لا يتوفر نص بديل تلقائي. لا يتوفر نص بديل تلقائي. لا يتوفر نص بديل تلقائي.لا يتوفر نص بديل تلقائي.

 

قلعــة حمــص
المهندس جورج فارس رباحية

كانت هذه المنطقة مأهولة ـ قبل عمرانها ـ بعدّة قبائل انتشرت في سهلها الواسع الخصيب والقريب من مجرى العاصي . استقرَّ سكّانها أول الأمر في الكهوف والخيام وبعضهم عملوا أكواخاً من القِش ونصبوها فوق التـلّ . وكانوا يرتادونه ليلاً للنوم وينحدرون منه في الصّباح لرعي مواشيهم وليحموا نفوسهم من الوحوش ومن الغزاة الطامعين ، ثم حفروا حوله خندقاً واضعين التراب المُسْتَخْرَج منه فوق التلّ فكانت لهم القلعة حيث استمرّ تحصينها على مدى الزمن .
وسواء كان واضع أسس المدينة ( حَمث بن كنعان بن حام ) كما ذكر بعضهم ، أو (عملاق بن لود بن سام ) كما روى آخرون ، فإن زمن تأسيسها لا يتجاوز القرن الثالث والعشرين قبل الميلاد كما أظهرت مكتشفات الكُسُرْ الفخارية في القلعة التي أخذت شكلها الهرمي .
ترتفع مدينة حمص عن سطح البحر 508 م وترتفع القلعة عن مستوى الأرض حوالي 32م ومحيطها 900 م وقطرها 275 م وعرض الخندق الذي يحيط بها يبلغ من 30 ـ 40 م
وفُرِشت أرضه بالحجر البازلتي الأسود وكان يحيط به سور يبلغ ارتفاعه بحدود 160 سم أُزيلَ بالتوسُّع العمراني للمدينة .
ويمكن وصف ما حول القلعة من جهاتها الأربع على النحو التالي :
هناك طريق عريض يصل بين باب التركمان وباب السّباع يُساير الخندق في مساره ، وإلى الجنوب منه تتجمّع مياه الأمطار في انحدار واسع ثم تأتي كروم العنب واللوز والأشجار المثمرة ، وإلى الغرب مقبرة باب التركمان وإلى الشمال منها قليلاً تأتي ساحة الميدان ( حالياً حي الميدان ) ، وإلى الجنوب سوق الغنم ( حالياً الصالة الرياضية ) وإلى الجنوب الشرقي مقبرة باب السّباع ، وإن المدخل الحالي للقلعة شاده الفرنسيون لأغراض عسكرية في الزاوية الشمالية الغربية .
وقد رمّمت مديرية الآثار سنة 1952 برج القلعة الشمالي وأظهرت السّور فَكُشِفَ باب ومدخل ينفذ إلى القلعة يشبه مدخل قلعة حلب ، واكتشفَ صهريج بعمق 27 م مكوّن من بضع طوابق لها أدراج طول ضلع مربّعه 5 أمتار ويُعتبَر من الفن المعماري الأيوبي النادر .
كما ذكرتْ مديرية الآثار في تقرير لها في تقرير لها أنه بعد السبر الذي أجرتْه سنة 1975 فوق تل حمص الأثري ـ أنقاض الطبقة البيزنطية ـ وجود قلعتين في العهد الإسلامي هما :
( القلعة الأيوبية والقلعة الحمدانية ) وتقوم القلعة الأيوبية فوق القلعة الحمدانية وقد نُسِبَتْ إلى
( أسامة بن منقذ ) بناها أبوه ( نصر بن علي بن منقذ ) سنة 1104 م وعُرِفَتْ فيما بعد بقلعةأســـامة.
انهارت القلعة الحمدانية بعد زلزال 1169 م ومن الممكن أن بعض الجدران والأبراج المتبقية حالياً فوق سطح القلعة هي أجزاء من القلعة الأيوبية . وقد اعتنى بالقلعة ( الملك المجاهد شيركوه بن محمد ) فحصّنها ووسّعها سنة 1197 ـ 1202 م ودَوَّن ذلك في أعلى البرج الشمالي ، كما يُنْسَب إليه جامع السلطان الذي كان فيها .
بقيت القلعة مقرّاً لحُكّـام حمص إلى أن خرَّبَ إبراهيم باشا أكثر أقسامها خلال فترة حكم المصريين لحمص ( 1832 ـ 1840 ) م وبنى بأحجارها مستودعات للجيش ( الدبويا ) مكان دار الحكومة حالياً .
كان في وسط القلعة أو في أحد جوانبها ( المعبد الأول ) الذي كان يحتفظ بالحجر المقدّس ،وفي صدر الإسلام يحتفظ مسجدها بمصحف عثمان بن عفّان ( رض ) المخطوط على رق الغزال وللحفاظ عليه نُقِلَ في بداية الحرب العالمية الأولى إلى جامع خالد بن الوليد ، ثم نقلَه جمال باشا السفّاح إلى إسطنبول . وبقي مسجد القلعة قائماً تُقام فيه الصلوات لفترة طويلة ، ومن الغريب إنه من الصعوبة تحديد موقع مسجد القلعة الذي كان عامراً قبل دخول الفرنسيين وأغلب الظن إنه يقع بعد مدخلها الرئيسي .
ونظراً لعدم الإهتمام بالقلعة وآثارها ، بنَتْ البلدية بأحجارجا عام 1911 م مستودعات المحروقات ( الكازخانة ) على طريق طرابلس وفي العشرينات من القرن الماضي قامت برصف الشوارع الرئيسية بأحجار القلعة التي كانت تُصَفِّح جوانبها .
استخدم الفرنسيون القلعة كموقع عسكري يُشرِف على المدينة . وبقيت بعد الاستقلال موقعاً عسكرياً ومكاناً لإطلاق مدافع رمضان والمناسبات الوطنية ، والآن لم بيق من آثارها ما يستحق الذكر . ولا يذكِّر أهل حمص بقلعتهم سوى برج الإذاعة والتلفزيون .
ولا يسعنا الآن إلاّ أن نرفع نداءنا إلى مجلس مدينة حمص للإهتمام بهذا الصرح الأثري الذي كان نقطة البدء لتأسيس هذه المدينة الذي تجاوز عمرها 4400 عاماً .

10/9/2005 المهندس جورج فارس رباحية

تنــويــه : وردَ في جريدة العروبة : العدد 12508 تاريخ 26/4/2007 مــايلي :
بدأ مجلس مدينة حمص بتنفيذ مشروع إنشاء الشارع والشريط الحدائقي المحيط بقلعة حمص بعد أن تمّ هدم جميع البيوت المحيطة بالقلعة وذلك من امتداد دوّار أبو فراس الحمداني وحتى دوّار إبراهيم اليازجي بحيث يكون الشريط الحدائقي امتداداً للشريط المنفّذ قديماً من الجهة الجنوبية وبعرض يتراوح مابين 25 ـ 40 م على امتداد محيط القلعة ، يليه شارع بعرض 25 م بحارتين ، كل حارة بعرض 9 م وبجزيرة وسطية بعرض ا م وأرصفة جانبية بعرض 5ر2 م لكل رصيف من جانبي الشارع مع الأخذ بعين الاعتبار إنارة الموقع بما يتناسب مع القيمة التراثية .

المصادر والمرجع :
ـ تاريخ حمص : ج1 الخوري عيسى أسعد 1939
ـ تاريخ حمص : ج2 منير الخوري عيسى أسعد 1984
ـ حمص دراسة وثائقية : سباعي وزهراوي 1992
ـ الجذر السكاني الحمصي : ج2 نعيم الزهراوي 2003
ـ جريدة العروبة العدد رقم 12508 تاريخ 26/4/2007

لا يتوفر نص بديل تلقائي.

الباحث ( جورج فارس رباحية ) ..لا يتوفر نص بديل تلقائي.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.