Saad Alkassem

تتوقف الحلقة الجديدة من متحف الوطن الافتراضي عند شغف نصير شورى بالطبيعة كترجمة للشغف باللون. مستعرضة تجربته في المرحلة التي تلت عودته من القاهرة بعد إنجاز دراسته في كلية الفنون الجميلة فيها.
منذ لوحاته التي تعود إلى مطلع أربعينات القرن الماضي بدا جلياً أن اهتمام نصير باللون يفوق أي اهتمام آخر في مكونات اللوحة، ويعزز هذا إحساسه المرهف باللون الذي دفعه لتصوير الطبيعة، في معظم مراحل سيرته الإبداعية، على الرغم من تفوقه في تصوير تعابير الأشخاص في حالاتهم المختلفة، كما دلت على ذلك لوحاته أثناء الدراسة، وقد عرضنا بعضها في الحلقة الماضية. وكذلك لوحة (ابتهال) التي تعود لعام 1953.
شغف نصير شورى بتصوير مشاهد الطبيعة بلوَر أسلوباً انطباعياً خاصاً به، استقاه أساساً من ميشيل كرشة رائد الانطباعية السورية الذي جمعته معه علاقة تقدير رحبة، تجلت في تصوير كرشة لشورى في لوحتين على الأقل. إحداها وهو يرسم في فناء منزل دمشقي تقليدي، وثانية وهو يرسم في الطبيعة. وفي واقع الحال كان نصير شورى استمراراً لميشيل كرشة، وبفضله استمر الاتجاه الانطباعي بالحضور في الفن التشكيلي السوري خلال مرحلة الخمسينات وما تلاها. بحكم مجموعة كبيرة من اللوحات البالغة الإتقان والجمال اتسمت بغنى اللون – الذي لازم أعمال شورى في كل تحولات تجربته – وقوة ضوء النهار. مثل لوحات: (عين الخضراء) و (منظر من دير قانون) وتظهر الصورة الفوتوغرافية المرفقة التي التقطها السيد عصام حجار عام 2020 لنفس المنطقة رهافة الإحساس الانطباعي باللون لدى شورى. و(شلالات الربوة) و (منظر من جديتا). و(من الهامة) التي اختارها المعلم محمود حماد غلافاً لكتابه بالغ الأهمية عن نصير شورى، والذي سنتوقف عنده الحلقة القادمة.
إلى جانب المعلم حماد، حظيت أعمال شورى في مطلع الخمسينات باهتمام وتقدير معاصريه من المثقفين المهتمين بالفن التشكيلي السوري، وقد تجاوز خطوات البداية، نحو التميز والتنوع. فكتب د. سليم عادل عبد الحق في مجلة الحوليات الأثرية عام 1951:
«الفنان نصير شورى هو أكثر الرسامين انصرافاً إلى الإنتاج وأقدرهم على إظهار النزعات الفنية الحديثة في لوحاته، وأوسعهم آفاقاً وتقصياً للجمال الغريب غير المألوف. فصورته (الزنجي) آية فنية في دراسة الجسم البشري الأسود وتعريضه إلى الألوان الخفية الخافتة. ولوحته (القارئ الصغير) نجاح عظيم في رصف الألوان الزرقاء والخضراء والصفراء حول اللون الأرجواني وجعلها مكملة له. وصورته (زهرات الأقحوان) قصيدة ربيعية جميلة. ولا أعرف أن جمال هذا الزهر ظهر في لوحة فنان أجمل من ظهوره في هذه الصورة. فهو يتدرج في جو من الأحلام بين اللون البنفسجي واللون الأبيض. أخيراً فإن صورته (قرية الجديدة) الفائزة امتزاج لطيف بين اللونين الأخضر والرملي تحت إشراف لون الأفق البنفسجي الذي تحلق فيه الغيوم البيضاء كأنها الأعلام. ويلاحظ أن الطبيعة في هذه الصورة لا تظهر كأنها منتزعة من منظر ربيعي بل كأنها كل تكفي عناصره بعضها بعضاً، وتهيمن فيه الجبال على منازل القرية وبقية الأشكال ولاسيما الأشجار التي تظهر خلال إطارات هندسية واضحة، مملوءة بالحياة.». ومن المؤسف أنه لم تتوفر لي صور هذه اللوحات التي تحدث عنها الدكتور عبد الحق، والتي آمل أن تكون – أو بعضها – من مقتنيات المتحف الوطني، فتمدنا السيدة هيام دركل (الأمينة التاريخية لقسم الفن الحديث في المتحف) بصور عنها.
وفي رؤية مشابهة كتب أدونيس عام 1953 في صحيفة البناء:
«الفنان نصير شورى أحد الفنانين السوريين الذين يعملون على إيجاد فن سوري له شخصياته وله ميزاته. وهو وإن كان في اتجاهه العام انطباعياً، ينزع نحو إيجاد طريقة خاصة به في التعبير عن موضوعاته، أي ينزع إلى أن يتجاوز كل تقليد وكل اقتباس، فارضاً على الموضوع نفسيته معبراً عنه من ضمن حياة أمته وواقع بلاده. والحقيقة إن مهمة الفنان السوري المعاصر تنحصر هنا، في هذه المرحلة التاريخية على الأقل. فإن عليه إزاء التيارات الفنية المختلفة، التي تغزونا من هنا وهناك أن يعمل على تمثلها والإفادة منها، لا أن يقف عند حدودها داعياً لها مبشراً بها، وهكذا يسير في الطريق لإيجاد فن سوري يستمد أسسه من بلادنا ومن تراثها في الماضي، وحياتها في الحاضر وتطلعها صوب المستقبل، وتكون له قضاياه الخاصة، ووجهة نظره الخاصة في تناوله لموضوعاته. فمهما عم التفاعل والتقارب بين الأمم ومهما كثر وزاد لا بد من أن تظل لكل أمة عقليتها ونظرتها الخاصة للحياة. أي لا بد من وجود فروق أساسية دائمة بينها. وهذه الفروق تتمشى في معاناة كل أمة للمشاكل الإنسانية. وهنا تتجلى مهمة الفن، في تعبيره عن هذه المعاناة ونقلها للعالم كله فيصبح إنتاجه قومياً وإنسانيا في الوقت نفسه. وفي هذا المعنى فقط يجب أن نفهم إنسانية الفن أي أن الإنسانية لا تعني التنازل عن القومية بل تعني أن يعبر الفنان عن نفسية أمته في وجهة نظرها التي تلقيها على الوجود، وإعطاء هذا التعبير الصفة الإنسانية. أما من وجهة أسلوبه الفني، فهو ينظر إلى الموضوع كوحدة منسجمة من الألوان والخطوط والحجوم. فهدفه في اللوحة من هذه الناحية توزيع المساحات الملونة بشكل يضمن التوازن التام فيه. والألوان التي تسيطر على إنتاجه الفني هي ألوان هادئة فهو لا يميل إلى استخدام الألوان الصارخة المتضاربة. أما في الموضوعات التي يريد أن يعبر بها عن فكرة معينة كالألم مثلاً أو البؤس، فإن الفكرة هنا هي التي تفرض اللون بحيث ينسجم معها ومع موحياتها».
في اول كتاب سعى لتقديم قراءة شاملة للمشهد التشكيلي السوري: (الاتجاهات التشكيلية في الإقليم السوري 1960)، تحدث الدكتور عفيف البهنسي عن تجربة نصير شورى – وقد تكررت نصوصه عنها مراراً بعد ذلك ومنها ما جاء في كتابه (رواد الفن الحديث في البلاد العربية) الصادر عام 1984 – وعن مفهوم شورى للفن حيث رأى أنه منذ بداية ممارسته الفنية في الثلاثينيات اعتبر شورى «هدف الفن هو التعبير عن جمال الطبيعة، ولم تكن المعرفة جديدة في ذاتها ولكنها لم تحمل دائماً المسؤولية التي تحملها الفنان، بدأ انطباعياً حين كانت الواقعية هي السائدة في كل لوحة من لوحاته. كان يطرح قضية جديدة ويفتح آفاقاً لم نكن نعرفها. لم يكن فناناً هادئاً بل كان ثائراً لم يستقر على أسلوب إلا بدّله، ولم يكن يبدّله فحسب بل يبدّل في الرؤية، وفي كل مرة يقدم شخصية نصير الثائرة المتمردة التي طبعت جيلاً بأعماله».
كان نصير شورى من أنشط المشاركين في المعارض التشكيلية التي شهدت تطور تجربته من الواقعية الطبيعية منذ مطلع الأربعينات وحتى منتصف الستينات، إلى التجريد الهندسي في النصف الثاني من الستينات، إلى الانطباعية من مطلع السبعينات لأواخر الثمانينات، فإلى ما يمكن وصفه بالانطباعية التجريدية. وهو الأسلوب الذي ظل مرافقاً له حتى آخر يوم في حياته، مع الاحتفاظ دائماً بروحها الانطباعية بأصولها وجذورها وتحولاتها. وهو ما جعل اسمه مرتبطاً بها، وجعله رمزاً سورياً لها. (يتبع)
تعليقات الصور:
ابتهال1953 – المتحف الوطني بدمشق
عين الخضراء 1952 – – المتحف الوطني في دمشق
منظر من دير قانون 1953 –وصورة فوتوغرافية للمنطقة ذاتها بعدسة السيد عصام حجار 2010
شلالات الربوة – 1955 – المتحف الوطني بدمشق
منظر من جديتا 1955 – – المتحف الوطني بدمشق





***************************************

Jalal Shekho، وZuka Ezzat AlkahhalLoujaina Alassil
نصير شوري المعلم الانطباعي الأول 

**************************************************************

نصير شورى
من ويكيبيديا
نصير شورى
معلومات شخصية
الميلاد 1920
دمشق
الوفاة 1992
دمشق
الجنسية سوري
الحياة العملية
المهنة رسام تشكيلي
مجال العمل فنون جميلة
التيار انطباعية
تعديل مصدري – تعديل طالع توثيق القالب
نصير شورى (1920-1992) هو رسام تشكيلي سوري من مواليد دمشق، سوريا.

يعتبر من أهم أعلام الفن التشكيلي في سورية، وهو رائد المدرسة الانطباعية، ومجدد التجريد الزخرفي تخرج من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة ـ مصر / قسم التصوير سنة 1947.

حياته
والده كان صيدلياً في دمشق، أما خاله فهو محمد كرد علي، المؤرخ والعلامة ومؤسس المجمع العلمي العربي بدمشق.

تعلم الرسم على يد الفنان عبد الحميد عبد ربه في المرحلة الابتدائية، وفي “مكتب عنبر” المدرسة الثانوية العريقة في دمشق أكمل دراسته، الأمر الذي وهبه فرصة اللقاء بمعلمه جورج بولص خوري، الرجل الذي تعلم فنون الرسم والزخرفة في باريس.

في سن السادسة عشرة انضم إلى دار الموسيقى الوطنية بصفة عازف أكورديون غير أنه بعد سنتين، أي في العام 1938 أقام معرضا للوحاته في نادي ضباط دمشق.

في أواخر الثلاثينات، سافر إلى إيطاليا بقصد دراسة الفن وبسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية عاد سريعاً إلى سورية ثم إلى مصر عام 1942 لدراسة الرسم حيث قضى خمس سنوات هناك.

أعماله مقتناة من قبل وزارة الثقافة السورية / المتحف الوطني بدمشق / القصر الجمهوري / ضمن مجموعات خاصة، ويعتبر مرسم نصير شورى الكائن في ساحة المدفع في أبو رمانة من أقدم المراسم الخاصة في دمشق، وكان بمثابة مركز ثقافي يلتقي فيه الفنانون والأدباء والموسيقيون والفلاسفة والشعراء.

تأثره
عندما بدأ نصير شورى الرسم في منتصف الثلاثينات، في دار الموسيقى الوطنية 1936 كان معه عبد العزيز نشواني وصلاح ناشف وعدنان جباصيني ومحمود حماد. كانوا مبهورين بالمدرسة الانطباعية الفرنسية، يسمعون بها، ويقرأون عنها، ويتابعون أسلوبها، من خلال ما تصل إلى أيديهم من صور وأدلة معارض.

تأثر فيما بعد بالفنانين ميشيل كرشه، وعبد الوهاب أبو السعود.

عمله
عمل مدرساً للتربية الفنية في المدارس الثانوية.
درّس التصوير في كلية الفنون الجميلة بدمشق منذ تأسيسها ولغاية عام 1990
عيّن وكيلاً لكلية الفنون الجميلة عام 1970.
ساهم في تأسيس أغلب التجمعات الفنية في سورية.
معارض ومشاركات
1938 معرضه الفردي الأول في نادي ضباط دمشق.
1984 أقام معرضا شاملا لأعماله في صالة إيبلا للفنون بدمشق.
1990 حضر اللقاء الدولي للرسم عن الطبيعة في تشيكيا.
كما أقام خمسة عشر معرضا فرديا في سورية وخارجها.

الجوائز
نال الجائزة الأولى في المعرض العام في المتحف الوطني بدمشق 1953.
نال الجائزة الأولى بالتصوير عام 1954.
منح العديد من الجوائز والميداليات التقديرية.
منح وسام الاستحقاق العربي السوري من الدرجة الأولى. عام 1982.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.