Image result for ‫البطريرك غريغوريوس حداد ‬‎

ابو الفقراء هل سمعت عن التعايش المسيحي الإسلامي….اقرأوا هذا

من هو أبو الفقراء ؟
عندما مات عام 1928 شارك في جنازته 50 ألف مسلم دمشقي من بينهم عدد كبير من شيوخ المسلمين، وقيل إن المسلمين أرادوا الصلاة عليه في الجامع الأموي الكبير حتى أن الكثيرين أسموه محمد “غريغوريوس” و”أبو الفقراء والمسلمين،” إنه البطريرك غريغو ريوس حداد الذي كان شخصية إنسانية عظيمة وعلى درجة عالية من الوطنية والتسامح، وواحداً من رجالات سوريا الذين عرفوا قيمة الوطن وصانوه ودافعوا عنه وعن أبنائه بالحب والعطاء علاقته مع الإسلام والمسلمين مثال يحتذى به في التسامح والمحبة ووحدة الحياة بين ابناء الامة الواحدة-المجتمع الواحد.
البطريرك غريغوريوس حداد مشهود له بالوطنية وكتب عنه العلامة محمد كرد علي في مذكراته مايلي:
عرفت صديقي البطريرك غريغوريوس حداد قبيل الحرب العالمية الأولى وبلغني عنه هذه الرواية :
بسبب المجاعة التي أصابت شعب هذه المنطقة أثناء الحرب العالمية الأولى
أستنهض البطريرك الهمم لمساعدة الجائعين والبائسين وباع أملاك وأوقاف الطائفة الكثيرة في سورية ولبنان ليشتري لها الطعام للمحتاجين بغض النظر عن دينهم او عرقهم او طائفتهم ، ثم كان مرة من نافذة غرفته المطلة على ساحة البطريركية
يراقب الشماس يوزع الخبز على طالبيه ولما رد الشمس امرأة مسلمة متحججا أن القمح قد نفذ من مخازن البطريركية ، نزل إليه ونادى المرأة وقال :
أعطني رغيف خبز ، فلما تناوله قلبه بين يديه وقال للشماس :
“أنا لم أقرأ أنه قد كتب على الرغيف مصنوع من أجل المسيحي الأورثوذوكسي ؟
يابني إدفع الصدقة لكل من يطلبها فالخلق كلهم عيال الله ” وناول المرأة حصتها .
ويقال انه فتح أبواب البطريركية للجميع أيام الحرب ، واستدان أمولا طائلة لإطعام الجائعين ، ومن أخباره في هذا الشأن أنه كان له صليب ماسي أهداه إياه قيصر روسيا “نقولا الثاني”
لما نفذت أموال البطريركية رهنه لدى صائغ يهودي دمشقي بألف ليرة عثمانية ،
فلاحظه أحد أغنياء المسلمين فذهب وفك رهنه وأعاده الى البطريرك ، فأخذه البطريرك وباعه من جديد دون أن يدري به أحد وصنع مثيلا له من احجار زجاجية بدل الماسية
لم يعرف بالامر أهل البطريركية إلا بعد موته .
كما يروى عن غبطته أيضا أنه كان أول من بايع الملك فيصل عندما توج ملكا على سوريا ، وبعد معركة ميسلون وبينما الجيش الفرنسي يستعد لدخول دمشق ، غادر الملك فيصل بالقطار ، إلا أنه فوجئ بالبطريرك غريغوريوس قادما وحده إلى محطة الحجاز ليودعه قائلا :
“هذه اليد التي بايعتك ستبقى على العهد إلى الأبد”
فما كان من الملك فيصل سوى أن صافحه باكيا ومحاولا تقبيل يد البطريرك .
ولما توفي عام 1928 جري تشييع جثمانه من بيروت إلى دمشق فاستقبلت الحكومة السورية جثمانه على الحدود باطلاق مئة طلقة من المدفعية تحية له ، فيما كانت الجماهير تصرخ :
“مات أبو الفقير مات بطريرك النصارى وإمام المسلمين ، نزلت بالعرب الكارثة العظمى”
وأرسل الملك فيصل من بغداد إلى دمشق مئة فارس على الخيل ليشتركوا في التشييع ، كما يروى أن الجثمان عندما وصل الى ساحة الشهداء في بيروت شرع أحد التجار المسلمين يرش الملبس على الطريق أمام الجثمان قائلا :
“إن هذا القديس قد أعالني أنا وعائلتي طيلة الحرب العالمية الأولى”
كما شارك في الجنازة كبار الشيوخ المسلمين منهم مفتي البقاع في لبنان “محمد أمين قزعون” وقيل أن مسلمي دمشق أرادوا الصلاة عليه في الجامع الأموي الكبير
هذا هو البطريرك غريغوريوس الذي لقبه أهل دمشق بـ أبو الفقراء.

هكذا كنا في السابق مسيحيين وإسلام وهكذا سنبقى

  • Noha Al Sayed هيك كانت سورية وستبقى الدين لله والوطن للجميع مقال رائع والله يرحم البطريك الوطني الحر

    Noha Al Sayedتم الرد بواسطة Noha Al Sayed
  • Karam Haj Bakri وهكذا سنبقى على عهدنا عالمحبة والتآخي
    لروحه السلام
    ولك التحية ست سهير
    • Suher Sabour

      Karam Haj Bakri 
      سنبقى على المحبه
      هاي هي سوريا
      لك.كل الموده والشكر ست كرم
      ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
      Image result for ‫البطريرك غريغوريوس حداد ‬‎

      وجوه من وطني غريغوريوس الرابع حداد 1859 – 1928 بطريرك أنطاكية وسائر المشرق

      وجوه  من  وطني 

      غريغوريوس  الرابع  حداد  1859  –  1928

      بطريرك  أنطاكية  وسائر  المشرق

      ياسر  مرزوق

      ولد  غنطوس  ابن  جرجس  بن  غنطوس  الحدّاد  في  عبيه،  إحدى  قرى  الغرب  في  “جبل  لبنان”،  والدته  “هند  بنت  عسّاف  سليم”  من  قرية  كفرشيما  في  الجبل  أيضاً.  عام  1859م،  تلقى  علومه  الابتدائية  والتكميلية  في  مدارس  عبيه  البروتستانتية  حتى  سنة  1872  وكان  من  التلاميذ  المتفوقين.

      في  طفولته  مال  إلى  التقشف  مما  استرعى  انتباه  المطران  “غفرائيل  شاتيلا  “مطران  بيروت  ولبنان  آنذاك  والذي  طلب  من  والده  أن  ينضم  للمدرسة  الإكليريكية  التي  أنشأها  فأصبح  من  مريدي  المطران  شاتيلا  في  عام  1872  وأنهى  دروسه  الإكليريكية  في  1875  وتخرج  منها  متقناً  اللغتين  العربية  واليونانية  وملماً  بالروسية  والتركية  وفي  العام  نفسه  عين  حداد  كاتباً  في  مطرانية  بيروت.

      عام  رسمّ  1879  شماساً  إنجيلياً  في  دير  سيدة  النورية  تحت  اسم  “غريغوريوس”،  وأنشأ  جريدة  الهدية  في  بيروت  سنة  1883  التابعة  لجمعية  التعليم  المسيحي  وكان  رئيس  تحريرها  حتى  سنة  1888،  عرَّب  مقالات  وخطباً  عديدة  لتنشر  في  جريدة  الهدية  وسعى  لتجديد  مطبعة  القديس  جاورجيوس  في  بيروت،  وأشرف  على  إعادة  طبع  كتابي  السواعي  الكبير  والمزامير  وأنشأ  مكتبة  في  دار  المطران  ليحفظ  فيها  الكتب  والمخطوطات.  صار  نائباً  للمطران  غفرائيل  في  جمعية  القديس  بولس  ليقوم  بتحسين  أداء  الطقوس  في  الكنائس  والاهتمام  بأمور  التنشئة  المسيحية  والتعليم  الديني،  فازدهرت  الجمعية  حينها  بفضل  جهود  الشماس  غريغوريوس.

      سيم  غريغوريوس  كاهناً  على  يد  المطران  غفرائيل  شاتيلا  في  1890  ونال  نعمة  رئاسة  الكهنوت  في  العام  نفسه  على  يد  البطريرك  جراسيموس  كخلف  لمطران  طرابلس  المثلث  الرحمات  صفرونيوس  نجار.

      بعد  دخوله  أبرشية  طرابلس  عمل  على  إعادة  فتح  مدرسة  بكفتين  وجددها  وأنشأ  مكتبة  في  دار  المطرانية  وبعد  أن  عينه  المجمع  المقدس  وكيلاً  لمدرسة  البلمند  الإكليريكية  سنة1900  تعهدها  وعمل  فيها  واستقدم  الأساتذة  من  بيروت،  ووضع  شروطاً  للدخول  فيها  وأعلن  قانون  المدرسة  وأشرف  على  الامتحانات  بنفسه.

      كان  مجاهداً  في  سبيل  إعادة  البطريركية  للوطنيين  فأسهم  في  الجبهة  العربية  الأنطاكية  التي  تزعمها  المطران  غفرائيل  شاتيلا  فنجح  في  استمالة  بعض  المطارنة  إليها  وتم  انتخاب  وتنصيب  مطران  اللاذقية  ملاطيوس  “الدوماني”  بطريركاً  عربياً  على  الكرسي  الأنطاكي.

      عقب  وفاة  البطريرك  ملاطيوس  التأم  المجمع  الأنطاكي  المقدس  برئاسة  القائم  مقام  البطريركي  راعي  أبرشية  حمص  المثلث  الرحمات  المطران  أثناسيوس  “عطا  الله”  وأعيان  الملة  في  دمشق  وفي  5  /  6  /  1906  تم  انتخاب  مطران  طرابلس  غريغوريوس  حداد  بطريركاً  على  مدينة  الله  أنطاكية  العظمى  كثاني  بطريرك  عربي  والبطريرك  الـ161  بعد  بطرس  الرسول  تحت  اسم  غريغوريوس  الرابع  بعد  أن  اعتلى  العرش  البطريركي  ثلاثة  بطاركة  تحت  هذا  الاسم  في  القرنين  الأول  والثاني.

      شدّد  البطريرك  غريغوريوس  على  رعاية  الإكليروس  من  خلال  التعليم،  التثقيف  والتوعية  وتقديم  المساعدات  فكان  يراسل  من  أجلهم  دول  الخارج  وإذا  لم  يستجيبوا  يعطي  من  ماله  غير  مبالٍ  والمحفوظات  البطريركية  أكبر  دليل  على  ذلك  فقد  كان  يرسل  للكهنة  في  الأعياد  الهدايا  المادية  وكان  يرسل  للأساقفة  حاثاً  إياهم  على  مساعدة  الكهنة  المحتاجين  وكان  يقبل  الشكاوي  التي  ترد  إليه  برحابة  صدر  ملفتة.  وكان  يتعامل  مع  الجميع  بروح  الشورى  ويعالج  الأمور  بحكمة.

      أُسست  على  عهد  البطريرك  غريغوريوس  عدة  مدارس  من  بينها  المدرسة  البطريركية  في  أنطاكية  1908  وكلية  حمص  الأرثوذكسية  1910  ومدرسة  قبع  سنة  1910  ومدرسة  القديس  يوحنا  السابق  في  دوما  في  لبنان  سنة  1911  ومدرسة  البستان  ”  داخلية  –  خارجية  ”  التي  أسست  ما  بين  عامي  1910  –  1915  ومدرسة  جديدة  مرجعيون  للذكور  وأخرى  للإناث  سنة  1907  ومدرستي  حاصبيا  صور  للذكور  والإناث  سنة  1907.

      عقد  على  عهد  البطريرك  غريغوريوس  الرابع  ستة  مجامع  1907  –  1910  –  1913  –  1921  –  1923  –  1928  وكان  ينوي  جعل  المجامع  دورية  ولكن  الظروف  القاهرة  كانت  تمنع  تحقيق  هذا  الحلم،  من  الحرب  الإيطالية  العثمانية  1912  وحرب  البلقان  1913  واحتلال  العرب  والانكليز  لدمشق  سنة  1918  وأهم  ما  حدث  وبحث  في  المجامع  هو  وضع  نظام  رسمي  للبطريركية  الأنطاكية  الأرثوذكسية  والمأخوذ  من  قانون  بطريركية  القسطنطينية  الأرثوذكسية  وذلك  في  مجمع  1907  ولقد  كان  البطريرك  غريغوريوس  حريصاً  على  حل  المشاكل  والخلافات  ونكأ  الجراح  التي  تنشأ  بين  أبناء  رعيته  من  مطارنة  وكهنة  وعلمانيين.

      كتب  عنه  العلامة  ”  محمد  كرد  علي  ”  في  مذكراته:

      “عرفتُ  صديقي  البطريرك  غريغوريوس  حداد  قبيل  الحرب  العالمية  الأولى  وبلغني  عنه  هذه  الرواية،  بسبب  المجاعة  التي  أصابت  شعوب  هذه  المنطقة  أثناء  الحرب  العالمية  الأولى  استنهض  البطريرك  الهمم  لمساعدة  الجائعين  والبائسين  وباع  أملاك  وأوقاف  الطائفة  الكثيرة  في  سورية  ولبنان  ليشتري  بها  طعاماً  للمحتاجين

      في  الحرب  العامية  الأولى  1914  –  1918  وقعت  مجاعة  السفر  برلك  ففتحت  البطريركية  الأرثوذكسية  بدمشق  أبوابها  لإطعام  الجياع  بغض  النظر  عن  الدين  والمذهب  وحتى  منهم  الوافدون  من  بيروت،  ورهن  البطريرك  غريغوريوس  حداد  أوقاف  البطريركية  والأديرة  كلها  للاستدانة  وباع  مقتنيات  وأواني  الكنائس  الذهبية  والفضية  التي  تحكي  تراث  البطريركية  الروحي

      حتى  أن  البطريرك  التالي  ”  الكسندروس  طحان  “باع  كل  هذه  الأوقاف  ليفي  الديون  وفوائدها  الفاحشة  وبذا  خسرت  البطريركية  الأرثوذكسية  كل  ممتلكاتها  ولكنها  ضربت  أروع  مثل  في  الأخوة.

      ويقال  أنه  فتح  أبواب  البطركية  للجميع  أيام  الحرب،  واستدان  أموالاً  طائلة  لإطعام  الجائعين،  ومن  أخباره  في  هذا  الشأن  أنه  كان  له  صليب  ماسي  أهداه  إيّاه  قيصر  روسيا  “نقولا  الثاني”،  لما  نفذت  أموال  البطريركية  رهنه  لدى  صائغ  يهودي  دمشقي  بألف  ليرة  عثمانية،  فلاحظه  أحد  أغنياء  المسلمين  وفك  رهنه  وأعاده  إلى  البطريرك،  فأخذه  وباعه  من  جديد  دون  أن  يدري  به  أحد  وحفظ  مثيلاً  له  من  زجاج،  هذا  لم  يعرف  به  أهل  الدار  البطريركية  إلا  بعد  موته  كما  ذكر  عن  غبطته;  أنه  أثناء  الحرب  العالمية  الأولى،  في  مساء  أحد  مرفع  الجبن،  التقى  نساء  مسلمات  يشكين  الجوع  قائلات:  “نريد  خبزاً  يا  أبا  المساكين.  نريد  خبزاً  لأطفالنا  الجائعين!”  فعاد  أدراجه  إلى  الدار  البطريركية  وأمر  بأن  توزّع  عليهن  المؤن  من  البطريركية  ثم  أقفل  على  نفسه  راكعاً  يصلي  بين  الساعة  الرابعة  من  بعد  الظهر  والحادية  عشر  ليلاً.  ولما  جاءه  طبّاخ  البطريركية  عارضاً  إعداد  بيضتين  مقليتين  بالسمن  مع  رغيف  وقطعة  حلوى،  أجاب  “لا  يليق  بي  أن  آكل  وغيري  يتضوّر  جوعاً!”.  ثم  أمر  بأن  يعطى  طعامه  لأول  فقير  يمرّ  بالبطريركية  في  الغد.

      تأخّر  البطريرك  يوماً  عن  وجبة  الطعام  فحفظ  له  الطبّاخ  حصّة  مميّزة.  فلما  حضر  ولاحظ  أن  ما  أفرز  له  كان  أشهى  مما  قدّم  لسواه  بادر  بالقول:  “أعطوني  مما  قدّمتم  لإخوتي!”.

      لما  حان  وقت  الطعام  مرة،  وكان  الزمن  صياماً،  أحضر  له  الطاهي  إفطاره.  في  هذه  الأثناء  كان  أولاد  يضجّون  في  ساحة  البطريركية  فسأل  عما  بهم  فقيل  له  إنهم  فقراء  جائعون  فاستدعاهم  وأعطاهم  طعامه،  من  جهة  أخرى،  كان  البطريرك  غريغوريوس  يشمل  كهنته،  لا  سيما  الفقراء  منهم،  بعطف  أبوي  كبير.  وإذ  كان  المعوزون  بينهم  يأتون  اليه  بجبب  رثّة  كان  يعطيهم  من  أجود  ما  عنده  ويبقي  لنفسه  الممزّقة  يرقّعها  بنفسه  ويسكف  نعله  بيديه.  وقد  اضطرت  حاشية  البطريرك،  تدبيراً،  إلى  إخفاء  بعض  ملابسه  الكهنوتية  عنه  حتى  لا  يهبها  للمحتاجين،  هي  أيضاً.

      وقد  كان  البطريرك  يطوف  مع  شمّاسه  وقوّاسه  يجمع  المطروحين  في  الأزقة  إلى  الدار  البطريركية  والمدرسة  التي  تقابلها  ويعنى  بإعالتهم.  وكثيراً  ما  كان  يطعمهم  بيده.

      وقد  قيل  أنه  لما  تفشّى  وباء  الكوليرا  غريغوريوس  مطران  على  طرابلس،  لم  يهرب  من  المدينة  بل  شرع  يزور  المرضى  ويعزّي  المنكوبين  ويعطف  على  الفقراء.  ولمّا  ألحّ  عليه  أصدقاؤه  بالمغادرة  أجاب:  “ليست  حياتي  أفضل  من  الذين  لا  يستطيعون  الفرار  من  الوباء!”.

      بلغه  يوما  نفاذ  الدقيق  من  البطريركية  إلا  كيساً  عزم  الخدّام  على  خبزه  وتوزيعه  على  الأرثوذكسيين  دون  غيرهم.  فجمعهم  وأخذ  رغيفاً  بيديه  وقلّبه  ثم  نظر  اليهم  قائلاً:  “لم  أجد  كتابة  ما  على  الرغيف  تقول  أنه  للروم  دون  سواهم!”  وللحال  أمرهم  بتوزيع  الخبز  على  الفقراء  كافة  دونما  تفرقة.

      سأل  متسوّل  البطريرك  يوماً  حسنة  فقال  له  أحد  الاكليريكيين  المرافقين  له:  ما  طائفتك؟  فانتهره  البطريرك  قائلاً:  هل  تمنع  عنه  الصدقة  إذا  كان  من  طائفة  غير  طائفتك؟  إلا  يكفيه  ذلاً  أنه  مدّ  يده  ليستعطي  لتذله  بسؤالك  عن  عقيدته؟!  ولما  قال  هذا  أخرج  نقوداً  من  جيبه  وأعطاه  فانصرف  مسروراً  مجبور  إيّاها.

      في  عام  1913،  لبّى  دعوة  القيصر  الروسي  نقولا  الثاني  ليرأس  احتفالات  آل  رومانوف  بمرور  ثلاثة  قرون  على  اعتلائهم  عرش  روسيا  وسافر  وبمعيته  مطران  طرابلس  الكسندروس  متجهاً  إلى  اسطنبول  حيث  حل  فيها  ضيفاً  على  الحكومة  العثمانية  وقابل  على  التوالي  الصدر  الأعظم  ثم  السلطان  محمد  رشاد  وبمعيته  وفده  المكوّن  من  مطران  طرابلس  والحاجة  سوسان  شقيقة  غبطته  والوكيل  البطريركي  بالاستانة  الخواجة  كمال  قزح  وقد  منح  السلطان  علمنا  الوسام  العثماني  المرصع،  والمجيدي  الثاني  لمطران  طرابلس،  ووسام  الشفقة  الثاني  للحاجة  سوسان  والعثماني  الثالث  لكمال  قزح.  ثم  تابع  سفره  إلى  روسية  حيث  وصل  بطرسبرج  وقابل  القيصر  والقيصرتين  وولي  العهد  وقد  نزل  القيصر  عن  عرشه  لدى  دخوله  البلاط  وانحنى  أمام  البطريرك  فباركه  البطريرك  وقبله  في  كتفه.  أما  القيصر  فقبّل  رأس  البطريرك  أولاً  ثم  يده  اليمنى.  ثم  احتفل  البطريرك  باليوبيل  في  كاتدرائية  سيدة  قازان  الأحد  6  آذار  1913  وقرأ  الانجيل  بالعربية.  ورقى  الارشمندريت  ألكسي  إلى  رتبة  الأسقفية  (وقد  تولّى  المذكور  البطريركية  الروسية  لاحقاً).

      وفي  ختام  الاحتفالات  منح  القيصر  نقولا  الثاني  البطريرك  غريغوريوس  النوط  الذهبي  المضروب  لذكرى  اليوبيل،  ووسام  القديس  ألكسندر  نيفسكي  من  الرتبة  الأولى  وهو  أعظم  الأوسمة  الروسية  وقدّم  له  صليباً  مرصعاً  بالماس  لكي  يعلّق  على  مقدمة  اللاطية  فوق  الجبين  كالبطاركة  الروس.

      وكانت  هدية  البطريرك  للقيصر  مائة  مخطوطة  من  المخطوطات  البطريركية  النادرة  منها  ما  ارتبط  بزيارة  البطريرك  مكاريوس  بن  الزعيم  في  القرن  17  إلى  روسية  وهي  محفوظة  الآن  في  مكتبة  البطريركية  في  موسكو  وفي  متحف  الكرملين.

      قاد  هذا  البطريرك  بين  1916  و1918  الصف  المسيحي  مع  الشريف  حسين  وابنه  الأمير  فيصل  للتحرر  من  نير  الأتراك  وبايع  فيصل  ملكاً  على  سورية1920  وبعد  استشهاد  البطل  يوسف  العظمة  في  ميسلون  ودخول  غورو  إلى  دمشق  كان  البطريرك  هو  الوحيد  الذي  ودع  الملك  فيصل  في  محطة  القدم  فبكى  فيصل  لما  قال  له  البطريرك  أن  هذه  اليد  التي  بايعتك  ستبقى  وفية  لك  إلى  الأبد  فحاول  فيصل  تقبيلها  لكن  البطريرك  سحب  يده  وقبله  في  جبينه.  ياللروعة  الوطنية  والانسانية  ملك  سورية  وابن  شريف  مكة  وملك  العرب  الشريف  حسين  يحاول  تقبيل  يد  البطريرك

      عام  1920  أيضاً  أمر  الجنرال  غورو  بإقامة  حفل  استقبال  كبير  في  دار  المفوضية  الفرنسية  احتفالاً  بالنصر.  ودُعي  إلى  هذا  الحفل  كبار  الشخصيات  الدينية  والرسمية  والفعاليات.  فقام  غورو  بنفسه  وأشرف  على  توزيع  أماكن  الجلوس  حول  المائدة،  فأجلس  مفتي  دمشق  عن  يمينه  والبطريرك  غريغوريوس  عن  يساره،  ولم  يكن  يعرفه  إنما  كان  قد  سمع  صيته.  وعندما  دخل  البطريرك  مد  غورو  يده  مصافحاً  باحترام  متفرساً  في  وجه  هذه  الشخصية  المتميزة  وما  قام  به  خصوصاً  في  أيام  المجاعة  وفي  تأييد  صاحبها  لفيصل  بالسر  والعلن،  وكان  متيقناً  بأن  البطريرك  ومن  ورائه  هذه  الطائفة  العربية  لن  يكون  مؤيداً  للانتداب  كما  يشتهي،  فالكنيسة  الأرثوذكسية  لم  تكن  مؤيّدة  للوجود  الفرنسي  في  سورية  ولبنان  بما  في  ذلك  تلك  الفترة  الممتدة  من  عام  1920  وحتى  وفاة  البطريرك  غريغوريوس  عام  1928  التي  شهدت  أزمات  حقيقية  بينه  وبين  الفرنسيين،  إذ  أنه  كان  يُقاوم  الانتداب  بشتّى  الوسائل  ويُقدّم  المعونات  للثوار  في  الغوطة.  وكان  كشاف  فوج  القديس  جاورجيوس  الأرثوذكسي  يوصل  المدد  للثوار.  وفي  أحد  الأيام  كان  أحد  رهبانه  قد  ضلّ  طريقه  فتوغل  في  الغوطة  واعتقلته  المخافر  الأمامية  للثوار  ونقلته  إلى  قيادتها  التي  ما  أن  سمعت  أنه  من  أتباع  البطريرك  غريغوريوس  حتى  أوصلته  باحترام  إلى  البطريركية.

      عام  1925  ألم  بحداد  مرضٌ  خفف  حاسة  البصر  لديه،  حتى  توفاه  الله  عام  1928  وجرى  تشييع  جثمانه  من  بيروت  إلى  دمشق،  فاستقبلت  الحكومة  السورية  جثمانه  على  الحدود  بإطلاق  مئة  طلقة  من  المدفعية  تحية  له،  فيما  كانت  الجماهير  تصرخ:  “مات  أبو  الفقير،  بطريرك  النصارى  وإمام  المسلمين،  نزلت  بالعرب  الكارثة  العظمى”!  وأرسل  الملك  فيصل  من  بغداد  إلى  دمشق  مئة  فارس  على  الخيل  ليشتركوا  في  التشييع،  كما  يُروى  أن  الجثمان  عندما  وصل  إلى  ساحة  الشهداء  في  بيروت  شرع  أحد  التجار  المسلمين  يرش  الملبس  على  الطريق  أمام  الجثمان  قائلاً:  “أن  هذا  القديس  قد  أعالني  أنا  وعائلتي  طيلة  الحرب  العالمية  الأولى”.

      كما  شارك  في  الجنازة  عدد  كبير  من  شيوخ  المسلمين،  وقد  قيل  أن  المسلمين  أرادوا  الصلاة  عليه  في  الجامع  الأموي  الكبير  كما  شارك  خمسون  ألف  مسلم  دمشقي  في  جنازته  وأسموه  محمد  غريغوريوس..  وكانت  الجماهير  تصرخ:  «مات  أبو  الفقير  بطريرك  النصارى  وإمام  المسلمين.  نزلت  بالعرب  الكارثة  العظمى».

      وقف  مفتي  البقاع  محمد  أمين  قزعون  بجانب  تابوته  قائلاً:  «لو  أجاز  لنا  ديننا  الاعتراف  بنبي  بعد  محمد  لقلتُ  أنت  هو!»  وقال  الشيخ  اللبناني  مصطفى  غلاييني:  «لقد  ادعاك  النصارى  والمسلمون  والكل  يزعم  أنك  بطريركه  أما  أنا  فأقول  إنك  لم  تكن  بطريرك  طائفة  من  الطوائف  وإنما  بطريرك  الإنسانية  الفاضلة».

      دفن  البطريرك  غريغوريوس  الرابع  في  مقبرة  البطاركة  الأنطاكيين  بدمشق.

      يروى  عن  البطريرك  حداد..

      «يُروى  أن  المرحوم  الشيخ  محمد  شميسم  أحد  حفظة  القرآن  الكريم،  وكان  ضريراً  رخيم  الصوت،  جاء  يشكو  للمطران  أحد  أبناء  رعيته  بديْن  له  عنده،  فطيّب  المطران  خاطره  ووعده  بتحصيل  دينه  شريطة  أن  يتلو  على  مسامعه  سورة  «مريم»  عليها  السلام.  فلبّى  الشيخ  شميسم  الطلب  وتربّع  متأدّباً  وأخذ  يتلو  بصوته  الجهوري  الجميل  السورة  الكريمة  حتى  أنهاها..  ويقول  مرافق  الشيخ  الضرير  أن  دموع  الخشوع  أخذت  تنهمر  من  عينيّ  المطران  حداد  على  لحيته  وتتساقط  منها  على  صدره..  وبعد  أن  انتهى  الشيخ  من  التلاوة  قام  المطران  إلى  غرفته  الخاصة  وأحضر  المال  المطلوب  للشيخ  شميسم  ودفعه  له».

      ويروي  الأستاذ  المرحوم  ديمتري  كوتيا،  نقلاً  عن  الصحافي  الكبير  لطف  الله  خلاط،  إلى  السيّدة  ماري  مالك:  «أن  المطران  غريغوريوس  حداد  كان  يحبّ  الكذّابين  (كبشر)  بمقدار  ما  يُبغض  الكذب  –  مع  أن  الكذب  بعيد  عنه  بُعد  السماء  عن  ألأرض  ولكنه  يحتفظ  بالخطأة  ويُطيل  باله  عليهم  لأنه  رحب  الصدر  وهو  يعتبر  أن  الله  قَبِل  الأخيار  كما  قبل  الأشرار،  وربنا  يُشرق  شمسه  على  الاثنين  معاً.  ويسترسل  الأستاذ  لطف  الله  قائلاً:  لم  اسمعه  مرّة  تكلّم  على  أحد  بسوء،  أو  غضب  عليه،  حتى  لو  كان  هذا  الشخص  من  الجماعات  التي  تنتقده  وتقاومه،  إنما  كان  يقول  دائماً  كلمته:  «سامحه  الله».

      ”  مدّ  مرّة  متسول  يده  إليه  للاستعطاء  فسأله  راهب  بقربه  عن  طائفته،  فانتهره  البطريرك  قائلاً:  «هل  تمنع  عنه  الصدقة  إذا  كان  من  طائفة  غير  طائفتك؟  ألم  يكفه  ذلّ  التسول  ومدّ  يده  للاستعطاء  حتى  تستذلّه  بسؤالك  عن  عقيدته؟  ثم  منح  المتسول  بعض  الدراهم  التي  في  جيبه  وصرفه  مسروراً  مجبور  الخاطر”

      ومما  يؤثر  عنه  أن  الراهبة،  بربارة  جحا،  التي  تُطعم  المنكوبين،  جاءت  إليه  ذات  يوم  مشتكية  من  عدم  إمكانها  أن  تعول  الجمع  لقلّة  الطعام  وكثرة  الآكلين،  وتوسلت  إليه  أن  يقتصر  على  أبناء  ملّته  الأرثوذكسية  فقط،  فأجابها:  غداً  نرسل  إليك  الخبز  وقد  كُتب  على  كل  رغيف  اسم  آكله  ومذهبه  فاطعمي  كلاّ  ما  يخصه»،  وفي  اليوم  الثاني،  جاء  الخبز  كالعادة  فتعجّبت  من  ذلك  وذهبت  إليه  تذكّره  بوعده،  فقال  لها:  «يا  ابنتي  أن  الله  أعطانا  الخبز  لنأكله  دون  نظر  إلى  مللنا  وأجناسنا  فلنبذله  للجميع»  فخجلت  وعادت  أدراجها  تُطعم  الجميع  مما  يصل  إلى  يدها  من  المأكل».

      روت  السيدة  لمياء  حدّاد  أنها  وزوجها  الدكتور  سامي  حدّاد،  استضافا  غبطة  البطريرك  في  بيروت  بعد  أن  أجريت  له  عملية  الماء  الزرقاء  في  مستشفى  الجامعة  الأميركية.  وذات  يوم  أتى  أحد  كبار  المسلمين  زائراً  غبطته  وقد  علم  بفقر  حاله  فأعدّ  له  بدلة  رسمية  هدية.  استقبله  غبطة  البطريرك  وقد  كان  أحد  الكهنة  الفقراء  في  زيارته.  شكر  الزائر  على  هديته  وبعد  انصراف  الزائر  نادى  غبطته  الكاهن  وطلب  إليه  أن  يرتدي  البذلة  وإذ  ناسبته  قال  له:  «خذها  يا  بني  وابقِ  بدلتك  الرثة  هنا  ”

      كما  روى  أحد  أعيان  صوفر  أنه  زار  البطريرك  في  دار  مطرانية  بيروت  وخلال  الزيارة  سمع  غبطته  يسأل  أحد  الجلوس  عن  الوقت،  وإذ  لم  يكن  يملك  ساعة.  فما  كان  من  الثري  إلا  أن  انتزع  ساعته  الذهبية  وأهداها  إلى  البطريرك  هي  وكستاكها  الثمين.  وبعد  ذلك  بأسابيع،  صادف  أن  مرّ  الرجلُ  نفسه  في  دمشق  فلم  يلاحظ  الساعة  في  حوزة  البطريرك.  ولما  استفسر  عن  الأمر  لدى  أحد  الكهنة،  أجابه  هذا  الأخير:  «بعد  زيارتك  لغبطته  بيومين،  قصدته  امرأة  طالبةً  المساعدة  فقال  لها  البطريرك:  لا  مال  لديّ  ولكن  خذي  هذه  الساعة  واذهبي  إلى  أحد  الصاغة  فهي  ثمينة  ولا  بد  أن  تكفيكِ  مورداً  مدّة  طويلة”.   

      Image result for ‫البطريرك غريغوريوس حداد ‬‎

      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

      سوريتنا  |  العدد  الثاني  والتسعون  |  23  حزيران  2013

      أخبارنا:  مسؤولة  أوروبية  تحذّر  المجتمع  الدولي  من  مواجهة  أكبر  أزمة  لاجئين  في  سوريا

      مف  العدد:  مؤتمر  مجموعة  الثماني..  مجتمعون  جدد،  وإرادة  ثابتة  حتى  النصر  لو  تأخر

      ملف  خاص:  في  خدمة  الفاشية  الأسدية..  هؤلاء  هم!

      كلمة  في  الثورة:  بين  سوريا  والسوريين

      نبض  الروح:  الفكر  التكفيري  وأزمة  قبول  الآخر

      حوار  العدد:  مع  رئيس  وزراء  الحكومة  السورية  المؤقتة  المهندس  غسان  هيتو

      Image result for ‫البطريرك غريغوريوس حداد ‬‎Image result for ‫البطريرك غريغوريوس حداد ‬‎

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.