يصف كثيرون الصحافة بـ«مهنة المتاعب». وهو توصيفٌ يحمل الكثير من الإجحاف، خصوصاً حين يتعلّق الأمر بمهنة المراسل الحربي، فمنذ اللحظة التي يقرِّر فيها الصحافي العمل مراسلاً حربياً، تختفي مفردة «متاعب» من قاموسه، لتحلَّ مكانها كلمة «مخاطر». ومن أبسط تلك المخاطر أن يتمّ اعتقاله من قبل أحد الأطراف المتقاتلة، أو أن يتعرض للأصابة بطلق ناري أو صاروخي.

ويمكننا القول إنّ المراسل أيام الصحافة الورقية والآلة الكاتبة والتلغراف كان ينقل «قصصاً حربية» لا أخباراً، يفصل بين حدوثها ونشرها أسابيع. غيرَ أنّ الثورة التقنية غيّرت شروط المهنة.

بات المراسل الحربي في ظلّ السباق المحموم بين الفضائيات ووسائل الإعلام الإلكتروني، أشبهَ بمعلِّقٍ ينقل الأحداث على الهواء مباشرةً.

بهذه العبارات تحدثت الإعلامية نجلاء أبو جهجه لمدة ساعة ونصف عن تجربتها كمراسلة حربية لوكالة رويترز في الجنوب، وذلك خلال ندوة أقامتها جمعية حواس الثقافية، لمناسبة 13 نيسان ذكرى مجزرة إسعاف المنصوري، في مركز الإتحاد للتدريب الإعلامي في الغبيري، UCMT في حضور مدير المركز الأستاذ على ارسلان، ورئيس جمعية حواس الأستاذ عبد الحليم حمود، بالإضافة إلى شخصيات ثقافية وإعلامية وأعضاء وأصدقاء جمعية حواس.

أستهلت الندوة بعرض فيلم بعنوان (صور مش من ورق) للمخرجة راغدة سكاف، عن الإعلامية نجلاء أبو جهجه استعرضت فيه الكثير من مراحل عملها كمراسلة حربية في الجنوب اللبناني، وخصوصاً كشفها للمجزرة الصهيونية التي ارتكبت في سيارة الأسعاف في المنصوري.

ثم ألقى الأستاذ إرسلان كلمة أشاد فيها بالتاريخ المشرف للإعلامية أبو جهجه، طالباً منها إعطاء بعض المحاضرات فيما يتعلق بالمراسل الحربي لطلاب المعهد …

ثم ألقى الأستاذ حمود كلمة تحدث فيها عن بدايات نجلاء لافتاً إلى أن عملها لم يقتصر على تغطية الأحداث، بل تعداه الى الحركة الطلابية حيث ترأست اتحاد طلبة لبنان فرع الجنوب، بالإضافة إلى تأسيسها فرقة مسرحية قدمت العديد من العروض في مدارس وثانويات وجامعات الجنوب اللبناني.

وفي الختام تحدثت الإعلامية أبو جهجه عن تجربتها كمراسلة حربية، مؤكدة جهوزيتها في حال استدعت الضرورة عودتها الى الميدان الإعلامي العسكري.

كما تناولت مسيرتها مع قوات الطوارئ الدولية والجيش اللبناني، بالإضافة إلى شبكة علاقاتها مع القوى والأحزاب اللبنانية، مشيرة الى أن المراسل الحربي يحتاج الى توسيع علاقاته مع القوى الموجودة على الأرض حتى يتمكن من الحصول على المعلومة الدقيقة لنقلها الى الرأي العام …

كما تحدثت عن الظروف الصعبة التي يتعرض لها المراسل أثناء تغطيته الأحداث من مخاطر قد تودي بحياته، مشيرة الى أنه ورغم الخطر المحدق بالمراسل يتوجب عليه آداء مهمته بكل إخلاص وأمانة، وخصوصاً حين يواجه مواقف إنسانية قد تفرض عليه أن يختار بين مهنيته أو شعوره الإنساني …

ثم تحدثت عن مجزرة إسعاف المنصوري والمواقف الصعبة التي تعرضت لها، معربة عن اعتزازها بالقرار الذي اتخذته من أجل كشف العدوان الإسرائيلي في عدوان نيسان عام 1996، حيث هزمت بكاميراتها إسرائيل وأجبرتها على وقف عدوانها على لبنان، وهذا ما أكده رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في كلمته الافتتاحية في الكتاب الذي نشرته الإعلامية أبو جهجه بعنوان إسعاف المنصوري.

كما تناول حديثها الكثير من المواضيع الميدانية فيها المضحك والكثير من المبكي …

ثم جرى حوار بين الإعلامية أبو جهجه والحضور عن مهام المراسل العسكري، والظروف والمخاطر التي يتعرض لها وعن كيفية حماية نفسه من الأذى أثناء احتدام المعارك …

وكانت سفيرة حواس في ألمانيا غادة محي الدين قد نقلت تحيات الجالية اللبنانية في ألمانيا للإعلامية أبو جهجه، وأشارت الى أن الكثير من أبناء الجالية يذكرونها ويتحدثون عن صورها التي كشفت الاعتداءات الإسرائيلية في الجنوب اللبناني ولا سيما منها على الأطفال والنساء والشيوخ.

وفي الختام قدمت الدكتورة مي مراد بإسم وكالة نقطة ضوء الإعلامية شهادة تقدير ودرعاً للإعلامية أبو جهجه تقديراً لنشاطها ونجاحها كمراسلة أعلامية.