئ السيادة على المشهد عموما .كما في المثال رقم ( 2 ) عن صورة الزميل ( Omar Bany Mustafa ) وفي هذه الحالة يتبين لنا ان التضاد اللوني بين البارد والدافئ يعمل على تعزيز قيمة كل منهما الآخر . ولقد اكتشف الفنانون الفراعنة هذه القيمة الجمالية منذ القدم واستخدموها في غطاء الرأس عند ملوكهم ووزرائهم في آطلاء الذهب ( الدافئ ) على شكل خطوط بنفسجية اللون ( بارد ) كما في المثال رقم ( 3 ) ….
2 – التباين في الاعمال احادية اللون وغيرها :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
عند التقاط صورة في الاستوديو . ولتكن مثلا بالاسود والابيض ونسلط مصدر ضوء موجه لمصباح صناعي واحد على الموضوع سوف تشكل هذه البقعة الضوئية الهدف المراد اظهاره في الصوره فقط وتتكون حوله مساحة معتمة سوادء وبذلك يكون للموضوع السيادة المطلقة في الكادر كما في المثال رقم ( 4 ) عن صورة الفنان الفوتوغرافي العالمي ( مراد الداغستاني ) او عندما تلتقط صورة لمساحة شاسعة في الصحراء خالية من التدرجات مفتوحة الافق بلون فاتح ويكون الموضوع الرئيسي في المشهد عبارة عن كتلة صغيرة ( انسان ) في هذا الفضاء بغض النظر عن الحجم سوف نجد ان قيمة الانسان في المشهد هي التي تتسيد كما في المثال رقم ( 5 ) عن صورة الزميل ( حمزة سعدي ) او عند التقاط صورة بتقنية السلوت اي ان الموضوع يكون بين مصدر الضوء والعدسة عندها يتشكل من كتلة سوداء بتفاصيلها الخارجية البارزة كما في المثال رقم ( 6 ) عن صورة الزميل ( Ayachi Debboun ) وهنا تكون قيمة الموضوع بصريا عالية برغم صغرها ككتلة معتمة لكنها تسحب نظر المشاهد نحوها بشكل مباشر ..
3 – التباين بين الدقة في الموضوع وما هو خارج الدقة في الكادر:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما يكون مركز الدقة ( فوكس ) على الموضوع وما حولة خارج الدقة ( اوت فوكس ) اي ضبابية وغواش و تستخدم هذه التقنية في حالات التصوير المتعددة ومنها التقريب ( المايكرو ) لتصوير الحشرات والاجسام الدقيقة كما في المثال رقم ( 7 ) عن صورة الزميل ( Hytham Elbohy ) وتستخدم ايضا في تصوير الاشخاص كون الضبابية التي تحيط الموضوع تشكل عزلا مناسبا وتعزز من قيمته كما في المثال رقم ( 8 ) عن صورة الزميل ( Mahm oud Elathamna ) وتصوير الفراشات والطيورالمختلفة عن بعد وبذلك ايضا يتشكل العزل المناسب الذي يبرز الهدف ويعزز من قيمته الشكلية كما في المثال رقم ( 9 ) عن صورة الزميل ( Rabie Atlas ) ..
4 – المنظور في التصوير العام متعدد الاشكال والعناصر :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان كانت الصورة بنائية التكوين ومتعدد الاشكال والعناصر فان للمنظور اهمية فائقة في الكادر كونه يشكل الانسيابية في امتداد النظر نحو نقطة التلاشي التي تنتهي احيانا بموضوع معين يراد ايصاله للمتلقي ولكن عن طريق هذه القراءة البصرية الممتعة للمشهد كما في المثال رقم ( 10 ) عن صورة الزميل ( محمد مصطفى ) والمثال رقم ( 11 ) عن صورة الزميل ( Mohamed Mohqoub )
5 – التأطير واحاطة الموضوع :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ينتهي المشهد في الصورة الفوتوغرافية مع حدود المستطيل وأضلاعه الاربعة . لكن عين المشاهد مفتوحة خارج هذه الحدود . كما لو انك امام شاشة التلفاز ولكن لابد من ان ترى عيناك ما حوله . وهي مسألة بديهية لان حدود النظر اوسع من مستطيل الصورة او التلفاز . وفي هذه المشاهدة تشتيت وخروج عن الموضوع . لذلك وجد الأطار الخشبي وليس للحفاظ عليها من الغبار فقط .وانما لحصر عين المتلقي داخل حدودها ومنحها قيمة جمالية مظافة . فما بالك لو كان هذا التأطير مدروس بعناية ورؤية فنية داخل خلال الكادر وضمن المشهد ذاته . كما في المثال رقم ( 12 ) عن صورة الزميل ( محمد صالح ) …
6 – اختلاف مادة الموضوع عن الاشكال الملحقة به :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
اذا اراد المصور ابراز عنصر معين من العناصر التي يتشكل منها الموضوع عموما . عليه ان يستثمر اختلاف هذا العنصر من حيث المادة وموققها بين الكتل او العناصر الملحقة به . وبذلك يكون قد حقق في المشهد قيمته وسيادته وبالتالي تركيز عين المتلقي عليه على حساب باقي العناصر كما في المثال رقم ( 13 ) عن صورة الزميل ( Nayef – Gharrash )
7 – اختلاف العنصر المراد تصويره عن الخلفية :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
عندما تتكون الخلفية او سطح الصورة من شكل زخرفي اوهندسي منتظم اومتناظرالاطراف ويخترق هذا الشكل اي عنصر مختلف ويكسر الرتابة والهندسية المنتظمة فيه ، عندها يفرز هذا العنصر نفسه بطريقة تلقائية عن المشهد العام ويعزز من قيمته ويشد المشاهد اليه بغض النظر عن حجمه في الكادر كما في المثال رقم ( 14 ) عن صورة الزميل ( سمير مزبان )
8 – الحركة والثبات :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
عند التقاط هدف متحرك ضمن كادر ثابت يكون للحركة اهمية بالغة في جذب عين المتلقي نحوها كما في المثال رقم (15 ) عن صورة الزميل ( أنس أبو شعر ) او على العكس من ذلك . اي عند التقاط هدف مثبت ضمن كادر متحرك يكون للهدف الثابت قيمة مركزية وسيادة على المشهد كما في المثال رقم (16 ) عن صورة الفنان الفوتوغرافي العالمي ( مراد الداغستاني ) …
من خلال هذه الامثلة نبين أن اهمية هذه النقاط عموما تكمن في تشكيلها العزل المناسب بين الهدف ومحيطه وهو ما يدفع الموضوع الى المقدمة على حساب الخلفية او احاطته وتأطيره . وهذه النقاط تنعكس على اغلب المحاور في التصوير الفوتوغرافي وغالبا ما توظف في التصويرالدعائي او في تصميم البوسترات والاعلانات في الاماكن العامة ..
ولكن هذا لا يعني ان الصور التي لا تتوفر فيها هذه العوامل خالية من الابداع . لأن لكل عمل فوتوغرافي ضروفه ومتطلباته . فأن للكتل والمساحات حساباتها المدروسة بعناية في الكادر من حيث التوزيع والحجوم . وأن لكل بقعة في الصورة قدر من الاهمية وفق ما يتطلبه الموضوع ، وبعض الصور في محاور معينة تتطلب وجود عمق ميدان واسع . اي ان تكون الدقة في مقدمة المشهد ونهايته بنفس الدرجة كما في تصوير اللاندسكيب مثلا وخصوصا عندما يكون الموضوع شاملا في الكادر بكل ما يحتويه داخل المستطيل… وصورا اخرى تلتقط بتناغم لوني ( هارموني ) لذلك اوؤكد ان لكل عمل فوتوغرافي ضروفه ومتطلباته …

المصور الفتوغرافي الليبي : Taha Krewi..يوم كتب عن..أخطر مطب في حياة المصور يصنعه بنفسه

قد تكون صورة ‏شخص واحد‏
أخطر مطب في حياة المصور يصنعه بنفسه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن تقوم بإلتقاط الصور الفوتوغرافية هذا أمراً سهلاً بالذات مع إنتشار الكاميرات بشتى أنواعها وأشكالها بسبب ما وفرته التقنيات الحديثة من إمكانيات في هذا المجال وكذلك لإنخفاض تكلفتها حيث أصبح في يد كل شخص كاميرا على الأقل مدمجة في هاتفه المحمول…
ولكن أن تكون مصوراً فوتوغرافياً هو أمراً مختلف تماماً، سواءً كان التصوير الفوتوغرافي بالنسبة لك هواية أو مهنة بدوام كامل، والحفاظ على بقائك في خانة المصور المحترف أمر أصعب.
هناك عدة أمور وصعاب قد تعتري مسار كل مصور فوتوغرافي، تختلف بإختلاف البيئة والظروف المحيطة، وعادة ما ستجد أن الكثيرين من المصورين الفوتوغرافيين يتناولون هذه المواضيع والصعاب في حديثهم أو مقالاتهم. إلا أن هناك بعض العثرات التى تنتاب المصور الفوتوغرافي لا أحد يخبرك عنها أو يشير إليها في مقالاته، لسبب بسيط وهي أن هذه المطبات هي صنيعة المصور نفسه وهو لايدرك ذلك إلا بعد الوقوع فيها، أخطرها أن تصبح آلة لإنتاج الصور تفقدك كمصور اللمعان والبريق، مهما كان نوع التصوير الذي تمارسه.
– آلة لإنتاج الصور
بالتأكيد أن كل مصور يسعى لأن يكون مصوراً محترفاً، وهي الغاية الآبرز في مسار رحلة أي مصور أو هذا ما يحلم به كل مصور، وسيكون من الرائع أن يمارس المصور الفوتوغرافي شغفه بالتصوير في نفس الوقت الذي يتخذ منه مهنة أو وظيفة، فلا بد من أن يحصل المصور على الدافع المادي الذي يسهل مسار رحلته هذه، حيث تشكل النفقات عبء كبير على كاهله وسيكون سعيداً عندما يتقاضى أجراً عالياً يتناسب مع تكاليف الحياة وتغطية النفقات معاً، بغض النظر عن نوع التصوير المتخصص فيه المصور سيأتي حتماً وقت سوف ينظر إليه المصور على أن ما يقوم به يعد وظيفة بكل جمود الوظيفة، وسيحرص على الإهتمام بالنوع الذي تميز فيه، من أجل أن يحصل على مقابل مرتفع لما يقوم بإنتاجه وبيعه، وهنا سيصبح بمثابة الآلة في إنتاج هذه النوع من الصور.
من أهم الأشياء العظيمة في مجال التصوير هو أنه يتيح للمصور أن يكون خلاقاً ومبدعاً، إلا أنه عند تحول المصور لآلة ستبدو صوره متشابهة. وليس من المستغرب أن يحصل هذا، فلقد حصل هذا فعلاً مع الكثير جداً من المصورين، ليتحول هذا لفقدان الحرص على الجودة وكذلك الشغف والحب لما يقوم به الذي كان سبباً لنجاح وتألق الصور التي ينتجها في بداية مساره.
للتغلب على هذا المطب، لا بد أن يضع المصور لنفسه بعض المشاريع الشخصية، كالقيام بشيء يستمتع به حتى مع وجود ضغط لإنتاج الصور التي سيتم بيعها، ولا بد من ان يبحث المصور في تجارب الآخرين وأن يستكشف في مجالات أخرى وأنواع أخرى من التصوير الفوتوغرافي، لإشعال الشغف والعاطفة من جديد، فمحاولة نوع مختلف تماما من التصوير قد يكون المفتاح لتجدد الشغف وظهور عواطف وأحاسيس يظهر من خلالها الإبداع من جديد.
طـﮧ ڪريوي Taha Krewi
نشر بحسابي القديم بتاريخ 17-06-2016
أعيد نشره على حساب السقيفة الليبية Assaqeefa Alleebiya
في 18-06-2016 : https://bit.ly/3NaGnRC

كتب الصحفي: خالد جهاد ‏‎Khalid Jihad‎‏..مقالة عن الفنان: هيثم المغربي Haitham Almoghrabi‎.. البوح بلغة الصور..نشرها موقع (العربي الآن) المصري..


Fareed Zaffour

13 يونيو 2022 ·
للمزيد من الصور للفنان هيثم المغربي:
https://www.facebook.com/photo/?fbid…81481756359029

+36

‏‎Khalid Jihad‎‏ مع ‏‎Haitham Almoghrabi‎‏.

13 يونيو 2022 ·
مقال بعنوان (هيثم المغربي.. البوح بلغة الصور) ينشره موقع (العربي الآن) المصري..
لا حاجة للكلمات عندما يكون الشعور هو سيد الموقف، فالكثير منها نسمعه بوضوح رغم صمت الألسنة عبر صورةٍ تختصر الكثير من المعاني أو ملامح تشي بما تعجز الحروف عن البوح به، وقد تحكي الصور أيضاً عن صاحبها موضحةً هدفه، ناقلةً لفكره، عاكسةً لمشاعره ورؤيته خاصةً عندما يمتلك المصور ثقافةً وتواضعاً وموهبةً تصعد بالمعنى دون الصعود عليه، لتميزه عن غيره وسط ازدحام المشهد بالصور والألقاب في غياب المضمون أو تكرار التجارب، ولتثبت حضوره في كل مرة كمحترف رغم تعامله مع الصورة بروح من يهواها ويتعلمها ويطوف في رحابها وعوالمها لتصبح بدورها جزءًا من عالمه.. عالم المصور السوري هيثم المغربي..
فمن يطالع صوره بإختلاف المراحل والفترات الزمنية سيلاحظ أنه بمثابة باحث يسعى لإستكشاف أبعاد مختلفة للحياة، تتجلى في الصورة التي تشد من يراها ليبحث بدوره عن معناها، فثباتها ضمن إطارٍ معين يجمد اللحظة لتدوم لا يعني أنها انتهت هنا بل يعني أنها بدأت للتو رحلتها التي ستستمر في قلب من تلامسه مسافرةً معه إلى حيث ترسو قوارب ذكرياته..
ودون شك نستطيع أن نلمح البحث عن الوطن في صور هيثم المغربي بين صورٍ قديمة وأخرى حديثة لكن في مكانٍ آخر، قد يحمل بعضاً من رائحته عبر شوارع وأبنية وأزقة لها ملامح تشبه تلك التي سكنت مخيلته وتحولت إلى ظلٍ يلازمه في مختلف لقطاته، ونراه من خلال علاقته بالشمس والضوء وتجليات المساء في صورٍ كثيرة حتى تلك التي تم التقاطها في وضح النهار، ربما لأن المساء حالةٌ مزاجية أكثر من مجرد وقتٍ نمر به ونعيشه كل يوم ويتفاوت الشعور به من شخصٍ لآخر، كما نلاحظ حالة الرصانة التي تتسم بها صورة فناننا فهي بعيدةٌ كلياً عن الصخب، هادئة الملامح، واضحة الرسالة والمعالم، تتحرى السكينة، وتتمتع بإيقاعٍ انساني يميل إلى الكلاسيكية لكنه لا يرفض الأنماط الحديثة إنما يتعامل معها بإنتقائيةٍ وحذر دون أن يفقد اللحظة جمال عفويتها وصدق تعبيرها..
ونستطيع أن نلمح تسلسلاً للأفكار وطريقة تنفيذها بعدسة هيثم المغربي، فتبدو العديد من مجموعات الصور التي يلتقطها أشبه بفيلمٍ قصير أو مشهدٍ مجزء على عدة صور تحكمها مفردات الغربة وأنغام الحنين المتواجدة بشكلٍ واضح بين هذه اللقطات التي تثير في النفس العاطفة والشجن والتي تربط بذكاءٍ حزين بين الإنسان ومختلف عناصر الطبيعة التي لم يعد كثيرٌ منا يؤمن بأنها مجرد جمادات، فنكاد نسمع شهقاتها وصرخاتها ونشيج بكائها كما لو كانت تسمع حديثنا مع نفسنا وبوحنا بآلامنا، ونكاد نشعر بيدها تربت على أكتافنا وبعينيها تحدق بنا طوال الوقت حناناً واشفاقاً..
وضمن هذا العالم الفسيح المترامي الأطراف، عالم الصورة وما خلفها نجد هيثم المغربي شغوفاً بتطوير أدواته والتمكن من الإمساك بمفاتيح المشهد والإطلاع على ما يستجد في هذا المجال، بروح تلميذٍ يتعلم ممن سبقوه ويحترم تجربتهم، كما يتشارك أفكاره مع الجيل الذي يصغره كونه يؤمن بأن لكل شخص وموهبةٍ حقيقية مكاناً لن يأخذه أحد بعيداً عن الكثير من السلوكيات التي نراها اليوم تحت مسمى (المنافسة)، ولعل نضج عدسته تظهر لنا إيمانه بالنجاح الهادىء التراكمي والراسخ والذي يعتمد على العين المثقفة بدلاً من الفرقعات التي ترتبط بموجاتٍ عابرة لا تدوم، ولا تستطيع الحياة خارج إطار التطور التكنولوجي الذي خلق نوعاً من الفوضى التي ستنحسر بعد فترة، ليبقى صاحب الموهبة الأصيلة والفكرة الإنسانية والعاطفة القادرة على استيعاب الحياة بتناقضاتها ورؤية الجمال فيها والحديث الشفاف بلغةٍ تحترف البوح عبر صمت الصور..
خالد جهاد..
https://culture.elarabyelan.com/2022/06/0.html

كتب الناقد السينمائي : مهند النابلسي.دراسة عن رواية دفاتر الوراق. الحائزة على جائزة البوكر العربية للعام 2021م

اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Screenshot_٢٠٢٣٠٥٣٠-١٧٥٣٥٧_Docs.jpg 
مشاهدات:	0 
الحجم:	86.2 كيلوبايت 
الهوية:	117532
ومضات نقدية​​ مختصرة:

عن رواية دفاتر الوراق
الحائزة على جائزة
لبوكر العربية لعام 2021
للكاتب جلال برجس
إعداد مهند النابلسي/كاتب وناقد أدبي وسينمائي/

*الملفت في​​ رواية​​ دفاتر الوراق،​​ تراص الأحداث الروائية​​ الطويلة​​ المتداخلة​​ المترهلة، مع كم كبير من المبالغات والميلودراما​​ غير​​ الواقعية.​​ كمقتل​​ العائلة على الطريق الصحراوي​​ بحادث مفاجىء،​​ وبقاء البنت الكبيرة وحيدة.​​ ناهيك عن ضعف وصفي واضح وسلق لغوي معلب،​​ وخلل في المبررات​​ والحوافز والدوافع لدى​​ إبراهيم​​ بطل الرواية،​​ بالإضافة​​ إلى​​ الفبركة والنقل والاسقاط والتقمص،​​ والضعف الواضح في التقنيات الروائية.

*تعج​​ الرواية​​ بقصص المعاناة والفقر المدقع،​​ كفقدان المال والانتحار و”القمل مجازا”، وهي​​ تغوص​​ في​​ حكايات​​ فاشلة لخيبة البطل واحباطه المتواصل،​​ وتتعرض لقصص بنات الملجأ​​ المشردات فاقدات الهوية بطريقة​​ اتهامية​​ فاضحة،​​ ​​ دون أن​​ تتعمق​​ إلا نادرا​​ في​​ الوصف الدقيق المعبر، ويبدو البطل​​ إبراهيم​​ دَعيّا وعبثيا الى​​ أقصى الحدود.

*تنتشر​​ من الرواية روائح​​ النكد والشكوى والهزيمة، حيث يحشر الكاتب قصصا​​ ومقولات وشخصياتِ​​ كتّابٍ​​ وروائيين​​ مشهورين​​ مثل “باسترناك ونجيب محفوظ وهيجو ودستويفسكي” بلا مبرر حكائي أحيانا:​​ فعندما​​ يتحدث عن​​ عيب​​ “أحدب نوتردام” الذي مثله​​ بقطعة قماش،​​ أخفاها داخل قميصه من جهة الظهر، ثم ازالها بعد انتهاء السطو على المصرف،​​ ومن المؤكد أن كاميرات المصرف​​ سترصد شكله وهو هارب بالنقود مع الحدبة.

*ما سيسهل القبض عليه لاحقا ولن يفيده أبدا هذا التخفي الساذج،​​ فدقة​​ الإعداد​​ لازمة​​ للروائي​​ ​​ حتى يقنع القارىء بروايته ويصدقها.​​ وهو لا يتجاهل كذلك “كونديرا وشاعر مجري مجهول” وغيرهم ضمن السياق، وأحيانا بطريقة قسرية مفتعلة، وكأنه يلجأ​​ بسطحية​​ لينقذ​​ دوافع​​ البطل​​ المغوار من مصيره العبثي/العدمي المحتوم!

*كما​​ لو​​ أنها تشبه “عريضة شكوى” طويلة قدمت في مخفر شرطة​​ وما من​​ أحد يهتم بقراءتها، تحفل بالشرح البيروقراطي​​ المطول​​ بلا تطوير للشخصيات،​​ لتسير بنفس النمط​​ بلا بارقة​​ أمل وفسحة​​ للتنفس حتى النهاية!

*فقد​​ تعرض الكاتب بالتفصيل تقريبا لقصة دراسته وتعليمه في موسكو، التي انتهت بفشله في دراسة الطب وتحوله للفلسفة،​​ كبديل​​ مرفوض​​ من​​ أسرته وسكان قريته الفقراء البائسين، ممن يعلقون عليه آمالهم، ثم​​ تفاصيل عشقه لشابة​​ روسية حسناء، توفيت لاحقا​​ بشكل تراجيدي،​​ بحادث سيارة​​ ما​​ أدى لانهياره النفسي.

​​* بالاستناد​​ لذلك​​ كله​​ وبعد​​ عودته​​ إلى​​ قريته​​ وخيبة​​ أمل الجميع​​ به،​​ وأولهم والده الطيب الصبور​​ لفشله​​ كيف لن​​ يغدو طبيبا،​​ يداوي​​ أمراض سكان قريته المعدومين، ويرفع الضيم والمعاناة الواقعة عليهم وعلى مستقبله.

*ولكي أكون منصفا​​ بالحد الأدنى،​​ ينبغي التنويه بأن الرواية تحملك على القراءة حتى نهايتها، وهذه تسجل كميزة لموهبة الكاتب السردية،​​ وبراعته التلقائية في خلط الحكايا ورواية القصص،​​ والتنفيس عن الاحتقان داخل النفوس​​ دون أن​​ تخلو من الواقعية، وفي الحقيقة​​ كنت قد اخترت عنوانا​​ سجعيا مختلفا​​ للمقالة يعبر باختصار عن مجريات أحداثها: “مغامرات الدفتري الدوارة،​​ في الأماكن المختارة،​​ بكل​​ العناية​​ مع التقمصات البراقة​​ والجدارة.

*وهكذا​​ أرجو أن​​ أكون قد نجحت​​ ولو​​ في​​ بعض الحدود​​ بكشف حيثيات،​​ وخفايا الرواية الكبيرة المعقدة​​ وما يحيط بها​​ في مقالة مختصرة،​​ توخيت​​ الصدق فيها،​​ وأن تكون دقيقة وعادلة​​ متوازنة، كما​​ انني​​ أعتقد بان أي نقد​​ أدبي لا يشمل​​ على نحو​​ متوازن،​​ عناصر​​ صياغة​​ اللغة والوصف والحبكة ورسم ملامح الشخصيات​​ بدقة​​ والبيئة الحاضنة،​​ كما البعد النفسي والتاريخي والجغرافي، فإنه يعتبر نقدا قاصرا سطحيا لا يفي بغرض​​ النقد المطلوب.​​

*وهكذا​​ فإن الرواية تتحدث ضمنا عن “بيوغرافي شخصي”،​​ يعود​​ لبؤس حياة الكاتب​​ ونشأته وفقر قريته وخيبته الدراسية والعاطفية في موسكو، وبدا​​ لي في​​ المحصلة وكأنه يسطو على حياة الوراق المناضل المسكين، وقصص اليتيمات البائسات في الملجأ،​​ بتبجح​​ فضائحي غير مبرر ومبالغ فيه أيضا،​​ ليعود دوما ويكرر كل هذه الحكايا والقصص،​​ بشكل دائري يسبب​​ دوخة​​ المهتم المتابع للعمل،​​ وقد اقتبس​​ وتقمص​​ شخصيات كل من “البؤساء لفكتور هيجو،​​ واللص والكلاب لمحفوظ ود. زيفاكو لباسترناك”،​​ وغيرهم مما يبعث على السأم​​ من​​ كثرة التكرار، في​​ محاولة بائسة للتقليد والاسقاط​​ غير​​ المبرر​​ غالبا، ثم يدفع بكل هذا المزيج​​ “المتنافر” في​​ خلاط​​ الكوكتيل​​ الجاهز​​ للروائي”، لكي يرمي بين أيدينا​​ رواية​​ مصنّعة،​​ غير متجانسة​​ يعوزها​​ المغزى والنكهة والأمل​​ أيضا.

*لكن​​ ينبغي​​ للحق​​ التنويه وتقدير مصداقية الكاتب،​​ في وصف حالات بؤس قريته ومظالم التفاوت الطبقي.​​ كما نجح​​ بواقعية في طرح تفاصيل سينمائية لحالات سرقة البنوك​​ والبيوت الثرية في عمان، محاولا​​ إسقاط محاولاته اللصوصية على شخصية “روبن هود”​​ كلص شريف معروف روائيا، دون أن يعلمنا​​ كيفية توزيع الأموال المسروقة للفقراء كما ادعى، بل​​ ويبدو من​​ تسلسل​​ السياق وكأنه قد احتفظ​​ بالأموال​​ لنفسه ​​ حصريا.​​

*ويبقى​​ النص الروائي شيقا​​ يثير الفضول لاكماله​​ ولو لم يخلُ من​​ غرابة​​ كبيرة.​​ وإن​​ كان يفتقر إلى​​ ميزة​​ جينية​​ تحتسب لصالح​​ ​​ الكتاب المحترفين​​ الموهوبين.​​ في​​ المحصلة​​ ليست الرواية​​ النهائية سيئة تماما، ولو​​ ​​ بدت​​ مشتتة ومفتعلة​​ أحيانا،​​ تحفل بالاقتباس والتقمص والتحاسد والتظاهر والتثاقف،​​ دون​​ أن​​ أنفي احتواءها،​​ على فصول صادقة ومعبرة لحالات​​ الفقر والسرقة والعزلة والتوحد والبؤس..​​ وربما​​ كانت​​ تستحق الجائزة​​ عندما تكون​​ الروايات الاخرى المرشحة​​ بجانبها،​​ ضعيفة وهزيلة​​ وتفتقد​​ للإبداع والتجديد والتشويق والتقنية السردية،​​ والتميز والبعد الروائي المتماسك،​​ والرؤيا الجديدة مع بارقة​​ أمل​​ تبقى​​ ضرورية،​​ “وربما كان​​ ​​ بعض​​ الواقع​​ لا أعرفه”.

*ولا أعرف​​ حقيقة​​ ماذا​​ يجب على لجنة الجائزة الموقرة،​​ أن تجيب​​ عليه بصراحة​​ وعمق وشفافية،​​ معلنة​​ وضع الأمور في نصابها،​​ وحسم الجدل وتفاوت الأراء النقدية المتجددة، (علما بأن ذلك حق مطلوب ومحبذ وممارسة عالمية​​ ​​ تخضع لها​​ الجوائز الاخرى المعتمدة وليس خيارا مزاجيا خاصا).​​ مهما يكن الأمر، أرجو أنني وفقت في نقدي​​ وتقديري للأمور​​ ولو في بعض الحدود، والله دائما من وراء القصد المجرد​​ الذي يحاول أن يكون منصفا.​​

اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	Screenshot_٢٠٢٣٠٥٣٠-١٧٥٤٣٤_Docs.jpg 
مشاهدات:	0 
الحجم:	88.4 كيلوبايت 
الهوية:	117533