نتيجة بحث الصور عن مكرم سلامة سلامة

الباحث مكرم سلامة: وثّقت لتاريخ السينما والسياسة في مصر

 

  • 13-01-2012
  • يقتني 120 ألف أفيش مصري وألفي أفيش أميركي

    مكرم سلامة.. هاوي جمع أرشيف السينما المصرية في 30 عاماً

 

بمجرد أن تطأ قدماك منزل مكرم سلامة (65 سنة) في مدينة الإسكندرية، أشهر باحث مصري في الوثائق والأرشيفات، تستشعر عبق التاريخ وروائح الزمن الجميل. وثائق الإرهاصات الأولى لصناعة السينما المصرية وخطابات بخط يد الفنانين خلال تلك الفترة ومعاناتهم.

تنتقل من سحر السينما إلى غموض السياسة وأسرارها في صور نادرة لرؤساء مصر السابقين، بالإضافة إلى صور «نادرة» أيضاً لتفاصيل الحياة اليومية والمهن في مصر حتى منتصف الخمسينيات بعدسة المصورين الفوتوغرافيين الأرمن والإيطاليين، وغيرها من «كنوز» وثائقية يكشفها مكرم في لقائه التالي مع «الجريدة».

كيف حصلت على هذا الكم الهائل من ملصقات نادرة ومراسلات وخطابات لعمالقة الفن السابع في مصر؟

منذ نحو 30 عاماً، في أوائل الثمانينيات تحديداً، بدأت في جمع هذا التراث بشكل مكثف. مثَّلت تلك الفترة بداية أزمة صناعة السينما في مصر وأنهيارها، فأغلقت غالبية دور العرض وشركات الإنتاج والتوزيع السينمائي أبوابها استعداداً للبيع، إضافة إلى بيع عدد كبير من شركات التوزيع تراثها وإنتاجها للقنوات الفضائية.

ذهبت إلى معظم دور العرض وشركات الإنتاج والتوزيع السينمائي من الإسكندرية إلى أسوان واشتريت كل ما استطيع من أفلام ومراسلات وملصقات خشية ضياع هذا الكنز، وأنفقت كل ما جمعته طوال حياتي من عملي على السفن خلال 30 عاماً على هذه الهواية التي أصبحت عشقي.

كم جمعت من وثائق تخص السينما المصرية؟

لديّ نحو مئة ألف ملصق سينمائي خاص بما يزيد على قرابة 2500 فيلم سينمائي، منذ بدايات صناعة السينما في مصر عام 1928، من بينها جميع ملصقات أفلام السينما الصامتة وأعمال أنور وجدي ونجيب الريحاني وإسماعيل ياسين والمخرج العالمي الراحل يوسف شاهين منذ فيلمه الأول «بابا أمين» حتى «هي فوضى». كذلك لدي ملصق نادر باللغة التركية لفيلم «بلال مؤذن الرسول» (ص) يعود إلى منتصف الستينيات، وملصق نادر لفيلم «المؤلفة المصرية» بطولة الفنانة عزيزة أمير، وهو أول عمل سينمائي تركي ناطق في تاريخ السينما التركية.

ما أندر الوثائق والصور السينمائية والخطابات والعقود التي استطعت جمعها وتملكها؟

لدي مجموعة نيغاتيف كاملة لأرشيف الفنان الراحل أنور وجدي، تحتوي على صور نادرة له منذ شبابه وحتى وفاته، من بينها صور عائلية له مع والدته وزوجته المطربة الراحلة ليلى مراد. كذلك لدي عقود إنتاج وتوزيع غالبية الأفلام المصرية منذ الثلاثينيات وحتى بداية الستينيات اشتريتها من ورثة «بهنا فيلم» (أشهر شركة توزيع سينمائي في مصر آنذاك)، إضافة إلى خطابات ومراسلات بخط يد أشهر نجوم السينما المصرية، من بينها تكاليف إنتاج الأفلام وإيصالات الأجور، أبرزها عقود أفلام سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة وعمر الشريف ورشدي أباظة وهند رستم والمخرجين صلاح أبوسيف وحسن الإمام،  ناهيك بأصول الدعاوى القضائية بين الفنانين والمنتجين آنذاك والتي كانت تنشأ غالباً بسبب ترتيب الأسماء على الملصق أو تأخر سداد أقساط أجورهم.

ما أكثر ما تعتز به من وثائق وأرشيفات سينمائية؟

أرشيف المخرج الإيطالي اليهودي توجو مزراحي، صاحب فيلم «سلامة» لكوكب الغناء العربي أم كلثوم، وجميع أفلام الفنان الكوميدي علي الكسار وشالوم «اليهودي». يعتبر الأخير أحد رواد مخرجي السينما المصرية وكانت بدايته في مدينة الإسكندرية، وحياته قريبة الشبه بحياة عميد المسرح العربي يوسف بك وهبي فكلاهما من أسرة ثرية لا تحب الفن الذي كان مهنة وضيعة آنذاك، وكان يطلق على الفنان «مشخصاتي» وكانت لا تقبل شهادته في المحكمة. مع ذلك عشقا الفن وتحديا أسرتيهما، وأحتفظ له بمجموعة «نيغاتيف» نادرة وكاملة لجميع كواليس أعماله البالغ عددها 35 فيلماً اشتريتها من أحد تجار «الخردة» في القاهرة، بدءاً بـ»كوكايين» وهو صامت أنتج عام 1930 وأعيد ناطقاً في ما بعد، نهاية بـ{سلامة» (1945).

لماذا أهديت هذه المجموعة لمكتبة الإسكندرية؟

أهديتها منذ سنوات في احتفالية مئوية السينما المصرية، بمناسبة تكريم «مزراحي» الذي لم يتم العثور على أي أرشيف وصور فوتوغرافية سينمائية له سوى في حوزتي.

ننتقل من سحر السينما إلى عالم السياسة، ما هو أندر ما لديك وأهم ما استطعت جمعه؟

أملك أرشيفاً فوتوغرافياً نادراً بالنيغاتيف للواء محمد نجيب، أول رئيس لمصر عقب ثورة يوليو 52 وحتى عام 1954. اشتريته للأسف الشديد من «جامع قمامة» ولا أدري كيف حصل عليه.

يحتوي الأرشيف على 300 صورة لنجيب مع أبنائه الثلاثة في منزله وأثناء حديث له لإذاعة الشرق الأدنى عام 1954، وعلى صور نادرة لأول استعراض للجيش بعد ثورة 1952 تحت إشراف نجيب، وصورة للأخير عند زيارته دار الإذاعة المصرية القديمة، ومع وزير الخارجية الأميركي دالاس والسفير كافري في أحد قصور الرئاسة المصرية وتعود إلى عام 1954 قبل تحديد إقامته وعزله في ما بعد.

كذلك يتضمن الأرشيف صوراً للرئيس الراحل جمال عبد الناصر عقب تأميم قناة السويس عام 1956 مع الوفود الشعبية المؤيدة لقرار التأميم برئاسة مجلس الوزراء ومخاطباً الجماهير من شرفة المجلس.

هل استطعت جمع وثائق نادرة أيضاً تخص حقبة الملكية المصرية وأسرة محمد علي؟

بالتأكيد لأنها حقبة «أسطورية» ليس في تاريخ مصر فحسب بل في تاريخ العالم العربي كله، بالإضافة إلى نحو 3 آلاف صورة نادرة بالنيغاتيف  للمصور الأرمني ألبان (مصور الملكين فؤاد وفاروق) تتضمن صوراً للملك فؤاد وزفاف الملك فاروق والملكة فريدة.

جمعت أيضاً ما يقرب من 10 آلاف وثيقة نادرة (أهديتها لمكتبة الإسكندرية أخيراً) اشتريتها ضمن طن ورق قديم ومستعمل من تاجر ورق في القاهرة، من بينها وثائق «الري المصري» خلال الفترة من 1870 حتى عام 1912 ويرد فيها عدد الترع والمصارف والأراضي الزراعية خلال الفترة، بالإضافة إلى وثائق «الدائرة السنية» الخاصة بالباب العالي والدائرة الخديوية في عهد «الخديوي إسماعيل»، وتحتوي على حسابات الأراضي وريع الأملاك المملوكة له ولأسرته آنذاك في جميع أنحاء مصر، بالإضافة إلى أول تراخيص لكل من دور العرض السينمائي والمسارح والمقاهي في مصر خلال الفترة من 1897 حتى عام 1900.

لديك عدد من ماكينات العرض السينمائي القديم وأفلام 35 و16 ملم، فهل أنت مهتم بالسينما الوثائقية أيضاً؟

لدى نحو 500 فيلم وثائقي قديم بنظام 16 ملم أجمعهم منذ نحو 40 عاماً، من بينها افتتاح مؤتمر القمة العربي الثالث في القاهرة في يناير عام 1964 ومدته 20 دقيقة، بحضور الراحلين الرئيس عبد الناصر وأمير الكويت عبد الله الصباح والملك السعودي سعود بن عبدالعزيز. كذلك لدي فيلم وثائقي سعودي يعود إلى عام 1965 باسم «إلى عرفات الله» ناطق باللغات الفرنسية والإنكليزية والإسبانية مدته 10 دقائق يظهر فيه الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز وهو يؤدي مناسك الحج، ناهيك بنحو 16 فيلماً تسجيلياً حياً للحرب العالمية الأولى عام 1917، والثانية 1940 في مصر والعالم باللغة الإنكليزية، فضلاً عن احتفالات العيد الأول لثورة يوليو 52، والعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 مصوراً بالطائرة، وزيارة عبد الناصر للهند في الستينيات وجميع مراحل بناء السد العالي.

مصنع الحكايات.. مكرم سلامة: لدىّ 1000 فيلم وثائقى و«أفيشات» 2000 عمل نادر.. ودفعت فيها كل قرش أملكه

 الخميس 19/ديسمبر/2019 – 07:29 م
جريدة الدستور

 إيهاب مصطفى
أشهر جامع وثائق يفتح لـ« الدستور» خزانة أسرار عباقرة السينما فى مصر
«ليلى» أول فيلم سينمائى أنتج فى مصر عام 1927 والمخرجة كانت السيدة عزيزة أمير
الإسكندرية ثانى مدينة يُعرض فيها شريط سينمائى بعد باريس وسبقت لندن
وجدت وثائق السكك الحديدية مع جامع قمامة.. وتبرعت لمكتبة الإسكندرية بإرث مزراحى

كأنه منذور لحفظ تراث الفن السابع فى مصر، حوّل مكرم سلامة، أشهر جامع وثائق فى مصر والوطن العربى، بيته على مدار عقود طويلة إلى ما يشبه «المتحف الصغير»، الذى يضم تاريخ أول «مشخصاتية» يقفون أمام الكاميرات.
بابتسامة حكيم، يجلس الرجل بين «أفيشات» أكثر من ٢٠٠٠ فيلم سينمائى، ينتظر الفنانين الشبان الذين يقودهم الشغف للبحث عن تراث من سبقوهم، ولم يكتف بذلك بل تبرع لمكتبة الإسكندرية بأرشيف المخرج الكبير توجو مزراحى، وبوثائق إنشاء هيئة سكك حديد مصر.
«الدستور» التقت «سلامة»، الذى كشف عن حكايات عباقرة السينما فى مصر، وحكى عن أوراق تخص العائلة المالكة، وجدها مصادفة فى يدى واحد من جامعى القمامة.

■ كيف بدأت قصتك مع جمع الوثائق؟
– أنا صعيدى، أحببت السينما منذ طفولتى، وكانت دور العرض تملأ محافظات الصعيد فى ذلك الوقت، وبعد أن حصلت على شهادة الثانوية العامة، من إحدى مدارس نجع حمادى بمحافظة قنا، لم أكمل تعليمى، وقررت الانتقال إلى القاهرة، حيث كنت أبحث عن كل ما يخص تاريخ السينما بشغف كبير. وبعد حرب أكتوبر المجيدة سافرت إلى السويس، وافتتحت شركة ملاحة وأدرت أعمالى هناك حتى عام ١٩٩٠، وبعدها انتقلت إلى الإسكندرية، حيث أعمل هنا منذ ٣٥ عامًا. وخلال هذه الفترة وإلى الآن، أشترى كل شىء يخص السينما بكل قرش أملكه، وكنت أشترى من المُلاك أرشيف السينما كاملًا، وكل ما تقع عليه عيناى، خوفًا من أن يضيع هذا التراث السينمائى العظيم.
■ ما أهم الوثائق التى تملكها حاليًا؟
– أملك كل الخطابات التى كانت ترسلها الدول العربية لموزعى الأفلام فى الماضى، ووثائق توزيع الأفلام القديمة خارج مصر، وتضم معلومات قيمة جدًا لا تتعلق بالسينما فقط، بل بالسياسة أيضًا، فتحكى عن أحداث قبل ثورة يوليو ١٩٥٢ وبعدها، كما تحمل آراء مرسل الخطاب فيما يتعلق بالأحداث الجارية آنذاك.
أغلب تلك الخطابات من لبنان والعراق وسوريا، وتكشف عن أنه فى فترة ما قبل ثورة ٢٣ يوليو كان أغلب الموزعين يهودًا، لأنهم كانوا يمتلكون رأس المال الكافى لهذه التجارة آنذاك، ولم يكن هناك فرق بين مسلم ومسيحى ويهودى. ومن بين الخطابات خطاب أرسله موزع من الشام، حكى خلاله عن ثورة الفلسطينيين ضد الاحتلال البريطانى، وضد استيطان اليهود عام ١٩٣٦.
■ هل تملك وثائق عن عدد دور العرض آنذاك؟
– نعم، أملك عقودًا كان يستخدمها الموزعون السينمائيون، وتثبت أن مصر ضمت ١٠٠٠ دار للعرض السينمائى فى جميع المحافظات، خلال فترة ما. الأقصر مثلًا كانت تضم ٥ دور عرض، منها «دريجو» و«النصر» و«شركة السكر»، وأرمنت كانت تضم دارى عرض، إحداهما تابعة لمصنع السكر، بجانب ٤ دور عرض فى قنا، و٢ فى نجع حمادى، إحداهما صيفية والأخرى شتوية، ثم جرى افتتاح دار ثالثة، وكانت هناك سينمات فى إدفو وكوم أمبو وإسنا وفرشوط وجرجا وسوهاج وأسيوط، وأسوان وحدها كانت تضم ٤ دور عرض.
■ تبرعت لمكتبة الإسكندرية بإرث المخرج توجو مزراحى.. كيف تم ذلك؟
– نظمت مكتبة الإسكندرية احتفالية تحمل اسم توجو مزراحى، ولأننى أمتلك ٣٧ فيلمًا له من أصل ٤٥ فيلمًا أخرجها، فى الاستديو الخاص به بمنطقة السيوف بالإسكندرية، رأيت أن هذا الكنز يجب أن يُحفظ للأجيال المقبلة.
«مزراحى» كان من مؤسسى الفن السابع فى مصر، وللأسف لا تعرف الأجيال الجديدة أن الإسكندرية ثانى مدينة على مستوى العالم يُعرض فيها شريط سينمائى بعد باريس. فالسينما بدأت فى فرنسا عام ١٨٩٦، ثم فى مصر عام ١٨٩٨، كما لا يعرف الكثيرون أن الإسكندرية عرفت السينما قبل لندن.
و«مزراحى» هاجر فى أربعينيات القرن الماضى إلى إيطاليا، ومات فى الثمانينيات، وباعت هيئة الضرائب أفلامه «٤٥ فيلمًا» لشخص فى القاهرة، بمبلغ ٣ آلاف جنيه.
■ أين كان موقع أول عرض سينمائى فى الإسكندرية؟

– فى المكان الذى يقف فيه قصر ثقافة الشاطبى حاليًا، وكان اسمه «نادى محمد على»، وخرجت باسمه أول رخصة للعرض السينمائى فى مصر، وكُتب فيها «مكان للألعاب السيماوية»، وأنا أمتلك الرخصة الثانية، التى صدرت عام ١٨٩٩، وتغير فيها الاسم إلى «سينماتوغراف»، وكانت تلك الرخص تتيح إقامة الحفلات العامة أيضًا، وعثرت على هذه الرخص مع رجل مسافر، واشتريتها منه.
■ هل قدمت لمكتبة الإسكندرية كنوزًا أخرى؟
– نعم، تبرعت للمكتبة بـ١٠٠٠ وثيقة تؤرخ مراحل إنشاء هيئة سكك حديد مصر، من الإسكندرية إلى أسيوط، تضم خرائط وأوراقًا تخص العائلة المالكة وتحمل توقيعات مهمة، والمفارقة العجيبة أننى وجدت هذه الوثائق مع جامع قمامة، ولم يكن يعرف قيمتها، فاشتريتها منه.
■ ما حكاية أول فيلم جرى إنتاجه فى مصر؟
– أول إنتاج لفيلم سينمائى فى مصر كان عام ١٩٢٧، وحمل اسم «ليلى»، وكان من إخراج السيدة عزيزة أمير، وبعدها قدمت النجمة فاطمة رشدى فيلم «فاجعة فوق الهرم»، وفى عام ١٩٣٢ قدم يوسف وهبى فيلم «أولاد الذوات»، وجميع تلك الأفلام كانت صامتة، ثم جاءت تقنية الصوت فيما بعد.
■ من أقدم مصور فى مصر؟
– الإيطالى الفيزى الفانيلى، وكان مصورًا ومنتجًا، وله الفضل فى دخول توجو مزراحى السينما. و«الفانيلى» اشترى شركة كانت تصور الميادين والشوارع أثناء الحروب، واستخدم معداتها ليبدأ صناعة السينما فى مصر، ومات هذا الرجل فى سبعينيات القرن الماضى.
■ كيف انتقلت السينما من الإسكندرية إلى القاهرة؟
– انتقلت السينما إلى القاهرة عام ١٩٣٥، وكان الفضل للنجمة عزيزة أمير، كما ساعدت الحرب العالمية الثانية على انتشار السينما فى مصر، إذ جاء إلينا أغلب ملوك العالم وقتها.
■ هل بيع الأفلام القديمة لأشخاص غير معروفين يعنى اندثار هذه المواد؟
– بالطبع لا.. فحتى وإن بيع الفيلم وحق النسخ من «النيجاتيف» يحتفظ «ستوديو مصر» بنسخة منه، وبالتالى فإن أى فيلم جرى بيعه هناك نسخة محفوظة منه، ولا أصدق من يقول إن أحدهم باع «النيجاتيف»، لأن هذا هو تراث مصر وغير مسموح بالتفريط فيه.
■ ما قصة «الأفيشات» التى تملأ بيتك؟
– فى رحلة بحثى عن الوثائق جمعت «بوسترات» أكثر من ٢٠٠٠ فيلم، وأغلبها أفلام نادرة، مثل بوستر فيلم «أمير الانتقام» وبوسترات عزيزة أمير ويوسف وهبى وأنور وجدى، وكل أبطال هذا الزمن الجميل، وكلها أصلية، كما جمعت صورًا أصلية التقطت خلال تصوير بعض الأفلام، توثق مراحل التصوير، ورسومات كثيرة أخرى متعلقة بالأفلام.
■ لماذا تهتم بـ«الأفيشات»؟
– لأن «أفيشات» السينما فى ذلك الوقت لم تكن مجرد لقطة بالكاميرا، بل لوحة رسمها فنان عظيم، عادة ما يوقع عليها ويعتبرها من أهم أعماله، كما أن هذه «الأفيشات» تضم روائع الخطاطين المصريين، وكان كل خطاط يحرص على وضع شعار يعبر عن الفيلم، ما كان يساعد فى انتشار الفيلم ونجاحه، فـ«الأفيش» منتج شارك فى صناعته رسام وخطاط ومخرج، لذا أعتبره عملًا فنيًا متكاملًا لا بد من الحفاظ عليه.
■ كم عدد الأفلام الوثائقية التى تحتفظ بها؟
– أمتلك ١٠٠٠ فيلم وثائقى، منها ٣٠٠ فيلم عربى أُنتجت خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى، تحكى عن أمور شتى، وعلى رأسها فيلم عن توفيق الحكيم، مدته ٤٠ دقيقة، وأفلام عن الفنانين بيكار ومحمود موسى وعبدالهادى الجزار.
■ ماذا يضم أرشيف الصور الذى تمتلكه؟
– أمتلك صورًا كثيرة للرئيس الراحل جمال عبدالناصر تؤرخ لجميع فترات حياته، وكذا صورًا لفنانين مصريين، تحكى عن تفاصيل حياتهم الشخصية. كما أمتلك عددًا كبيرًا من الخطابات، حصلت عليها فى مزادات لبيع الورق القديم، كنت أشترى كمية كبيرة وأفحصها، فأكتشف أنها تضم كنوزًا، ومن بين الخطابات التى وجدتها مصادفة، خطاب أرسله يوسف وهبى لشقيقه «إسماعيل»، أخبره خلاله بأن بهيجة حافظ غادرت باريس، ويطلب منه أن يذهب ليرسل إليه أمينة رزق لتكمل تصوير فيلم «أولاد الذوات».
ولدىّ خطابات لمخرجين مصريين وكلهم كانوا يتحدثون فيها عن السينما والأزمات التى مرت بها، مثل خطاب أرسلته زوجة فوزى الجزايرلى تطلب من الموزع نقودًا حين كان زوجها مريضًا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مكرم سلامة أشهر جامع لأرشيف السينما المصرية ومؤرخ لتاريخها بالصور والأفيشات

الهوايات فنون.. والفنون جنون..

صورة نادرة لاسمهان
لوبي كارد أو كارت شباك من فيلم «رصيف نمرة 5» يجمع هدى سلطان مع فريد شوقي ومحمود المليجي
كارت شباك فيلم «ليلى» بطولة عزيزة أمير
الإسكندرية: داليا عاصم
البعض يهوى سماع الموسيقى، فيما قد يهوى آخرون القراءة، أو السفر والترحال ومشاهدة معالم جديدة، وقد تكون لدى البعض هوايات قد تبدو غريبة للبعض الآخر، كما هو الحال مع مكرم سلامة المواطن الاسكندري، أحد عشاق الفن السابع. ويتبدى هذا العشق في اهتمامه بجمع كل ما يتعلق بعالم السينما والنجوم في منزله، خاصة أفيشات الأفلام، وخطابات الفنانين لبعضهم بعضا ولأصدقائهم، بالإضافة إلى مئات الصور الخاصة بصناعة الفيلم ذاته. ولتتحول تلك الهواية التي مارسها على مدار أكثر من 30 عاماً إلى نوع من العشق الخاص الذي دفعه للتوثيق للإنتاج السينمائي المصري منذ عشرينات القرن الماضي من خلال رحلة بحثه في عالم الوثائق، التي باتت جزءاً لا يتجزأ من حياته. «غرامي بالسينما خطفني إلى جمع الوثائق»، هكذا يقول مكرم سلامة أشهر جامعي الوثائق والسجلات في مصر، موضحا سر الهواية التي تملكته منذ الشباب إلى اليوم، وجمع خلالها الوثائق والأفيشات السينمائية والمراسلات والحجج الأصلية من دور السينما ليس في الاسكندرية فحسب، بل في أسوان أيضا. ومع الوقت تحولت هواية مكرم إلى احتراف وعمل جاد يسعي فيه إلى أرشفة كل هذا التراث بصورة رقمية. الزائر لمنزل مكرم سلامة بالإسكندرية، سيدهش لاكتظاظه بالأفيشات السينمائية والصور والبوسترات لأشهر نجوم السينما المصريين والأجانب، ولا بد أن يتملكه الشعور بالانبهار بهذا الكم الهائل من تراث السينما المصرية، التي احتفلت بمئويتها هذا العام. يقول مكرم إن قصة عشقه لتلك الهواية تعود إلى اكثر من 30 سنة، حين كانت السينما المصرية تمر بأزمتها في الإنتاج، ودور العرض التي كانت تغلق أبوابها استعداداً للبيع. ويضيف: «لقد نشأت في الصعيد وشهدت أوائل الخمسينات صحوة في صناعة السينما، التي كانت منتشرة حتى أقاصي الصعيد، حيث كان يعرض بها فيلم عربي أو أجنبي كل اسبوع، وكان هناك احترام شديد للسينما، حتى ان السلام الملكي كان يعزف قبل عرض الفيلم ويقف جميع المتفرجين. هذا الاحترام ازداد بداخلي وهو ما دفعني إلي جمع كل تراث السينما المصرية، فكنت أذهب إلى كل دور العرض قبل أن تبيع ما لديها وأشتري الأرشيف الخاص بها. كنت مدفوعا بالخوف من ضياع هذه الثروة، أو ذهابها إلى من لا يدرك قيمتها وأهميتها. وهو نفس ما فعلته مع شركات الإنتاج والتوزيع الخارجي والداخلي في مصر، التي أغلقت بعد بيعها الأفلام للقنوات الفضائية في منتصف التسعينات. كانوا يبيعون كل شيء، بدءا من المراسلات والخطابات إلى البوسترات، فكنت أجمع ما أجده منها، وبالفعل نجحت في جمع أفيشات للأفلام المصرية منذ عام 1928، حتى وصل عدد ما أقتنيه حالياً 120 ألف بوستر، وهي خاصة بـ2000 فيلم، حيث جمعت لكل فيلم 10 أو 20 بوسترا حسبما أجده، كما جمعت 1000 «بريس بوك»، و10 آلاف لوبي كارد، ولدي أفيشات نادرة منها، أفيش فيلم «أمير الانتقام» لأنور وجدي، وفيلم «الفلوس» لعزيزة أمير. يرى مكرم أن صناعة الافيشات تطورت كثيراً عن بداياتها، حيث كانت في البداية نوعاً من الاجتهاد الشخصي لأشهر الرسامين في وقتها، وكانت شهرة الفنان تتحكم في تصنيف الأفيش بدءاً من الدرجة الأولى أو الدرجة الثانية أو الثالثة، فكان الرسامون يختلفون، ولكن الأفيش هو نفسه. فقد كان يتم رسمه يدوياً وغالباً ما يظهر فيه البطل والبطلة الرئيسيان في الفيلم، بعد ذلك أدخلت فنون الجرافيك البدائية عليه، حيث تداخلت الصور مع لمسات الخطاطين لصناعة أروع الأفيشات، حيث كانوا يضيفون بعض الجمل التي تروج للفيلم وتشوق المشاهدين لأحداثه مما كان يجعلها مميزة وتعلق بالأذهان. بيد أن هواية مكرم في جمع الأفيشات لا تقتصر على الأفلام المصرية وحدها، بل تمتد إلي الأفلام الأميركية أيضاً، التي يمتلك منها 2000 بوستر، لأهم وأشهر الافلام. ويقول مكرم عن الطريقة التي جمع بها تلك الأفيشات: «تعاونت مع عدد من الهواة الأميركيين المهتمين بجمع تراث السينما المصرية، فكنت أمنحه لهم وفي المقابل يرسلون لي بافيشات الافلام الأميركية النادرة».إلى جانب زخم الأفيشات، تتراءى لزائر منزل مكرم العديد من صور النجوم التي يعلقها على الجدران، مذيلة بإهداءات خاصة وموقعة بأسمائهم، ومنها صورة للمطربة أسمهان كانت قد ارسلتها لشقيقها فؤاد الأطرش وقد كتب عليها إهداء «أقدم أغلى هدية». كما يقتني مكرم سلامة مجموعات أرشيفية كاملة خاصة بكبار الفنانين والنجوم تضم مجموعة من الصور الفوتوغرافية، التي تسجل لقطات من الأفلام القديمة أثناء مراحل التصوير وخلف الكاميرا، وصورا لفريق الفيلم قبل تصوير الفيلم وبعده، فيما يشبة الـmaking ، ومنهم الفنانة ماري كويني وأرشيف آسيا ومحمد فوزي ومديحة يسري ويحيى شاهين، والمصور الكبير عبد الحليم نصر وحسين صدقي وبدر وابراهيم لاما والجزايرلي. تضم هذه المجموعات الأرشيفية متاعبهم ومآسيهم بخط أيديهم، سواء متاعب التصوير، أو مصاريف وتكاليف الافلام وتوزيعها، والمشاكل التي كانت تقابلهم من جراء حبهم للفن، وهذا بحد ذاته يجعلها تمثل فصولا مهمة من قصة السينما المصرية. ومنها خطابات لحسن الإمام أشهر المخرجين المصريين يستجدي أموالا لاكمال أفلامه، وخطاب يعود لسنة 1947 كتبت فيه زوجة فوزي الجزايرلي إلي الموزع الخارجي بهنا، تطلب منه مصاريف المستشفى، وتشكي له الحالة المرضية لزوجها وعدم زيارة ابنه المخرج فؤاد له، ووثيقة كتبت بها كلمة التأسيس للمعهد المصري للسينما، الذي أسسه المخرج محمد بيومي بالإسكندرية عام 1932. وخطاب من يوسف وهبي أرسله لاسماعيل وهبي في مصر أثناء تصوير فيلم «أولاد الذوات»، أول فيلم مصري ناطق في باريس، يقول في مضمونه أن بهيجة حافظ تركته وعادت الى مصر وأضرت به ضرراً بالغا في باريس، وطلب منه أن يرسل له أمينة رزق لتكمل تمثيل الفيلم وبالفعل أكملت أمينة الفيلم. يرفض مكرم سلامة التفريط بورقة واحدة من هذا الأرشيف، إلا أنه لم يبخل على مكتبة الإسكندرية بأرشيف توجو مزراحي، عندما نظمت احتفالية كبرى احتفاء بالمخرج الاسكندري وتكريمه، حيث أعطى للمكتبة كل أرشيفه السينمائي المكون من 37 فيلما. ويروي مكرم أنه وجد هذه الأفلام مهملة وفي حالة مزرية لدى احد تجار الخردة في القاهرة، وكانت المجموعة تضم أفلام علي الكسار وشالوم، فاشتراها وقام بإعادة طبعها من النيجاتيف، ويقول: «عملت لفترة من الزمن في مجال التصوير الفوتوغرافي، مما أهلني للحصول على خبرة في التحميض والتصوير ساعدتني على تحميض نيجاتيف هذه الأفلام، التي يعود تاريخها إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، حيث كانت تصنع الأفلام باستخدام الزجاج، أما الآن فقد تطورت صناعة السينما وأصبحت الأفلام الـ35 ملم توضع على قاعدة من البلاستيك».

نتيجة بحث الصور عن مكرم سلامة سلامة

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.