كان الحرب سابقا تدمير وقتل وفناء ولكنها اتجهت الان نحو سلاح جديد أشد فتكاً بالعقول  هو الكومبيوتر وأجهزة الاتصال والانترنيت والشبكات والمنظومات المعلوماتية , وسيحل مكان القذائف والرصاص مجموعة بيانات ومعلومات ومعارف وفيروسات , كونها أكثر تأثير في الحرب القادمة , كان لنا وقفة مع عضو الفريق الوطني لصناعة المحتوى الرقمي وعضو لجنة إنجاز قانون التوصل مع العموم على الشبكة والباحث في البيئة التشريعية للثورة المعلوماتية والجرائم المعلوماتية  القاضي مالك رضوان أمين في المركز الثقافي بحمص من خلال محاضرة قيمة يحدثنا فيها عن هذا الأمر:

وضح المحاضر  أهمية اللغة فهي أداة الهجوم وأداة الدفاع , والهدف المطلوب تحطيمه , أما نحن العرب لم نشن في يوم ما حرباً من هذا النوع بل كانت لغتنا دائماً هي الهدف التي تشنُّ ضدها اليهودية والصهيونية وكافة أشكال الاستعمار الحرب .

ففي عصر المعلوماتية أصبحت اللغة هي الوجود ذاته وأصبح هذا الوجود مرتبطاً بثقل الوجود اللغوي على الشابكة قديما قال سقراط لجليسه : تكلم حتى أراك .

أما الأن أصبح  الحوار عبر الشابكة  تحت شعار (تحاور عن بعد حتى يراك الأخرون وتراهم )

وأشار إلى أن الثورة المعلوماتية ليست ثورة واحدة بل اجتماع ثلاث ثورات معاً :

اولا :ثورة المعلومات التي تتمثل بالانفجار المعرفي المعلوماتي الهائل , في سائر المجالات والتخصصات الأدبية والعلمية والفنية وبلغات متعددة , والتي تمكَن الإنسان من السيطرة عليها والاستفادة منها بواسطة تكنولوجيا الاتصال وتبادل المعلومات .

ثانيا:   ثورة وسائل الاتصال المتمثلة في تطور تكنولوجيا الاتصالات الحديثة وتبادل المعلومات , التي بدأت مع ظهور الكهرباء سلكياً ولا سلكياً مروراً بالتلفزيون وأجهزة الاتصال النقالة وأخيراً الانترنت .

واخيراً: ثورة تكنولوجيا الحاسبات الإلكترونية التي أصبحت تستخدم في كل مناحي النشاط الإنساني والتي امتزجت مع وسائل الاتصال الحديثة .

ووضح معاني بعض المصطلحات :

 –  المعلوماتية : هي علم المعالجة المنطقية والآلية للمعلومات , وهي أيضا التزاوج والالتحام بين تقنيات الحاسـوب والاتصالات الالكترونية , وتسمى هذه الآليات بتكنولوجيا الاتصالات وتبادل المعلومات .

أما المعلومات والمعارف المنشورة على شبكة الانترنت يطلق عليها مصطلح المحتوى الرقمي:

 –  المحتوى الرقمي : هو محتوى يتم إنشاؤه أو الوصول إليه أو تعميمه أو استخدامه أو حفظه بشكل رقمي مهما كان شكله , أو موضوعه  سواء أخذ شكل النص أو الصوت أو الصورة , أو كان موضوعه أدبياً أو تاريخياً أو ترفيهياً أو تعليمياً أو علمياً ….) .

أما دور المحتوى الرقمي فهو فتح المحتوى الرقمي آفاقاً جديدة لاستكشاف اللغات والتراث والثقافة وهويات الشعوب ، وقدم فرص وتحديات وإمكانات لدخل وطني جديدة , وتميزت الثورة المعلوماتية عن سائر الإنتاج البشري السابقة , أن ولادتها سبقت التنبؤ بها عكس الإنجازات الحضارية السابقة , وللتقدم في المجال التقني المعلوماتي , وفي المجال المعرفي بصناعة المحتوى الرقمي , دور إيجابي وطني وقومي واجتماعي واقتصادي وعلمي وتنموي  فنحن أمام صراع ثقافات لا تلاقح ثقافات…….

وقد حذر  خلال المحاضرة من الفرق الشاسع في الواقع المعلوماتي العربي والكيان الصهيوني فهي لا توفر جهد في استغلال صناعاتها المتقدمة في المجال العسكري لكسب الصدقاء وتعميق نفوذها في كافة انحاء العالم  حيث تقوم بإنجاز برامج اللغة العربية على الحاسوب مثل المعاجم  والنحو والصرف .., وعلى سبيل المثال لو غيرت في حملتها المعرفية على العرب , معنى كلمات في المعجم الالكتروني للغة العربية الذي تعمل على انجازه , ستجتمع هذه الفعالية مع فعالياتها المعرفية الأخرى , لتشكل جبهة معرفية , قد تنال مع مرور الزمن من تراثنا ومن ثقافتنا ومن حقوقنا , من ذلك تغيير أسماء المواقع التاريخية العربية بأسماء يهودية , أو إعادة تفسير بعض الأسماء , أو سرقة انجازات حضارية عربية , أو طمس معلومات عربية مفيدة , أو نحل معلومات يهودية غير موجودة أصلاً .

وفي نهاية المحاضرة قدم بعض التوصيات :

  1. الحاجة إلى رؤية سياسية لغوية وطنية وعربية فاعلة تأخذ النواحي الاقتصادية بالحسبان وتقرر دعم الترجمة العلمية وتعليم العلوم والتكنولوجيا باللغة العربية, ودعم تعلم اللغة الثانية  العلمية والتكنولوجية .
  2. الحاجة الماسة إلى أن يدرك الأساتذة والطلاب دور العوائد الاقتصادية الناجمة عن اتقان اللغة العربية والتكنولوجيا ( و كذلك اللغة الثانية)
  3.     إحداث مؤسسات تدرس الجانب الاقتصادي لترجمة العلوم والتكنولوجيا، وتعليمها باللغة العربية، وإجراء البحوث والدراسات اللازمة في هذا الصدد.

4)     اعتماد مبادرات وطنية لدعم المحتوى العلمي والتكنولوجي باللغة العربية على الإنترنت، واعتماد قوانين ناظمة لذلك. إذ ستسيطر عدة لغات على محتوى الإنترنت، واللغة العربية يمكن أن تكون إحدى هذه اللغات بفعل الترجمة.

5)     الحاجة إلى دعم اللغة الثانية وخاصة للأفراد الذين سيستعملونها.

6)     عدم ترك عملية بناء رأس المال البشري (ومنها تعليم العلوم وترجمتها بلغة الأم) لقوانين السوق وللأفراد، إذ سيتحكم بها مبدأ تحقيق العائد الشخصي السريع , وغالباً ما تتدخل الدولة لتحقيق المصلحة الاقتصادية للجميع وعلى المدى الطويل.

7)     تُقدِّم التكنولوجيات الحديثة (مثل: تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والإعلام واللغة…) أداةً وفرصة للترجمة ولنشر لغة العلم والتكنولوجيا لدى القوى العاملة العربية. وهي إلى ذلك تزيد من سرعة وحجم نقل المعرفة، وتقلِّل من كلفتها.

8)     أخيراً، إن الديموقراطية لا تتحقق لدى شعب لا يمكنه التحدث علمياً بلغته.

9)     إجراء البحوث والدراسات من خلال إنشاء مجموعات بحثية لدى مختلف أقسام الاقتصاد في الجامعات ومراكز البحوث لهذه الغاية.