إثنان من أنواع التصوير الفوتوغرافي يعلمان الجرأة ويكسبان الدربة السريعة
ويصنعان شخصية المصور: تصوير الربورطاج وتصوير حياة الشارع.

1- تصوير الربورطاج بشقيه المدني والحربي

 في شقه المدني الرسمي، يعلمك الانضباط أولا لأخلاقيات المجال والإلمام بجوانبه التقنية واتخاذ الاحتياطات والتدابير اللازمة لأن هامش الخطأ ضئيل جدا ولا يسمح لك بطلب إعادة المشاهد خصوصا اذا تعلق الأمر بالاجتماعات أو التدشينات الرسمية بوجود شخصيات مرموقة حكومية أو مدنية لأن وقتها محسوب “اللي دا شي داه” ويعلمك ألا تتجاوز الحدود المرسومة من طرف البروتوكول الوزاري أو الرئاسي أو الملكي حتى وان كنت معتمدا من أكبر الوكالات في العالم وتختلف درجة التعامل حسب نوع ودرجة البروتوكول الشيء الذي يفرض عليك هامشا ضيقا جدا للتحرك وزاوية التقاط موحدة مع نظرائك المصورين الآخرين المعتمدين في صف واحد يحبسهم خيط يقبضه من جانبيه رجال طوال عراض بالإضافة إلى المصورين الرسميين لتلك الهيئات والمؤسسات مما لا يتيح لك إمكانية تغيير المشاهد ما يدعوك الى الحضور قبل الموعد لاختيار تموقعك الجيد بينهم ولا تكثر من شرب السوائل ولا تسرف في الأكل حتى لا تقع في الحرج واعمل حساب إمكانية تأخر الحدث أو المسؤول المنتظر وإلا ستبقى من دون تصوير وذلك بعد قراءة المشهد مع إمكانية الاستفسار من البروتوكول عن بعض التفاصيل التي قد تفيدك اذا كان مسموحا بها حسب طبيعة النشاط والترتيبات الأمنية الخاصة به، مع كل هذا فإنه يجب عليك التجرد من أحاسيسك وكأنك آلة ميكانيكية لا تتكلم ولا تسمع ولا ترى تحمل أسرار الحدث معها ولا تفشيها ولا تفكر فشي سيلفي كما يفعل الكثيرون في زماننا وإلا ستجد نفسك ضمن لائحة المغضوب عليهم من البروتوكول لأن هناك عيونا تراقب سلوكيات المصورين وتترصد حركاتهم.

 في شقه المدني غير المقيد: ويهم تصوير المظاهرات والمسيرات التضامنية والاحتجاجية والذي يفرض عليك ممارسة العديد من الحركات الرياضية كالعدو والقفز نزولا وصعودا متسلقا الأشجار والأعمدة وصناديق الهاتف والشاحنات المتوقفة بالجنبات وسطوح العمارات لكي تتمكن من التقاط مشاهد علوية تبين ضخامة التظاهرة والعدد وتنوع المشاهد لتغني بها ألبومك الذي ستقدمه لهيئتك الصحفية التي أرسلتك في المهمة دون أن تنسى التفاصيل التي تفرض عليك الدخول بين المتظاهرين وتنتبه لمعداتك وتسعى لضمان سلامتك وسلامة معداتك اذا تحول الأمر إلى مواجهات أو مطاردات والتعاون مع كل المتدخلين في الحدث لضمان حسن سير التظاهرة وإلا تكون سببا في عرقلتها خصوصا زملاءك المصورين والسعي لنسج علاقات مهنية جديدة وإلا تكون أنانيا أكثر من اللازم وكذا المنظمين الذين يسعون بكل جهدهم لكي لا تخرج الأمور عن السيطرة وتنقلب عكس ما كان مخططا.

 في شقه الحربي أو المتعلق بالصراعات الإثنية: ينتزع منك الخوف وقد يفقدك كل معاني الإنسانية كما وقع مع العديد من المصورين الذين آثروا الظفر باللقطات “وهذا يدخل في صميم مهامهم” على حساب الحياة البشرية وعدم تقديم المساعدة لشخص او اشخاص في حالة خطر ” علما أنه من دون تلك الصور ما كان للعالم ليعرف ما يروج من قتل ودمار للإنسانية في العديد من المناطق فتمت محاكمتهم على فضح الواقع بدعوى عدم الإكثرات للحياة ألإنسانية والأنانية المهنية، هذا النوع من التصوير محفوف بالمخاطر غير المتوقعة ويفرض عليك الحياد المطلق ويرفع مستوى الأدرينالين لديك ما يدفعك للمغامرة أكثر من اللازم وقد يكون سببا لا قدر الله في التعرض لإصابات خطيرة قد تتحول إلى عاهات مستديمة أو الموت أو الإصابة بالحمق كما وقع مع عدة مصورين من كثرة تحول تلك المشاهد الرهيبة إلى كوابيس تعيش معهم ليل نهار مما دفع بعضهم إلى الانتحار عافانا الله وإياكم.


يتبع 1/2

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.