كلوديا كاردينالي..الإيطالية الغامضة بنكهة تونسية فرنسية - (بروفايل)

كلوديا كاردينالي

كلوديا كاردينالي..الإيطالية الغامضة بنكهة تونسية فرنسية – (بروفايل)

كتبت – هدى الشيمي:
بعيناها الواسعتين وسمارها المُميز للفتيات الايطاليات وجاذبياتها الصارخة، وموهبتها الطبيعية في التمثيل، تمكنت من فتح باب التمثيل والدخول بخفة ودلال، لتصبح كلوديا كاردينالي من أبرز الممثلات الإيطاليات العالميات، في فترة الخمسينيات.

لم تكن كلوديا جوزفين روز كاردينالي تخطط حياتها لتصبح كما هي الآن، ولكنها درست وتعلمت اللغات في تونس، محل إقامتها هي وعائلتها، والدها الإيطالي المهندس في السكة الحديد ووالدتها الفرنسية، واشقائها الثلاثة، لكي تصبح معلمة في إحدى المدارس التونسية، ولم تعلم أن كل شيء سينقلب رأسا على عقب عندما تحصل على لقب أجمل فتاة إيطالية في تصويت أجرته السفارة الإيطالية في تونس عام 1957، وفوزها برحلة لمدينة البندقية الإيطالية لحضور إحدى دورات مهرجان السينما هناك، فأثارت ضجة كبيرة، وجذبت عدسات المصورين، وبدأت العروض السينمائية تتوافد عليها، ولكنها رفضت ذلك تماما، وعادت لعائلتها لممارسة حياتها الطبيعية، إلا أن أحد المنتجين ذهب إليها بعد ستة أشهر وحاول اقناعها بالتمثيل وبتوقيع عقد جديد، فاقتنعت وانتقلت الاسرة لإيطاليا، لتبدأ كلوديا صفحة جديدة من حياتها، على الرغم من منع ذلك العقد لها من قص شعرها، أو الزواج، أو زيادة الوزن.

1

كان أول أدوار كاردينالي في فيلم “حجا” أمام الراحل عمر الشريف، حيث قدمت دور صغير لأن المخرج أصر على أن تكون صاحبة هذا الدور إيطالية أو تونسية، وبعد ذلك تلقت الكثير من العروض، وشاركت في عدد من الأفلام في إيطاليا.

وبعد فترة واجهت الكثير من الصعوبات في الموافقة على العقود المقدمة إليها نظرا لضعف لغتها الإيطالية، والتي تعلمتها في عامها الثامن عشر، فقررت العودة إلى تونس لمواصلة حياتها الطبيعية والتوقف عن التمثيل تماما لما وجدته فيه من صعوبات، فاكتشفت هناك إنها حامل بعد علاقة مع رجل فرنسي لم تكشف عن هويته، يكبرها بعشرة أعوام، فطلبت من فرانكو كريستالدى مساعدتها في إخفاء الأمر، فأرسلها إلى لندن من أجل الانجاب هناك، وطلب منها عدم الافصاح بالأمر لأنه يخل بشروط العقد، وسينهي حياتها المهنية، التي ازدهرت في السبعة أشهر الأولى من حملها، ووافقت على الأمر، وعادت إلى إيطاليا وأخبرت الصحافة أن ذلك الطفل الذي يصاحبها شقيقها الأصغر، وظل الأمر في طي الكتمان سبعة أعوام، وتعلق كلوديا على ذلك الأمر قائلة “لقد كانت مرحلة كارثية في حياتي، كنت مراهقة لم يتجاوز عمري الثمانية عشر، ولم يكن لدي أي قدرة للسيطرة أو التحكم على جسدي أو شكلي أو أفكاري”.

2

تعتبر كلوديا دورها في فيلم “Un maledetto imbroglio” إعادة اكتشاف لها ولموهبتها، حيث تعلمت كيف تكون مرتاحة أمام الكاميرا، ومن هنا بدأت تشعر أنها ممثلة حقيقية، وبدأت في استخدام كافة التجارب التي مرت بها في حياتها في هذا السن الصغير لكي تدعمها في التمثيل، وشاركت في عدد من الأفلام التي حققت نجاحا كبيرا، وأخذت تصعد درجات سلم النجومية واحدة تلو الأخرى.

وبعد فترة دخلت كلوديا مرحلة جديدة، حيث بدأت العمل مع صناع الأفلام في فرنسا، وكان الأمر أسهل بالنسبة لها من العمل في الأفلام الإيطالية، نظرا لتحدثها الفرنسية بطلاقة، لتربيتها على يد والدتها الفرنسية، وحققت هناك نجاحا كبيرا، دفعها لاعتبار فرنسا موطنها، وجعلها تتحدث الايطالية بلكنة فرنسية، ميزتها فيما بعد.

ساعدها الظهور في فيلم للمخرج العالمي فريديكو فيلليني على الانطلاق لهوليوود، والمشاركة في أفلام باللغة الانجليزية، حيث كان أول أفلامها كان “the pink panther” أول أفلامها باللغة الانجليزية، ثم شاركت في فيلم “Once Upon a Time in the West” والذي يعد من كلاسيكيات السينما الأمريكية، ثم توالت الأدوار، والتي حققت جميعها نجاحا كبيرا.

3
قال عنها المصور العالمي كونراد إل هال، إنها تجسد حلم أي مصور في تصوير جزء من الطبيعة، فلا يوجد أي شيء قد يفعله المصور خطأ في تصويرها، وعلى الرغم من ذلك، وكونها من أكثر النساء جمالا حول العالم، وظهور وجهها على أكثر من 900 غلاف مجلة في أكثر من 25 دولة، إلا أنها لم تظهر ولو مرة واحدة في مشهد سينمائي عارية، وتعلق على ذلك قائلة “لم أشعر يوما بالخزي أو الاحراج من عملي كممثلة، فلم أظهر عارية أو أعرض أجزاء جسمي في الأفلام، فالغموض مهم جدا”.

وعلى مدار سنوات طويلة أعطت فيها كلوديا كاردينالي الكثير للسينما العالمية، وجدت إن القوة ستكون العامل الأساسي لأي ممثل، فإذا لم يكن قويا سيخسر كل شيء، شخصيته وهويته، ولن يعلم من هو، فتقول “الأمر رائع، لأني عشت مئات الحيوات ولكني لم أعش حياتي”.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.