على قاعة متحف الجامعة في المركز الطلابي لجامعة الموصل وبتاريخ 2 / 11 / 2017 اقامت جمعية التشكيليين في نينوى وبالتعاون مع رئاسة جامعة الموصل المعرض الشخصي في فن النحت الحديث لاستاذ النحت في كلية الفنون الجميلة الدكتور قيس ابراهيم بعنوان (( تظاهرة مسمارية ))
في البدئ .
لابد من الاشارة الى ان توقيت المعرض في مكانه وزمانه . كان رسالة في غاية الاهمية الى الجهات المعنية للنظر في الواقع الفني المتردي لمدينة الموصل مدينة الثقافة الفنون . فلقد اقيم المعرض على انقاض قاعة ( متحف الجامعة ) والتي تعد من اهم قاعات مدينة الموصل التي تقام فيها المعارض لطلاب جامعة الموصل واساتذتها والفنانين من خارج نطاق الجامعة .
للوهلة الاولى ونحن ننوي زيارة اية معرض للنحت تتوارد في اذهاننا النصب والتماثيل فتقود خيالاتنا من خلال الشكل الى الخامات التي شكلت هذه الاعمال , الصخور او الفخار وهذا ما اعتادت عليه اعيننا في المعارض عموما . غير ان خامات النحت لا تقتصر على الصخور والفخار والبرونز فحسب ,
فلقد استخدمت في النحت الحديث كل مادة بألامكان توظيفها في تشكيل المجسمات ثلاثية الابعاد , كالخشب والشمع , وحتى الاقمشة , والاليلاف , والسيراميك , والمعادن .
وفي معرض الفنان الدكتور قيس ابراهيم نشاهد التوليفة الطبيعية المتوافقة في الواقع بين الخشب والمعادن ( المسمار ) كخامتين اساسيتين في العرض عموما .
ولقد اراد الفنان ان يطرح من خلالهما فكرة مفادها أن (( للمسمار دورا أساسيا عند اسلافنا السومريين الذين ابتدعوا من خلاله الخط المسماري ولكن هل يمكن ان يكون لهذا المسمار الملقى على قارعة الطريق أية قيمة جمالية قادرة على اثارة الفكر وبعث البهجة والسرور في النفس ؟ ))
لقد كان المسمار عند اسلافنا السومريين بمثابة القلم الذي يخط على الطين دواوين بمضامين مختلفة نقلت لنا التاريخ بقوانينه وسننه …
لم يكن عنوان المعرض ( تظاهرة مسمارية ) عنوانا تقليديا عابرا انما اراد الفنان من خلاله ان يبين تمرد المهمشين على الواقع فالمسمار الذي لا تتجاوز وظيفته التعليق او تعشيق الخشب او اية وظيفة عملية تقليدية بأمكانه ان يكون شكلا جماليا وبمضامين مختلفة .فألمتغيرات العصرية في شتى نواحي الحياة تأثيرها الكبير على الذائقة الانسانية العامة ..
ان عملية تطويع المعادن الصلبة واحالتها الى اشكال جمالية تحاكي الاحساس والمشاعر لدى المتلقي يحتاج الى حرفية عالية وروحية فنان شغوف وهذا ما عكسته اعماله الفنية . فأن اعماله النحتية تنتمي الى ذاته الخالصة مع ما تحمله من خصوصية وتجرد , وخيالاته الدافقة تتعمق بجوهر الشكل المرئي بعيدا عن المباشرة والسطحية لقد استطاع ان يمنح مفردة بسيطة مهمشة حريتها الابداعية وان تتجسد رمزا تعبيريا فعالا في انتاج العمل الفني جماليا كما في باقة الورد التي جمعها اللحام بكل انسيابية وتناغم او في استعارة وجه امرأة باكية بكل ما تحمل من احساس في الحزن … انها اعمالا غاية في الجمال والشفافية والرقة ..
انور الدرويش
فنان تشكيلي / مصور فوتوغرافي / ناقد فني